علجية عيش - وصية أبو القاسم سعد الله للأدباء و الشعراء الجزائريين

قبل رحيله ترك المؤرخ الجزائري أبو القاسم سعد الله للأدباء و الشعراء خاصة وصية يدعوهم فيها إلى أن يكتشفوا ما كان مُغَيَّبًا من الدواوين و المجموعات الشعرية و الأعمال النثرية التي أنجزها أدباء في العهد العثماني الذي استغرق مدة لم تعرف الجزائر خلاله نهضة أدبية، رغم أنه أسس لأدب جزائري
منذ قرنين أو أكثر من وجود السلطة العثمانية لم يكن فيه أيُّ أثرٍ أو تأثير ٍ للثقافة و الأدب و الفن، و لم يكن أي تواصل بين فئة الأدباء و الشعراء، لأن السلطة العثمانية لم تكن تتعامل مع هذه الفئة، بل كان تعاملها لا يخرج عن الفقهاء و القضاة و بعض مرابطي الطرق الصوفية،فالسلطة العثمانية تأسست في الربع الأول من القرن السادس عشر ( العاشر الهجري) و معها تأسست هوية جزائرية حديثة ذات أدب و شعر و ذوق محلي، لكنها كانت مغيبة، و لذا يلاحظ الدارسون للعهد العثماني في الجزائر فقره في الإنتاج الأدبي شعرا و نثرا، و ظن البعض أن أهل الجزائر ظلوا "عقيمين" لم يلدوا أدباءً و شعراءَ طيلة هذه الفترة و إن وجدوا فأين اختفوا؟ رغم أن الإنتاج الحضاري ظل يشع في تلمسان الزيانية و في قسنطينة الحفصية، هذا ما تحدث عنه المؤرخ الجزائري ابو القاسم سعد الله الذي انتقد بعض مؤرخي الأدب الذين انتظروا حتى يظهر جيلا جديدا من الأدباء كما قال هو، ليضيف أن هذا الجيل حمل طبعة "جزائرية" أو وطنية، و ذلك لعوامل كثيرة منها حلول عائلات أندلسية متعلمة و متشبعة بروح الأدب و الشعر الأندلسي المتمثل في الموشحات و المولديات و وصف الطبيعة، ثم ما عرف بشعر الاستصراخ، و هو يعني دعوة الولاة ( الحكام) إلى الجهاد، كان ذلك يوم كانت وهران تحت سلطة الإسبان، من أجل تحريرها ونجدة الأندلسيين، في هذه الفترة حل بعض المثقفين من المشرق حاملين معهم الأنغام الموسيقية العراقية و الفارسية و الخط العثماني و الأشعار المولدية.
كما شهدت تلك الفترة ما يعرف بأدب الشروح، و هو نمط أساسه أن ينظم العالم أو الأديب قصيدة في موضوع سياسي أو مديحي أو ديني ثم يقوم هو بنفسه أو غيره بشرح ما نظم، و قد ذكر أبو القاسم سعد الله نماذج عديدة منها "الحلفاوية" نسبة إلى الشاعر التلمساني أحمد الحلفاوي الذي شرح نظمه الشاعر عبد الرحمان الجامعي من المغرب، وذكر أبو القاسم سعد الله شرح قصيدة أبي راس الناصري في تاريخ الأندلس المعروف بالحلل السندسية، كما ذكر قصيدة "العقيقة" و هي قصيدة مديحية كتبها الشاعر السعيد المنداسي و تبارى في شرحها العديد من الأدباء، ومن النماذج التي ذكرها أبو القاسم سعد الله منها قصائد أحمد المقري صاحب نفح الطيب، استغثائيات محمد القوجيلي، وصفيات أحمد بن عمار، غزليات محمد بن علي، مجونيات ابن راس العين، مدائح المانجلانيين، و أحمد بن سحنون و محمد بن ميمون، و رثائيات محمد بن الشاهد، وذكر أسماء أخرى تعاطى أصحابها الشعر و منهم سعيد قدورة، و علي الأنصار، و مصطفى الرماصي و عبد الكريم لفقون، دون أن ينسى الأمير عبد القادر و ما كتبه من شعر في الفخر و الحنين و الحرب
علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى