يحيى الشيخ - إلى رشدي العامل.. شعر

إلى رشدي العامل (من قصائد 1998)

في قاع المدينة سوق للعتيق،
لأشياء يتيمة،
لتاريخ يسف تراباً،
لأعمار معفرة بالوجد، مبعثرة
للعزلة، مطعمة بالعقيق...
في سوق العتيق،
عثرت على بوصلة ل "ابن ماجد"،
ومسلة لأول شرطي في التاريخ،
محفور عليها "حمو رابي"،
عثرت على ورقة من "حديقة علي".
آه، كم أنت نائية عن الأغصان والفأس،
عن ندى المرأة المستحيلة،
عن ندى المرارة في الكأس،
عن ندى الموجة،
التي اصطفتنا سواحلاً للعتاب،
عن سماء سقطت قبلنا مثل التراب،
عن ماذا بعيدة انت؟
عن كروم الحديقة،
والاجاص الفج قبل أن ينضج نمضغه؟
عن منديلها؟
آثرت أن تحمله،
تعصر روحه في غياب،
عن ماذا أقص؟
وكلما التقيتك تنهض قائلاً:
خذ الكتاب بقوة!
أي كتاب أخذنا؟
فاض بأسماء النساء
والشعراء،
والأصدقاء،
والخونة.
أربعة صلبوني،
تقاسموا حبي وشبابي
عزلتي وسرابي،
آه، لو تدري يا رشدي!
كم أحن إلى دمعة لا يراها الناس،
إلى صرخة تعيدني لجذور الآس،
إلى جبين مثل نجد واسعة،
كنت أسأل نفسي:
هل أغدو مثلها يوماً؟
ها أنا أعثر عليك،
وعلى نفسي يتيماً.
ورقة من "حديقة علي" طويتها طائرة،
أطلقتها إلى عنان الروح:
عودي إلى جناتك،
عودي إلى رشدي!
أعلى