أمل الكردفاني/ هدنة مؤقتة- مسرحية من منظر واحد

✍ *_ الشخصيات:
رجل ١
رجل٢
الفتاة
الجنديان



المسرح:
خشبة مظلمة والأضواء الخافتة تسلط من أعلى بشكل أفقي فتظهر هياكل الممثلين وهي شبه مظلمة..



رجل ١- عليك أن تتبنى موقفا محددا...
رجل ٢- ما معنى ذلك..؟
رجل ١- عليك أن تتبنى موقفا من كل ما يحدث...عليك إما أن تكون وطنيا أو خائنا..لا ثالث لهما...
رجل ٢- والذين كانوا يفرون من أمام العدو.. الذن نزحوا عبر الحدود ولجأوا للدول المجاورة...ماذا تسمهم؟
رجل ١- أسميهم جبناء...
رجل ٢- إذا..سمني جبانا معهم...
رجل ١- لا... أنت مختلف عنهم...أنت مثقف...والمثقف يجب...
رجل ٢- يجب ماذا؟... من وضع هذه اليجب المقدسة...ثم..ثم ما معنى مثقف؟.. إنني أفهمك تماما..أفهمك جيدا...إن كل ما تسعى إليه هو وصمي بالخيانة..لكن صدقني..لو قررت أن أكون بطلا فسوف أصبح بطلا...وحينها ستندم...ستندم لأنك دفعتني إلى المجد بيديك وبقيت أنت مجرد كائن وضيع لا قيمة له في التاريخ...
يغادر الرجل رقم واحد المسرح...
تدخل فتاة..
الفتاة- آه... حمدا لله أن هناك إنسان في هذا الشارع المخيف..
رجل ٢- إنه ليس مخيفا إنه كئيب..بل شديد الكآبة...
الفتاة- الكسوف...الشمس والقمر والأرض يخلقان إضاءة غريبة...
رجل ٢- فعلا..تتعامد الشمس والقمر والأرض... لا ظلام كامل ولا ضياء كامل...إنه كيوم القيامة...كحربنا هذه التي لا تنتهي...
الفتاة- فعلا.. ماذا سأفعل الآن...لم أتبرج منذ أن اندلعت الحرب...كل من يقابلني يشعرني بالمسؤولية...إن وضع أحمر الشفاه لوحده كفيل بإثارة المتاعب من قبل الثوار المقاومين...بل وحتى النساء..هل علينا نحن الفتيات أن نكون قبيحات بسبب الحرب..
رجل ٢- هل أنتن كذلك بدون المساحيق؟
الفتاة- لا طبعا...لكن...لكن نحن كفتيات لا نشعر بقيمتنا بدون وضع مساحيق التجميل..
رجل ٢- الحرب لا تمنعكن من وضع المساحيق..
الفتاة- يقولون أن هذا خيانة...
يتحرك الرجل ٢ مبتعدا عن الفتاة ويتحرك معه الضوء من أعلى..
رجل ٢- الخيانة هي أن نخون رغباتنا..هذه هي الخيانة الحقيقية...
الفتاة- حقا؟
رجل ٢- حقا... الوقت يداهمنا دوما...العمر يتسرب كرمل الساعة...هل علينا أن نتحمل كل هذا الهراء...
الفتاة- لا أعرف...أشعر بحزن ما...أشعر بحزن لكنه غير واضح....
رجل ٢- لو كان واضحا لكان مشكلة يمكن التفكير في حل عقلاني لها...الحزن دائما غامض...مثل الموسيقى تماما...لكن..لكن ...
الفتاة- الحقيقة أن منزلي انهار تحت القصف..أشكر الله على أنني لم أكن موجودة فيه... كنت في القرية لحضور عزاء والدتي...هناك في القرية القابعة في مكان ناء .. لا يفضل المتقاتلون احتلالها...إنهم يهربون منها كمريض بالجزام...لقد عدت ولم أجد منزلي...في الواقع هو مجرد غرفة وحمام ومطبخ أمريكي صغير..استأجرته منذ ثلاث سنوات..إنه ليس ملكي حتى....لكنني مع ذلك شعرت بحزن عميق حينما شاهدته وشاهدت بقايا المدينة...أليس هذا محزنا...
رجل ٢- أنا لا أعرف ماذا يمكن أن لا يكون محزنا في هذه المدينة...فحتى قبل الحرب كانت مصابة بهذا المناخ الكابوسي...كنت أفضل الاختباء تحت السرير بدلا عن الخروج من الغرفة...هل تصدقين أنني ربما لم أخرج من المنزل لمدة ستة أو سبعة أشهر..الآن بات علي أن أخرج...ليس بسبب الحرب..فالحرب أو عدم الحرب سيان عندي..لكن..لكن لأنني سئمت...سئمت...أبدو كمالون..هل تعرفين مالون...لا تعرفينه..مالون لصمويل بيكيت...لن تفهمينني إذن.
الفتاة- أفهمك..لكن أنت غير اجتماعي أما أنا فعلى عكسك تماما...أنا عملت بائعة في محل ملابس نسائية فاخر..كنت أتقاضى مرتبا جيدا لأن ابتسامتي ورقتي كانت تحمل الزبائن على العودة للشراء من المحل...
رجل ٢- كنت عاهرة إذن؟
الفتاة- ماذا تقول..كيف تجروء...
رجل ٢- نعم كنت عاهرة... ما الفرق بين أن تبيعي جسدك كاملا أو جزءا منه..ما الفرق بين أن تدعي حب الآخرين بابتسامة مزيفة أو تمارسي الحب المزيف...
الفتاة- أنت تخلط بين الأمرين..أنا أمارس عملي..إنسانة مجاملة ولطيفة وتعرف كيف تجذب إليها محبة الناس..هذه مهارة...
رجل ٢- حسن..كلها نفس الشيء...على أية حال.. فمن يتمتعون بالقدرة على خلق علاقات اجتماعية جيدة مع الجميع هم بالنسبة لي داعرون أكثر من الداعرة نفسها..إنهم مقيتون...
الفتاة- ربما لأنك تفتقر لهذه المهارة...
رجل ٢- ربما...أنت الآن تجبرين نفسك على ترك التبرج حتى لا يصمونك بالخيانة..إنها وصمة عار...هل تعتقدين ذلك...؟
الفتاة- بالتأكيد....
رجل ٢- لا توجد سيارة واحدة لتقلني إلى خارج المدينة..
الفتاة- إلى أين أنت ذاهب؟
رجل ٢- إلى الحدود..سأحاول الهرب..
الفتاة- أعتقد أن من الشجاعة أن تقول ذلك صراحة...
رجل ٢- لا أجد مبررا لإخفاء شيء يفعله الناس جميعا...
الفتاة- لكنهم لا يقولون ذلك..إنهم يهربون فقط...
رجل ٢- لا أعرف..لكن .. ألا..ألا يبدو العالم مغلقا أكثر من اللازم...هل كان الوضع كذلك قبل عشرة آلاف عام...
الفتاة- أعتقد ذلك...لكن ماذا يهم..نحن الآن في زماننا الراهن وبقوانينه الراهنة...ستنتهي الهدنة خلال ساعات..يجب أن نجد وسيلة للخروج من هذه المدينة بأسرع وقت...
رجل ٢- صحيح....أمامنا حياة تنتظرنا وراء هذه الأنقاض..حياة لا تختلف كثيرا عن سابقتها..لكننا فقط سنمتلك أملا جديدا..سيكفينا لسنوات قادمات..ألا تظنين ذلك؟..إن طاقتي تخبوا...أشعر بالإحباط...
الفتاة- لن أعود للقرية.. ربما سأهرب أنا كذلك خارج الحدود...إنني سأنجح في وظيفة السمسرة العقارية متأكدة من ذلك...أمتلك كل المؤهلات اللازمة.. الجمال واللطف والبشاشة.. والقدرة على إقناع الزبون...
رجل ٢- تجيدين التمثيل..تجيدين الكذب... هذا كل ما ينقص المرء في هذه الحياة لينجح...
الفتاة- غير صحيح...
رجل ٢- بل صحيح.. إذا كنت استطيع اقناع الآخرين فأنا ممثل بارع...كذاب أشر...
الفتاة- لا أعرف ماذا يدور في رأسك..لكنك ترى كل شيء من زوايا خاطئة... لن تسعد بحياتك على هذا النحو...
رجل ٢- هذا صحيح... المنمنمات..الأكاذيب الصغيرة..ابتسامات كاذبة...لطف كاذب..بشاشة كاذبة...كلام كاذب...حب كاذب.. عاطفة كاذبة..اقناع الآخرين بأشياء أنت نفسك لا تصدقينها....
الفتاة- حسن..إذا كنت مثاليا فعليك أن تقذف بنفسك إلى النهر لتعيش مع السمك...حيث السمك الكبير يبتلع السمك الصغير مباشرة..أما عندنا نحن البشر فلا شيء مباشر...نحن جميعنا نخسر ونكسب..نكسب لنخسر ونخسر لنكسب...نأكل ونؤكل...إنني أفضل أن تذهب إلى ميدان المعارك لتقاتل ما دمت تملك عقلية سوداوية هكذا...
رجل ٢- أقاتل مع من ضد من...
الفتاة- أيا كان الطرف الذي ستختاره.. لا أعرف...لكن لا تقف على الحياد لأن من يقفون على الحياد يمتلكون روح الحياة...أما أنت فميت...بلا روح..
الرجل رقم واحد يدخل ويقف قرب الرجل رقم إثنين.
رجل ١- يبدو أنك تفضل الهرب من المواجهة..
رجل ٢- جئت مرة أخرى أيها الحقود...أعرفك جيدا...أسلوبك القذر لتحطيم معنوياتي والبحث عن وصمة عار لتلصقها بي...
رجل ١- حسن...وهل احتاج لإلصاق تهمة بك.. إنك في الواقع مجلل بالعار...
رجل ٢- أهم من هذا أنني أكثر نظافة منك أيها النجس... هل ترين هذا الشخص يا سيدتي..؟
الفتاة- نعم..
رجل ٢- إنه أحد أقاربي.. يحسدني ويحقد علي من أيام الطفولة...إنه كائن وضيع وفوق هذا فهو جبان خسيس...إنه لا يواجهك كما يفعل الرجال بل يستخدم اسلوب الغمز واللمز كالعاهرات... أقول لك هذا لتكوني حذرة منه ومن أمثاله...
الفتاة- لا تدخلني في مشاكلكما الخاصة...
رجل ٢- حسن..كما توقعت .. لكنك معذورة فأنت امرأة..أما هو فيبدو رجلا ولكنه ليس كذلك...إنه خنزير...
رجل ١ يغادر المسرح...
الفتاة- لقد جرحته..
رجل ٢- ألم تطلبي عدم إقحامك في مشاكلنا الخاصة..أم أنك كنت تقولين ذلك أمامه فقط في حين أن الفضول يمزقك من الداخل لمعرفة نهاية المهزلة...آه..كم أنت منافقة...
الفتاة تخرج من المسرح...
يدخل كلب يتشمم الأرض...ثم يتشمم ساق الرجل رقم إثنين ويتمسح به...
رجل ٢- حسن أيها الكلب...أرى طوقا فضيا على رقبتك..يبدو أنك كنت عبدا عند أغنياء...ما المكتوب على طوقك..ها...إنه رقم هاتف..عندما كانت أجهزة الاتصالات لا زالت تعمل في المدينة...أيها الكلب..هل فر أسيادك وتركوك..أحسب أن أغنياء مثلهم لن يضيعوا وقتهم الثمين في البحث عن كلب بل سينشغلون بجمع أموالهم والهرب بها بأسرع ما يمكن.....
يجلس على الأرض
رجل ٢- آه...كم أحبك أيها الكلب..إنك صامت في وداعة ..ووفي بلا مقابل... هل تعرف تلك الفتاة..نعم تلك المزيفة...وذلك الحسود..نعم ذلك المزيف الآخر... ماذا سنفعل إن كنا نبحث عن بشر غير مزيفين..هل تعتقد بأننا كنا سنجدهم؟ كلا... نعم أتفق معك...إن نفوسنا حائرة في هذا العالم...
يغادر الكلب..
يدخل جنديان:
الجندي ١- أيها المواطن...
يرفع رجل ٢ رأسه..
الجندي ١- أيها المواطن ..ألا تسمعني...لماذا لا تجب...
رجل ٢- هل من المحتم علي أن اجيبك..أم أنك ستضربني إذا لم أفعل...أرى أنك متحفز لفعل ذلك...هل تعتقد أن وظيفتك كجندي تعطك مثل هذا الحق...؟
جندي ١- يبدو أنك شخص متعب...
جندي ٢- لماذا لم تنضم للقوة العسكرية...
رجل ٢- لا أرغب في ذلك..
جندي ١- ولماذا لا ترغب في ذاك؟
رجل ٢- لأنني لم أخلق عسكريا...
جندي ١- وماذا خلقت..؟
رجل ٢- أي شيء ماعدا أن أكون عسكريا...
جندي ٢- إنك تهين العسكرية .. العسكرية التي تحميك...
رجل ٢- لا أهينها ولا تحميني هي... إنها في الواقع التي تدمر هذا العالم... عالم بلا عساكر كان ليكون أفضل...عالم بلا حكومات لصوص كان ليكون أفضل...
جندي ٢- يبدو أنه مجنون..دعه وشأنه...
يخرج الجنديان...تدخل الفتاة
الفتاة- ألن ينته كسوف الشمس هذا...لا أكاد أميز بين ألوان أحمر الشفاه...
رجل ٢- لم ينته الكسوف..ولن ينتهي...لماذا عدت؟
الفتاة- لأحصل على رفقة إلى أن أجد وسيلة للخروج من هذه المدينة...
رجل ٢- جيد أنك توقفت عن الكذب والتمثيل...
الفتاة- سأتحمل غباءك إلى حد ما...
رجل ٢- صحيح... إنني لا أؤمن بالاتيكيت...ولا بالمجاملة...
الفتاة- ليس بالضرورة أن تؤمن بكل شيء لتفعله...
رجل ٢- يبدو كذلك...هل قرأت الرواية التي تحكي عن الصيرفي...
الفتاة- لا.. أنا نادرا ما أقرا... ما أن انهيت دراستي الثانوية حتى توقفت عن القراءة...لقد وجدت الحياة العملية أكثر إثارة...الحياة خارج الكتب وليس داخلها... يبدو أنك تعيش في حياة الكتب الوهمية...البشر ليسوا حروفا مكتوبة..
رجل ٢- هل تعتقدين أن الحياة خارج الكتب هي الحياة... هل تعتقدين أنك حقيقية....
الفتاة- متأكدة مائة في المائة...
رجل ٢- هل تعرفين ماذا كنت أعمل...
الفتاة- لا...
رجل ٢- كنت محاميا...وهل تعرفين ماذا رأيت...
الفتاة- لا أعرف..
رجل ٢- رجالا يتم شنقهم لأن شروطا مكتوبة في بضع وريقات قد انطبقت مع سلوكهم..أو انطبق سلوكهم عليها... أشخاص يفلسون لأن هناك كلمات مكتوبة أمام شخص يدعى بالقاضي قد أمرت بذلك...هل تعتقدين أن البشر خارج الورق.. إنهم داخل هذا الورق... إنهم لا شيء بلا هذا الورق...لا شيء بلا حروف مكتوبة.....
الفتاة- أرجوك غير هذا الموضوع أنت تفزعني..إنني أنثى ..حاول أن تتعامل معي كأنثى... ألا يمكنك ذلك...
رجل ٢- ماذا تقصدين.. أن أعاملك كحيوان لا يفهم.. أم كآلة جنس...
الفتاة- وما المانع .. فليكن...هل تعتقد أنك تهينني.. على العكس.. على العكس تماما.. إن الحياة تتطلب بعض المتعة..بعض الابتعاد عن البشرية والاقتراب من الحيوانية.. تتطلب ممارسة الجنس لنشعر بأجسادنا وهي حية بدلا عن برودتها المستمرة كلحم مقدد...أرجوك كن مهذبا.. لا تقل لي بأن التهذيب كذب..لا بل كن مهذبا معي على الأقل... لماذا تجرحني
تبكي..
رجل ٢- لقد أتممت أكثر من عشر سنوات في السجن ... أصبحت هكذا حين خرجت.. مدمنا على الحقيقة...جلفا كئيبا...
الفتاة- هل دخلت السجن؟
رجل ٢- نعم... كان رهانا مع إحد المصرفيين يا فتاة... رهانا انتهى بهزيمة الجميع...لأن لحظة انكشاف الحقيقة هي لحظة هزيمة البشرية حقا... أنا وأنت والمصرفي وقريبي الحقود ..وغيرنا... كلنا مجرد حروف مكتوبة...حيث حياة من المستحيل أن نعيشها كما يجب...
الفتاة- هل تعتقد أنني لست حقيقية...؟
رجل ٢- لا... نحن حقيقيون...هل تعتقدين أنني مجنون...
الفتاة- نعم...
رجل ٢- لا... لست كذلك.. لست بطل الرهان لتشيخوف..ولكنني أنا هو فعلا...هذا ما قصدته... هل تعتقدين أن المجاز كذب؟
الفتاة- لا أعرف ولا يهمني...فقط.. أرجوك...كن لطيفا معي ولو كذبا... نحن نحتاج لبعض الكذب لنعيش.. بل للكثير من الكذب لنعيش... لنسعد بالحياة...ما تفعله هو أنك تمارس حربا ضد نفسك.. أنها أكبر من حرب هذه المدينة....
رجل ٢- لا أستطيع...لا أستطيع...
الفتاة- إذن..فلماذا ستهرب...مالذي سيختلف في حياتك البائسة إذا هربت؟
رجل ٢- في ذلك الصباح .. كنت أمر بمزرعة الرجل الذي كانوا يعتقدون أنه متزوج من جنية...وكعادتي كنت استمتع بشم رائحة روث أبقار المزرعة... تلك الرائحة العجيبة... ترميني في خيال الطبيعة...هناك رأيت جنديا يدفع بصاحب المزرعة إلى الخلف ثم أطلق عليه رصاصة في الصدر أتبعها برصاصات أخرى...الجندي كان يعتقد أنه سيجد الجنية وسيتزوجها..لكنه لم يجد شيئا سوى الأبقار التي لم تكن تنظر إليه حتى.... خرج وغذى بندقيته ثم أفرغها مرة أخرى في رأس وقلب الرجل...لقد كنت مختبئا خلف شجرة وقلبي مغمور في بحيرة من الفزع...غادر الجندي وكأنه قتل حشرة لا قيمة لها ..
الفتاة- هل ترى.. لا زال الكسوف الشمسي يغمر الأرض...
رجل ٢- ما معنى ذلك... هل هناك معنى... هل هناك معنى لرجل قضى حياته مع الأبقار في سلام أن يقتل بلا مبرر هكذا؟...
الفتاة- لن تصيبنا الحرب بالجنون...علينا أن نتماسك يا حبيبي... علينا أن نتماسك ونغادر هذه المدينة التعسة...
رجل ٢- حبيبك....حسن...مجاز عارض..
الفتاة- من قال ذلك... أنا أعنيها.. لا تندهش هكذا.. الحب استعداد... استعداد فقط... استعداد غير مشروط...أو..حتى مشروط... هل هناك مانع أن نوهم أنفسنا بأننا حبيبان...؟ وبعد الهروب...نعم بعد نجاحنا...نعيد تحديد موقفنا من الحب...كما حددناه من الحرب...
رجل ٢- يبدو كل شيء غائما ومضللا في هذه الحياة...الحب استعداد.. يا لها من كلمة متحذلقة...وعندما يصيبنا ذلك الجرح الدامي سوف لن يكون استعدادا أبدا...إنك تحاولين التلاعب بي كما تتلاعبين بزبائنك .. ولكن هيهات...
الفتاة- لا .. لا أفعل ذلك... إنني صادقة... أرجوك .. أرجوك صدقني...بل أرجوك احتضني..خذني في حضنك... إن هذه المدينة باردة ومخيفة وكئيبة... هل يمكنك أن تحتضنني..أرجوك...
يحتضنها.. يظلا هكذا قليلا
تزداد إضاءة الخشبة...
يرفعا رأسيهما...ويقولان بصوت واحد
- إن الكسوف يزول الآن.. إنه يزول...

(ستار)

...

(تمت)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى