عبدالرحيم التدلاوي - مســــــــاومة.. قصة قصيرة

هل تختزن هذه الصحراء الممتدة إلى حدود الضجر في باطنها أسرارا ، عدا الذئاب والثعالب والحجر؟
تساءل الرجل مع نفسه ثم قام ينفض عن جلبابه الرث وقد ذهب الزمان برونق ألوانه حبات الرمل بتأفف، انتعل بلغته الخرقاء، أضاعت صفرتها لكثرة الاستعمال، وتوجه إلى خيمته البئيسة ليهيء لنفسه شايا. بعد أن رأى الشمس تميل للغروب. كان وجهه شاحبا من تعب الانتظار، نحيف الجسم ناتئ عظام الوجه.
ذاك العابر القادم من بلاد الثلج لم يكن سوى أحمق يهذي. ضخامة جسمه تخفي عقلا صغيرا، وتفكيرا سطحيا، يغامر من أجل الفراغ...
فجأة، ظهر له قبالته، ببذلة رمادية، وربطة عنق سوداء تكاد تخنقه، شعره مدهون وبتسريحة عصرية، ظهر بوجه باسم،عيناه الزرقاوان تحميهما من غبار المكان المتطاير رموش طويلة. كان يحمل نقودا يريد أن يشتري منه بعضا من اأحجار كان يقذفها بلا مبالاة، مده بكوب منعنع، يشعر بالانتعاش، وقال في نفسه: لا بأس من نقود هذا المغفل، هي حلال ساقه الله إلي. من يرفض النعمة لن يكون سوى جاحد!
لم يتأكد من صدق القول إلا حين رآه يعود ثانية وهو يحمل حقيبتين تكاد بطناهما تنفجران من كثرة الأوراق المالية.
برقت عيناة الثعلبيتان بقوة، كتم رغبة استحوذت عليه للحظة. تخيل أشياء كثيرة ...
قال له بصرامة: لن أبيع وطني برخص التراب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى