د. عبد الجبار العلمي - عن أدباء وأدبيات من المشرق والمغرب - 3 - الشاعر عبدالوهاب البياتي

حينما رأى الصديق العزيز محمد بوخزار صورة الشاعر عبدالوهاب البياتي رفقة صديقنا وزميل الدراسة أحمد الطريبق ، كتب التدوينة التالية ملقيا أضواء جديدة على زيارة الشاعر الذائع الصيت إلى المغرب:
زيارته الاولى للمغرب بدعوة من اتحاد كتاب المغرب اثناء رئاسة الاستاذ عبد الكريم غلاب ومحمد برادة نائب الرئيس والعربي المساري كاتب عام . زار " ابو علي" عددا من المدن المغربية حيث لقي حفاوة وترحيبا. اذكر اني والاستاذ محمد بنشريفة رافقناه الى مطار النواصر حيث عاد الى القاهرة
استثارت تدوينته ذكريات عزيزة مشتركة ، فكتبت التدوينة التالية : أنت تعلم ياصديقي سي محمد ، أننا كنا من المعجبين بالبياتي شاعرا ومناضلا ، وقارئي دواوينه الأولى "ملائكة وشياطين " و " أباريق مهشمة " زمن كلية آداب ظهر المهراز بفاس سنوات الستين ، وكان الصديق أحمد الطريبق من بيننا من قراء شعر الرواد آنذاك : البياتي - السياب - نازك - فدوى طوقان - نزار ، فضلا عن أساتذتنا الشعراء : أحمد المجاطي - محمد الخمار الكنوني - محمد السرغيني- إبراهيم السولامي. كان الصديق الطريبق بدأ كتابة محاولاته الأولى وهو تلميذ بطنجة ، و أذكر انه حدثني عن لقائه بعبدالله كنون في بيته ، وعرض عليه بعض قصائده ،وأنه أحرز على جائزة شعرية على إحدى قصائده العمودية على ما أذكر. أما "أبو علي " ، فكان من الشعراء المعاصرين الذين قرأنا لهم جل دواوينه التي كانت تنحاز إلى القضايا التي كانت تشغلنا في تلك المرحلة " أشعار للأطفال والزيتون " - "سفر الفقر والثورة " .. وكنا أيضا إلى جانب إعجابنا بشعره ، منبهرين بشخصيته وحياته غير المستقرة ،فهو متنقل من منفى إلى منفى لا يعرف الركون والاطمئنان في بلد واحد ، ربما باحثا عن مأوى يجد فيه ما يطمح إليه من حياة ينعم فيها بالكرامة والحرية ، هاربا من الاستبداد ... وكان هو من عرفنا بالشاعر ناظم حكمت الذي كان من أشد المعجبين به. الصورة التي نشرتها كانت هدية من صديقي أحمد ، وظللت أحتفظ بها ضمن أوراقي إلى الآن . أما أيام فاس فكانت تمثل زمن الشعر ، وليس زمن الرواية حسب ما روج له جابر عصفور فيما بعد . فقد كان زملاؤنا يقرؤون الشعر ويقترفونه ، وقد أصدر بعضهم باكورة أعمالهم الشعرية آنذاك : " الحب مهزلة القرون " لمحمد عنيبة الحمري و " أشواك بلا ورد " لزميلنا المرحوم محمد بن دفعة " أما أستاذنا إبراهيم السولامي ، فأصدر قبلهما ديوانه الجميل " حب " ، كما أذكر أن الشاعر محمد بنيس ، أصدر باكورة الشعرية بعد ذلك بعنوان " أول الكلام " . إنها ذكريات عزيزة عصية على النسيان أثارتها تلك الصورة التاريخية للشاعرين البياتي والطريبق.

الدكتور عبد الجبار العلمي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى