وساط جيلالي - البيت المهجور..

كنت أُطِلُّ من الشرفة وكانت تقف بجانبي ، أمامنا الشاطئ برماله الصفراء وأمواج البحر الصّاخبة ، قالت لي أو لعلها كانت تحدِّث نفسها :
ـ سأرمي بنفسي من الشرفة ٠
لم أحمل كلامها محمل جِدٍّ فقد كانت ثملة، وقلت في نفسي : لو اِختلطت دِماؤها بحبَّات الرَّمل لبدت هذه الأخيرة مثل الكريات الحمراء في الصُّورة المُكَبَّرة بكتاب العلوم الطبيعية ٠
آه! العلوم الطبيعية ! كانت أستاذتنا سمراء جميلة ، تدخن سجائر كولواز وتنفث الدخان من بين شفتيها بطريقة ساحرة ، كانت تشرح لنا الدورة الدموية عند الجراد عندما سألتها :
ـ ماذا سيحدث لو توقف قلب جرادة عن الخفقان ؟
يبدو أنها لم تستشعر حُبِّي الخفي بثنايا السؤال ، فأجابتني ساخرة:
ـ سنحملها بسرعة إلى المستعجلات ٠
وضجَّ القسم بالضحك ٠
لكن صوت صديقي من الداخل قطع عليَّ حبل ذكرياتي ، تبيَّنته بمشقة بسبب شخير خليلته التي كانت لا تزال تغُطُّ في النوم :
ـ نحن في ورطة ، لقد تكسر مفتاح الباب في القفل ، وشبكة الهاتف مُنعدمة في هذا البيت المهجور ٠
يبدو أن الأمر قد راق لصديقتي ، فنسيت أفكارها الاِنتحارية واستغرقت في ضحك هستيري ، ثم توقفت وقد بدأ يلوح من عينيها ألق جنوني ، وقالت لي :
ـ أُنظر ، هناك في عرض البحر قارب صيد ، سأُلَوِّح لهم بقميصي لعلهم ينتبهون لنا ٠
وخلعت قميصها الأحمر وبدأت تُلَوِّح به وهي تُطلق صيحات ساخرة حادّة ، وكان نهداها الجميلان يتأرجحان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى