أحمد إبراهيم الفقيه - تقاطع طرق

رآها ورأته لأول مرة في متجر السوق الحرة في المطار‏,‏ حيث كان كل منهما ينتقي لعبه من قسم لعبه الاطفال في المتجر‏.‏

وقف مصعوقا ينظر إليها‏,‏ غير مصدق أن هناك امرأة في العالم تحمل ملامح أنثوية علي مقاس الملامح التي عاش يحلم بها مدي العمر‏.‏

وقفت هي مصعوقة تنظر إليه وهي تجد أمامها لأول مرة الرجل الذي يجسد فتي الأحلام الذي عاشت تتوق إلي لقائه‏.‏
تفاعل مذهل لكيمياء البدن الإنساني‏.‏
انجذاب لمغناطيس الروح‏,‏ حين يلتقي بجزء عزيز حميم كان مفصولا عنه‏,‏ وبدا واضحا أن كلا منهما قد وجد في هذه اللحظة العابرة التي جاءت صدفة‏,‏ نصفه الآخر الذي لايكتمل وجوده إلا به‏.‏
لحظة انشداه وذهول وانخطاف ومتعة تنتمي إلي فراديس السماء

لم يكن هناك كلام في قاموس اللغة يصلح للتعبير عن فيض المشاعر وفورانها‏,‏ فظل الصمت بديلا للكلام الذي نطقت به العيون ونبضت به القلوب وانسكب رحيقا منعشا في خلايا البدن‏.‏ لم يكن يعرف لها اسما وعنوانا‏,‏ ولم يكن يدري إلي أي وطن تنتمي ولا أي لغة تتكلم‏,‏ ولكنه يعرف عن طريق هذا التواصل الانساني إنها لم تخلق إلا له ولم يخلق إلا لها‏,‏ وهي أيضا لاتعرف عنه شيئا إلا ماوصل إلي عمق مشاعرها من انبهار به عبر هذه الصدمات الكهربائية التي هزت جذور القلب‏,‏ ولم تر منه إلا مابدا علي وجهه من انفعال وما أسفر عنه مظهره الخارجي من ملامح وماظهر من تماثل بينهما في العمر‏,‏ والحالة النفسية‏,‏ مما يؤكد أن اقنوما في السماء وبرجا من أبراجها حدد لهما خصائص تجمع بينهما واختار نقطة بين تخوم الحلم والواقع يلتقيان فيها ثم يفترقان هائمين في سديم الكون دون تحديد موعد للقاء قادم‏,‏ بعد هذا الاتصال الفاجع الماتع الخاطف عند تقاطع الطرق فوق أرض المطار‏,‏ حيث جاء النداء عبر ناقل الصوت يدعو احدهما إلي الالتحاق بطائرته التي حان موعد اقلاعها‏,‏ لتنطلق به إلي محطة بعيدة عن المحطة التي يقصدها الطرف الثاني في هذا اللقاء وعالم غيرعالمه وحالة اجتماعية وعائلية كانت ستختلف لو تم هذا اللقاء في زمان قبل هذا الزمان ومكان غير هذا المكان‏,‏ وليرجع كل منهما عائدا للدخول في انبوب حياته يواصل الدوران فيه بعد دفقة النور التي أولدتها الصدفة عبر كوة في نفق العمر انفتحت للحظة قصيرة ثم عادت للانغلاق‏.‏

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى