مقتطف صلاح عبد العزيز - تابع نص المشاهد كلها.. تفاصيل صغيرة

أخطأتُ من شدةِ الفرح
** كلما أمكن تصعد الجبل لا تنحنى .. كلما أمكن تلوذ بالتجاويف تختفى .. كلما أمكن عن أعين الصيادين .. هم بين الصخور فى حبيبات الرمل لا تنحنى ولا تسلم نفسك بعند وكبرياء .. وفى السهول بين الغزالات تلبس جلدها وتلوذ بحماها .. هى أرضعتك فتوحشت سيداً فى البرية وبعيداً عن أعين القناصين .. تهبط فى حذر .
فى ظل القرون الأولى كنت وما زلت لم تتغير إذ أنت الثابت على الأسماء التى لقنت .. ولا مكان يحد من جموحك نحو المطلق حتى أتى إليك فى القرون الأولى وهمس فى مسرى الدم ولعلك الآن تتذكر.. كيف كنت .. كيف سرت معه .. كيف أغواك فأكلت فعوتبت فنزلت ومنذ نزلت وأنت تتشوف إلى مكانك الأول ..
تتذكر كيف عُلمت الأسماء وكيف تغيرت عليك الصفات .. تتذكر أنه نزل معك فى مجرى الدم ..أصبح موطنه وأصبح لا يفارقك .. فى حرب دائمة لا تلين ولا يلين ..
فتارة يغريك بالشجر وتارة يغريك بالشمس والقمر .. تنساق إليه وتعود عما انسقت إليه .. تقلب نظرك فى السماء والأبراج وتعود لهاجسك .. هذه المظاهر المتعددة .. تعرف أن ليس بالإمكان أن تصعد وحدك ..
تعرف أن التجاويف مهما سترت أبدت وأن القناصين يرونك ..
تعرف أن الغزالات لا تمر من هنا إلا كل قرن..
كلما أمكن تعود ثم تدور .. تتخذ أشكالاً متعددة .. تتذكر الصوت الأول .. الإنسان الأول .. تتذكر المكان الأول الذى يطاردك فى أحلامك .. الشجرة التى تركض وراءها مرة ومرة تركض وراءك النزول من أعلى لذا سكنت الجبل كى تصعد للوعد المكتوب ..
آه يا بن آدم حملتك الدنيا بوحشتها فما استطعت أن تنجز ما تريد لزيادة توحشك .. جاءت إليك بوجهها القبيح .. وغرتك الأمانى .
** أنا الذى أغواك .. بدلت فى أفعالك وطعنت فى أقوالك حملتك دون أن ترى ما حمّلت أسكنته مجرى الدم وسخرت لك قرين يزين لك وأنا معه ومعك بما لا تطيق .. لاترفض .. كيف تلتذ خمر الآخرة دون أن تعرف خمر الدنيا .. إشرب
* سبحان من علم الأسماء ورفع الجبل .. تبارك الخالق الذى خلق .. أخطأت من شدة الفرح وتكرار التجارب .. أخطأت من شدة الفرح وروغان المعرفة فلا تؤاخذنى بخطئ اجعلنى لاأحمل من إرث الدنيا خردلة أخرج منها كما دخلت خاليا وعاريا من آثامى .
** هل تعرف حديث القبائل .. كل قبيلة لها تاريخ وأحداث .. فاترك النسابين وتحاشى الإضافة .. خذ كتابك واقرأ حديث القبائل تعرف إلى أى قبيلة تنسب واترك ما نسجه النساجون واقرأ بقوة ..
إليك حيث القبائل : الفصول / كان فرداً وتشعب / لغة تبلبلت / أنا أحدثك عن القبيلة الأولى /الدم والشجر / أضلاع الحيوانات / قرون البقر الوحشى / فاقرأ حديث القبائل ..
** ـ خرجتُ من داخلك .. من العالم الرحب .. نظرتُ .. كنتَ متردداً تردد المبصرين .. عندما خرجتُ جعلتك أعمى تتحسس العالم ..
سنبدأ الكلام عما كنتَ تعده .. كان الساهر رغم رعايته على يقين تام بفشله هو وليس فشلك أنت .. ستحلم وتواصل الحلم وتحلم أن لا يتحكم بك الحلم .. الحلم وحده .. وها أنت تبدأ فى قص تفاصيل جديدة ..
ربما تتصور أن ما أعددتَه نبت عقل عظيم .. لا .. بل هو الحلم .. التمرد الذى وضعتُه داخلك ..
قلتَ لنفسك .. لماذا لا أكون أنا .. لن أسمع كلام الساهر نفسه ثم ما الذى أخسره ..
يحلو أن تتصور أنك انفصلت عن العالم بانفصالك وانفصال المقاطع .. بل كنت متصلاً بكل العالم على الدوام لذا عليك الانتباه والحذر ..
إن هندسة التفاصيل لا تخفى ولا الإنفصال الذى تدعيه ولا الإتصال.. فليخرج العالم جثة جثة ..
ذلك هو ما بدأت .. أن لا يعرف أحد ماذا كان وماذا يكون حيث أن النهاية ربما تكون البداية ..
ربما لو كان ما كُتب مهندس لاختلت التفاصيل .. فهل عرف أحد أن اللغة لغات .. وهل عرف أحد ما كان وما سيكون .. اللهم فاشهد .
تمت
شذرات :
(1) المشاهدة غير الرؤية والفرق بينهما أن الرؤية لا يتقدمها علم بالمرئى بخلاف المشاهدة فيتقدمها علم بالمشهود وهو المسمى بالعقائد ، ولهذا يقع الإقرار والإنكار فى شهود التجلى الأخروى فى الرؤية لا الإقرار وما سمى المشاهد مشاهداً إلا لأن ما رآه شهد به أى بصحة ما اعتقده والمراد أن يغيب فى شهود الذات وحدها فيكون مستهلكا فى الحقيقة غائباً عن وجوده بوجود مشهوده ..
الفيوضات الرحمانية
محمد بن يوسف المرزوقى
(2) الفرق بين الحلم والواقع على وجهين : الأول عن طريق الصورة والثانى عن طريق المعنى .. فالواقع عن طريق الصورة هو أن يراه الإنسان بين الحلم واليقظة ، أو أن يكون الأمر كله فى اليقظة ، والواقع عن طريق المعنى هو أن يجئ بعيداً عن حجاب الخيال ، ويكون غيبيا صرفا كالروح فى مقام التجرد الذى تكون فيه مجردة عن الأوصاف البشرية ، وتصير مدركة ، ويكون هذا الواقع روحانياً مطلقاً ، وأحياناً يصير نظر الروح مؤيداً بالنور الإلهى ، ويكون هذا الواقع ربانياً صرفاً ، لأن المؤمن ينظر بنور الله ، أما الحلم فيكون باختفاء عمل الحواس نهائياً وغلبة الخيال على العمل .
مجمع السلوك
محمد على الفاروقى التهانوى
(3) " تعلم إذا تأملت عويصاً يهمك ، وعرضت عليك شهوة ، وخيرت بين الظفرين ، استخففت بالشهوة ، إذا كنت كريم النفس .. والأنفس العامية أيضاً ، فإنها تترك الشهوات المعترضة وتؤثر الغرامات والآلام الفادحة بسبب افتضاح أو خجل أو تعبير أو سوء قالة .. وهذه كلها أحوال عقلية تؤثر هى وأضدادها على المؤثرات الطبيعية ، ويصبر لها على المكروهات الطبيعية فيعلم من ذلك أن الغايات العقلية أكرم على النفس من محقرات الأشياء .. فكيف في الأمور البهية العالية ؟ ألا إن النفس الخسيسة تحس بما يلحق المحقرات من الخير والشر ولا تحس بما يلحق الأمور البهية لما قيل من المعاذير .. "
الشفاء / ابن سينا
(4)
وليـس بكاف فى هواك محبـة
إلا إذا من تحت عرشـى مـرت
أنا المبتدَى فى الحب!ِ والمنتهَى أنا
الإمامُ ولى فى الحب سـرُّ الشهادةِ
ولى فى اجتِهادى ما أرانى مُجانباً
شريعـةَ من يهوِى لغيرِ شـريعتى
****
وفى العالمِ المنظورِ صرتُ أنا الصدَى
أنا الحُـلُمُ استعـصى بأىِّ بصـيرةِ
سيَشْهَـدُ من بالأرض نـارَ تـأوهٍ
بها ورقُ الأشجارِ يتـلو قصيـدتى
ولكنهُم فى أسر غـيرى لطالــمَا
شدوتُ وكان الشدو يحكى حقيقتِى
الأبيات من شعرى لكى تناسب فصل
اول السفر آخر الوداع

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى