نزار حسين راشد - حياة أخرى..

لقد منحتُكِ حياة أخرى في قصصي وحكاياتي وها أنت تتجولين حُرّة من فروض الحياة ، وطقوس العيش المثقلة، طليقة كطيف ، زاهية كلون،لا يمسُّكِ اللغوب ولا ينالك الرّهق.

رسمتُ لك صورة أخرى، ووضعتٌ على شفتيها ابتسامة دائمة، أكاد أسمع حفيف ثوبك وأنت تتجولين، ويستخفّني الطّرب لرنّة صوتك حين تنطقين، وأراقب خلجات وجهك منتشياً وأنت تحلمين، غافية على سرير السكينة

بعيداً عن ثرثرات النساء الرتيبة وشؤونهن اليومية المتعبة، وكأنك راقصة باليه، في لوحة خالدة، تسرق ألوانها شغف العين، ويشع منها ضوء آسر ، يتملّك القلوب،بسطوة لا تُدافع.

وها أنت الآن امرأة أخرى، مليكة متربّعة على عرش الخيال، أدلف إلى بلاطك دون استئذان، وأحاورك بلا خشية، وأقبّل يديك حين يستخفني العشق ويغلبني الإفتتان ويستبدُّ بي شغفي، بطلعتك المشرقة دائماً، فلا تشحُبُ ولا تبهت.

جنّةٌ معمورة بأنفاس الخلود، وعبق الأبديّة، خالية من أشجار الغواية ورهاب الزلل والسقوط، آمنة بلا خوف ولا حزن، تغشاك فيها طمأنينة البقاء، معصومة من الطرد والشقاء.

وحين أُهرّبك إلى قصيدة، تلهث أنفاسها في ولَه، أو تغفو طائفة على جناح فراشة، فتلك أيضاً من ألعاب الجنّة، تماماً كلعبة الإستخفاء، لأضبطك متوارية خلف شجرة ممسكة أنفاسك، وململمة ثوبك الرهيف، كي لا تشي بك خشخشته الهاربة.

آه كم أعشق هذا الدلال، ذلك الوجود المسرف، ترف الخلود، المتجرّيء على كل الحدود.

لو سئمتِ من الجنّة فسأمحو كُلّ ما كتبت، وأعيدك إلى أرض الضرورة، وكدّ البقاء ونداءات الطين، وخيبات التجربة.

الخيار لك،ارمقيني فقط بطرفٍ احتجاج أو عين معاتبة، وسأسلمك مظلة الهبوط وأتركك لغموض الأقدار واحتمالات الغيب وأوقفك أمام حجابه المستور وسدفه المسدلة ولعبته المقامرة التي لا تنكشف إلا في لحظة النهاية، فهل أنت مستعدة لهذه المغامرة، أم ستختارين البقاء تحت جناحي فأكلأك بريشه الوثير، وأحبوك في ظلّه الدفء والأمان، وأثمن من كل ذلك: الحرية!

نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى