علجية عيش - هكذا قسمت اتفاقية سايكس بيكو المشرق العربي

الحفريات الأثرية وراء تصفية مفهوم "العَرَبْ"

ما يحدث في الوطن العربي هو ناتج عن الانقسامات في الرؤى و الإيديولوجيات و اعتماد التاريخ و الدين و اللغة ، حيث تعيش معظم الشعوب العربية الإزدجواجية و تحاول التعامل معها على أساس أنها غير قائمة، و تجمع الدراسات أن الحفريات الأثرية عملت على تصفية مفهوم العرب، بحيث ظهرت أمم أخرى ( الفراعنة، الفينيقيون، الأشوريون، اليهود و البربر .. الخ)


أثبت للواقع العربي أن تعابير الوطن و الأمة و الشعب انتزعت من سياقها ومن إطارها التاريخي و استخدمت في إطار تكريس واقع متخلف عبّر عن مرحلة انحطاط و انهيارـ و أشارت الكثير من الدراسات أنه للقيام بثورة ديمقراطية لابد من إعادة النظر في مفهوم الأمة و الوطن و الشعب، و كذلك الوطنية و القومية و هبي مفاهيم جرحت في القاموس السياسي العربي، كما يرى أهل الاختصاص أن الوطن الذي اشتقت منه كلمة الوطنية يدخل ضمن الدولة القطرية القائمة على خريطة سياكس بيكو saiks biko إلى الآن، أما القومية التي هي ظاهرة الانتماء إلى أمة معينة، هي ألأمة العربية و معلوم أن العرب أمة و الأمة حركة قومية ، و الحركة القومية انبثقت في أوروبا من أجل جمع و توحيد أمة مجزأة، و لهذا ارتبط تعبير الحركة القومية بحركة الوحدة، أما الوطنية فهو تعبير عن الوطن في وجه عدة محتل، و تتشكل الأمة من اللغة و الأرض ( الوطن) و الشعب ( مجموعة الناس) ،و اللغة تعتبر القاسم المشترك بين مجموعة من الأوطان أي الشعوب فقد عبر عنها البعض بـ: " الإثنية " التي تدل على بعض للجوانب الثقافية للجماعات البشرية، و يستخلص الباحثون إلى حقيقة مفادها ان الأمة كظاهرة تاريخية يمكن تجريدها على شكل عاملين محسوسين هما: (الجماعة من البشر و الأرض) ، و عامل ثقافي ( اللغة و الثقافة) و عامل الضرورة التاريخية، و يمكن القول أن المشكلة التي يعيشها الوطن العربي منذ تفككه و خضوعه للسلطنة العثمانية ثم للاستعمار الأوروبي الذي نفذ اتفاقية سايسبيكو و وعد بلفور أفرزت الأهمية التي تحيط بمفاهيم الأمة و الوطن والشعب بل غدت من أكثر المفاهيم أهمية.
بعض الدراسات قدمت ألمانيا كنموذج، وقالت هذه الدراسات أن ألمانيا أمة تناثرت في التاريخ ، و كانت عبارة عن أشلاء، أي أنها كانت مجزأة إلى 36 دولة و أكثر من 200 قطعة من الأرض، و بعض أشلائها ذاب في أمم مجاورة ( إمبراطورية النمسا، المجر، سويسرا و فرنسا) ، إلى أن جاء القرن التاسع عشر، وظهور الرأسمالية ، التي وحدت الكثير من الأمم في إطار وحدة السوق، أما الدول العربية حسب الدراسة التي قام بها الدكتور سلامة كيلة فهي لم تتحقق لها هذه الرغبة، لأنها لم تحظ بشكل كاف من الاستقرار، فما تعيشه من ثورات لم يسمح لها بأن تشكل "أمّة"، و الاستقرار في مفهوم الدارسين يعني السلام و الكف عن الحروب..، و ليس الاستقرار الذي عنته النظرية الماركسية و هو الانتقال من القبيلة إلى الطبقية، و لهذا ذهبت بعض الكتابات أو الاتجاهات الفكرية إلى نفي الأمة العربية، و تحدثت عن أمم متكونة أو في طور النشوء، ماعدا الأحزاب الشيوعية العربية التي اعترفت بوجودها، و منها جرى الحديث عن الشعوب العربية، الوطن العربي، و العالم العربي و القطر العربي، و غالبا ما يشار بالقطر العربي إلى دولة من الدول العربية ( سوريا مثلا)، و القومية هي التعبير عن الأمة بذاتها، و الوطنية هي شعور الأمة بالآخر ( المحتل، المستعمر) و بالتالي سعيها من اجل الدفاع عن ذاتها ،
فما يحدث في الوطن العربي هو ناتج عن الانقسامات في الرؤى و الإيديولوجيات و اعتماد التاريخ و الدين و اللغة ، حيث تعيش معظم الشعوب العربية الإزدجواجية و تحاول التعامل معها على أساس أنها غير قائمة، و بالعودة إلى الوراء، نجد أن الإمبراطورية العربية نشأت في القرن السابع إلى بداية القرن التاسع عشر..، و منذ بداية هذا القرن إلى الآن جاءت الأوطان العربية و لكنها وجدت نفيها في حصار من طرف الاحتلال الاستعماري، و تم تتويجها باتفاقية سايكس بيكو، كما تمت الإشارة إليه سابقا، و من هذه الاتفاقية بدأ الحديث عن تاريخين لأمّة واحدة، و رغم ذلك بقي الصراع قائما حول التاريخ الفكري، و ظهرت دعوات تنادي بالتخلي عن التراث و إحداث القطيعة معه، بل شطبه نهائيا من اجل التقدم، و قد نادي بهذا أصحاب نظرية الحداثة الذين يرون أن " أمّة ما لن تتقدم، إذا ما بقي الماضي ملتصقا بها".
يقول الدكتور سلامة كيلة إن انقطاع الوعي التاريخي بدأ منذ بدأت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى في التفككـ و غابت فيه الدولة المركزية، و شمل هذا الوضع ( الجزائر، تونس، مصر و السودان) ماعدا المغرب و اليمن، و استقلال هذه الدول عن الدول العثمانية سمح لتوغل الاستعمار فيها، و في ظل هذه الظروف نفذت اتفاقية سايكس بيكو المتعلقة بتقسيم المشرق العربية إلى دول مختلفة، و في هذا الإطار تطور النضال الوطني و طغى فيه الفرع على الأصل، و ظهر مفهوم النضال الجماهيري لدولة من الدول و استقلالها..، وهكذا حدث "الانفصال" أي انفصال الوطن عن الأمة، فتأسس الوطن الدولة بينما بقيت الأمة الدولة حلما، و أصبحت القومية شعورا مبهما في نفس الوقت عملت الحفريات الأثرية على تصفية مفهوم العرب، بحيث ظهرت أمم أخرى ( الفراعنة، الفينيقيون، الأشوريون، اليهود و البربر .. الخ)، و في كل مرة بدأ النضال ضد الاستعمار يتصاعد، لكن الضبابية التي اكتنفت مفهوم العرب جعلت المختصين ينقسمون، حيث يرى الاتجاه الأول أن الشعوب و الأوطان العربية أمة، و اعتبر الاتجاه الثاني الوطن المعين أمة ( الأمة السورية، الجزائرية..الخ)ول، لكنها أدخلت الشعوب في متاهات، لأن تكوين أمة تتطلب توفير الشروط المعروفة و هي الشعب و الأرض.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى