د. عبد الجبار العلمي - سيدات الغناء المغربي..

[SIZE=26px] [/SIZE]كتب الصديق العزيز المهدي ناقوس تدوينة رائعة عن الغناء المغربي في زمنه الجميل ، فملأ ليلتي الرمضانية بالإمتاع والمؤانسة ، وحرك قلمي الكسول المتثائب ليكتب بعض الأفكار والإضافات المتواضعة هي كالتالي :

شكرا على الإضافة المفيدة الرصينة أخي وصديقي العزيز سي المهدي . كل من ذكرتهن من مطرباتنا الفنانات الأصيلات الرصينات اللواتي كن لا يغنين إلا الأغاني الراقية كلمات وألحانا. زهرة الفاسية لا أعرفها . أما بهيجة إدريس فتعتبر رائدة الأغنية المغربية النسائية ، وصوتها النسوي الشجي يتغلغل إلى شغاف القلب خاصة حين تشدو بأغنياتها الخالدة " عطشانة " للشاعر محمد غربي رحمه الله وقد أشار الصديقان محمد بوخزار ومحمد علي الرباوي إلى ظاهرة نسيان شعرائنا وكتاب كلمات الأغاني الأسبقين. ولا ينبغي أن ننسى مشاركتها في الأغنية الرائعة كلمات ولحنا وأداء : " القمر الأحمر" بصوتها الهادئ الحالم . أما عزيزة جلال فكانت نسيج وحدها آنذاك ، وحين ظهرت فجأة ، أبهرتنا بصوتها وغنائها لأجمل أغاني أسمهان وخاصة ليالي الأنس في فيينا على ما أذكر . كانت ظاهرة فنية حقا ، وعرفنا أنها من مدينة مكناس ، مدينة الفنانين المبدعين محمد بنعبدالسلام وبهيجة وأمينة إدريس . ولم تلبث إلا مدة قليلة في ميدان الطرب الأصيل ، حيث تهافت على صوتها كبار ملحني مصر : رياض السنباطي وسيد مكاوي وبليغ حمدي ، حتى فوجئنا بقرار اعتزالها نهائيا. ولم تظهر بعد غيابها الطويل إلا مؤخرا ما جعل الصديق الشاعر الوراري يكتب تدوينة يبدي فيها رأيا مفاده أنها كان يفضل أن لا تبدو للناس ، وأن تترك صورتها كما عرفوها أيام ظهورها الأولى ما جعلني أذكر له ما قرأته في كتاب صلاح مرسي الصحافي والروائي صاحب رواية الجاسوسية " رأفت الهجان " في التدوينة التي تفضلت بقراءتها وإغنائها بما كتبت وأضفت. إننا نعتز أيما اعتزاز بمطرباتنا اللواتي ذكرتهن لاحترامهن فنهن وجمهورهن وتقديم كل ما يربي الذوق الفني ويرهف أحاسيس الجمهور ويرتفع به إلى قمم الفن الرفيع : نعيمة سميح ذات البحة المتميزة التي اختارت عن اقتناع عدم الهجرة بصوتها إلى الشرق أو الخليج . ما أحلى أدائها للأغنية الجبلية التطوانية ( أنا ديني دين الله .. / أنا علي حجاب الله / أنا عيني وميزاني.. وانت الحبيبة ديالي ياللا...) للمطرب الملحن المجدد التطواني عبدالصمد شقارة رحمه الله. أذكر أنها أتقنتها ومنحتها شخصيتها الخاصة . أما أغانيها بالدارجة المغربية الأصيلة ، فتحف غنائية. وما زلت أذكر أول ظهورها في البرنامج - المدرسة "مواهب " لصاحبه الفنان مكتشف المواهب الأستاذ عبدالنبي الجراري رحمه الله. وكانت أولى أغنياتها أغنية الخاتم التي غنتها برقة ونعومة . لطيفة رأفت صوت مغربي أصيل أيضا كانت تطربنا بأغنيتها البديعة المترعة بالمشاعر الأنثوية الإنسانية الصادقة " مغيارة " ، وقد حظيت بحضور حفلة من حفلاتها في سينما ميغيراما بالدار البيضاء ، فغنت وأطربت . أما حياة الإدريسي فتجيد غناء السيدة أم كلثوم ، ولم تأخذ حقها الذي تستحقه في هذا المجال.
بخصوص السيدة كريمة الصقلي ، فهي كما ذكرت تغني خارج الوطن وتعرفهادور الأوبرا في الشرق والغرب ، ولا تعرفها جمهور اليوم . ويبدو أن فنها وأغانيها التي تختار كلماتها من كبار الشعراء وخاصة المتصوفة كابن عربي وابن الفارض و غيرهما ، ليس في المغرب متذوقوه وجمهوره إلا قلة قليلة من متذوقي فن الزمن الجميل . إنها مطربة مثقفة ثقافة فنية وأدبية رفيعة ، وقد سبق لي أن كتبت عنها مقالة إثر مشاهدتي لبرنامج "حلو الكلام " الذي تعده الشاعرة "بروين حبيب" في تلفزيون دبي ، كانت السيدة كريمة الصقلي ضيفة عليه . قلت فيها إن بروين حبيب انبهرت بثقافة مضيفتها المغربية ، وقد بدأ لي تفوق كريمة الصقلي المثقفة الأديبة الحافظة للشعر العربي الراقي . بقي عبده الشريف الذي يتفوق على العديد من المطربين المصريين الذين حاولوا غناء أغاني عبدالحليم حافظ .هو الآخر لم ينل ما يستحقه . كان حقا يطربنا بأدائه المعبر عن كلمات الأغنية ، وذاك كان صنيع عبدالحليم حافظ.
وفي الختام : هل أقول لك ما قاله الشاعر القديم : ذهب الذين أحبهم / وبقيت مثل السيف فردا ؟ الذين بقوا ياصديقي من المطربين والمطربات المغاربة يعيشون الغربة في الوطن ومتذوقو الفن الأصيل يعانون نفس الغربة لقد غاب عنا المطرب ياصديقي المهدي . وأين نلتقي بالثعالبي لكي يقدم لنا ما فاتنا وغاب عنا من الطرب في كتابه الجميل " من غاب عنه المطرب"؟..

د. عبدالجبار العلمي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى