سالم الهنداوي - مدار الشهوة..

كانت كلما دعتني الى تقبيلها اغمضت عينيها وضمتني بنزق، كم اهاب عينيها ولحمها الذي يرتعد، وشفتيها اللتين تمتصان عرقي وانهياري..

ثم لست ادري من أين أتيت من بعيد،تغادرني المصابيح الطافحة وأنا أقاوم خدري، وأعود الى البيت وخلفي جسد مازال يشتعل على الحصيرة تحت الكرمة ..

منذ زمن وانا احاول تفسير التعب اللذيذ الذي يسري في بدني كلما تركتها تحت القمر وأنصرف الى بيتنا عبر السطوح .. حتى رائحة عرقي تبدلت بتلك الرائحة التي اشمها حين أنهار.

منذ زمن وأنا طوع يدها عند الباب . . وافكر هل تعطي مثل هذا الحنان لكل صغار الشارع، ام لي أنا وحدي.

كان صغار الشارع يتلاشون من أمامي حين تبدأ تمسد شعري وتتحسسني وهي تلوك اللبان . ثم تطوقني وفي عينيها كلام حار لا أفهمه غير أنه يريد ابتلاعي.

– لا تحك لأحد هه، حتى لا أحرمك من هذه الاشياء.. هكذا كانت تودعني باديء الحال عند الباب وتضع النقود في جيبي..

منذ زمن وانا مجلوب الى تلك الرائحة. . حنى عندما أنام، حتى عندما انام كنت اراها تتعرى وتدخل معي الفراش وتكتم أنفاسي، فاتحسس رجولتي بين أردافها الحامية .. واصحو على الماء بين يدي أمي والسؤال القديم وقرص الاسبرين .

ماذا فعلت بي نواره؟!

ذات مساء ككل المساءات، كنت أنا والقمر فوق سطح بيتها، أتطلع وألقي بالحصى لتخرج من دارها وارتمي الى أحضانها كالعادة، فتلقي بي الى الحصيرة وتنهال على جسدي الصغير.

ألقيت بحفنة الحصى ولم تخرج . همست أناديها والبرودة فوق السطح تجلب معها بعض الصوت في المدينة، وكرمة العنب أحدثت صوتا عندما ألقيت بقشرة الجدار الكبيرة .. ونوارة لم تخرج لعادتي .

جلست أنتظر وعيني على القمر والحصيرة، والبرودة تثقلني بالرغبة، والسحب التي تمر على القمر تمر علي .. ولا صوت الآن في المدينة الا للكرمة الوحيدة ..

.. كدت أسقط لو لم أفق على صوت في الداخل ..

فرحت رغم ارتفاع صوت المؤذن واكتمال التعب .. وفيما انبعث الضوء من دارها على رقعة الحصيرة في الفناء الترابي رأيت أبي يخرج ويغادرها بالتقبيل .

سحبت بعضي مندهشا، واختلست النظر الى أردافها وهي تدخل دارها منهكة .

على صفعة الباب، لف السحاب القمر، فغادرت المكان أبكي؟!


سالم الهنداوي

أعلى