عبدالقادر وساط ( أبو سلمى) - من أحلام غيوم أبولينير Guillaume Apollinaire

رأى غيوم أبولينير، فيما يرى النائم، أنه يمشي وحيدا في أرض مقفرة، لا أثر فيها لكائن حي.
كان يرتدي الزي الخاص بسعاة البريد، ويحمل على ظهره حقيبة رسائل، بداخلها رسالة وحيدة، كُتبَ عليها بخط اليد:
(إلى السيد غيوم أبولينير، رئيس الجمهورية)
كان قد أنهكه المشي حين رأى منزلا صغيرا، ينتصب وحيداً في ذلك القفر الموحش، ورأى جنديا من الحرس الجمهوري، يتقلد سيفا شديد اللمعان، ويقف أمام الباب، جامدا مثل تمثال، دون أدنى مبالاة بالشمس اللاهبة.
كان واضحا أن ذلك البيت، الذي ترتفع فوق سقفه راية فرنسا، هو مقر إقامة رئيس الجمهورية.
وحين صار على بُعد أمتار قليلة منه، أشار إليه الجندي بأن يقف عند ذلك الحد وبألا يتقدم خطوة واحدة.
شرع ساعي البريد غيّوم أبولينير يصرخ بأعلى صوته:
-فخامة الرئيس غيوم أبولينير! لديّ رسالة لك، ومن الضروري أن أوصلها إليك...
في تلك اللحظة أطلت شابة حسناء من النافذة الوحيدة وقالت له:
-آسفة يا سيدي، فخامة الرئيس لا يستقبل أحدا ولا يستلم رسائل، كما أنه لا يغادر أبدا مقر الرئاسة، فلا داعي لأن تبقى هنا في انتظاره.
سمع غيوم أبولينير كلام المرأة الشابة، ثم رآها تغلق النافذة وتختفي خلفها، فجلس أرضا وهو يمسك في يده الرسالة ويلوح بها بين حين وآخر للجندي، الذي لم تكن تطرف له عين.
شرعَ يتساءل مع نفسه: ألا يحق لي أن أفتح هذه الرسالة لأقرأ ما فيها؟ ألستُ أنا أيضا غيّوم أبولينير؟ لكن النظرات الصارمة التي كان يوجهها له الجندي، في تلك اللحظة، جعلته يصرف النظر عن ذلك.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى