إبراهيم المصري - الَّذين انتظرناهم.. شعر

الَّذين انتظرناهم في محطاتِ القطاراتِ لم يصلوا
ولم يصل الَّذين انتظرناهم أمامَ صالاتِ الوصولِ في المطارات
ولا الَّذين انتظرناهم في مواقفِ الباصات
ولا الَّذين قالوا إنهم سيصلون على أقدامِهم
أو في عرباتٍ قديمةٍ تجرُّها جيادٌ خاويةُ البطون
وفي اتساعِ عيونِها نرى الألم
أقواساً يعلوها غبارٌ كثيف
ونحنُ بأكتافِنا المشدودة
وبأعناقِنا التي تصلَّبت في أنَّ البازلت حجرٌ مسنون
وبالشِّعرِ يعمينا عن رؤيةِ أنَّنا قديمون جداً
في معيَّةِ أنَّ كهفاً يزدحمُ بصورِ مغامرين رحلوا ولم يعودوا
أو نخزِّنُ صورَهم في هواتفِنا المحمولةِ باتقادٍ
يُخزِّنُ الجمرَ في عيونِنا
وفي الصورِ الأحدثِ عهداً بالنجاةِ من الغرق
لم يصل الَّذين انتظرناهم على أرصفةِ الموانئ
أو في شاشاتِ السينما حين يعودون أبطالاً
وقد كفونا عبءَ القتالِ على حواف الخرائط
وأسالوا الدمَ الذي كان حِزمَ ضوءٍ
تنطفئ بإيقاعِ خطواتٍ تذهبُ بعيداً، بعيداً
ثم يُظلِمُ الليلُ كما عهدناه في الأفكارِ العظيمة
تلك التي كنا نأمل أن يخبرنا عنها أوُّلُ الواصلين
لكنه لم يصل
ولم يصل أيضاً
هؤلاء الَّذين ذهبوا ولم يعودوا من الأفكار
تافهةً كانت أم عظيمة.


إبراهيم المصري
مصر
أعلى