عبدالله فراجي - أَحْلاَمٌ مِنْ زَمَنِ الرُّؤْيَةِ وَالرُّؤْيَا.. شعر

الأَوْجاعُ أَتَتْ طُوفَانًا يَعْبُرُ فِينَا..
تَسْكُبُ خَمْرَتَهَا دَفْقًا فِينَا،
وَتُؤَبِّنُ مَا فِي الْقَلْبِ مِنَ الْعِشْقِ الأَبْهَى،
اَلْكِيسَانُ امْتَلأتْ حَزَنَا..
فيِ رَغْوَتِهَا آلامٌ مِنْ أَسْفَارِ مُعَاوِيَةَ الْمَنْهُوكِ بِمَاءِ الْعَرْشِ..
تَأَبَّدَ سُلْطَانًا في الظُّلْمَةِ كَالْقُرْصَانِ،
عَلى سُفُنِ الدَّهْمَاءِ أَتَى..
وَيَداهُ مُلَطَّخَتَانِ بِطِينٍ أَحْمَرَ قَانِي،
لَمْ يَتَوَقَّعْ أَنْ يَتَرَجَّلَ فِي حَمْرَاءِ الأَنْدَلُسِ الأُخْرَى،
وَيُرَتِّبَ في بَغْدَادَ جُنُونَ خِلاَفَتِهِ،
بَغْدَادُ تَرَاهُ الْيَوْمَ غَرِيقًا في النَّهْرَيْنِ،
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ أَنْدَاءَ الصَّحْرَاءِ وَلاَ يُرْوَى..

******

اَلطِّفْلُ الْغَرُّ رَأَى مَأْسَاةَ الْعِشْقِ عَلَى أَنْخَابِ اللَّيْلِ..
وَلَمْ يَفْهَمْ سِرَّ الأوْجَاعِ عَلَى إِصْبَاحِ غُلالَتِهَا..
كَانَتْ جَذَّابَةَ عُشَّاقٍ،
وَالرَّكْحُ سَلاسِلُ تَصْفِدُهَا..
كَانَتْ عَجْفَاءَ وَما زَالَتْ تَتَعَجَّلُ فَارِسَهَا،
كَانَتْ.. كَانَتْ.. وَظِلاَلُ الْبُؤْس ِتُسَرْبِلُ هَامَتَهَا..

******
اَلطِّفْلُ الْغَرُّ رَأَى بَلْقِيسَ عَلَى سُجُفِ الْبَحْرِ الْمَنْسِيِّ، رَآهَا فِي عِهْرٍ،
مُتَلَصِّصَةً فِي غَيْرِ عَبَاءَتِهَا، تَطَأُ الْأُمَرَاءَ بِفِتْنَتِهَا..
كَانَتْ في الْخَانِ تُجَالِسُ شَيْخًا أَعْمَى،
في عَيْنَيْهِ جَهَالَاتٌ، حُمْقٌ، وَخِيَانَاتٌ أُخْرَى..
يَتَرَنَّحُ في تَنُّورٍ، فِي قَهْرٍ..
ويُدَبِّجُ فِي تَابوتِ صَبَابَتِهِ شَبَقَ الدُّنْيَا..

******

اَلطِّفْلُ الْغَرُّ رَأَى أَشْبَاحًا في قَصْرِ الْحَمْرَاءِ،
رَأَى الْقَمَرَ الْمَنْحُوتَ مِنَ الأَسْوَار ِيَصيرُ فُتَاتًا،
وَرَأَى وَمَضَاتِ الْقَلْعَةِ قَدْ خَفَتَتْ،
ورَأَى الْأَزْهَار َتُرَاقِبُهَا الَعَتَمَاتُ،
فَخَرَّ صَرِيعًا مِنْ أَهْوَالِ الرُّؤْيَةِ وَالرُّؤْيَا..

******

من في أَسْوَارِ بَنِي قَحْطَانَ رَأى هَذي الرُّؤْيَا؟
مَنْ في عَدْنَانَ، وَفِي عُرْبَانِ الْجُبِّ، يُؤَشِّرُ فَوْقَ دُمُوعِ صَبِيٍّ يَحْلُمُ في الأَنْوَارِ، لِيَكْتُبَ سِيرَةَ إِخْوَةِ يُوسُفَ حِينَ رَمَوْا في الْجُبِّ حِكَايَاتٍ في الْمَاءِ، وسَارُوا في الصَّحْرَاءِ بِلا أَثَرٍ…؟
مَنْ مِنْكُمْ يَا سَادَهْ..
يَتَفَوَّهُ في بَابِ الْقُرْصَانِ بِبِنْتِ شَفَهْ؟
مَنْ مِنْكُمْ يُعْلِنُ أَنَّ صَبِيًّا دَاسَ عَلَى كُرَّاسَاتِ الأَحْلامِ..
وَقَاوَمَ فِي خُبْزِ الطَّاحُونَةِ مَوْتَهْ…؟

******

لا لَيْسَ الْعُمْرُ أَتَى في تِرْيَاقٍ أَشْهَى،
وَالْجَمْرُ كَوَى عَرَصَاتِي..
كَأْسٌ تُفْرَغُ فِي كَأْسٍ أُخْرَى..
وَنَبِيذُ العِشْقِ عَلَى صَدْرِيوَجَعٌ..
وَالفرْحَةُ في بَلَد ِيوَجَعٌ..
وَبَراعِمُ إِخْوَةِ يُوسُفَ كَالأَزْهَار ِلَدَيَّ أَفَاعٍ تَسْعَى..
وَحِكَايَةُ مَوْتِي بَيْنَ أَيَادِيهِمْ طِينٌ مِنْ فَاجِعَةٍ حَرَّى..

******

فِي الْجُبِّ أَنَا..سَأُصَارِعُ لَيْلِي..
وَالْحُلْمُ الْمَنْسُوجُ بِأَنْفَاسِي،
كُرَبٌ فِي صُبْحٍ،
تَقْتَرِفُ الْمَمْنُوعَ مِنَ الصَّرْفِ..


عبدالله فراجي
بتاريخ : 06/12/2019


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى