نزار حسين راشد - رسالة إلى الإنسان في سنته الجديدة..

عرفتُ الإسكندرية قبلاً، مدينة وادعة بالرغم من حيويتها الزائدة، متصالحة مع نفسها، ومستسلمة لوشوشات البحر صيفاً،ولصخبه شتاء، ولا تحمل زمجرته المتوعدة على محمل الجد، لم يتغير البحر، ولم تتغير المدينة كثيراً ولكن تغيرت النفوس، لقد آلمني كثيراً منظر المتظاهرين الذين لجأوا إلى مداخل العمارات هرباً من رصاص الشرطة فأغلقها السُّكان في وجوههم، ثم أهالوا على رؤوسهم أصص الزهور من على الشرفات، وحين تصبح الزهور أداة للقتل فماذا يتبقى من إنسانية الإنسان؟

بأي روحٍ سيوغل الصيادون في البحر؟ وأي أكفٍّ سيرفعونها إلى السماء بعد أن جحدوا وصاياها؟

لقد حاصر هذا المشهد روحي، والتفّ حولها كحبلٍ من مسد، ومن أعماق روحي استنجدت بالإنسان الذي أو دعه الله فيها!

وكيف سأفتح هذه الدروب المغلقة بصخور الكراهية؟


عرفتُ الإسكندرية يوماً، استلقيت على شاطئها، وقعت في حبها وكتبت فيها شعراً، لكنني الآن أبحث عن الإنسان فلا أجد إلا قاتلاً وضحية!

وفي مرآتها أرى ليبيا وسوريا واليمن، ومن أيّ مغاراتٍ تنطلق فيها الأشباح!

على صفحات التواصل يتبادل تجار الحروب بطاقات التهنئة،

وعلى الجانب الآخر يحرمها شيوخ الفتنة، ومن ثم يسجدون للفرعون.

ليس مهماً متى ولد المسيح ولا متى ولد محمد عليهما السلام، ولكن المهم أي رسالة أبلغوها، وهل نحمل رسالاتهم

في قلوبنا أم على ظهورنا!

على الحواجز في فلسطين، يمارس الجنود هواية صيد الإنسان، ويرسلونها بطاقة معايدة إلى صديقاتهم.

وفي ميانمار يرفعون الدودة عن الأرض حتى لا يدوسوها بأقدامهم، ثم يدوسون إنسانية الإنسان، ويمرّون على جُثّته!

لم أجد من أهنؤه بالسنة الجديدة، سوى أولئك الذين رفعوا عقيرتهم ضدّ الطغيان ، والعدوان على إنسانية الإنسان،لا أولئك الذين يرقصون إرضاءً للقاتل على جُثّة الضحيّة.

نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى