فتحي مهذب - البيت الملعون.. قصة قصيرة

لم يبق أحد في البيت المجاور لمقبرة المدينة.
الله وملائكته جميعا رحلوا..
لم تبق غير روائح الشياطين المتعطنة. والخفافيش التي تملأ المكان بوطوطات مخيفة.
لم يبق أحد غير كائنات شريرة عمياء تتقاتل في الليل وتصدر أصواتا بشعة مقرفة.
القطة الأم بلكنة مرتعشة :
- أيها الملعون الفصامي
- ألم تخمش فرو أطفالي بزيت السمك المقلي؟..
ألم تستدرج إخوتي وعلى وجهك قناع قائد أوركسترا في بهو كنيسة ؟.
ينساب صوتك مثل جدول عذب صاف سلسال.
بينما تخفي في تضاعيفك روحا هدامة مرعبة.
وحين تقترب القطط المتضورة متأثرة بقداس صوتك الساحر تلقي عليها زيتا ساخنا
فتهتز كما لو أن زلزالا مجنونا أخذها على حين غرة بينما تقفز أنت مثل كنغر فاتحا رصاصات طائشة من الضحك العبثي.
أهرع إلى أطفالي وإخوتي مثل إطفائي فاشل.
أبكي بمرارة وأنا أشاهد ضحايا هذه المجزرة. رائحة الشواء تنبعث من فرو القطط البائسة.
تكاد تستلقي على ظهرك من الضحك المتدافع مثل سرب من الطائرات المقاتلة.
- (س) لقد عذبني الآخرون حد الصلب واقتحموا قلعة مناماتي .
أمسوا كابوسا ليليا مدمرا.
إختلسوا فاكهة الفرح من سلة قلبي.
- القطة الأم : لكن ما جريرة أطفالي وإخوتي؟
مات معظم عائلتي محترقا بالنار .
الواحد تلو الآخر متأثرا بجروح بليغة وكدمات زرقاء.
لم تبق غير أختي الشقراء بعين واحدة وذيل مقطوع.
بعد تعرضها للرفس بمجنزتي قدميك.
(س) لقد جعلت من بيتي ماخورا يرتاده العابرون والسكارى من القطط الهجينة القذرة.
فاستحالت السطوح إلى بيت دعارة.
أنا لست نادما على تصفيتكم وإراقة دمكم .
ألم تختلسوا عشائي وتلوثوا الممرات برائحة البول والقاذورات.
-القطة الأم : رافعة رأسها إلى أعلى كما لو أنها توجه رسالة متعجلة إلى محكمة السماء.
(س) ينظر إلى القطة المسنة باستهزاء . عاقدا العزم على قتل كل قطط العالم.
شاتما أصل القطط ناعتا إياها بالصفاقة والخبل والشهوانية المفرطة.
مر قطار سريع يحمل ثلاثين يوما في عربته الزئبقية.
طفقت الكوارث تزور البيت مثل زوار سيئي السمعة .
ماتت زوجته منتحرة بحبل مشدود في عنقها الرقيق.
جن إبنه الأكبر وهام ما تبقى من العائلة المنكوبة على وجهه.
ظل وحده في البيت يجتر نكساته المتعاقبة مطرقا لاعنا القطط التي
سببت له كل هذه المتاعب.
ذات ليلة موحشة جدا قررت القطة الأم بمعية أختها الشقراء ذات العين الواحدة والذيل المقطوع..
الإنتقام من هذا الوحش الآدمي.
بعدما إحتسى(س) كمية هائلة من النبيذ وارتمى مثل كرة من قماش رديء فوق الكنبة
هاجمته الأختان المهجوستان بالفقد والعذاب اليومي الجارح
أعملتا في رقبته المتهدلة مخالبهما
حد الموت ثم يممتا سمتا مجهولا .
  • Like
التفاعلات: حنان العادلي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى