أ.د. محمد حسن عبدالله - الفرزدق يصور آلامه عقب طلاقه للنوار ..

لؤلؤ منثور
1- اللؤلؤة : الفرزدق يصور آلامه عقب طلاقه للنوار ..
نَدِمْتُ نَــدَامَةَ الكُسَعِيّ لَمّا = غَدَتْ مِنّـي مُطَلَّقَـةً نَـوَارُ ..
وَكَانَتْ جَنّتي، فَخَرَجْتُ منها = كَآدَمَ حِينَ لَــجّ بِهِ الضِّرَارُ ..
وَكُنْتُ كَفاقىءٍ عَيْنَيْهِ عَمْـداً = فَأصْبَحَ مَا يُضِيءُ لَهُ النّهَارُ ..
وَلا يُوفي بحبِّ نَوَارَ عِنْدِي، = وَلا كَلَفي بهَا إلاّ انْتِحَــارُ ..
وَلَوْ رَضِيتْ يَدايَ بهَا وَقَرّتْ = لَكَانَ لهَا عَلى القَدَرِ الخِيَارُ ..
وَمَا فَارَقْتُهَا شِبَعاً، وَلَكِـنْ = رَأيْتُ الدّهْرَ يَأخُذُ مَا يُعَـارُ ..

2- المحــارة :
- في هذه القطعة المختصرة، أقوى تعبير (اعتراف) بحسرة الزوج العاشق، على فراق زوجته؛ إذا ما أكره على طلاقها !!
- ونفرغ من الإشارة إلى الكسعي، فهو بدوي صادف غصناً مرناً، رأى أنه يصلح قوساً، فتعهده إلى أن صنع منه ما يريد، فرمى به ظبياً، وثانياً، وثالثاً، وفي كل مرة كان السهم يخترق الرمية، غير أن الكسعي لم يتبين له ما جرى، حتى إنه ضاق بقوسه فكسرها، لما أصبح وجد ثلاثة من الظباء مطروحة وأسهمه مضرجة بدمائها ، غير أنه تعجل بكسرها، فأدركه ندم قال فيه شعرا .
- أما زواج الفرزدق من النوار فله خبر طريف، روته المصادر التراثية، وعرضنا له في مكان آخر، وتصلح مادته لأن تصنع قصة فيلم طريفة، أو مسرحية غنائية، مفعمة بالتشويق. وخلاصتها: أن النوار تمت بشيء من القرابة البعيدة إلى الفرزدق، غير أنه كان شاعراً مشهوراً، فحدث أن النوّار أوكلت إلى الفرزدق أن يتولى تزويجها، فما كان منه إلا أن زوجها لنفسه!! وهي غاية في الجمال والشباب، والفرزدق غاية في الحدة والجلافة، فأنكرت عليه هذا الزواج، وتمسك هو به، فاستجارت النوار بزوجة عبدالله بن الزبير، التي كلمت زوجها في أن ينصر النوار، ويقبل إنكارها للزواج من الفرزدق، فما كان من الفرزدق إلا أن استجار بأبناء عبدالله بن الزبير، وبذلك انقسم البيت الزبيري بين مؤيد للرواية النوار، ومتقبل لرواية الفرزدق، حتى ضاق ابن الزبير نفسه بالقضية وضرب الفرزدق! فقال هاجيا له:

َأمَّا بَنُوهُ فَلَمْ تَنْفَعْ شَفَاعَتُهُمْ = وَشُفِّعَتْ بِنْتُ مَنْظُورِ بْنِ زَبَّانَا
لَيْسَ الشَّفِيعُ الَّذِي يَأْتِيكَ مُؤْتَزِرًا = مِثْلَ الشَّفِيعِ الَّذِي يَأْتِيكَ عُرْيَانَا

- فزاد الضغط على النوار، مما حملها على الانصياع لزواج الفرزدق . وهكذا وضعت خطتها للطلاق منه، فأخذت تغريه بأن يودع عندها كل ما يحصل عليه من عطايا لقاء الأشعار والأعطيات، حتى تكون لديها ثروة كبيرة، فلما طالبها بالمال قالت : حتى تطلقني أمام شهود وثوق !! ولما كان الفرزدق جشعاً إلى المال، فقد طلقها، وأشهدت على طلاقه حتى لا ينكر أو يتراجع، وبذلك تحررت من قبضته وتركت له حسرة نجدها في تلك القطعة.

3- الهيــر :
- اللؤلؤة بتصرف من كتاب :"صورة المرأة في الشعر الأموي" – محمد حسن عبدالله – منشورات ذات السلاسل – الكويت – 1987 – ص191 .


أد. د. محمد حسن عبدالله

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى