صفاء نقد - الفقاعات

كانت الشمس في مقتبل الشروق .. والمكان يعج بالهدوء إلا من نشاطي . كان الطقس مثالياً.. و ورود صباح الخير زاهية بلونها الوردي الغاني . كل شيء نظيف ورائحة البخور الجميلة تنداح من كل الأمكنة .

كان الجو رائعاً كي أبدأ غسيل الأسبوع،بدأت بالملابس البيضاء .. كانت الملابس مطيعة وسلسة وعندما نُظِفت … وملأت الحبل بالغسيل الناصع . انقطع الحبل!! مسكين حبل الغسيل كان ينوء عن الحمل حتى انقطع .. لم يدهشني انقطاع الحبل ولم يزعجني.

يجب أن أعيد الغسيل سيكون خفيفاً بالقدر الذي يزيح ما التصق في الملابس من تراب … ملأت الطشت بالماء وسكبت الكثير من الصابون حتى بدأ مثل الفوران . رغوة بيضاء ناعمة ملأت الطشت وبشغف طفولي بدأت أملأ يداي بالرغوة وأصفق ثم أحدق عالياً لأرى ما تتطاير من فقاعات الصابون. كانت جميلة…وكانت الفقاعات تكبر وتكبر فأحسست بشيء ناعمٍ ولزج يجذبني نحوها … في لحظة وجدت نفسي بداخلها … حلقت عالياً مع سرب من الفقاعات وأنا ألوح لأشيائي من تحتي … كان كل شيء مسطحاً وأملس ليس هناك ما يهدد فقاعاتي بأن تنفجر فأسقط ….

مثل أليس في بلاد العجائب نقلتني فقاعتي إلى بلاد أخرى رائعة .. هكذا أحاول أن أرى البلاد و أوغل في الانتقال وأندغم فيه -ما بين ترويض الانتقال وإلفه الذي كان يلاحقني غسيل ملابسي الذي لم يكتمل ويراودني الطشت عن نفسه.. تذكرت اللحظة التي انقطع فيها الحبل ! شيء ثقيل .. .. المهم علينا أن ﻻ نحمل الأشياء فوق طاقتها ..

لم أحاول أن أسيطر على فقاعاتي ولكن تركتها تقودني إلى حيث تريد مررت بكل أحلامي و أوطاني و يهمس لي محمد الماغوط .. سأخون وطني… وتهمس لي عبارات أخرى غسيل الأموال.. الحمام غسيل الجسد . غسيل الأفكار غسيل الصحون كل هذا التناقض يضحكني …

مررت بهم وأنا أرسل لهم القبلات عبر كفي مثل النجمات .. كانت أحلامي سهلة وظريفة بعضها أصبح صغيراً وبعضها مثل مضمارِ سباقٍ كبير .. المهم جميعهم بخير .

أما وطني يا ماغوط كان مغلقاً بعلامة البلوك الحمراء … هذه العلامة لونها ﻻيشبه أبداً ورود صباح الخير الجميلة !!!

مفاجأة …..

هناك على حافة الحلم ﻻحت شجرة مثمرة لكن مليئة بأشواك طويلة بارزة و الفقاعات تتقافز نحوها ..حاولت أن أقود سربي وأنحرف جانبا صرخت لكن عند اصطدامها بأول شوكة وخزتني … وانفجرت!! ا ﻷسقط من الأعلى على طشت الغسيل تطايرت الرغوة ..تبللت وامتلأت من رأسي حتى قدمي بالرغوة البيضاء أصبحت مثل عروس في تمام زفافها وفوران الصابون المتطاير حولي مثل جليد … وضحكاتي تنافس بياض الرغوة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى