محمد حربي - من دلَكم علي.. شعر

إلى جنرال يأخذ كل قصيدة غصبا


1
من يقرضني قرضا غير حسن ولن أرده له:
قصيدتي مديح سريعتين هذا المساء
،فليس لدي في خزائني
سوى بكائيات مطرزة، أخفيتها بعناية.
وللسواقي القديمة
أحتفظ بمرثيتين باردتين ملفوفتين
في ورق الصحف تحت السرير.

***

2
لا اعرف لونا في قصائدي المحنطة
سوى عناق الأخضر بالطيني
ولا أستخدم القصائد في صلاتي غيمة للجموع
لا أقرب الشعر إلا وأنا أتضور جوعا لصورة
،ولا أعرف كيف تختلط الخمور بالعروض
في آخر الليل بالمقهى الجانبي
فمن الذي أرشد الجنرال الى بابي ومنعني من الخروج
اليس الصبح ببعيد ؟

3
لا أتقن الغناء، وصوتي ينقص بثلاث درجات
على سلم جانبي لموسيقى العويل،
فمن دل الغراب عليّ
ليتخذني خليلا في جوقة الصراخ وهو يخفي جثتين
خلف الجبل بلا دفن ؟
ومن دل الجنرال علي حنجرة مشروخة في الفناء الخلفي لصدري
وأنا أخفي حصى ناعما تحت لساني كعلكة إضافية بين الفصول
قبل أن يفر الممثلون بالأقنعة البدائية
يرتجلون النص المقدس فوق خشبة تطير
كتعويذة ضد الغبار الرحيم

4
من دل الدراويش علي خرقتي فنادوا بي سيدا على بقايا طريقة
تستوطن الحروف الخضراء، مع أني لا أعرف من النصوص
سوى حرفين يرقصان على ظليهما دون أن يلفتا أحدا
إلى الصخب المتطاير من غبار الحروف
في رقصة العهد بين الظل والمقام
ومتسولون يطلبون قليلا من الملح قبل القيامة

5
من دل الموتى علي إيقاع نعلي فغادروا الغرف السفلية
وتظاهروا ينادون بي سيدا للمقابر الطينية
وأحجار الشواهد
وأنا لا أعرف من فنون الموت سوى العودة لجذور يتركها السلف
وديعة في لون العيون أو في شقوق الطين
أو كتابة المراثي على الجدران
نقشا سابحا في معمدانية اللون
قبل أن تفر الطيور بأغنية تشبه زجاج نافذة مغلقة
***
من دلَكم علَيّ وصمتي يسبقني
الي الشوارع والمقاهي
والمساجد والصحف
ودمي علامة للقادمين
وزجاجتي فارغة دائما

محمد حربي
(*) من مجموعة "جنرال المآتة "
أعلى