سمر لاشين - خطوتان وننتهي.. شعر

شاعرات يعشنَ في خريفٍ دائمٍ بملابسَ فضفاضةٍ يكتبنَ الشِّعر.
الشِّعر - تيس جبلي بقرنينٍ عظيمينٍ - يجلس بالقرب منهنّ أعلى الجبل.
يزرع عينيه في كل مكان يذهبنَ إليه ..
" لا تطلب تعلم الصيد دون الحاجة له؛ قد تصطاد ما لا تقدر على حمله " يقول ويكسر قلم شاعرة.
- ما الذي يخيفك .. أتخاف أن تُضبط متلبسًا في قصيدة نسوية ؟! .. اهدأ. تقول الشاعرة.
.
يغرينا، يأخدنا إلى أماكن لا نرجع بعدها لنفس المكان المغروسة أقدامنا فيه
يواصل رسم الطرق، المتاهات، الحروب، يواصل السفر، الغربة، الوحدة، الجنون، الضحك
ونحن معه.
يرفع كأسه عاليًا بلا مناسبة؛ وبأقدامٍ مبتورة نرفع الكأس معه .. كأسك ياشعر.
.
للشِّعر محطة سفر .. تذاكره لا إياب فيها.
شاعرة أخبرته أنها تريد تذكرة لتعود إلى البيت، لم يهتم لها،
حتى أنه بعد انصراف الشاعرات، ولم يبق غيرها .. أغلق الشباك.
خلف الباب تقف والتراب يغطي ملامحها .. هل سمعتها أحدكنَّ ؟!
امرأة تطرق الباب بكلتا يديها " افتحوا الباب أريد تذكرة لأعود إلى البيت "
تمشي في حاراتٍ تحفظها عن ظهر قدم، تُعرّف الجميع بنفسها .. لا أحد يعرفها، لا أحد يهتم.
- ما الذي أتى بكِ إلى هنا ؟
- إنها مجرد بداية أن تنسحب التفاصيل منك لتبدو بعيدة، وباهتة، وتصبحين سخيفة
تصبحين مجرد مسخ أو ظلّ لشيء نسى أن يخبرك من هو.
" شيء ما يجذبها لتلك البلاد - بلاد ماوراء الشعر - ربما لأشيائها المنسيّة فيها، للأماكن التي لا يزورها أحد، للنوم دون ذاكرة على سريرها"
- أنت امرأة طاعنة في الشحوب مقطوعة جذورك من تربتها ... من أنتِ .. ؟! من قطعكِ ومن وما الذي أتى بكِ إلى هنا ؟ وما هذا الظلّ الذى أنتِ ظله، أو هو ظلكِ، أو أنتما ظلان لشيء آخر لا يعرف هو ظلّ من ؟!
- الشِّعر ترحالٌ دائم وموتٌ متكرر، أريدُ أن أعود إلى البيتِ، أريد أن أرى خضرة بلادي، قدماي تؤلماني من كثرة المسير والطرق لا تنتهي ولا تؤدي إلى مكان.
أريد أن أعود إلى البيتِ أتفهمين .. أيفهمني كلّ من هنا ؟
- وأنا أريد ... أريد ...
الآن أريد أن أنام قدماي تؤلماني، لا شيء يستحق أن أستيقظ لأجله
هذه البلاد أصبحت عصية على الفهم، لن أرهق نفسي بالأسئلةِ، سأمنح وقتي كله للحبّ وقليل منه للشِّعرِ ..
حبيبي يأتي مع الساعاتِ الأولى للنهار، لا وقت لدي لفعل أي شيء غير أن أتخلص من بقايا الشِّعر على جسدي وملابسي ورائحتي وصوتي، ثم أجهز كلّ غرف قلبي وجسدي لحبّهِ.
.
.
غدًا سيفتح العالم عينيه على موتِ شاعرة
ضلت الطريق إلى البيتِ.
وأبدًا لن يهتم.


سمر لاشين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى