صلاح عبد العزيز - لأبعد من الأصابع بقليل..

الإهداء
إلى الشاعرة الفلسطينية سمية السوسى تقديرا ومحبة خالصة


ولعلنى رُغم احتياجىَ أنطوى
وألوذ بالصلواتِ والخلوات
الناس تهجرنى لعيب واحد
والله يقبلنى على علَّاتى
ابن الفارض
*
سأجد اختلافات كثيرة فالنص قد تهشم لأننا لم نكتبه تركناه فى الفراغ غيرنا يفض خاتمة تاركا بوابة الرحيل لاهى مفتوحة ولا هى مغلقة فيما نصنا المهشم ينطلق رويدا من عتمة الصفحة البيضاء للاهنا واللاهناك أتخيل أحيانا أن ذاكرة تمشى بلا أرض ولا فضاء تخط فى التراب الحكاية والتراب نفسه جزء من النص الذى فقدناه حيث تنمحى الذوات فينا ولا خلاص من إعادة ما كتبناه سابقا بأى مقياس فالرحيل صعب لا يناسب شهوة الخلاص.
*
إننا فى الرحلة الأصعب تهشمنا كنص روتينى نص يعانى انهياراتنا فيما العتمة هناك ترتبك ولا سبب سوى أننا أشخاص ولا حضور هكذا هى اختلافاتنا بينما تغادرنا الظلال بلا ضغينة ومحتمل أن نمضى بخفة الهواء نتحمل عذاباتنا تعلق خيباتنا الأشجار وتمنحنا العواصف قدرة التشكل وإعادة ملء الذاكرة.
*
هكذا تركناه معلقا بالذاكرة نفسها والسماء التى هى لا سماء وردة الدخان سرمدية فيما تهاجر الأنهار مقارنة ببراكينه الخامدة لا تحن مطلقا البدايات وشهوة الأنثى وكل كاغد وقرون البقر الوحشى وقسوة المشاهد لا الأنهار ترقى ولا السماء تهبط ولا حتى البراكين تنفجر وكل ما حولنا مهترئ نعيد ترتيب كونه عل ظلمة البداية تنحل فيما انفجار عظيم بداخلنا ولا أحد ٠
*
مثل حزن دائم يلفحنا لا أبجدية تحويه ولا المدارت يمتصنا كنبتة فى عاصف الريح بينما الممكنات حولنا ولا اختيار يولد فينا الفزع للرحيل ٠
*
بعض الوجوه المهشمة تأتى كأنها وجوهنا التى عانينا كثيرا بيد صخرية خشنة حاولنا صقلها حتى أن شهابا مر دون أن نحس وتقريبا كان الرحيل _ مجبرين _ ينزع الروح ٠
*
أرواحنا خفيفة كورقة ترتد كلما لامست حجرا يئن النقش غائرا فى الجسد والحجر كما هو كما تلك الوجوه تتدلى من الذاكرة من أين تأتى ومتى تتجسد من يفك طلاسمها ومن ينزعنى عن الحجر ٠
*
داخلنا سيخرج بالتعاويذ مرتديا كهفه يفرض البدائى نصه يفتتنا كذرات لا يجمعنا سوى التراب على وجه الغمر لا البدايات تأتى ولا النهايات تنأى نظل هكذا كونا بلا كون كرسم فى الهواء بيننا وبين التذكر انفصال حولنا محيط من الأزمنة وما لا نريده أن نظل هكذا يغادرنا النص موهمين أنفسنا بالرحيل كأننا الرحيل نفسه للأسف .
*
لماذا أيها الملاك كلما هممت بالرحيل تقل المسافة بينى وبينك يشدنى إليك ما لا يراه المحبون هذه الأطياف تحتوينا وخارج الهواء أجسامنا وقريب منا ما يشبه الحلاج نديمنا السهروردى. ما الذى يؤخرنى هكذا فى وحدتى والتلة التى تضمنى واسعة فوق المقطم أستجلى أنفس العالمين والرحيل غير ممكن لأنها عاهدتك أن ليس لى إلا البقاء واجتهادى فى محبتك اشتعال.
*
لماذا إذا ما رمت ذاتك يا ملاك تخضر أرضى بالقيود والمعاصى تزيدنى ولها إليك وترضانى كما أنا بين أطيافك فلا أرضى انفلت منهم كل مرة ويغشانى ما يشبه الحلاج. ينحسر عنى ما يسترنى ويبكى البكاؤون من حولى والحلاج كما هو بجبته واقف هناك.
*
ما أنت من أنت يامرادى والكل واقف على بابى لا الجسم جسمى ولا أنا كما أنا ولا هم كما هم لاخراب إلا بى وأنا على الخرائب مبتهج ومرمى كجثة يعبرها العابرون.
*
أوَ هكذا المحبون ينشطرون ما بين وقت ووقت فلا وقت مضى ولا وقت أتى وأنا سيد الوقت والزمان واقف بى وفى مراياى شخص واقف غيرى كلما نظرت أحس أننى المرآة ناظر إلىّ بها والفوضى هناك تبتسم ـ
*
ما فى جبتك يا حلاج غير شعرى وما فى جبتى غيرك وأنا عاشق تحتال علىّ المفاتن ـ
*
مفاتنها فى الحواس وغير الحواس كلى ذائب فكيف الذائب ينفلت والحواس ليست كما كانت الحواس ليست كما هى ـ
*
أم أننى من كونها مغرم حتى أن ما تراه العيون ليس هو الهو وليست هى الهى مقنع أنا لمقنعة حجبتها فحجبتنى عن الكون كله والمرام بعيد.
*
كيف لى ياسهروردى أن يفلت الإشراق أوَ ما أُمرتُ بانهتاكى فلذّاتى انمحت وانمحت ذاتى فى ذاتها يالمقطم طر أو لا تطر فستأتى إلى طيورك أنا البحيرات والأنهار وخلجان مصر كلها تحتى وأنت الشَرَكُ والغواية والطير البعيد وأنا الحلفاء والظل فوق الجبل ـ
*
وأنا الوحيد ولا وحدة تتخطفنى طيورك عبر المتاهة تأخذها متاهاتى ولا تعود وتأخذنى ولا أعود . والطيور بى فرحة. فرحتى فرحة الأم الحنون. كيف لى وأنت الفيض كله وبين وهم ووهم يا سهروردى كلما نقص فاض.
*
لى على التل متكأ ويرصدنى محبون لا أراهم والسيارات فى مدارى ولا وهم إلا وهمى فائض علىّ وأنتما سكيرين وبنشوتى تفيضان على الخلق ومنعرج بى نحوها مأخوذ بالدهشة وبالجبروت كالنائم اليقظان والخلق منشغلون بالزوال وما شربنا غير قطرات بالقضاء المنزل وها هى رؤياى فى كفى والتل مخضر بخطاياى ـ
*
رؤيا المحبين قاصرة لأبعد من الأصابع تقل ومنعرج بى نحو لا شئ وهى العذاب عينه فعذبينى فى عذابك أحيا لا ألم ألذ من ألمى وأنت أيها الملاك من أنت.
*
يا الملاك الذى أتى ليس بيدى أن تكون أو لا تكون بقلبى مرغم وبالجبروت كنتُ وكنتَ والذاكرون يتبعوننا بعيدا حيث لا نكون ومجبرون وليست الشموس التى تأتى سوى أقمارها والتى تراها قريبة كويكبات مفتتة أما هى فإن أتت فالكون كله قبضة. والقرون التى تلت ونحن ننتظر تمدد السموات والأراضين بعد رتق لا تكون .
*
يا المدارات ما رأيكن فى انفلاتى عليكن تهذى المسافة حملينى بالخرائط أو بالإشارات وأفلتينى من يدىّ أفلتينى من الحواس ومع ذلك ثقيل هو ما لا يقيدنى كالمجاز حيث لا حواس لى. حقيقة هى تلك الحوائط والوجود من وجودى يمتلئ بى وأنفلت حيث الفضاء لا فضاء بل ممتلئ بالشاربين ومن هم هم وفى أناى متسع.
*
فاتخذينى إشارة لها فى الصحو واتخذينى علامة لها على حائط حيث البكاؤون فى هلع.
*
يا اللغة التى ما عادت إلىّ صلينى أنا الموصول بلا وصول مازلت فى المدارات بلا صلة كل مدينة تلفظنى والمدائن على عينى تنهض وأنا بك مستجير.
*
هل أستعيد ما يوازننى بالتهافت والنحاة بعيدون حيث استعادوا ممالكهم وأنا من خط إلى خط مستريب والنساخون على الرق هائمون ومنشغلون بالنسخ والكوفى وسائر الخطوط ما عاد خط يوازننى فى المدينة ما عاد خط يحدنى فى المقطم والخلافات منهارة كلما استطالت قصرت وكلما قصرت ينتابنى الشك ويبقينى هكذا خلفى الصحراء والجنون.
*
من رق إلى رق أتجدد بالفناء فيك ينسخنى النساخون ومبتلى بك وكل رق قطيعة بينى وبين الخلائق كل رق فناء جديد. أتجدد بالفناء كلما قرأ القراؤون والقراءات محنة وكلى فعل مؤجل لا فاعل غيرى تهشم النحو واللغة لغات ومدرك أنا بجمعى وتفردى فيالبكاؤون لاترثوا لحالى فتوحدى غريب.
*
ما بين بسط وقبض لم يسمع العابرون لغتى غير اللغات وقولى مبهم والسر ما كان على يديك جسدى معبر هل استطيع أن ألتقينى هل يكون الجبل لى والعزلة من خلفى ومن أمامى لما لا يروه تقودنى والدهر ما عاد لى الدهر شبيه بنا كورق الشجر بينى وبينهم سد بينى وبينهم خراب.
*
أكلم الرياح فى الأركان الستة ما أقول تردده الجبال الجبال مثلى والخلاء مثلى والبحر مثلى توحدت فى الكل والكل بى والنقوش الغائرة بى ولى أن أظل هكذا استفيض كنهر .
*
ولى كل عشب وكل دابة فى الخفاء تكلمنى اتوارى فى العالم والعالم منى يتوارى ومع ذلك استفيض انا الأنهار كلها والبحيرات والظل فى الصحارى والشجر ودبيب النمال على الصخور وفى جوف الطيور الخضر وأجنة الدواب والمدائن الكثيرة التى توارثها البشر الفانون وما تركته الأمم السابقة وعلى جدران الكهوف وفى الرسم البدائى والحضارات البائدة تتبدل بى الصحارى وأتبدل بها أخلط الكون كله وأمزجه.
*
شرابى المستنقعات الواسعة. والنصوص المستعارة بين يدى شاهد وجهى وجهها كلمينى يا الدواب أعلمينى هل مزاميرى كسابق عهدى يا الجبال معى الطيور كلها وانسخينى فى صخور المقطم يا العالم المتوارى آن أن تستفيض. ولتضحكى يا نمال على كلامى . لا السكر سكرى ولا الصحو صحوى.
*
وأنا النائم اليقظان قلبى مفتت بين يديك لا هو نائم ولا يقظان تدور بى الأفلاك تجمعنى نثاراتى وعلى أطراف أصابعك أنفس حرة تسكننى والعناصر فرحة بى لا الماء مائى ولا النار نارى ولا الهواء هوائى يابس ولا يابس والجسد بين فنائين موعود أنا بك تسيرنى العجائب والمدن تغادرنى وتتلاشى وأمام عينى بياض لا نهائى تتخطفنى طيور عشقك لا انا النائم ولا انا اليقظان ليس لنشوتى وصف ولا لاتجاهاتى حدود تتجمع الأفلاك بى تسوَدُّ الشموسُ من فرط ضوئك أصحو على الغمر وكلما اتسع الحلم ضاق بى وكلما ضاق اتسع يضيق الجبل بى ويتسع والأنفس الحرة تنتشر مصعوق أنا تغادرنى الروح ولا انفصال وبين يديك مفتت أتجمع.
*
جسد الكون فى روحى وروح الكون فى جسدى ما يتجسد لى لا أبوح به وإن بحت تلعننى الإشارات وألعننى إذا بحت وما يفلت يفلتنى رضاك منى ولى أن أظل هكذا نائم ولا يقظان يقظان ولا نائم وسادتى الأرض لحافى السماء وسادتى السماء لحافى الأرض أنفلت من بشريتى وتلتصق بى أنفلت من روحى وتلتصق بى أنفلت من جسدى ويلتصق بى بشريتى غير البشر والبشر الفانون حولى كثير.
*
متعب أنا من البشر متعب أنا من السلاطين والخلفاء متعب أنا منى لا أحد يرانى لا أرى أحدا محكوم على بالخرائب محكوم على بالدماء وأصلى على صلاة العاشق و لا عاشق غيرى.
*
أتبعثر فى الجهات هل أنا كغيرى وعلى التلة راضيا بنفسى علىّ صلاة العاشقين ولى صلاة العاشقين ورد بورد ورد لها وورد انبعاث لى محكوم علىّ بالخفاء وفى السفح ينتظر الفانون كل البكائين بغيرى استعين بى وبها من لا يراعينى انا فى السفح ام فى القمة هل لى من يغفر زلاتى غيرها كل انكشاف بورطة كل مجاهدة ببكاء كل وضوء بدم على كل حال صلوا علىّ يا البشر الفانون صبوا علىّ بقطرتين من الدماء فبغير الدماء لا تصح صلاتى.
*
تختفى النجوم فى مدارها تختفى الشموس تتبدل الرمال أرواحا هائمة فى مقام الجبروت ولا اختيار تتبدل أحوالى من مقام إلى مقام فى مقام الرهبة ارتجف فى مقام الخوف ارتجف فى مقام القرب ارتجف كل رجفة دهر كل رجفة برجفة تنحل وبين يديها لاراحة بل عرق مستديم تأخذنى بالعزة وبالجبروت وفرح انا بذلى كل انحلال بفناء يتجدد أعود ملزما بنفسى وثقيل أنا ثقل المقطم تحتى المدن العامرة والخرابات والقرى المقهورة والنهر المستريب. يا الذات العلية اعرف محبتك لى بالابتلاءات والنكبات يا الذات العلية أغرقينى بطوفانك.
*
مدرك أن ذاتى ليست ذاتى وأن جمعى مفرد ومفردى جمع وفى المقامات كل من يقصدنى يختفى وانا ممن أختفى يا البشر الفانون من يحضرون ويشاهدون ويجاهدون وبالمجاهدة ينكشفون لى اجتهادى وغيرى أنا وأنا بغيرى وكلى تضاد صلوا على نور بأنوار الكون يقترب كل اقتراب برجفة وكل ذات مفردة بجمع وبارتجاف حتى أنا لست أنا مدرك أننى الجرم الصغير وأن ظاهرى باطن وباطنى ظاهر يا الذات العلية اغفرى زلاتى.
*
ومن العرش إلى الفرش تهجرنى القرى والمدائن وأرتقى فى وحدتى منشغلا بها تلين من حولى الأحجار يا السائرون فى القراءات وهم نيام العارفون معلقون بالحجاب كل حجاب بألف عام ومن حجاب إلى حجاب ( الكرامة والسعادة والرؤية والرحمة والرأفة والحلم والعلم والوقار والسكينة والصبر والصدق واليقين) والظاهر ذات والباطن صفات. والبقاء فى الفناء بقاء. ومنتسبا لنورها العلوى أترقب الكون الفسيح.
*
أول ما يخرج منى أول ما يدخلنى فلا ترونى هكذا تتربصنى السحابات وما يخرج من أحوالى سر والكتابات لا تضاهينى الكتابات كلها عندى والرموز المؤجلة لا قيمة للعناصر التى تلينى الكل باطل ومحض رياء حيث لا شرائع سوى النسخ فى الشرائع وعلى طور سيناء كانت نارها أدخلتنى الدفء كله فعدت مبدلا ومغشيا على العصا بيدى ومعى الغنمات السارحات معى من يباركنى بالنيران والثريد والضيوف والهجرة من دار إلى دار وغنى أنا عن العالمين وعلى حافة المقطم مأكلى ومشربى ومنفاى.
*
تنتزعنى الأحجار من مكانى فأثبت تنتزعنى السماء من مكانى فأثبت ينتزعنى الخلفاء من مكانى فأثبت كل انتزاع بألم ما الذى يبقينى هكذا متشبثا بالتراب والرمال والهجير سوى _ فى ملكوتها _كلهم غياب وأنا حضور لا شئ معى فى محبتها واحدة لواحد واحد لواحدة وما بيننا مخفى عن العالمين والشهادة موصولة بى والمدن التى تسقط لا شئ وكل قاتل وقتيل ينسربون فى جسدى والأرض ما عادت هى الأرض اضمحلت فى يدى ولا شئ غيرى وغيرها فى انشغال.
*
تتكرر الأشياء ولا شئ ويختفى المماليك عنى ولا شئ أعود بالظلمة الحالكة والقمر الدموى كل ليل بليل يستجير والهائمون كما هم هائمون ولا شئ أرواح ولا أرواح ولا شئ كالأطياف العابرة يأتون ولا يأتون ولا شئ ما يتولد يموت وما يموت يتولد تواريخ تستدير وتعود ثم تستدير وتعود ولا شئ غير انخفاض الأمم دون بابى وبابها المفتوح ولا شئ غيرى وغيرها فى انشغال.
*
يتبدل الموات بالموات ويستدير الكون كما كان لكنما الموت هو الموت علامة بينى وبينها وإشارة للصحو والصحو مجاز أم حقيقة يا الحقائق التى غادرتنى هل حقا انتن الحقائق وهل تبدلتن بالخيبات مرة وبالنكبات كل استدارة كون يسافرنى الموت وأسافره وكل خان يسكننى حتى الصباح يتبدل الموات بالموات وبالهجير والرمال حيث لا صباح ولا مساء ولا زمن يا الحقائق أعلمينى بلا متاهة ولا تصلبينى على الأخشاب ولا تفرقى دمى بين القبائل فلا شئ غيرى وغيرها فى انشغال .
*
يا القراءات التى تبكى من انقسام الذات ومن ظلمة المماليك وفتنة الجوارى اسحببينى من القطيع ظلى يبحث عنى والعسس الحوارى تتجولهم كل شجرة أذن كل عين باب وعلى أبواب القاهرة مضاءة المشانق وكل منبر يداه موجوعة بالمظالم ما يقبل النقصان ينقص وما يقبل الكمال يكتمل والسالكون بعدد أنفاس الخلائق فى طريقها الفائزون والحضرة العلية كما هى ولا شئ غيرى وغيرها فى انشغال .
*
ادخلوا ذاتى وفتشونى أنا الجرم الصغير بيدى الأنوار كلها ومصابيح الشرق والغرب ودفتر أحوالى ممتلئ بالمعاصى ونجم الشمال ومن فوقى ومن تحتى السراديب والعبيد والنقود الذهبية وربما تنفلت منى الروائح الكريهة والتكايا تلازمنى كلما حاصرتنى وكلما غابت تنطفئ شمس عربية ومستباح انا من الجنوب والشمال كل الاتجاهات تخدعنى ومنخدع انا باتجاهانى وكلما افقت تحاصرنى بعهدها القديم وبالوشم فى الجبين والموشومون دائما ينزفون.
*
تزورنى فى اليقظة والنوم شمس فى الليل وشمس فى النهار شمس داخلى كل وقت شمس تتفتت شموسا شمس لها وشمس لى لكل قمر عابر شمس لكل نجم ساهر شمس لكل نهار شمس لكل شمس شمس وتتوحد كل شموسنا وعلى حافة الجبل تأخذنى شمس شمس من الكلمات والمعارف كل شمس دعوة لمسرة يعرفها العارفون.
*
كنت استدير رأيتها أيضا تستدير ومعطفها البنى يرقب وجهى هاهى الان لى وحدى طيفا عابرا اتلمس الهواء حوله يتلمسنى هواء آخر هواء غير عابئ بى. حال بحال يتبدل وكل قمر يطلع غريب والليل كما هو الأيام لا تسير وجهها الكئيب فرح دائم كأن سفينة حطت بحزن مستديم على طاولتى وانائى فارغ الليلة من مرق أو ماء جوع يحن لأيامه الأولى ما كتبناه سابقا يتصدر المشاهد والمشاهد كما هى جوع وخوف وارتباك وعلى الناصية كنت استعير براءة لم تنتهك.
*
الناس من حولى كثير ولا أحد الجيران والضوضاء السوق والضوضاء الباعة والضوضاء مشاجرات مع الأرض مع السماء مع المكان وشرب مستديم وتجار عائدون من الشام ومن الغرب بالخان يلتقون وحولى كثير من الأسئلة معلقة فى حائط كلما تهدم من تلقاء نفسه يكون.
*
ما لا يراه العابرون لا إجابة فيه والسؤال لا يرد من الذاكرة على وجه غريب أعطيته بضع قطرات فغاب رأسه رأس طائر يداه فى السحاب لا ظلمة المغار تخفيه ولا الضوء البعيد يبينه الشموع احترقت من وطأة المجهول كى تعرف الإجابة عليك التريث كى تعرف القادم عليك السؤال كى تعلم عليك بالصمت كى تتعلم عليك بالخضوع وكنت خاضعا والنص الذى كتبته محوته لم يعد نصا يليق بى الفكرة انمحت فى فكرة غائبة لا أبواب النفرى تحتوينى ولا مخاطباته الفكرة جسد إن لم يكن لا مجامعة.
*
أنا الموشوم بالتراث كلما زارنى زاد المعاد حننت لكل عهودى القديمة مراجعات تهزمنى مرجعيات تتغير شوارد من قديم الكتابات تردنى لوشم يتغول فى معصمى غير مرئى كلما طاب نزف يا الكتابات التى تكتبنى لا تنسخينى مرة أخرى كل انتساخ برق يتألم أتألم كلما عاودنى التنقيط والتشكيل وكلما استدارت الحروف انغرست ريشة فى جسدى والوشم كما هو كلما طاب نزف ومرئى فى الكتابات القديمة من يفك طلاسمها ومن ينزعنى عن الحجر.
*
سَرَتْ بى دموع الوجد بالعبرات إلى أن ذَوتْ عشقا بضَمِّ رُفاتى ويحلو الهوى فى الموت أن سماءَها قد اتصلت فى نَيْلها بفراتى وكم من حنين زاد فيك يرُوعُنى بمواجعٍ لهفى بلا كلمات وللحب حالٌ بالجوانح ساهمٌ بغير حديثٍ يعبر الشرفات وأعشق أنى فى هواك جرت بنا دموع اشتياقٍ بالصبا ولهات ولا ينكر الحيران إن قُدَّ قلبه من الوله الموَّار بالسكرات فيا من يدارى حبه بجوانب يبين بها فى السمت والقسمات علوت بمقدار المحبة للورى وحب البرايا من كريم صفاتى ولو شرب الواشون بعض محبتى لساد بكونى كله صبواتى إن انفرطت فى الخلق فيك بقطرة لمال الورى للصدق فى لمحات جلست إلى الأحجار أشكو وسرنى بما لم أنل بالسير فى الطرقات وقلت لها ما لم أقله لصاحب وما صان سرى غيرها وحياتى وأغلقت قلبى عن سواك ومدنى لذيذ الهوى فى الحلم بالقبلات وعشت على بعد الخلائق مرغما ينفِّرهم فى الحب أنك ذاتى كما أننى فى الصحو فيك نسيتهم وفى البعد لا ذكر لهم بجهاتى حقائق تخفى عن ظهور شواهد ألوذ بها فى الصمت والهمسات وما سلمت روحى بقولة جاهل بأنى أغض الطرف عنك بالترهات وليس يسوء الحب إن زاد فيضه بوجد يقوِّينى على الظلمات شربت من الخد الحبيب سلافة سكرت بها من مولدى لوفاتى وصرت _ بلا طين الخليقة _ مبعدا ومنفردا بالنفس والصلوات فلا تقربونى إننى متوحش ولا أنس لى فى الدور والخلوات توحشت عن غصب وليس برغبة بها سُر قلبى وانطوت صفحاتى وكل مرادى أن أعيش بلا هوى يقيدنى بالأرض لا السموات
*
انتظرَت بالمعطف البنى ولون الشمس ينأى عن ركنها حتى يرانى فى ضوئها خيط شعاع خصنى بمحبوبة تولتنى بالخصوصية فأصبحت مخصوصا بها وشأنى شأنى وكامن فى ذاتى مكلفا بالطاعات والفرائض لا هى تسقط عنى ولا أنا أسقط عنها وفنائى فيها لا فناء فيما تحفنى الأحجار من كل جانب بينى وبين الخيال منقاد إليها بلا رجوع أو ذهاب لا أرى غير معطفها وانحجبت بالبشارات وبين التخلية والتحلية منهك بها ومجبر بالعجز عن إدراكها تأخرت قليلا عن بصيرتى بحضرتها محجوبا فى حضرة الأسرار أم كنت غافلا عن نفسى جمعى ليس فرقة وفرقتى ليست جمعا والمعاصى تحجبنى عنى أنساب فى الغياب وتستنهض روحى لا هى استدارت ولا صفوها أتى تخترقنى الريح من لا مكان مصفاة أنا للمعاصى بين الحضور والغفلة.
*
يا السالكون طريقى أشواكها المدببة تنغرس فى لحمى وملقى على حصباء مكة وفوقى حجر من يشترينى من غفلتى ويسترنى غيرها يا السالكون طريقى لا تفضحونى ملهى أنا بالخفاء وشمس الظهيرة فى جسدى حربة قطعتنى القطيعة فى رمضاء مكة لا أمة تنصفنى ولا أحد.
*
أدور فى فلك من التناقضات تعترينى الرجفات هى فى من حولى ولا واسطة لى سوى العقيدة المنتقاة لا يشاركنى غيرها مياه ليست مياهى وكل من حولى زائف لا حياة لى سوى البحث عنها وهى تبحث عنى هكذا برغمى ومياهى دافقة فى السكون ولا سكون لى ما بين حلم وحلم ما بين صحو وصحو ما بين إفاقة وإفاقة وأنا المغشى عليه فى كل حالاته أحب ولا أحب أسير ولا أسير أقول ولا أقول والنوم لا نوم لا مأكلى ولا مشربى يحيينى مختف أنا عنى ذاتى ليست ذاتى كأنها الْهِىَ وتبحث عنى ترجمنى البرايا فقط من رؤية الكأس كل ذلك من السكر البِلا سكر فما بالى إذا شربت وارتويت.
*
لا تُقطعينى بين الخلائق وانصفينى لا ترجمونى يا الخلائق من محبتها أو فارجمونى فى محبتها ألف بألف ولام بلام يا الخلائق حبكم زائف نفعكم ضار. البلا سكر سكر ولا وهم فى مرآتى مقامى من بدايته زائل حتى يرسخ بالتدريب والتهذيب والتدريج.
*
غائب عن شهود السوى والسوى لاهون تأخذنى علاتى لا نائم ولا يقظان كلما قل زادى شكرت لا أين لى لا متى لا كيف خذينى بالبهجة لا تنزعينى نزعا بالمرسلات ولا تفْرقينى فرقا واعذرينى إن لم أكن لك بالزاد والترتيل فالويل لى. منقاد إليك بالطاعات فلا تحرمينى أنا المريد بالأحدية غائب عن صفتى لا تجعلينى من اللاهين.
*
فوقى خيمة الله وبعيد هؤلاء عن مداى ويدى تتلمس الأشياء فتتحول من أنا إلى لا أنا ومن هم إلى أناى والكل بعيدون لا كل إلا أنا فى الفقد والخصوصية وانتقاء ما ليس ينفعنى يا التى نفسى لا تأمرينى بما لا أود ولا تقطعينى بالوصال وأكثر من ذلك عينى لا ترانى ما يسوؤنى بالفقد وما لا يسرنى فوق جبل من الحلفاء يمنعنى عن خصوصية المعاصى موكل بى كل ما يريبنى.
*
قرأت بمن لا فاء فيه واغتسلت أنا ابتلاؤك أنت يا البلاءات التى تنزل بى بالوجد والفقد فى الليل والنهار لا أشبع منك أبدا أنت مراهنتى ورفيقتى وبك أأتنس فى انفرادى حبيبى قرين بك فتحملينى أنا الثقيل عليك بشهودى وبكل خطوة منك أزداد ثقلا وخفيفة جدا على بالقرب منه وأرتقى من الظل والسيف فى الغمد لأبعد من هذا بلا حل ولا ترحال من فرط محبتى وإن كان عين محبتى يغرقنى فى عين بحر الوحدة.
*
أقيمينى على إصبع الأحدية وأدخلينى إلى حضرتك مقر أنا بعجزى كلما غفلت عن الوسيلة فلا تجعلينى من أهل بينك زيدينى تحيرا وبك افتتانا ومن مقام حيرتى أخرجينى من الضيق إلى السعة فقلبى بين اصبعين كلاهما حرق.
*
هائم فيما أنا محيط بى البحر والأغيار برق الطبيعة مقيد وتنحسر عنى رويدا حتى أرانى فى المقام المنشود حيث لا بحر ولا أغيار متصف بالفناء المطلق من يشهدنى يخاف هم فى بحر التخليط وأنا فى بحر الصفا أتجمع فى عين الكمال تفارقنى الكثافة ناظرا للعين فى البين. أغرقنى يا ألله فى عين الوحدة.


صلاح عبد العزيز
- مصر /الزقازيق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى