مصطفي الحناني - الذئب في حضرة المها... شعر

هناك في البعيد
رأيت الريح تمسك عقارب الوقت
رأيت الوقت يكتب بحبر الغبار
يكتب
ويمحو
رسالة استعطاف على جدار مهمل
كلما اقترب الغيم منه
انحنى
الجدار المائل على ظهر الحصى
رأيته بكامل ملامحه البنية
يحبو
يعرق
يلهث
يستريح
يستغيث
ويعبر متعسرا في الضيق
كما يعبر خيطٌ ثقب إبرة
أيها الخياط
لا تقطع الخيط بأسنان طبية مزيفة العاج
أترك
مسافة معقولة بين السبابة والوسطى
واصنع من قماشك خفّا واقيا للأصابع
ولا تنظر للشقوق في جدارك
حيث ،
ساعتك المعطلة عادت زمنا غابرا للوراء
انتظر عنقه الطويل
حتى يميد قليلا
كمثل عنق زرافة جائعة
وليسقط السقوط سقطته الأخيرة
من جدل بزنطي وحتى من نواميس البلاهة
ارتطام المؤخرة بالأرض موجع جدا
لكنه مهم في الخروج من متاهة الشرود
الخروج من حالة العدم
تعويم للجسد في ماء جامد الصدمة
إما تموت
أو تموت
ليس ثمة حل ثالث
الصدمة الباردة صفعة مفاجئة
أنا أيها الجدار المائل صوب صدري
رأيت الذئب بذقن أشعث كعانته
يداعب بين مخالبه ظبية صغيرة
عين عليها
وعين على الغزلان النطيحة
لكن دعني أسألك:
ما النضوج أيها الذئب العجوز ..؟
أنت المغرم بعيون المها الغافلة ؟
استفزه سؤالي
برزت أنيابه
و طفق يقهقه
متعهدا إياي بقطع لساني
هو
لم يوجه كلامه لي مباشرة
لكنني
رأيت الجزع أحمر في عيون الظباء
واللبيب - كما قالت لي أمي -
بالإشارة يفهم سعرات الغضب
قلت للسقوط هامسا :
أنا لن أقبل بك
حتى و إن مرغت وجهي في التراب
ولن أقبل أن يحزن علي أحد أو يقدم عزاء
فالحياة
تعاش مرة واحدة او لا تعاش
وينتهي الأمر بحفرة صغيرة على الأرض
وعليه
فلن ألين لهجتي
ولن أخفض لك أبدا
جناح الذل من الرحمة
الذئب
ذئب
جده
ابن كلب جبان
وأنا جدي
بصماته مؤرخة في الأثر
و عواصف هواء ريحه
ما تزال تعزفها الكثبان عن ظهر خوف
فهل علي أن أسقط في عنبرك أيها العجوز؟
الموت أهون من السقوط في الغفلة
الغفلة ثعبان إن تحرك مستقيما مات
الإستقامة مبدأ
وأنت سيد الغابة في زمن الأفول
الزمن يا داروين
يؤكد صحة نظريتك في التطور
الزمن المتسيب
الزمن المعيب
ذا الزمن الذي
تلعب فيه القرود بمؤخرات الأسود
وتعلوا فيه تصفيقات المرعود
زمن مزمن
أسقط من نواميسه كل الأصول والفصول


مصطفقى الحناني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى