ظافر الجبيري - وتزوّدوا.. قصة قصيرة

قالت :
- "خذني معك !"
قبّلها ، واعتذرَ بظروف السفر وارتباطات كثيرة تنتظره :
-"سأنشغل، ولن أجد وقتًا للتجوّل سويّا في تلك المدينة الغريبة !"
- "طيّب ... هذي أول مرة تبعد عني أكثر من نهار .."
كتَم بعض كلماتِها بشفتيه، وبقُبَل لم تتوقف، حاصر فمَها النابض بقلقها، وأجرى للخدين ما فاض بين الشفاه ، كان يغمرها، ويكاد يعدّ ساعات الغياب بقُبل متلاحقة ولسانُ حاله: "وتزوّدوا .."
برقّة راحتْ تتفلّت من بين ذراعيه حينًا، وتعود مستسلمة حينًا بدلال وغُنج لم تجرّبه من قبل، كانت تمنّي النفس أن يوافقَ لتمسحَ بالمديرة الأرضَ إن لم توافق على إجازة غياب ، أو ربما تتركها بلا خبر ولا استئذان حتى تعود ، ثم تقول لها بزهوِ عاشقة :
-"كنتُ مع حبيب القلب في سَفْرةٍ سريعة ألحّ عليَّ في مرافقته "
لكنه، وبقلب رجل يتقن تمرير الوعود، قال :
"سأكلّمك كلّ يوم "
اطمأنّتْ قليلا، وهدأ نبض صدرها المتلاحق، كانت تعرف أنها ستشتاق، وسيعزّ ترويض الصبر.
بدا الأمر غيرَ مفهوم لمشاعرها المتضاربة، لكنّها فكّرت في تجربة الغياب ، وتعويد القلب على بعض العذاب.
في الليل، وقد هدأ كلُّ شيء، حاصرتْها طيوفُه من كل حدْب وصوب ..
فعرفتْ الشوقَ لأول مرة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى