علجية عيش - في ذكرى تأسيسها الـ: 63..الإذاعة السّرية كشفت للرأي العام الدولي جرائم فرنسا في الجزائر

(مؤتمر الصومام وراء إنشاء إذاعة الجزائر الحرة المكافحة )
(فرنسا أنشأت محطة إذاعية منشقة سمتها: "هنا صوت مقاومي الولاية 5 "


حان الوقت لإعادة النظر فيما كتب حول تاريخ الثورة الجزائرية، بجدية و موضوعية خاصة ما تعلق بالصحافة أيام الثورة ، فقد لعبت الإذاعة الجزائرية دورا لا يستهان به في التعريف بالثورة الجزائرية و كشف المجازر التي كانت ترتكبها فرنسا، و إيهامها الرأي العام بأن ما يحدث في الجزائر هو فرنسي فرنسي، فقد استطاعت الإذاعة السرية أن توصل رسالتها للعالم، و من منطقة الناظور كان مدني حواس يكتب التعليقات السياسية ثم يسلمها لعيسى مسعودي لقراءتها، كان صَوْتُ جيش وجبهة التحرير الوطني أوّل إذاعة جزائرية سِرِّيَّة في التاريخ، كما كان مؤتمر الصومام وراء إنشاء إذاعة الجزائر الحرة المكافحة

الإذاعة السرّية بدأت بشاحنة و جهاز إرسال فقط، هذا ما كشف عنه باحثون و منهم الدكتور عبد القادر نور الذي أرّخ للمرحلة التي لعبها الإعلام الجزائري أيام الاحتلال الفرنسي عندما كان في صوت العرب بالقاهرة و قال أن الإعلام المسموع لم يكن موثقا لإبراز الجهود التي بذلتها جبهة التحرير الوطني آنذاك، حيث كانت في بدايتها تعتمد على الإذاعات العربية منذ قيام الثورة في 54 إلى غاية 16 ديسمبر 1956، اليوم الذي انطلقت فيه إذاعة صوت جيش و جبهة التحرير الوطني، و كانت أول إذاعة جزائرية سرية في التاريخ رغم بساطة وسائلها، و كانت تبث عبر شاحنة متنقلة في الحدود الجزائرية المغربية في الناظور، و استطاعت الإذاعة السرية أن توصل رسالتها للعالم، كان يؤطرها أكثر من 30 فردا يعيشون في الجبل، إذ صعب على الاستعمار الفرنسي الوصول إليها، و استطاعت الإذاعة السرية أن تحاصر العدو الفرنسي من كل جانب.

كما تمت السيطرة على 06 مراكز يؤطرها تقنيون من الإذاعة السرية و على رأسهم عبد الرحمن الأغواطي، جل أعضاء الإذاعة السرية كانوا يعرفون بأسماء مستعارة ، و كانت الفترة الليلية أحسن فترة للبث، حيث أسقطوا من خلالها مقولة الفرنسيين أن "الجزائر أمّة في طور التشكل"، و عن تاريخ تأسيس الإذاعة، يقول باحثون أن أول محطة إذاعية في الجزائر أنشأت على يد شركات تجارية استعمارية عام 1925، لكن بعض الكتابات تعتبر أن سنة 1929 هي السنة الأولى لميلاد الإذاعة في الجزائر، وبالتالي يمكن القول أن الجزائر البلد العربي الأول الذي شهد ميلاد الإذاعة كمؤسسة، كانت البرامج في الفترة ما بين 1925 و 1940 موجهة للأقلية الفرنسية، و في الفترة بين 1940 و 1954 خصت فرنسا برنامجا تحث فيه الجزائريين على التجنيد للوقوف معها في حرب مع ألمانيا النازية ، كما كانت تسعى إلى تشويه الثورة الجزائرية و التشويش على الإذاعة السرية و تضليل الرأي العام في الجزائر.

و ابتداءً من سنة 1956 أصبح للجزائر صوت في كل دولة عربية ، كانت كل البرامج موجهة للمجاهدين في الجبال و الرأي العام الفرنسي، و لما انعقد مؤتمر الصومام حث على الإسراع في إنشاء إذاعة جزائرية و حدد أهدافها في دحر ادعاءات فرنسا، و هذا من أجل الرد على الدعاية الإعلامية الفرنسية و الأطلسية التي كانت تصور الواقع الجزائري على انه مشكل فرنسي فرنسي، و قد قامت جبهة التحرير الوطني بنشر إعلام تخبر فيه الجزائريين بأن إذاعة جزائرية قد أنشأت هي: "إذاعة الجزائر الحرة المكافحة" انطلقت من الحدود الجزائرية المغربية، و تبث باللغات الثلاث ( العربية، الأمازيغية، و الفرنسية)، تعرض فيها قراءة في السياسة الكولونيالية، الفضل يعود طبعا لإذاعة صوت العرب من القاهرة التي كرست دهودها في تجنيد الجزائريين و غرس فيهم الحماس الثوري، و هنا عمدت فرنسا إلى استحداث إذاعة سمتها "فرانس سانك" (France5) نسبة إلى الجمهورية الخامسة، و هو ما ساعد على توقف الإذاعة السرية عن البث نهائيا، بسبب الظروف التي وقعت في سبتمبر 1957 ، حسب بعض الكتابات فقد استغلت فرنسا الخلافات التي وقعت بين القياديين العسكريين حول مسألة نقل قيادة الحدود الغربية إلى التراب الجزائري، وحدث نزاع كبير بين الرفقاء بسبب هذا المقترح، أسفر عن وقوع انشقاق بينهم دام عاما كاملا، من خريف 1959 إلى غاية صيف 1960.

في هذه الفترة حاول الجيش الفرنسي استغلال هذه القضية، حيث أسس محطة إذاعية منشقة سميت: "هنا صوت مقاومي الولاية 5 " الهدف منها زرع الشك بين القادة العسكريين، لكن الخطة الفرنسية فشلت، لأن مصالح "المالغ" كانت تتابع القضية باهتمام شديد، وقام العقيد لطفي بمحادثات مع النقيب زبير، ثم رفع تقريرا إلى المالغ، وجاء في التقرير أن حل مشكل قيادة الحدود سيتم مناقشتها في مؤتمر طرابلس، تشير المذكرات أن بومدين تحدث مع النقيب زبير في سجنه وكان متعاطفا معه ووديا للغاية، وبالرغم من ذلك فقد حكم على النقيب زوبير بالإعدام، وكان مطلبه هو أن تتمتع ابنته بعد الإستقلال بحقوقها الجزائرية، والطلب الثاني هو أن يرموا رأسه حتى لا يتعذب، هكذا انتهت قضية ضابط وطني متهور وقع في فخ فتنة خطيرة على وحدة قيادة الثورة، و هكذا طوي ملف الإذاعة السرية بعدما فتحت الدول العربية أمواج أثيرها، في الرباط، تطوان التي أخرجت جريدة المقاومة الجزائرية، و كان صدور العدد الأول من باريس في 22 أكتوبر 1957 ، كما كان صوت الجزائر يصدر من طرابلس و في بن غازي.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى