جعفر الديري - الأستاذة الجامعية فاتنة حمدي: "الوسطية" استكشاف لفضاءات الهوية الرحبة

كتب – جعفر الديري

قالت الباحثة العراقية أستاذة الفلسفة بجامعة بغداد د. فاتنة حمدي ان الوسطية لا تعني التفريط في الحقوق وتقبل الحلول الأدنى من الوسط والتوفيق على حساب القناعات والثوابت، كما لا تعني التخلي عن الهوية ولبس الأقنعة إرضاءً للآخرين وتزلفا لهم، فالوسطية تأكيد على الهوية ومحاولة استكشاف فضاءاتها الرحبة التي تشكل انفتاحا على الآخر من منطلق التفهم والمساواة والعدل.
وأعربت حمدي التي كانت تتحدث في جلسة العمل الثالثة من اليوم الختامي لندوة الوسطية بين التنظير والتطبيق في العاصمة المنامة، عن أملها في أن تساهم هذه الندوة في الدعوة إلى صوت عقلاني راشد للأمة على لسان مفكريها وعلمائها يدعو إلى الوسطية ويقدم القدوة الصالحة لها.

خيار إنساني

وتساءلت حمدي عن الحل أمام الظروف الصعبة التي يعانيها العالم العربي والاسلامي وقالت بهذا الشأن: من نحن؟ وكيف نسلك في حياتنا وتجاه أنفسنا؟ ثم كيف نتصرف تجاه بعضنا البعض في محيطنا العربي الإسلامي؟ هل نرفع شعار وحدة المنشأ والمصير الذي تشكله منطقتنا بكل خصوصياتها الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية؟ أم هل نقنع بل نشجع على حالة التشرذم والتبعية والضبابية بل المأساة التي تعيشها المنطقة؟ وكيف نتصرف تجاه الآخر متمثلا بالغرب: هل نستسلم كليا إلى الغرب بكل ما يمتلك ذلك الغرب من سلطة وقوة وإغراء كما فعل كثير من أبناء وبنات جلدتنا؟ أم هل نرفضه كليا كونه أحد أهم أسباب شقائنا كما فعل ويفعل آخرون؟ وكيف نسلك ونتصرف أيا كان خيارنا؟.
وأضافت: أزعم أنه مهما كان خيارنا فهو خيار إنساني أخلاقي بالدرجة الأولى لا يقتصر على دين دون آخر ولا على أمة دون غيرها؛ وأنه مهما تعددت الغايات فإن الغاية النهائية هي الخير الذي يتحقق للإنسان ولبني البشر جميعا مهما اختلفوا وأزعم فوق هذا وذاك أن للزمن والتاريخ استحقاقاتهما فما كان يصلح قبل قرون قد لا يصلح اليوم أمام المتغيرات والظروف المستجدة التي فعلت فعلها وصاغتنا صياغة جديدة قبل الآخرين. وأرى أن في الآية الكريمة }وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا{ (قرآن كريم 2، 143) توصية بالتزام جانب الحق وتجنب المغالاة في زمن يجنح الجميع فيه للتطرف والإفراط. والتوصية تتعدى الأفراد إلى الأمة جمعاء. واليوم نحن أحوج ما نكون إلى صوت عقلاني راشد للأمة على لسان مفكريها وعلمائها يدعو إلى تلك الوسطية ويقدم القدوة الصالحة لها. وتذهب الآية أبعد من ذلك إلى اعتبار تلك الأمة الوسط شاهدا على نفسها وعلى الناس تؤشر مكامن الزلل وتعمل على تصحيحه بشجاعة وإخلاص.

الأخلاق والوسطية

من جانبه قال رئيس جلسة العمل الرابعة الباحث عدنان السيد حسين: ان هناك علاقة مهمة بين الأخلاق والوسطية، فالمدارس الفقهية القديمة والحديثة أفردت لموضوع الأخلاق منزلة كبيرة فضلا عن أن الأخلاق وجدها البعض من جوهر الدين، مؤكدا على الوسطية هي المنهج الاسلامي الذي يتفق مع العقيدة والشريعة معا.
وأضاف: أعتقد أن حياة الدولة والأمة والمجتمع بكاملها الآن على المحك، لذلك فالوسطية هو المنهج الذي نحتاجه ان كان على صعيد الحوار تجنبا للقطيعة والتشكيك والتكفير أو ان كان على مستوى إقرار برامج التعليم واعتماد سلوك سياسي معتدل راق حضاري انساني. ونحن لا نقول هذا الكلام انسجاما مع دعوات الاصلاح الآتية من الخارج. وانما الاصلاح الذي نريده نحن يحتاج الى الوسطية والموضوعية. اذ لابد من سلوك التوازن بين سلوك الفرد ومصالح الجماعة. بين مصالح الدولة الواحدة. وبين مصالح المجتمع الدولي والانساني الذي نحن فيه ومنه ولا يمكن أن نبني مصلحة دولة عربية اسلامية بالتناقض مع مصلحة المجتمع الدولي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى