كتاب كامل صلاح عبد العزيز - نص ديوان ( علاقةٌ عابرةٌ مع غرفةٍ مظلمةٍ).. شعر

( لكى أقنع نفسى بأنها علاقة عابرة
فرضت على نفسى العزلةَ
وأجبرتُنى على عدم الكتابةِ
استغرقنى ذلكَ عشرون عاماً من الرعبِ )

يندر أن تجدَ حالةً مثل حالتى هذه الأيام . حالتى بسيطة جداً . فأنا أبٌ لطفلين أعتقد أنهُما يتيمان بسببى . لغيابى الدائم . وليس بإرادتى طبعاً . فأنا مضطرٌ دائماً أن أنكر ذلك . حتى ولو أنكرت فالناس لا يصدقوننى . وأنا أسمعُهم فى نقاشاتِهم . وأمهم كعادتها تجلس غير مهتمةٍ بى . و . أسألها لكنها دائماً لا تردُّ . أحرك شفتىَّ فقط بالكلامِ الذى لا يخرج يخرج فقط فرشاةُ أسنانٍ كنت أستخدمُها من قديمٍ وأمواس حلاقة أحتفظُ بها كل تلك المدةِ . أشاهدها وهى تسقط من فمى ومن شعرى ومن أنحاء جسدى ولا أحد بالطبع يجمعها . وربما تلك ذكريات تمرُّ فى صورٍ غير محفوظةٍ .
أفقد دائماً ذكرياتى ما بين الحمامِ وغرفةِ النومِ وحتى الغسيل كنت أجمعه وأرتبه فى غيابها بالطبع . ولا شئ الآن أعمله سوى أن أراقب الأطفال . أقيس مقاساتهم فى الأحذيةِ المشتراةِ وفى بناطيلهم وهى إما ضيقة أو واسعة . بالطبع يصعبُ التحديد دائما . ولى 25عاما كذلك . لا أحد يهتم بى ولا أحد سواى فى غرفةِ المعيشةِ مع طفليْن مهترئين فى صورة ويدى تقبض الهواءَ .
لم يتغير طعمُ هذا الهواءِ ولا عفونةُ الجدرانِ وأوساخ الحوائط كما هى . ومع ذلك أتَجول فى متحفى وحيداً وأتخيلُ ذلكَ ولا صوت لى ولا وجه عندما أمر أمامَ مرآةٍ .
دقت جارتى البابَ قلتُ من . قالت أنا . قلتُ من أنا . يا إلاهى يحدث العكس دائما ولا سبب لتلك الأشياءِ سِوى أننى فى مكانٍ ليس لى . فى مكانٍ يستولى علىّ كلية ولا أغادرُه . لا أستطيع أن أنظرَ الخارجَ .
حالتى بسيطة جدا ومع ذلك إرادةُ إلاهيةٌ هى التى تحكمُنى . ومع ذلك بعينين زجاجيَتيْن أشعرُ أننى مُراقبٌ . يا إلاهى إنَّهم قادمون سوف يرونَنى .
يحدث (١) أن يُطهروا المكان .
يحدث (٢) أن ألقى بعيداً فى صفيحةِ القمامةِ .
يحدث (٣) أن لا يهتم بى أحد .
كل تلك الاحتمالاتِ من وضعَها فى رأسى .
كيف . دائماً لا يهم وربما أَتجاوزُ اهتماماتِهم بأشياء تبدو رائعةً .
كأن يتسلقون الحوائطَ ويسحبونَ الذكرياتِ التى تفتح لنفسها صندوقاً . كأنْ يَهمِسونَ لى فأرتب أشيائى ولا أرحلُ . صورةُ أمٍ . صورةُ طفليْن . صورُ أناسٍ آخرين لا أعرفهم . غير أنَّ حنيناً ما يشدهم إلىّ ويلتصقون بى فى صورةِ من لا يستطيع أن يراهم هكذا . كلُّ مفاصلى تئنُّ من رتاجِ البابِ . صريرُ البابِ يزعِجُنى . حفيفُ ورقِ الشجرِ . صوتُ ناسِ بعيدِينَ . يُغْلَقُ مذياعٌ الآنَ ويُفْتَحُ تِلفازٌ . جُنودٌ مرئيونَ . إرْهابيونَ خونةٌ . تفجيراتٌ وتقسيماتٌ . الشرقُ الأوسطُ الكبيرُ . الشيخُ رمضان . الأستاذُ أبو العلمين . من أغلقَ المذياعَ من أغلقَ التلفازَ . لا يهم . معى أشيائى ولا أرحل كمنتظرِ قطارٍ لن يجئ . يا إلاهى كل تلك الأعوامِ وأنا أنتظرُ . أنتظرُ من يسحبُ الذكرياتِ .
ذكرى (١) قرط من النحاس الأصفر كانت ترتديه أمى .
ذكرى (٢) زوجتى التى نسيت شكلها وأنا أنتظر .
ذكرى(٣) أبى بيده العظمية بجوار الثلاجة يهم بالطيران .
وذكرياتٌ كثيرةٌ تمت علىّ وضعها فى علبة صفيحٍ على الموقد .
لا يهم نظرةُ الناسِ لى . فبالفعل كنتُ هناك حيثُ لا أحد . فأنا لامرئىٌ حتى لنفسى . ومن المؤكدِ أنَّ كلَّ منْ لا يرانى يعرفُنى . لأن مثلى يتسكعُ فى الجوارِ . وهى كعادتها لا تستجدى نظرةً ولا تنعى حظَّها . وكلانا كذلك . دائماً أنظرُ حوْلى . فهل تُرانى أنظرُها بلحظةٍ غير تلك اللحظةِ . أو بعينٍ أخرى أستعيرُها ربما من شخصٍ تائهٍ . عبر الدكاكين ولا يهم تصالحُ الأزقةِ وارتصافُها كالكواكبِ . وأن تُصافحها قدمٌ خفيفةٌ جداً على الأرضِ . لن يُحدثَ فَرقاً مثل أقدامٍ كثيرةٍ خشنةٍ .
الناسُ كعادتهم عند نسمةِ هواءٍ يحسُون أنَّ ملاكاً يتجولُ . من ناحيةٍ أخرى تتسعُ لنا الجدرانُ ولكنَّنى لا أمر . كنت واقفاً أنتظرُ كطيفٍ وقتُه محددٌ . عليه فى الرابعةِ مساءً أن يتركَ مكانَه لمراقبِين آخرين . كلُّهم مستعدون بمشابكِ الغسيلِ وأكياسِ الصابونِ ولا زحامَ مطلقاً هناك .
خطواتنا محددة سلفاً بقوةٍ إلاهيةٍ بالطبعِ . فكيف يصدمُنا الآخرُون أو نتصادمُ فنُحدِثُ فرقاً ونواحاً وهذا كله لا يحدث عادةً مع الأطيافِ . هل نَسيَتْ نظَّارتها . هل نَسِيتُ نظارتى . استعاراتُ الأسئلةِ المتاحةِ لمنْ يرى منْ . ومنْ يراقبُ منْ . ذلك يحدثُ فى كلِّ مرةٍ . نَخْرجُ من صورٍ ملقاةٍ ميتةٍ إلى صورٍ حيةٍ . قليلاً ما نمشى بحريةٍ تامةٍ . مربوطُون ومشدُودُون للاشئٍ . هكذا تقولُ جارةٌلجارتها . كلُّ علاقةٍ عابرةٍ تنتهى بمأساةٍ . ذاكرتى صفيحةُ قمامةٍ . مكبُ نفاياتٍ . لاحقاً يا أصدقائى ستتعجبُون كيف تحتفظُ الذكرياتُ بى . وهل لى أصدقاء حقاً . لا أظن . ربما رحلوا تحت جلدى ولا أستطيع استعادتهم . لأنَّهم عادةً لا يحتفظون بى . وربما إذا تورَّمت يخرجون .
لذا لا تنصتون لى إذا قلت أنكم أروعُ قمامةٍ فى العالم . أُنظرُوا . يصبُ الليلُ من ذاتى على ذاتِى فيُنبئُنى بِذاتى أنَّنى ثملُ ومن ذاتى إلى ذاتى وفى ذاتى أخوضُ البحرَ أحتملُ . أحتملُ اهتراءاتكم ومع ذلك لا تخرجوا منى . أذكرُ انهيارى فى علاقةٍ عابرةٍ ١٩٩٨ . أذكرُ أنَّ أشباحاً آخرين كانوا يرصُدُونَنَى . اخترتُ لِى موتاً ألطفَ بكثيرٍ ممَّا أعدوهُ لى .
يا إلاهى قلبى لا يسعُ كل تلكَ الذكرياتِ . لماذا يتحملُ ما لا يطيقُ بتلك المدينةِ الرهيبةِ . التى أُناسها كانوا بسطاءَ . كانوا ينظرون لى كفريسةٍ . أدمنَ قلبُها الانكسارُ . فقدمت قلبَها كشئٍ وحيدٍ مثل قلب دانكو فى غابةٍ شتائيةٍ. حيثُ لا دفء بينى وبين العالمِ . العالمُ الذى لايؤمن بى ولا يلتفتُ إلىّ .
يا لتلك الوحشةِ . عندما أمْشى تنسكبُ ظلمةٌ حولى . لا تجرحُنى يدُها الممسوسةُ فقط . بل تسحلنى فى الشوارعِ كثائرٍ مضطهدٍ . عصبُوا عينىّ ثم أطلقوا الرصاصَ . لم يلتفت أحدٌ . البسطاءُ ما عادوا بسطاء . أنكرتنى تلك المدينة الدامية . وسكانها الكثِيرُون لا أحدٌ . وخاليةٌ مثل جب عميق كعينىّ إلزا . لا أنظرُ عيْنيهَا الميّتة إلا وانفتحَ ثقبٌ فى السماءِ . والأماكنُ التى قدستها يوماً أصبحت قبراً . كلُ قبرٍ يؤدى إلى جحيمٍ من الشعرِ لا يتسعُ لقلبى . لذا أمسكتُ قلبى واعتصرتُه . يا لفرحتى قد أضاء .
أغرقنى طوفانٌ من الدم . هل أودِّعُ المدينةَ . ودَّعتْنى . لكننى تركتُ ما يدلُ على محبتى . خربشاتٍ فى الحوائطِ وثنياتٍ فى الأرصفةِ . لماذا يا إلاهى لا نتحملُ الذكرياتِ التى تمرُّ أمامَنا .
هل (١) لأننا الذكرياتُ نفسها .
هل (٢) لأنَّنا مفصُولُون عن ذكرياتِنا بما لا يكفى أن نتذكّر .
هل (٣) لأننا شئٌ والذكرياتُ شئٌ آخرٌ .
مثل جوادٍ جامحٍ فى الصحراء . تتعلّقُ ذِكْريَاتُنا أمامَنا على الحوائطِ . غير منتبهين أننا المتحرِّكون دائماً . فكيف لها أن تنزلَ أمامَنا . والمدينةُ نفسُها كحائطٍ خربٍ . بها خربشاتُنا . نحنُ نملٌ نمرُّ بجوارِ جسدٍ ضخمٍ . ومع ذلك لاشئ يسعُ قلبى .
ذكرياتى يدٌ ميتةٌ تلتفُّ حولَ عنقى . أنا مسافرٌ والسفرُ أتعبَنى . لذا . لم أسافر مطلقاً . بل . انتظرتُ على رصيفٍ . مسافرون . لا يأتون . أنتظرُهم . احتضنتُ صوَرَهم فى الذاكرةِ . سألتُ عن صحتهم . أجابونى . تلك الذاكرةَ كانت لعنةً . حتى أننى حين أفقدُها أكون أكثرَ وحشةٍ . ولعنة . مَن يسافر فىّ . مَن أتى لى . محطتى الوحيدةُ فى الذاكرةِ . حيث . لا . أحد . ينتظرُ . ولا . يأتى . أحدٌ . لكنّهم أمامى ساعةَ الوصولِ . و . الأحياءُ منهم لا يأتون . تنتهى لحظةُ الولادةِ . كأنَّ ولادةً تمَّت . إِذا حضَروا . كأنَّ وفاةً حدثت . جحيمُ الذاكرةِ لا يسعُنى . سوى . لحظةِ الموتِ الأكيدِ الذِى لا يأْتى . مُسافرون . أَجمَعَهُم فى حَقيبتِى . ريثَمَا . يمرُّ قطارٌ فأرْكبَهُ . أودِّعهم من جديدٍ أو أَحتضِنُ أطيَافهم . مَن . هؤلاء . المسافرون . فى . دمى . كانوا جيراناً لى . كانوا أبنائى . هل لى أبناء . لا أتذكرُ . ولماذا . أتذكر . الذاكرةُ ملعونةٌ . لا تخونُ إلا لحظة الكتابةِ . لحظة أن تنثال الحروفُ فيأتى العالمُ إلى يدىّ . أتحسسُه . وأُجلسُه أمامى . أقولُ له . مرحباً .
لكنّه عادةً لا يأتى . أصدقائى أنفسُهم لا يأتون . الهواءُ حبيسٌ بهم . هل يتنفسون هذا الهواءَ الذى يدخلُ . أم . فقَدوا ما فقدتُه . كان بعضُهم ذو رعونةٍ واندفاعٍ . وكان بعضُهم من أخلصِ الناسِ . وكان بعضهم خونةً ينحتون فى الذاكرةِ بيوتاً وينسلون . لا أتذكرُ أسماءَهم . ربَّما . محطةُ القطارِ خاويةٌ . لا يأتى أحدٌ ولا يأتى حتى قطار . كأن جويا معى . المسافرون فى دمى يتناسلون . أصبحوا عالماً فريداً من آكلى الموتى . هل أنا ميت فى داخلى . أمْ . حى من الخارجِ فقط . يالذاكرة . عندما أفيق من النوم يخرج منها هؤلاء الذين لا أعى متى . قابلتهم . متى . فارقتُهم . خبزُهم الوحيد ذاكرتى . لذا . يتناولون طعامهم معى . دائما . ما . أفيق وأناولُهم طعامَهم الوحيد . أجلسهم على طاولتى . و . لا . عشاء أخير لهم . و . لا . لى . كان بعضهم أنبياء . و . كان بعضُهم خونةً . كنت لا أحبُ الوسطَ عادةً . أنا منجذبٌ بينهما بخيطٍ . على . قدر . ما . يشدُون .
قلت لهم مرةً الهواءُ باردٌ . الهواءُ الذى أتنفسُه يتنفسُنى . سأنتهى يوماً . لم يصدقوننى . كانوا يحبوننى لدرجةِ أننى مزقتُ لحمى لهم . و . هم . فرحون . كنت فرحاً بهم . كنت كعاشقٍ وسطَ حربٍ . يالذاكرة . أخرِجونى من ذاكرتى . رجاء . ما . عدت . استطيعُ . أنْ . أرى . عيونَ . الميتين . و . لا . الأحياء . كلُّ هؤلاء تنفسهم الهواءُ . إنهم . متحولون . فى . البعيد . لا . يدى . تقبضُهم . إنهم . قصيدةٌ . هاربةٌ . هل أُمسكُ الهواءَ . يدى تقبضُ الهواءَ . كانوا أكثر قسوةٍ من حجرٍ . تركونى وحيداً فى منفى . الخروجُ متاهةٌ تتجاوزُ العمرَ . رعشةٌ تستعيدُهم . أحدهم تركنِى فى أولِ قطارٍ . لكنَّه . ترك . طيفَه . معى .
عادةً يخرجُ منى مساءً ثم يتلاشى . أقضى النهارَ صامتاً . لا . أتحدثُ . إلاَّ . فى . الليلِ . منهارُون تخرجُ ملامحُهم من ديوانِ شعرٍ غزلىٍ . ربما محبتهم للشعراءِ الصعاليك . المتجولون وحيدِين . فى . غربة . أوطانهم . تجمعنا . ملامِحُهم . كهذا . الهواء . هل . للهواء . ملامحٌ . كل . يومٍ . فى . دقة الساعةِ العاشرةِ . يُجيبنى . صوتٌ . قديم . يأتى . الطيف الذى لا يأتى عادة من فراغ . سوى . أنَّنى . أنتظرُ . و . أنتظرُ . و . أنتظرُ . قطاراً لايجئُ . الغرفةُ مليئةٌ بهم . كلُّ براءتنا . انتهكت . و . رؤيتى . للأشياءِ . ما . عادت إلىّ . يرتدُّ طرفى بلا شئ أقتبسُه . ولا يرتوى جوعُ الذاكرةِ . و . لا . نسيان . وحيدٌ . دائماً . فراغٌ . فى . فراغٍ . تلك الذاكرة بالوجوهِ التى تحومُ حوْلَها فارغةٌ . هم صامتون للأسفِ .
وجهٌ (١) يغيب دائماً .
وجه (٢) محصلُ التذاكر .
وجه (٣) سائقُ القطارِ .
القطارُ نفْسهُ . لا . وجه . سطرٌ واحدٌ وأنتهى . يا إلاهى لا أدرى ماذا أقولُ . و . على اعتبارِ أنَّنى لامرئىٌّ . يبدو أن حالتى بسيطةٌ جداً . يا إلاهى كأنِّى أحتضرُ .
بى رعبٌ أكثرُ من رعبِ جويا . وجوعٌ أكثرُ من مخيف . عندما . اعتصرتْنى . المدينةُ . فى . الصباحِ . كان قلبى مرحاً يعد فرحةً . خرجتُ . من . شتائها . لصيفها . و . كان . كاملاً . و . أكثر . بهجة . تسلم علىَّ أرصفتُها . لكن . شيئاً . نبأَنى . بأنَّ . الطيورَ . غادرت . و . أنَّ الأشجارَ رحلت . بالإحساسِ فى قمة السعادة . كان انهيارى مروعاً . وأذكر . خيطَ . دمٍ . على . حائطِ . الجار . و . كنت . ماشياً . لا ظل فى المدينةِ لا أحد . حتى الوجوه التى تبسّمت فيما مضى . قضت . علىّ . كالرصيفِ . اذكرُ الصورَ فى شقةِ الجيرانِ . يا إلاهى . عائلةُ الجارِ . ترحل . و . جويا . فى . الداخل . أنكرتْنى السعادةُ . و . سببت لى الخوفَ والرجاءَ والهلعَ .
كان لى (١) طفلة أوثقتنى ككلب بكلبة .
كان لى (٢) طفلةٌ أحببتها . و . لم أسمع صوتَها مرةً . انتزعَها الترابُ .
ولى (٣) طفلة بكل وجوههن . إثنان فى واحدةٍ . ماذا . إذا . فقدتها .
يدى عندما تلمسُ الأشياءَ تتحجرُ . وعندما أمشى فى طريقٍ يموتُ بائعٌ . وعندما أسكنُ فى مكانٍ يرحلُ الجيرانُ . و . تهجرُنى . الأصدقاءُ . يا إلاهى يحدثُ العكسُ دائماً .
يحدث (١) أن . امرأةً . أحببتها . و . لم . تُحبنى .
يحدث (٢) أن . امرأةً . أحبتنى . و . لم . أُحبها .
يحدث (٣) أن . امرأةً . لم . أحبها . و . لم . تُحبنى .
كل ذلك يُنبئنى بكارثةٍ . علىّ أن أصنعَ المزيدَ . من . الكوارثِ . على أن أظلَّ هكذا . كلما حدثت كارثةٌ أنسبها لنفسى .
٢٥ عاما لا تقاس بالذاكرة . ينبغى بعد هدنةٍ أن أرتبَ أشياءَها القلقةُ . أن أفكَّ مُحْتوى ما لا يُفك . أوقعتُ نفسى فى مواجهةٍ . مَنْ لا يُواجه غيرَ نفسِه . اتخذتُ نفسى عدواً ولمتُها . جلدتُ ذاتى . هجرتْنى صديقتى الوحيدة . أليس كافياً أن رعْبى الوحيد ظل صامدا . ظل . ينحتنى . إلى . أن . بَليتُ . أصبَحتُ خشبةً ملقاةً على رصيفٍ . الرصيفُ . نفسُه . ورقةٌ . فى . الريحِ . أرتِّب أشيائى لأرحلَ . كنت طفلاً تشدُّه المياهُ . صداقتى مع الحلفاءِ لا تنتهى . لا . تنتهى العصافيرُ . لا . تنتهى مودَّتى . شارعٌ وحيدٌ أعرفه . و . محطةٌ وحيدةٌ . ترعٌ كثيرةُ المياهِ . و . كنتُ صائداً . و . كان شيخُ كتَّابى مُضيئاً . و . كنتُ . معمداً .
غرقتُ مرتين . كنت . أستحمُ . صادفتْنى جنيةُ البحرِ مرةً . ما . حَمانى . غير خبز . أمى . كان . فى . جيبى . كنت أنسَلّ فى الظلامِ كلّ يومٍ . الأمهاتُ عادةً لا يخفنَ إلاّ عندما ينزلُ الظلامُ . بيتُنا لم يكن له بوابة . و . لا . نافذة . بخيباتٍ كثيرةٍ . محملاً . أعودُ نصف الليل . حضنُ أمى بهجتى الوحيدةُ . الذى ما يزالُ دافئاً . ذلك الخرابُ البهىُّ الان يشعُ بى . بعدما فقدتُها . فقدتُ حاميتى . كما . فقدتُنى .
أنقذتُ طفلين مرةً من الغرقِ . لكننى غرقتُ . واحدٌ أشارَ لى . والآخرُ تحتَ ماءٍ جمدٍ . بحثتُ عنه إلى أن وجدتُّه . رفعتهُ . و . استنشقَ الهواءَ . لكننى لم أجد هواءَ . لى . كلاهُما غابَا فى الضياءِ . صداقةُ الماءِ . ما . كانت . حياةٌ . كان . موتاً . شائعاً . موتاً لمن لا موتَ له . لماذا . ذكرياتٌ . تافهةٌ . مثل . هذه . تأتى . إلىّ . صادفتُ . موتاً . و . لم . أعبره . ما . أعارنى . أى . اهتمامٍ . مضى . دون . التفاتٍ .
لم يكن موتاً عادياً ذلك الذى جاءَ . كان موتاً مرجَئاً . رأيتُ بعينىَّ الموتَ . و . تعارفنا . من يدفع الهواء فى صدرى غيره . ألسنا أبناءَ موتٍ . ألسنا نسيرُ ونحن موتى . ألسنا نودِّعُ أحبابَنا راضين . لكنه يأتى كضيفٍ . نقدمُ . له . ما . نقدمُ . لا . بل . يختارُ . ما . يختار . لا . نعترض . هل . نستطيع . أن . نقول . لا . مرةً . لأنه الصديقُ الوحيدُ للبشرِ . كلُّنا . أصدقاؤُه . لكننا . ننسى . عادةً . أمواتَنا .
بعضُهم (١) كان ضاحكاً .
بعضهم (٢) كان قاسياً .
بعضهم (٣) كان لا شئ .
البشرُ عادةً إما ضاحكون . أو . قساةٌ . ياللبشر عندما يضحكون . يأتى ربيعٌ فى وجوههم . ويأتى أطفالٌ . يتغيرُ طعمُ هذا الهواء . لا . تشعر . أنك . مراقب . مرة . على عكس ذلك كانوا قساةٌ .
كان . الشعرُ . بالنسبةِ . لى . كارثةً . جعلنى . فى عينىّ . وحشاً . و . فى . عيون . الناس . كائناً . لطيفاً . أليس فرق كبير أن تنسبَ لنفسكَ الكوارثَ . تعتذرُ . عما . لا . تفعلُ . ذلك السلامُ الداخلىُّ لم يكن . كنتَ . حريقاً . هائلاً . كنتَ جمعاً لكل الوحيدين . أليس . هذا . صحيحٌ . أنت كارثةٌ والشعر كارثةٌ . كارثةٌ . لكارثةٍ . كنت مجبراً فى العزلةِ وأسمَى الطامحين . تأكل . نفسَك . فى . عزلتكَ . العزلةُ وحشٌ . و . أنت وحشٌ .
بأكثر من حريقٍ . ليس لغرفتى . نافذةٌ . من يستطيع أن يطلَّ . لا شئ لكم . مع . أنكم . كل . شئ . لا . أحد . يطل . على . أحد . ما . بين . الذاكرةِ . فاصلٌ . و . ما بين . الخارجِ . عندما تنثالُ كلماتُنا . على . ورقٍ . هنا . يبدأُ الكلامُ . يبدأ الشجارُ . و . مع . ذلك . بأكثر . من . حريق . ما نفكر به عادةً . لا . نستطيعُ أن نبوحَ به . دائماً . الأشياءُ الخفيةُ . تضيقُ . العبارةُ . و . يتسعُ . معنى . على عكس ذلك منعزلون حتى لو تجولنا فى ذاكرةِ بعضنا . المعنى جارف . والعبارةُ حريقٌ فى الذاكرةِ . أنتم . وقودُه . لا . تمرون . بغير . أن أحترق . جسدى معبر . و . ذاكرتى وقود . نختفى فجأةً عندما يرحلُ جارٌ . لكنه . فى الذاكرة . لا . يرحلُ . و . كلما اتسعتْ تضيقُ بأكثرِ من حريقٍ .
ليس وفقَ إرادتى تسيرُ الأشياءُ . تسيرُ . إلى . غيرِ . وجهةٍ . كنتُ ناسياً أننى . لا . شئ . أننى . أصلا . لا . شئ . مثلها . أعطيك . مثلا . شئٌ أبيضٌ . هل . يظلُّ أبيضاً . عندما أحببتُ . اتسختُ . ضاعت معالمى . قلبى كان أبيضاً . لكنَّه . بعدما . أَحبَّ . لوثتْهُ . محبتى . إذْ . كيف . أن . تحبَّ . دون . أن . تكره . يجتمعُ الضدان دائماً . و . ما . اجتمعا . قبل . أن . أحب . الحبُ كراهيةٌ . فى . مقابلِ كراهيةٍ . و . كنتُ قبل ذلك . كمِثْل . أى . شئ . أعود . لا . يحس بى أحد . البعض وفق إرادتهم تسير . أشياؤهم . تعلموا الخطوَ للأمامِ . لكننى . وفقَ إرادةِ الأشياءِ . تقودُنى . للمعصيةِ . المحبةُ معصيةٌ . عزلةٌ تجد نفسها . فى . عزلةٍ .
ماذا . أستطيعُ . أن . أفعل . غير . ذلك . مضوا . غير . م . ه . ت . م . ي . ن . شالوا . عوازِلَهم . كلُّ . احتياجاتِهم . لكنما . شراراتٌ . زرقٌ . تحوطُ قلبى . ريثما . يعودون . من . جديد . ليست هناك . غابة مظلمة . و . لكن . العالم . كله . مظلمٌ . و . قلبى هناك . ما . يزالُ . فى . السكون . لم . يكن . قلبى . فرحاً . كان . مهمَلاً . رحيلُ . الجيرانِ . يُزْعجنى . ضاقت . الغرفة . بى . كشخص . واقف بين نفسه وقلبه . ما . تعلمتُ . منهم . الرحيلَ . و . ليس نسياناً . بقدر . ما . هو . اندهاشٌ . كيف للزرقةِ كل هذا . التوحدِ . عالمى أزرقٌ . قلتُ لهم . ما . أعارنى التفاتاً . أىُّ . أحدٍ . غيرت . ألوانَها الأشياءُ . فى الزرقةِ يبدو كلُّ شئٍ حسناً . المهم . هؤلاء ا . ل . را . ح . ل . و . ن . تذكرت أنهم كانوا حالمِين . و . كانوا . فى . البردِ . يرتجفون . أشعلتُ . لهم . قلبى . ما . استكانوا . انتزعت . قلبى . رفعتُه . عالياً . ماذا . أ . س . ت . ط . ي . ع . أن . أفعلَ . غير . ذلك .
التوترُ . محنةُ . حياةٍ . حياةُ . من . لا . حياة . له . صنعتُه . أم . صنعنى . كنَّا . صادقِين . بدرجة . أقل . من . الكذب . كنا . مرهقين . ومانزالُ . مرهقين . تَغيبُ . أيامُنا . من . فرطِ . ما . أهملنا . الذكرياتِ . تستوى . السنون . و . نحن . مُقعدان . أنا . و . الحياة . شخصانِ . مختلفانِ . إمَّا . هى . و . إما . أنا . أخذوا الحياةَ . معهم . عندما . رحلُوا . كأنَّ . الحياةَ . ملجأٌ . لذوى . الاحتياجات . كنت . مُقعداً . و . مع . ذلك . لم . تأت . إلىَّ . ما . اشتكيتُ . ماضجِرتُ . مرةً . فى . انتظارِىَ . الطويلُ .
انتظارىَ . الذى . ملَّنى . و . لم . أملَّه . و . لم . أدرك . أنَّ . الحياةَ . بين . أصابعى . تريدُ . أن . تَعيش . تريدُ . أن . تنقضَّ . على . شخصِها . التوأم . شخصُها . الذي . لا . يظهرُ . دائماً . لأنه . مُقعدٌ . ٢٥عاما . بانتظارِ . نفسِه . فى . ترقبِّ . من . لا . يجئ . ذكرياتٌ . ربما . تكون . زائفةً . ربما . تكون . أىَّ . شئٍ . و . لن . تنمحى . إلاَّ . إذا . انمحت . الحياةُ . نفسَها . أنا . المُقعدُ . الوحيدُ . الذى . لا . أنتظرُ . حياةً . بل . ينتظرُ . ما . لا . يودُّ . أن . يجئ . نسجتنى . ذكْرى . و . عشتُ . فيها . ذكرى . هى . التى . تُعاش . لا . تُقاسُ . بالسنين . بل . تقاسُ . بالحضورِ . و . الغيابِ . وقت . أن . تحضر . و . وقت . أن . تزول . لا . تزولُ . صدقها . فى . حضورها . و . صدقُها . فى . غيابِها . صنعتُنى . مُقعداً . صنعتُها . مقعدةً . أنا . و . الحياة . مُقعدان . ما . التقينا . إلاَّ . لحظةَ . الكتابةِ . اللحظةُ . الوحيدةُ . التى . جمعتنا . دونَ . أن . نحسَّ . بالإحساسِ . نفسه . الذى . لا . يُولِّد . فينا . إلا . الضجر . حتى . أن . رسائلَ . الحب . التى . كتبتُها . لم . تكن . لإلزا . كانت . لتمجيدِ . نفسى . كتاباتنا . للهواء .
لابد . أن . يختفى . عادةً . شخصٌ . شخصٌ . هو . أصلاً . مختفٍ . هل . يختفى . الشخصُ . إلا . إذا . كان . ظهوره . غير . مرئىٍّ . لماذا . إذن . هم . مشغولون . ليس . باختفائهِ . بالطبع . بل . لأنه . حين . يظهرُ . لا . يكونُ . كما . فى . ذاكرتهم . محددُ . الهيئةِ . محددُ . المساحةِ . بل . محددُ . الكلامِ . هم . لا . يعنون . غير . أنفسِهم . هم . أيضاً . محددون . مسافاتُهم . لا . يتجاوزونها . هل . نحنُ . آلاتٌ . أم . بشرٌ . هم . و . أنا . أنا . و . هم . يا إلاهى . لماذا . نحنُ . هكذا . هل . نحنُ . نسير . وفق . مخططٍ . عندما . نُعيد . أدوارَنا . نجدُ . أننا . نفس . الكلامِ . نفس . التصرفاتِ . نُعيد . تمثيلَ . نفس . ما . فعلناه . سابقاً . لا . نستطيعُ . تعديلَ . مشاهدنا . يا إلاهى . إنها . كوميديا . هل . نضحكُ . أم . نبكى . أمْ . ماذا . ( أنا . الآن . لا . أكتبُ . شعراً . مجردُ . رأىٍ . خارجَ . الإطارِ ) . ربما . لأننى . لحظة . فيها . من . الغرابةِ . ما . لم . يكن . ببالٍ . أن . أطلَّ . على . مشهدٍ . رأتُه . سابقاً . ربما . فى . حلم . ربما . فى . قطارٍ . يمرُّ . فيهتزُّ . المبنى . لماذا . أنا . وحدى . أشعرُ . بهذا . الاهتزازِ . الجارُ . مثلاً . نائمٌ . صوتُ . شخيرِه . هو . المحتوى . الوحيدُ . على . وجودِ . حياةٍ . ما . بين . صحوه . و . نومه . أمرُّ . مروراً . عابراً . لأننى . غيرُ . مرئىٍّ . بالطبع . و . مكلفٌ . بالمراقبةِ . الليلةَ . لابد . أن . الساعةَ . توقفت . حينما . أكون . مراقباً . تتوقفُ . الساعةُ . أعيدُ . ترتيبَ . المشاهدِ . اليوميةِ . لأكتشفَ . أن . خللاً . ما . يتمُّ . تعديلُ . الخللِ . ليس . من . شأنى . وحدةُ . الجارِ . تُزعجُنى . لماذا . هو . هكذا . كل . صحوِه . ضجيجٌ . آه . إنه . يعيد . طلاء . الحوائطِ . صخبٌ . لا . يعنى . أحد . بفرشاةِ . أسنانٍ . بأمواسِ . حلاقةٍ . بقايا . الطلاءِ . على . فمى . بقع . على . عينى . و . رؤيتى . محددةٌ . و . ناقصةٌ . يا . إلاهى . إننى . أراقبُ . نفسى .
سأكتفى . عادةً . بالمراقبةِ . التدخلُ . فى . حياةِ . الآخرين . يُفسدُها . الجارُ . سيتوقفُ . عن . الطلاءِ . تبدو . الحياةُ . واقفةً . الزمنُ . نفسُه . سيتوقفُ . من . يريدُ . هذا . بعضُنا . يجعلُ . الحياةَ . جحيماً . بعضُنا . يجعلُ . الحياةَ . لا . تُعاش . هو . الآن . ينظرُ . هل . يكتفى . بعمل . اليومِ . و . ينامُ . بقيةُ . الطلاءِ . ربما . تكون . غيرَ . كافيةٍ . لذا . من . الصعبِ . أن . يكمل . ينظر . لى . فأعيد . ترتيب . مشهدٍ . كان . سابقاً . ثقوب . الحوائطِ . كما . هى . الجدرانُ . مازالت . متسخةً . بالطلاءِ . القديمِ . لا . فائدة . من . بعض . الأعمالِ . لماذا . نهتم . بالدهاناتِ . والداخلُ . من . نفوسِنا . يحتاجُ . لأكثر . من . الحوائطِ . يحتاجُ . أن . نرتبه . لمشهد . أكثر . من . رائعٍ . أكررُ ( أننى . لا . أكتبُ . شعراً . الآن ) . بل . تكون . النفوسُ . عادةً . باتساخ . الحوائطِ . نفسها . و . بما . أن . العملَ . توقف . علىّ . أن . أستريح .
تهبطُ . عليك . ذكرى . تجدُ . نفسك . مضطرٌ . للمغادرةِ . هناك . ذكرى . على . موعدٍ . لأول . مرة . تُواعدك . ذكرى . تتذكرك . لماذا . تطلبُ . دائما . أن . تسامحَكَ . مع . أنك . لست . نفسك . نفس . الشخص . ذكرى . تخص . غيرك . تخصُّ . شخصاً . آخر . لكنما . فى . دوامة . الحياة . غادرتْنى . مثلما . غادرتُها . هل . الذكرياتُ . مثلنا . صورٌ . حيةٌ . تغادرُ . مواضعَها . الشخصُ . نفسه . غادرنا . أعتقدُ . أنه . كان . أبى . عندما . قررَ . الرحيلَ . أشار . لى . و . لم . أفهم . كل . أبٍ . يغادر . أبناءَه . يشيرُ . و . لا . شئ . ربما . نفهم . بعد . سنوات . عديدةٍ . كيف . تتجمعُ . الإشارات . و . تصبحُ . لغةً . لذا . يزورنا . الموتى . و . يكملون . إشاراتهم .
الأمواتُ . عادةً . يودعونَنا . عندما . ننظرُ . إليهم . بعمق . نحنُ . نودِّعهم . لكنهم . عندما . يودعوننا . لا . يتركون . فرصةً . لا . تجدهم . كلنا . مجربون . و . مع . ذلك . لا . أحد . يسأل . أحد . الأموات . يتصرفون . تصرفَ . الطائشين . فجأةً . عندما . تصافحهم . لا . تجدهم . يَلعبون . لعبة . اللاحياة . أَشخاصُهم . فى . الذاكرة . لا . مرئيون . نعمْ . و . مع . ذلك . هم . مَرئيون . لا . فرق . بيننا . و . بينهم . سوى . أنهم . يُغادروننا . عندَ . النوم . أكثر . المراقبين . حيوية . ملتزمُون . يا . إلاهى . كم . أعجُ . بالأمواتِ . افترشونى . من . الداخل . أنا . مثقلٌ . بهم . و . عندما . أمشى . ألتقطُ . أحدهم . من . الطريق . و . مع . ذلك . وزنى . وزن . ريشةٍ . يزدادون . كلما . مررت . فى . شارعٍ . و . كلما . تعرفتُ . على . صديقٍ . و . كلما . زارنى . قريبٌ . ربما . لأننى . ذكرى . بالنسبة . لهم . أو . لأنهم . ذكرى . بالنسبة . لى . سِيان . هم . و . أنا . أنا . و . هم . لا . فرق . لا . نودع . الأموات . أبداً . و . لا . يودعوننا . بل . يجلسون . و . يضحكون . و . يبكون . و . يتكلمون . أمواتٌ . كلُّهم . حياة . لذا . لا . تَكذبوا . كاذبٌ . من . يقولُ . إنه . وحيدٌ . لا . وِحدةً . نعيشُها . أبداً .
ربما . أجلسُ . القرفصاءَ . عالمى . تلاشى . مجدداً . على . أن . أستعيده . الإنتقال . للغرفةِ . المجاورة . أمر . صعبٌ . أمر . فوق . طاقةِ . البشرِ . الرحيلُ . نفسُه . غير . مستساغ . ألفة . المكانِ . تجعلُنا . خانعِين . بالهامشِ . الذى . يضمُّنا . تجعل . الهامش . متنا . افتراضَاتنا . ليست . صحيحةً . دائماً . لذا . يندر . أنْ . تجد . حالةً . مثل . حالتى . حينما . انتقلُ . من . مكانٍ . إلى . مكانٍ . يلزمنى . عدة . سنوات . فالمتحركون . دائما . ينحرفون . كنيزكٍ . أجلس . القرفصاء . ريثما . يطلُّ . طيف . و . يأخذنى . للحجرة . المجاورة . الحجرة . المجاورة . ليست . بعيدةً . و . مع . ذلك . لابد . أن . أحداً . يأخذنى . إليها . لابد . أن . الأطيافَ . ينتطروننا . هناك . المسافةُ . قدر . أقدامٍ . و . مع . ذلك . لابد .
ليس . كل . طيفٍ . يستطيعُ . المشى . ليس . كل . طيفٍ . يستطيع . التنقل . بعض . أطيافنا . كسولين . وبعضهم . يستطيع . أن . يدور . فى . المبنى . دورةً . كاملةً . الحجرةُ . المجاورةُ . ما . دخلتها . ربما . لانشغالى . فى . مكان . ينتمى . إلىّ . حدثونى . عنها . إنها . حجرة . واسعة . بحجم . كف . فالأطيافُ . عادةً . تستطيعُ . اختراقَ . الحوائطِ . إلا . أنا . فليس . لى . تلك . الميزة . عندما . تنتهى . نوبتى . ربما . يعاودوننى . لأننى . تائهٌ . فى . حجرة . وحيدة . الذكريات . لا . أستطيع . أن . ألمها . معاً . الشرطُ . الوحيدُ . كى . يخرجوننى . الشرط . الوحيد . كى . أعودَ . للحياة . ربما . ما . كنت . طيفاً . ربما . كنت . طيفاً . ربما . أى . شئ . ربما . لست . شيئاً . ربما . ربما . ربما .
عندما . أمر . فى . مكانٍ . يصبحُ . المكانُ . مزدحماً . ينقصُ . الهواءُ . و . ينضمُّ . أشخاصٌ . بلا . هويةٍ . يبْحثون . عن . أماكنهم . بل . يبحثون . عن . هوياتِهم . غرفَتى . مليئةٌ . يبحثون . عن . أسمائِهم . و . عن . أبنائهم . و . عن . أقربائِهم.
بعضُهم (١) أعرفهُم .
بعضهم (٢) يعرفنى .
بعضهم (٣) مجهولون .
من . أعرفه . لا . يعرفنى . و . من . يعرفنى . لا . أعرفه . يشدنى . المجهولُ . دائما . المجهولون . منهم . منكسرون . و . حزينون . بالكاد . يتنفسون . بالكاد . استعيدُ . ملامحَهم . بالكاد . أستعيدُ . ذاكرتى . إنهم . فيضٌ . لا . ينتهى .
الفراغ . ملئٌ . بشخصياتٍ . روائيةٍ . وشعراء . المنافى . و . الرومانتيكيين . أحبُّهم . إلى . قلبى . من . ماتوا . غرباء . و . من . رثوا . أنفسهم . و . من . أنهكتْهم . الأوجاعُ . و . السجون . قلبى . منكسر . و . حزين . كل . يوم . يزداد . وجعاً . من . علقَ . الشعراءَ . فى . المشانقِ . و . من . رقصَ . على . قبورهم . و . مَنْ .........
مساكينُ . نحنُ . الشعراءُ . لا . نملك . قوت . يومنا . لا . نملك . غير . الكلامِ . الذى . يملكنا . كل . من . باح . مات . وكل . من . تكلم . اختفى . و . من . منفى . إلى . منفى . ياللشعراء . هكذا . هم . يحلون . فى . الخرائبِ . غرفتى . مليئةٌ . بهم . اسمعوا . يصب . الليل . من . ذاتى . على . ذاتى . فينبئنى . بذاتى . أننى . ثملُ . ومن . ذاتى . إلى . ذاتى . و . فى . ذاتى . أخوضُ . البحرَ . أحتملُ . احتملُ . منفاى . احتملُ . غرفتى . من . يُخرجنى . إلى . الغرفةِ . المجاورةِ . مَنْ .
الذين . هم . معنا . و . ليس . معنا . إنهم . من . أتعبوننا . فى . تتبعهم . عندما . يرسلون . تحياتهم . تكون . مقتضبة . لا . نفهم . ماذا . تعنى . هل . كل . همنا . أن . نعرف . أنهم . يُعانون . كلنا . نعانى . وحدتنا . و . غربتنا . حتى . من . لا . يهتمون . بنا . و . يتركون . ما . يدل . عليهم . تحية . على . جدارٍ . أو . خربشاتِ . أظافرهم . إنهم . بعيدون . ننحتُ . ذاكرتنا . حتى . نستعيد . بعض . ملامحهم . عيونهم . بالتأكيد . هى . التى . نريدها . لأن . العينين . عادة . هى . أجمل . ما . فينا . هى . الأروعُ . مرآتنا.
عيناك . مرآتى . أخبئ . نفسى . و . أنسج . عالمى . شفافةً . كالزجاج . الذى . ينبئنى . أن . لا . نهاية . للحزن . لا . أروع . من . عينيك . عندما . تكونان . مغرورقتيْن . بالدموع . لماذا . نسيت . نظارتك . بعض . من . عينيك . فيها . لذا . ألبسها . دائماً . فى . الوحدة . تتلبسنى . عيناكِ . أرى . ما . كنت . ترين . وأشاهدك . فى . البعيد . النظاراتُ . تأخذ . رؤيتنا . وتحتفظ . بملامحنا . تبقى . ذكرياتنا . معلقة . بها . أعبر . لأغوارك . التى . ما . عبرتُها . يا . إلاهى . كل . هذا . الحزن . الذى . تسربَ . بداخلى . يجعلنى . شفافا . كالزجاج . يجعلنى . كالهواء . عندما . عبرت . من . خلالهما . وجدت . العالم . ملئ . بالرعب . يا . إلاهى . يحدث . العكس . دائما . عيناك . ميتتين . عيون . الميتين . لا . تنبئ . بشئ . الآن . تعرفون . لماذا . انا . حزين . عندما . ماتت . إلزا . مات . العالم . كل ما . بداخلى . مات .
من . يراقب . من . الملامح . نفسها . تآكلت . هل . أنتم . أصدقائى . المراوحة . من . طبعها . النسيان . من . طبعها . اهمال . ذكرياتنا . و . التباس . محبتنا . بالكراهية . ( المسامحة . ضعف . و . الإحسان . ابتزاز ) . خذونى . بالقسوة . قسوة . المحبين . ألذ . قسوة . المحبين . أفضل . من . التوقف . هكذا . ٢٥عاما . من . التوقف . كفيلة . بوأد . الكراهية . (سأكره . بأقصى . ما . أستطيع . الكراهية . حياة . الكراهية . تجعلنا . محبوبين) . تلك . ورقةٌ . قديمة . اتذكرها . أتذكر . خيباتنا . و . سقوطنا . معا . و . انتشائنا . بالليل . و . الشعر . مقولاتنا . عن . الغرف . الداخلية . و . عن . غرفة . السطح . المؤجرة . هل . نفتح . كل . غرفنا . معا . هل . يمكن . هل . يمكن . أن . نستعيد . ما . فقدناه . براءَتنا . و . اعتزازنا . و . انتماءاتنا . أنهكتنا . التجارب . انهكتنا . الحروبُ . انهكتنا . ثورة . و . التشرزم . فى . البلاد . انهكتنا . البلادُ . نفسها . غرباء . نحن . فى . بلادنا . مساكين . نحن . الشعراء . أحلامنا . مجهضة . و . خيباتنا . معلقة . الصورُ . نفسُها . التى . نراها . ما . عادت . كما . هى . عندما . أتجول . فى . غرفتى . أزداد . بؤساً . أزداد . كراهيةً . و . أزداد . محبةً.
حياة . الموتى . لغز . حياة . الموتى . لا . تقاس . إلا . بحياتنا . عندما . تنتهى . حياتنا . تنتهى . حياتهم . كان . وجها . ضاحكا . و . الظلمة . التى . نسجته . أصبحت . هباء . اللغةُ . صامتة . المحبون . دائما . صامتون . المحبون . دائماً . مولعون . بالصيد . نحن . فريسة . لما . نصطاد . البعض . منا . لا . يحبون . و . البعض . منا . مولعون . و . البعض . منا . يخترقهم . الضياء . كسهم . كان . شفافا . كضوء . أول . فريسة . كان . هو . جنيةُ . البحر . عندما . تشير . يختفى . شخص . محب . تحسست . وجهَه . نفس . الملامح . نفس . المحبة . نفس . الضحكة . المشتهاة . أخذتنى . جنيةُ . البحر . مرة . انتقيت . عوالم . من . الفزع . و . الرعبِ . و . الخوف . و . الرجاء . فى . الظلمة . الحالكة . الأصابع . هى . الأذن . هى . العين . أتحسس . وجها . ينبغى . أن . يكون . ما . أود . ينبغى . أن . يحضر . من . الماضى . البعيد . يذكر . الصَّباحُ . أدوات . الصيدِ . و . شمساً . عفية . و . شمساً . فى . نفوسنا . محبةً . و . هكذا . نختفى . لا . يحضر . المحبون . إلا . إذا . تذكرتُها . لا . يحضر . الشعر . إلا . إذا . كانت . جنية . البحر . وراءه . كان . وجه . الشعر . كوجه . أمى . كخبز . أمى . عيناها . تشبه . عينيه . عندما . تلبسنى . الشعر . أدركت . أننى . ضحية . قربان . لعينيك . لعينى . أمى . مسكين . أنا . الشاعر . الوحيد . الذى . لا . يكتب . شيئاً.
الخروجُ . صعبٌ . ينتابنى . إحساسٌ . بمأزقٍ . جديدٍ . يعد . ما . الذى . أعده . فى . الغابةِ . الشتائيةِ . الأشجارُ . نفسُها . ليست . معى . الأشجار . نفسُها . عدو . أظنُّ . فى . آخر . الطريق . شمسا . الدفء . فى . آخر . الطريق . و . الظلمة . الحالكة . هى . أيضاً . شخصُها . عنيدٌ . أنتم . يا . من . هناك . من . معى . لا . أحد . معى . سوى . قلبى . أحدهم . شج . رأسى . مرة . تقبلت . دمى . تقبلت . انسياب . عمرى . من . خلالِ . جرحٍ . كل . المستنقع . الدامى . أمامى . لا . طريق . لكننى . فى . نهايةِ . الطريق . نهرٌ . أعرفُ . فى . نهاية . الطريق . شمس . تنبئنى . الحواسُ . الخمسُ . تنبئنى . الوصايا . أعرف . أن . دمى . هو . الطريقُ . هو . النورُ . فى . الظلمة . الحالكة . أن . قلبى . هو . الشمسُ . المضيئةُ . عندما . رفعته . عاليا . كان . شمسا . و . الزرقة . التى . حولى . لا تريم .

( هامش ) 1998
1998 المحبةُ تعنى طلاء الحوائطِ . انتظارُ المسافرين . خليط . من . الذكريات . طفلتى . التى . ماتت . ولا شئ . غيرها . جوديث . كانت . امرأةً . كاذبةً . كرهتها . لا . تعنى . كراهيتى . سوى . محبة . لا . يقدرونها . لا . يقدرون . أن . الكراهيةَ . كالمحبة . انتقام . الانتقام . جميل . الانتقام . يجعلك . محبوباً . الانتقام . يجعلك . ضاحكاً . 1998 عام . الكآبة . و . الحزن . أكل . البلاط . عظامى . أكل . البلاط . لسانى . 1998 كلب . جويا . فى . الطريقِ . الطريقُ . يأكلنى . الطريقُ . صاعدٌ . و . هابطٌ . و . ملتو . الطريقُ . يأكل . كلب . جويا . كلب . جويا . يأكل . الطريق . كلب . جويا . يأكلنى . يا للرعب . فى . الطريقِ . الطريقُ . كلبٌ . الطريقُ . جويا . الطريقُ . الطريقُ . أنا . جويا . أنا . كلبُ . جويا . أنا . الطريقُ . 1998 حفلةُ . العجائزِ . السكاكينُ . الموحشةُ . الهراواتُ . جوديث . تقطعُ . رأسى . أنا . بلا . رأسٍ 1998 انتهت . صداقتى . مع . الناسِ . انتهت . صداقتى . حتى . مع . الحجرِ .
علاقةٌ . عابرةٌ . مع . غرفة . مظلمةٍ .
(1) قد . يتكلم . الحجر .
العلاقات تشبه بعضها البعض فى ذاكرتى يبقى معلقاً ما يشاهدُه الآخرون ما يروْه وما لا يتكلم فيه أحدٌ أسطرُ النسيانَ فى ذاكرةٍ لا تعرفُ أنا الغرفةُ المظلمةُ .
(2) من . يسمع . من .
أنا الشعرُ الذى لا يعرف النسيانَ لا يعرف مد الزمن ولا شاطئ فى البعيدِ لا علاقةَ بدون شبيهتها أنا الشاهدُ والدليلُ والمأساةُ أنا الذاكرةُ .
(3) صورة . طفلين . على . جدار .
لسنا هنا لسنا هناك من يشهدُ هذه لا تُلقى على التحايَا ولا تنظر للوراءِ هراءٌ ما حولَنا ونحنُ أيضاً هراءٌ .
(4) من . ذاتى . إلى . ذاتى .
كل بحرٍ نخوضُه إلاكَ لأنك بحرٌ بذاتكَ كيف يخوضُ الجزءُ فى الكلِ وكيف تنبئُ المسافاتُ عنا والمقامُ بعيدٌ .
(5) ذاكرةٌ . فى . غرفةٍ . مظلمةٍ .
لا أعتقدُ أنها تنجحُ أن تقيمَ علاقةً فى غرفةٍ مظلمةٍ الغرفةُ المظلمةُ تظلُّ غرفةً مظلمةً والعلاقةُ تفشلُ .
(6) العلاقةُ . العابرةُ .
كائنٌ يموتُ قبل أن يولدَ من يا تُرى يرحلُ نحنُ أيضاً عابرون نحن المسافةُ المتسعةُ على أىِّ حالٍ .
(7) حالةٌ . بسيطةٌ .
لنا يشتعلُ دائماً أبى نافورةُ النارِ المقدسةِ على مائدتِه كنَّا وفى كفِّه نام شخصى فأشعلتنى نارٌ باردةٌ تنظر كآخر ملاك ترك عينُه ومضى تاركاً كفَّه على كتفى .
(8) الشبيهةُ .
لو تنزعين عينىَّ لرأيتُكِ عيناى التى تجوَّلت كثيراً بدونى إحترسى عيناى فيهما الكثيرُ من ملامحِ أمى .
(9) هى . لا . تدرى .
نعم وعندى لوعة وعندى من الصبرِ ما لا يحتمل حجرٌ وأنا أنظرُ التى لا تدرى بعينىّ أمى كأننى الشبيهُ .
(10) تقسيمات .
لك ألوانُ الطيفِ كلما اخترتِ لوناً عضوٌ من أعضائى ينقص .
دانكو
(1) قلبٌ . مقدسٌ .
من يُبادلنى بمنفى علىَّ أن أجربَ كلَّ المنافى المسافةُ لا ترحلُ منِّى كنتُ هو لبعضِ الوقتِ . ربما يكون أنا من بالداخل .
(2) تائهٌ . فى . حجرةٍ .
عندما قال من يُعيرنى عيْنيْه ناولتُه عينىّ صارَ مضيئا كشيخى صارَ لا يخافُ ظلمةُ . الطريقُ يعرفه والبصيرةُ منى لا تنفد ومع ذلك يبدو أن عينىّ لا تعملان .
(3) شيخى . المضئُ .
محتملٌ أن يكون فى أخرِ الطريقِ وجهٌ . ليس كأىِّ وجهٍ . ليس نهايةً . بل بدايةَ ابتلاءٍ جديدٍ .
(4) صادفتُ . موتاً .
العابرون من الداخلِ . العابرون فى جسدى إلى أين لا موت لا حياة .
(5) الحجرةُ . المجاورةُ .
فى الطرقاتِ تنتقينا المعَانى كأننا للشعرِ معنى . لا شك أن التفاصيل هى المعنى .
(6) المستنقع .
يا إلاهى كل تلك الرائحةِ كل تلك الظلماتِ . كل ذلك الهواء العفن . الأشجارُ ما عادت كما هى . أدْخلينى فى رحمك أيتها الأرض كى أولد من جديد .
جويا . اللوحاتُ . السوداءُ .
(1) يأكلنى . الموتى .
صلابةُ الظلمةِ تشبهُ الصخرةَ لا يقابلنى سوى من عينُه مفقودةٌ الهراواتُ فى مشاجرةِ البارحةِ سببها من يقتلنى كل يوم وكلما صحوت وكلما نجوْت من كابوسٍ يعيدنى إليه عينى مفقودةٌ منذ البارحةِ لكنما أرانى يأكلُنى الموتى .
(2) آكل . أبنائى .
جوعٌ للحمِ الأحياءِ جوعُ الذاكرةِ للكتابةِ أنا الشيخُ الأصمّ كلما ارتقيتُ ظلمةً كلما سمعتُ ضجةَ العالمِ ياإلاهى أنا آكل أبنائى .
(3) ليلة . الدفن .
عندما تهتز السموات أعرف أن رجلا يبكى وأن امرأة ضاحكة تقف على قبره فى يوم معتم تستخدم مظلتها
(4) منزلُ . الرجلِ . الأصمّ .
ضجةُ العالمِ خلفى ضجة العالمِ تشبهُ مُواءَ قطةٍ اسمعوا صوتٌ من العالمِ الآخرِ يأتى ملئٌ بالرعبِ لماذا أنا وحدى يسمعُ هذا الصوت أنصتوا ربما تفهمون لماذا أنا هنا مع هذه الألوان مع هذه الظلمة رغم أن النوافذَ مفتوحةً من يحجبُ الضوءَ .
(5) ليلةُ . الهراواتِ .
اشتباكٌ فى الحانةِ يعنى مقتلُ أحدٍ ما لابد أن يحدثَ ما الذى يحمل هراوةً أنا أم هؤلاء كل ما بيدى فرشاةٌ وطلاءٌ يخرجون من اللوحةِ أجد دماً على الأرضيةِ تعبتُ حتى نمتُ تغبَّشتْنى الظلمةُ ما عرفت أنهم صُنْعُ يدى لماذا أعيشُ بينهم تلك الخيالاتُ تنزلُ من جدارِها كل يومٍ ولا أستطيع أن أمنعَ عراكَهم .
(6) وجوه . بشعة . تلتهمنى .
يدى ترسم ما لا أود كنت مرهقا النظر إلى تلك الوجوه ينبئنى أننى على حافة الجنونِ تركتها تلتهمُنى حتى أنامَ وكلُّ صباحٍ تسحبنى يدى لنفس الجدار فأعيد الطلاء .
(7) من . لا . يقرأُ . لا . يفهمُ .
على وحدى أن يقرأنِى اللونُ علىّ وحدى أن أقرأَ اللونَ مَنْ يختار مَنْ فى المنفى .
(8) الدورُ . الأرضىّ .
فى البهو يجتمع الموتى أشعرُ بالطمأنينة بينهم تتكون مملكة الضاحكون منهم ما زالوا على الجدارِ والقساةُ معى كلما نمتُ نغزنى أحدهم بطرفِ الفرشاةِ .
(9) أزموديا .
هى دائماً تأتى متأخرة 5 دقائق كفيلةٌ بأن يكون كل ما تم مهيأ للرحلة النهائيةِ عبر ظلمةٍ تأخذ ما تشتهيه فكانَ ما كان هنا أحد من قديم كل انتظاره هباء .
(10) حفلة . عائلية .
الذين حضروا المائدةَ تركونى مع الأوانى الأوانى تنتظر نهاية المأساة كحفلة عائلية على وشكِ أن تنفجر .
(11) جنازةٌ . أنيقةٌ .
يحضرنى شاهدٌ يلقى عباءته وقلمه ويخط خربشات على الحائط لا يعنى سوى المرورِ العابرِ بين فواصلِ الكلامِ كأنه طائرٌ يستريحُ برهةً .
(12) سبتُ . الساحراتِ .
التجمعُ الوحيدُ الذى أخشاهُ لأنه عادة ينفعلُ الجميعُ ويتراشقون بالملاعق ولا يبقى سوى ترصُّد روح خارجَ القطيعِ .
جدارياتٌ
(1)
تشابك الأشجارِ يزعجنى . تشابك الأشجار يعيدنى لأول فرشاة . و . وأول جداريةٍ . و . أول نظرةٍ بشعةٍ احتفظت بى . و . أدخلتنى عالم الرعب لا شك أن شبحاً انسلَّ منذ دقائقَ . الغرفةُ تتسعُ حتى عالم الموتى يتسع . و . ما . ضاقَ أبدا الأطياف أيضا تحضر . كل طيفٍ يهنئ الآخرَ . كنت بينهم كفاكهةٍ ليست محرمةٍ . الغرفةُ تتسعُ بحجم ملعبٍ تصبحُ كمستنقع صغير . أشجارُ فى الطرف الآخر تموت . كنت شبحاً ينسلُّ فى الليلِ معى خبز أمى . الأقمار نفسُها صاحبتنى . نظرة الشبح تأكلنى . معى منذ صغرى تلك النظرةُ . الشبح فى سكونه المميت ينقض علىّ . أصبحت فتاتا على حائط أصبحت لوحة فى متحف . يأتى الجيران يأتى الأحياء أيضا الجارة نفسها تعيد السؤال أنا منْ يا إلاهى يحدثُ العكسُ دائماً ولا سببَ لتلكَ الأشياءِ سوى أنّنى فى مكانٍ ليس لى .
(2)
المكان نفسه مبهمٌ مكبُ نفاياتٍ حائطُ خربٌ صفيحةُ قمامةٍ أشجارُ الطرف الآخر تحولت لأشخاصٍ عمالُ نظافةٍ ومرابون وخونةٌ من يدفع أكثرَ يدلفُ للخارجِ لم يبق سواى فى ذلك المستنقعِ قلبى ينطفى ما جمعته فى غيابها بعثرتْه التى نسيتُها .
(3)
يسهلُ الترميمُ ما يسقطُ من فمى أعيدُه لفمى يسهلُ الخداعُ حشوُ الجراحاتِ سهلٌ فى الجداريات يعاد ترميم الأشياء من يرمم النظرة التحجيرية نظرةُ الحجرِ فى الأسفلِ رعدةٌ تسرى فى الأعلى ينحلُّ المراقبون يُصبحُ الفضاءُ غابةً وظلمةً تنحلُّ ضوءُ الشمسِ يقتربُ .
(4)
جاءَ من أعلى من السموات شبحٌ وحيدٌ ليس من أطيافى أم من أسفل الأرضِ السابعةِ من الصعبِ أن أحددَ أكلَ وجهى واستباحَنى عشرين عاماً كلمَا نما وجهى يأكلهُ آكلُ الوجوهِ من لا وجهَ لهُ .
(5)
قلمُ الفحمِ لا يرسمُ بل يجرى بخطوطٍ طوليةٍ وعرضيةٍ ودائريةٍ حتى أننى لا أفهم ماذا تعنى تلكَ الدوائرُ والخطوطُ ربما خربشاتٌ طفولية لا تعنى شيئاً وربما تعنى أشياء لا تفهم .
أحمد صلاح 14/9/ 2000
رفعتنى من الفوضى للسماء وها هى السماءُ بكفىّ عندما ولدت عندما نظرت لى أُعطيتَ محبةَ الدنيا بقلبى والعالم أصبحَ دائراً بى فى السعادةِ اللامتناهيةِ كيفَ لفجرٍ يأتى دون أن أحسَّ ودون أن يكون العالم فرحا تركت عينىّ لك كى ترانى بعينىّ وكى تنظرنى عندما أغادرُ .
نوران صلاح 20/7/ 2004
قلبى لا يتحملُ من يعرفُ أنه محبوبٌ فى كل حالاته تأخذنى من عالم الرعب لعالمِ الملائكةِ كشمسٍ فى نهايةِ الطريقِ عندما تلمسينَ وجْهى أجد نفسى مضطراً للإفاقة من الكابوس انتقالُ ملامحُ أمى إليك يجعلك سيدة قلبى مضطرٌ دائماً أن أعترفَ بضعفى شقاوتُها طائرٌ ينقرُ كفى لا تقولوا لها أننى أحبها ربما تزيد من محبتها فأموتُ .

صلاح عبد العزيز
يناير ـ يوليو 2018
الزقازيق


* إشارات
(1) جويا فنان أسبانى عاصر الحرب الأهلية.
(2) دانكو شخصية أسطورية فى قصص العجوز إيزارجيل - مكسيم جوركى.
(3) إلزا هى حبيبة الشاعر الفرنسى أراجون واستخدمتها كقناع لابنتى المتوفاة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى