أحمد رجب شلتوت - تلك التى لا تُنسى.. قصة قصيرة

تركت زوجتى كوب الليمون وقامت لتشاهد صور الممثلات المعلقة على جانبي مدخل المسرح. تابعتها وأنا أرشف القهوة. فجأة إنقضت على :
_ أنظر، أنظر. أليست هذه شاهندة؟
_ شاهندة؟ من تقصدين ؟
_ وهل نعرف ألف شاهندة؟ الممثلة طبعا، أنظر، ها هي تخطو باتجاهنا.
نظرت بحسب إشارة يدها، رأيت عجوزا متصابية، تمشى متمايلة، تشبه النجمة الآفلة، تقلد مشيتها فى دور بائعة هوى.
_ أنظر، أليست هي؟
_ تشبهها.
_ صدقنى إنها هي، أنا أعرفها جيدا.
أشارت زوجتى للنادل، سألته، أكد على أن التى مرت إلى جوارنا هي نفسها شاهندة، النجمة التى كانت، أشار إلى صورة معلقة على الجدار للنجمة فى شبابها، هي التى علقتها بنفسها، إختارت لها مكانا لصق باب مدير المسرح لتكون فى مواجهته كلما دخل أو خرج.
دقائق وعادت النجمة التي كانت، تمر بين الترابيزات مستجدية نظرة، تمني نفسها بأن ثمة من يتذكرها، فعلتها زوجتي، لم تضيع الفرصة، سألتها:
_ ألست أنت..؟
لم تدع زوجتي تكمل السؤال، بلهفة أجابت :
_ نعم أنا شاهندة، أنا هي ياحبيبتى، فاكراني؟.
أحتضنت زوجتي، أمطرتها بالقبلات، ولما أتى النادل لرفع الكوب والفنجان، فتحت حقيبتها، دست فى يده ورقة مالية، قالت ببحة صوتها المعهودة:
_ خذ حساب البك والهانم والباقي لك.
راحت تحدق فى وجوه الجلوس لعل أحدا غير زوجتي يتذكرها، تابعت رائحة عطرها، دعوتها للجلوس فرفضت.
_ يابك أنا كنت أتحرك على الخشبة طوال العرض، أنا لا أتعب.
أستوقفت النادل، حدثته وهى تشير ناحية باب مكتب مدير المسرح:
_ أسمع ياعبده، ماتنساش تقول للندل اللي جوه أن الجمهور بالخارج مازال يتذكر شاهندة، هو فقط الذى ينسى.
غادرنا النادل وواصلت هي :
_ الندل أنا التقطته من الشارع، صنعت منه نجما، واليوم ينساني، لا يسند لى أى دور، وكأنى .... ، وكأن .....
لم تكمل، منعها النشيج، حاولت تهدئتها، انخرطت في نوبة بكاء شديد، إحتضنتها زوجتي، لاحظت إحدوداب ظهرها، تحلق الحضور حولنا، ظنوا ما يحدث عرضا مجانيا، ولما هدأت شاهندة إنتبهت لهم، إنحنت تحييهم، دارت حول نفسها، لفت وسط حلقة الحضور، الإشفاق دفعني للتصفيق بحرارة، لعلي أجد من يشاركني فنقدم لها ما تحتاجه لتبرأ، لم يشاركني التصفيق إلا زوجتي، كثيرون التزموا الصمت، والبعض ضحك ساخرا، وظلت هي تحيينا وترمي بالقبلات ناحيتنا حتى غادرناها لنلحق بالعرض قبل رفع الستار.


احمد رجب شلتوت
  • Like
التفاعلات: أحمد رابع أبو فراس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى