دونالد وارن فيشر - نظرية القيمة عند البروفيسور اربان.. ترجمة : د. رمضان الصباغ

تشير الملاحظات الهامة التالية الى مقالات نشرها مؤخرا فى هذه المجلة (- THE JOURNAL OF PHILOSOPHY
PSYCHOLOGY AND SCIENTIFIC METHODS ) البروفيسور " ويلبر م. اربان " .

( 1 ) القيمة ليست موضوعية

يؤكد البروفيسور اربان "1" فى هذه المقالات على أطروحته القائلة بأن القيمة موضوعية . هذه الاطروحة هى الشىء الهام والأكثر جدة فى هذه المقالات . وان كنت لا أقول بانها الشىء الأكثر أهمية المتضمن فى المقالات ، لأن هذه يبدو لى تمييزا حادا بين الكينونة من جهة والصلاحية من جهة أخرى ، جنبا الى جنب مع ما يترتب على ذلك بأن القيمة لا تكون لها كينونة من أى نوع ولكن لديها صلاحية . الا أن هذا التمييز ليس جديدا ، فهو مستمد من ، او على الاقل وضع بشكل أساسى من قبل "هنريك ريكارت" . وهى الفكرة التى بوسعى الموافقة عليها بيسر ، ولكنها – كما يلاحظ قارىء هذه الملاحظات أن الشىء الوحيد فحسب الذى استطيع الموافقة عليه مما تتضمنه هذه المقالات ، واطروحة ان القيمة موضوعية ، والتى تمثل الجدة الرئيسية هنا قد وضعت فى المواجهة ويبدو لى أن هناك مغالطات كاملة فى هذا الأمر .
كلمة موضوعى تعنى القليل لاحدى الكتابات غير المألوفة ل " مينونج " . فى كتابات هذا المفكر وأتباعه كان التمييز بين الموضوعات والموضوعية ( كل منهما يطلق عليه اشياء GEGENSTANDE ). اذا تناولنا هذا التمييز من زاوية الحكم ، فاننا سوف نفسره بالقول بأن الموضوعى هو ماندركه عن طريق الحكم ، فى حين أن الموضوع – بالرغم من اننا قد نكون مدركين له فى الحكم الا أنه ليس كل ماندركه دائما . وهكذا اذا حكمنا بان " أ " موجود فعلينا أن ندرك فى فعل الحكم الموضوع " ا " ، وتكون موضوعية " ا " ايضا موجودة "2" .
الموضوعية قد تتسم بما فيه الكفاية باعتبارها كل ما ندركه من خلال معانى الحكم . اعتمد البروفيسور "اربان " هذه اللغة المميزة وهذا التصور – على الأقل – بقدر ما تعنيه كلمة موضوعية ببساطة الموضوع الكلى للحكم او افتراض الموضوعية ،. فيما يلى ليست لدى الرغبة فى التشكيك فى مذهب الموضوعية ، بل بالاحرى اشير الى أن القيمة ليست من نوع الأشياء التى يتم تعريفها بالموضوعية .
وقد كتب البروفيسور "اربان " : " القيمة ليست على الاطلاق اما صفة او علاقة . انها " ذلك " "3". ومرة أخرى بل هى الموضوعية "4" . وبالطبع القيمة ليست اى موضوعية أيا كانت بل نوعا فريدا من الموضوعية . يعالج البروفيسور اربان القيمة طوال هذه المقالات باعتبارها افتراضا – أى موضوعية –وبأن أى موضوع يجب أن يكون فى اعتبارها الخاص "5" .
ولكن قد يستفسر المرء : مالقيمة ؟ القيمة – بصفة عامة – ليست اقتراحا بأن أى موضوع خاص يسر المرء يجب أن يكون باعتبارها الخاص . فى هذه النقطة يبدو البروفيسور اربان غير واضح . لكى يتجنب الصعوبة الأولية فحسب أشار الى انه أراد أن يضع مذهبه كما يلى : القيمة التى يمتلكها أى موضوع هى الموضوعية التى يجب على الموضوع أن يكون فى اعتبارها الخاص . دعونا ننظر أطروحته هكذا كما وردت .

قد يبدو لا يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة بسهولة عن طريق الأخذ بعين الاعتبار علاقتها بالتملك . الاعتبار هو بايجاز : القيمة التى يمكن امتلاكها من قبل الموضوع ، ولكن الموضوعية لا يمكن أن تكون ممتلكة له . القيمة التى يمتلكها اى موضوع " ا" هى الشىء الذى يمتلكه الموضوع . ولكن الموضوعية هى : أن " أ " يجب ان يكون فى اعتباره الخاص .هذا يكمن فى طبيعة الموضوعية فى حد ذاتها ، وبصرف النظر تماما عن هذا الموضوع الخاص .
دعونا ننظر فى الموضوعية ، "ا" موجود ، ودعونا نذكر ذلك – كما يجوز لنا – فى نموذذج " أ " أو " أ " موجود " . وسوف يتم بعد ذلك النظر أنه فى حين أن " أ " فى هذه الحالة يمتلك الوجود ، و" أ " لايملك أو " أ " موجود . وبشكل عام – وفقا لتعاليم " مينونج " ، الموضوعية ليست شيئا ما يمتلكه الموضوع ( مثل " أ " فى نموذجنا ) ، ولكن بالأاحرى شىء ما يتشكل به الموضوع "6" . لهذا السبب الشكلى المحض ، من ثم ، اذا لم يكن لشىء آخر ، يمكننا القول بأن القيمة التى يمتلكها الموضوع لايمكن الكشف عنها بالموضوعية أو بافتراض حول الموضوع .
ما يشبه الاعتبار قد يذكر كما يلى : القيمة أو مايعادل القيمة يعد شاملا فى حين أن الموضوعية ليست شاملة . وهذا كاف لاظهار الفرق بينهما .
أخيرا كلمة تتعلق بمقالات البروفيسور "اربان " نفسها واتسااقها الداخلى بدلا من عرض الموضوع للتساؤل . اذا تمسك البروفيسور "اربان" بدقة بمذهب " مينونج " عن الموضوعية ن فانه بشكل خاص يناقض نفسه بدرجة خطيرة . يرى " مينونج أن " الموضوعية فى جوهرها بمثابة شكل من اشكال الكينونة وانه يجوز لها – مع أنها لاتحتاج الى ذلك – الحصول على طابع حقائق الوجود "7" .
اذا تمسك البروفيسور " اربال " بهذا المذهب عن الموضوعية فانه يناقض نفسه . وهو يرى أن القيمة موضوعية . وكتب ايضا – وهذا ماوضعته أنا بعين الاعتبار - : " القيمة ليست اقرارا با لكينونة وليست شكلا من أشكال الكينونة ""8 " . وفضلا عن ذلك : " فان الكينونة لا يمكن تعريفها بشكل نهائى – فى واقع الأمر – بمصطلحات أو مقولا ت مثل الصفة او الموضوع أو العلاقة" "9" . هذا ، وأنا ارى أن من التناقض تمسك البروفيسور " اربان " بمذهب الموضوعية عند " مينونج " . ولغته فى بعض الفقرات تشير الى انه لم يستبعد جميع عناصر الكينونة والحقيقة من " موضوعية القيمة " .
وهكذا يكتب البروفيسور اربان عن القيمة باعتبارها الحقيقة التى يجب ان يكون عليها الموضوع "10" ، وباعتبارها علاقة فريدة للموضوع بالكينونة والعدم "11" . مع ذلك ، اذا كانت هذه مجرد زلات قلم ، واذا كان مؤلفنا لايتمسك بشكل صارم بمذهب " مينونج " عن الموضوعية كشكل من أشكال الكينونة ، فبالاحرى ليس من الضرورى الخلط بين المسائل بالنسبة لقراء الادب والفكر بالتمسك بمصطلحات مينونج .
وفضلا عن ذلك اذاكان البروفيسور اربان لايشاطر مينونج الرأى بأن الموضوعية فى جوهرها شكل من أشكال الكينونة ، فانه يجوز حقا توقع القول – من وجهة نظره – بأن الكينونة تحل فى الموضوعية ، وأن تحدد مفهومها من المفهوم الذى من اجله يستخدم مصطلح الموضوعية أصلا . ولكن هذا التفصيل لا أجد فى شأنه كلمة فى هذه المقالات .
هذا ربما يكون كافيا على الرغم من أنه بمعنى ما لم يستنفذ الموضوع . حجتى المباشرة ضد أطروحة البروفيسور " اربان " كان المقصود بها اظهار ان القيمة ليست موضوعية ، وسيكون من الملاحظ ان هذه الحجة مستقلة تماما عن النظر عما اذا كانت الكينونة هى – ام ليست – جوهر الموضوعية .

( 2 ) القيمة هى مايجب أن يكون

القيمة ليست موضوعية او مفترضة . وهذا صحيح بغض النظر عن الموضوعية الخاصة التى اخترناها لوضعها بعين الاعتبار. وبالتالى ليس بوسعنا القول بان قيمة ( أ ) التى تمتلكها ، هى قيمة موضوعية ، وان ( أ ) ذو قيمة . ولكنى الآ ن اود أن اشير الى أن البروفيسور " اربان " بالاضافة الى انه يخطىء عند قوله بأن القيمة موضوعية ، فانه – مما يؤسف له على وجه الخصوص – هو ما اختاره لتعريف الموضوعية . يعرف البروفيسور اربان – كما رأينا الآ ن – القيمة التى يمتلكها الموضوع بالافتراض أو الموضوعية ، وان الموضوع يجب أن يكون فى اعتباره الخاص .
والآ ن يبدو لى أن ا فتراض " ان الموضوع يجب أن يكون - سواء فى اعتباره الخاص أم لا – هو فى الأساس بلا معنى . أى أننى اود أن انفى ان الموضوعات تمتلك مايجب أن يكون دائما لو أمكنها ذلك .

الحجة هنا تتعلق بالشكل ، ولكنها مع ذلك أساسية . من وجهة نظر الشكل ليس هناك سبب لعم امتلاك الموضوعات لما يجب أن يكون ، ولن يكون هناك اى اعتراض ، من وجهة النظر هذه ، القول بأن القيمة هى ما يجب أن يكون ( بالطبع مع ملاحظة أن الالتزام بما يكون ليس موضوعية ،بالرغم من أن التزام الموضوع بما يكون ) هو الموضوعية . ولكن الحفيفة البسيطة هى أن الموضوعات لا تمتلك واجب أن تكون .
لقد توقع البروفيسور " اربان " هذا النوع من الانتقادات فكتب : " أصر " كانط – على سبيل المثال – على انه بالنسبة للموضوعات والاشياء لن يكون هناك (مايجب ) لأ نه ببساطة لايوجد تصريح يذلك ، ويبدو لى ان " كانط " فى هذه المسألة قد ذكر حقيقة هامة . الالتزام أو الواجب يشير الى الاشخاص فحسب ، أى الى موضوعات الوعى الذاتى . فنحن اذا قلنا بأن القطار يجب ان يكون فى المحطة فى وقت معين ، فاننا ننسب الالتزام للرجال الذين يديرون القطار وليس للقطار نفسه بالتأكيد ، أوقد نتكلم فى احساس بحيوية المادة دون تدقيق . واذا قلنا بأن هذه او تلك ظروفا اجتماعية واقتصادية لا ينبغى وجودها ، فان الشىء الوحيد الذى نعنيه بذكاء هو أن الالتزام بتغييرها مستند الى كائنا ت واعية بذاتها ( الانسان على الارجح ) .
الالتزام لا يشير الى الموضوعات . وعلاوة على ذلك ، فليس هناك واجب أن يكون ، ولكن ليتم ذلك ، او – على الأقل – هو واجب أن يكون فقط بقدر ما الكينونة هى مرحلة فى فعل الوعى الذاتى . لهذه الاسباب يمكن القول ، من ثم ، ما ليس قيمة لبس موضوعيا ، ولكن الموضوعية الفريدة أو الفرضية الخاصة " هى موضوع يجب أن بكون فى اعتباره الخاص " ( او بالأحرى الكلما ت المستخدمة لاعلانه مثل التعبير " مثلث الفضيلة " بلا معنى ) اساسا . بلغة أبسط ليس هناك شىء مثل التزام الموضوع أن يكون فى اعتباره الخاص .

( 3 ) شمولية القيمة

يقررالبروفيسور "اربان " – كما هو معروف لدينا بداهة – أن القيمة اما ايجابية أو سلبية . وأنها شاملة فى تطبيقها . فيكتب : " لكل موضوع بالمعنى الواسع للكلمة قيمة ايجابية أو سلبية يجب أن تسند اليه "13". وأنا سوف أعرب عن أننى لا ارى ما يعد صدقا فى هذا التصريح .

لكن اذا كان المبدأ صحيحا ، فان ما كتبه البروفيسور اربان فى الفقرة التالية يجب – فيما اعتقد – ان يكزن غير صحيح . فقد كتب : الوجود متنا قض مع العدم ، الا أن القيمة السلبية ليست متناقضة مع القيمة الايجابية
"14". والآ ن اذا كان كل موضوع متصور يجب أن تكون له قيمة اما ايجابية أو سلبية ، فيبدو أن القيمة السلبية واالقيمة الا يجابية تقتسمان شمولية الخطاب فيما بينهما ، وانهما متنا قضتان . وفيما اعتقد يتضح على الفور أن القيمة السالبة متناقضة مع القيمة الموجبة . الا اننى ألاحظ ان البروفيسور "اربان "فى قوله بان القيمة السلبية لا تتناقض مع القيمة الايجابية ، يشير الى " ريكارت " مما يتيح للقارىء – فيما اخشى – افتراض أن ريكارت قدم تصريحا مماثلا .
مع ذلك اذا رجع القارىء الى الطبع الثالثة لكتاب "ريكارت موضوع المعرفة " الذى – واسمحوا لى ان اقول – تبدو مناقشة هذه الامور أكثر أهمية - اذا رجع الى هذه النقطة فى القضية فسوف يجد مذهبا شديد الاختلاف . يشير " ريكارت " الى ان القيمة بالمعنى الواسع للكلمة تشمل كلا من القيمة الايجابية ( او القيمة بالمعنى الضيق ) والقيمة السلبية .وبناءا على ذلك فانه يعلمنا بان القيمة السالبة ليست متناقضة مع القيمة ( بالمعنى الواسع ) ، فى حين تبقى بطبيعة الحال متناقضة مع القيمة الايجابية "15" .

( 4 ) نسبية القيم

يقرر البروفيسور "اربان " – كما هو معروف لدينا بداهة – ان القيمة نسبية وليست مطلقة . فيكتب : " مع تقدمنا فى المواجهة المرتبطة بفكرة ان وراء اشىء المقوم يوجد شىء آخر له قيمة أخرى ، اما أكثر أو اقل .... والقيمة المنعزلة متناقضة اصطلاحيا "16" . لا يبدو لى هذا معرفة مسبقة – وفى الواقع – لا يبدو صحيحا على الاطلاق . والزعم بأن كل القيم مطلقة ، الان بعض القيم من هذا النوع بلا شك ، مثل – على سبيل المثال - القيم الاقتصادية ، والقيم التى تمثل جزءا من الحياة بصفة عامة والقيمة التى تدعى عملية هى المعنية . ولكن يبدو لى أن القيم المنطوية تحت نوع من الخبرة الانسانية مثل التأمل الجمالى ، والحب – فى بعض نماذجه – والشعور الدينى – بما فى ذلك ربما الميتافيزيقى – لا يمكن أن توضع فى اطار الصيغة التى ترى أن القيم المنعزلة مستحيلة ، وأن جميع القيم نسبية . وأنا – مع ذلك سوف اطور حجة واحدة فقط بالتفصيل .
لكل حقيقة قيمة ما . هذا مؤكد اذا كان أى شىء حقيقى أيا كان حاصلا على القيمة ، وان لم يكن لسبب آخر . ولكن كل الحقيقة ليس لها اى شىء خارجها ، وبالتالى فانها تمتلك قيمة منعزلة او غير نسبية . وفى متابعة هذه الحجة يمكن للمرء – فى الواقع – ان يقتبس من البروفيسور "اربان " ضد نفسه . لأنه راى أن كل موضوع متصور حاصل على القيمة ، وهذا يعنى – فيما يبدو – أن كل حقيقة ذات قيمة ، ويجب أن تكون معزولة ومطلقة . فضلا عن ذلك فى المقالة الثالثة من هذه السلسلة يرى البروفيسور اربان – حقا كما يبدولى – ان مصطلح " حقيقى " فى حد ذاته هو مفهوم قيمة "17" . الا ان كل حقيقة واقعية . لذا فان كل حقيقة ذات قيمة ، ولكن بما ان لاشىء يكمن وراء الحقيقة كلها ، فان القيمة ليست نسبية بل مطلقة.

( 5 ) معرفة القيمة بديهية

يرى البروفيسور "اربان " أن بعض افتراضات القيمة معروفة لنا بشكل مسبق . وكتب : " لقد تم خلط كل المسائل – ومع ذلك – من خلال افتراض أننا قد نعرف مسبفا ان الموضوعات جيدة بشكل جوهرى ، أو ان بعضها أفضل من البعض الاخر ، عندما كان – فى واقع الامر – بوسعنا أن نستنتج قيمة الموضوع من طبيعته .وليس لدينا معرفة مسبقة عن الخير او السىء من الموضوعا تت أيا كان " "18" . من وجهة نظر البروفيسور "اربان" ان معرفة القيمة المسبقة يمكن أن تتشكل لدينا فحسب من افتراضات عن القيمة ، اى ، افتراضات عن طبيعة أوجوهر مفهوم القيمة او شموليتها "19 " . وانا ادرك أن موضوع المعرفة المسبقة برمته – وخاصة – ان معرفة القيمة المسبقة تبدو لذهن العديد من القراء واحدة ، واذا أردنا قول شىء واضح عنها فانه يتطلب مناقشة عميقة .
لكن سوف يكون من المسلم به ، الاتفاق مع البروفيسور "اربان " بأن لدينا معرفة مسبقة بالقيمة ، وسيتالف تعليقى فى محاولة اظهار أن البروفيسور "اربان " حدد بصورة محدودة جدا نطاق هذه المعرفة .
" الموضوع ذو قيمة او يجب ان يكون ، ويمكننى ان أعرف فقط من خلال الخبرة "20" . يبدو لى هذا – الآن- صحيحا فيما يتعلق بالا شياء على وجه الخصوص ، ولكنه لايتعلق بالعموميات . اذا كان الموضوع محل السؤال هو على وجه الخصوص ، وقيمة الموضوع ، او حقيقة أن الموضوع بمتلك القيمة ، يمكن أن تعرف امبريقيا فحسب ، وذلك لأن الموضوع نفسه على نحو خاص مكون مما هو معروف ويمكن معرفته من خلال الخبرة .

مع ذلك اذا كان الموضوع محل السؤال شاملا ، فان الطبيعة المحددة له معروفة لنا بشكل مستقل عن الخبرة ، بمعنى التجربة والرؤية ، ويبدو لى من المعقول أن نرى أن امتلاك القيمة من قبل الموضوع قد يكون معروفا لدينا مسبقا او بشكل مستقل عن التجربة "21" . وكثيرا ما يتضح أن المعرفة المسبقة للقيمة من هذا النوع ، وليس المعرفة المسبقة عن فكرة القيمة نفسها حيث يكون العقل البشرى فى محولاته المتباينة لاكتشاف الخير أو قائمة الخيرات ،مهتما عمليا وحيويا .

( 6 ) موضوعية القيمة

دعونا نفهم أطروحة ان القيمة موضوعية بالمعنى التاللى : تربتط القيمة بالموضوعات بصرف النظر عن أى شعور للبشر عن هذه الموضوعات . اعتقد أن البروفيسور " اربان ي"فهم الأطروحة فى هذا المعنى ويؤكد على صحتها "22" . وقد استند البروفيسور اربان – علاوة على ذلك – الى الاعتقاد فى القيمة الموضوعية على حقيقة أن لدينا معرفة بالقيمة . يبدو لى – حتى الآن – أن الموقف سليم بشكل اساسى . ولكن البروفيسور اربان قد اختار كأساس للاعتقاد فى القيمة الموضوعية ، بعض فروض محددة للقيمة والتى – كما تبدو لى – غير صحيحة تماما فى جزء منها ، وهى سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة لا تتضمن موضوعية القيمة محل السؤال .
المعرفة المزعومة التى يؤسس عليها البروفيسور اربان الاعتفاد فى موضوعية القيمة تتكون من افتراضين بأن القيمة شاملة وأنها نسبية . اننى مهتم هنا ليس بحقبقة هذه الافتراضا ت ، ولكن فقط باستنتاجات البروفيسور اربان ومحاولة الاستفادة منها . فقد كتب : " اكرر، اذا عرفنا – بصرف النظر عن خبرات الشعور والارادة – أن كل موضوع يوجد له موضع فى عا لم القيمة ، والتى تعكى أى اثنتين من القيم اللتين يجب أن تبرزا بالضرورة فى علاقة أقل او أكثر ، ومن ثم التقويم ( أى الشعور 9 لا يمكن أن يمنحهما ذلك المكان ، والاهتكام لا يمكن بداية أن ينشىء ه1ه العلاقة "23" .
لكن النتائج لا تتبع ذلك . " التقويم لا يمكن ان يمنحه هذا المكان " ... اذا كان ذلك المكان يعنى مكان موضوع معين حقا لديه وهذا مانهتم به فى السؤال عن موضوعية القيمة ، فنسال لمذا لا ؟ . وبما ان مبدانا يقول بأن كل موضوع يمكن تصوره يجب أن يكون لديه مكانا ما فى عالم القيم ، ولا يمكن أن يخلق الاهتمام هذه العلاقة ، ولكن – مرة اخرى – اذا كات هذه العلاقة تعنى علاقة أكثر او أقل معينة حيث تبرز فيها قيمة معينة من قيم أخرى ، وهذا هو بيت القصيد فى السؤأ ل ، فنسأل لماذا لا ؟ . وبما ان المبدأ المفترض يخبرنا بأن كل قيمة ذات صلة بشكل نسبى تترك معنى غير محدد للعلاقة . ولا تعنى الافتراضات هنا ( اى شىء فى غاية الاهمية كما يفترض البروفيسور اربان ذلك ) بشان موضوعية القيم .

البروفبسور اربان حذر جدا فى معاجته للقيمة الموضوعية فى مقالته الثانية . فيكتب : " ليست ثقة مفرطة لحل المقترح هنا " اعتقد أن المرء بوسعه فهم افتقاره للثقة ، طالما دراسة المعرفة المزعومة فحسب قد صنعت اساس الاعتقاد فى القيمة الموضوعية . ولكنه فى مناقشته فى المقالة الثانية يتجاهل البروفيسور " اربان " بشكل تام الظروف التى حافظ فيها على الاطروحة طوال الوقت ، وخاصة فى المقالة الأولى- أى – أن لدينا معرفة بافتراضات صورة ( اأ) ذى قيمة ، او – كما يفضل هو أن يقول – ( أ ) يجب أن يكون فى اعتباره الخاص . يجب ، اذاكان صحيحا ، فانه يضمن لنا وفرة من موضوعية القيمة .
وقد أكد البروفيسور اربان على أن قيمة الموضوع مدركة عن طريق الأحكام ، اى اننا قد نحكم حقا على قيمة الموضوعات بأنها تمتلك معرفة قيمة حقيقية . ولكن حيثما تكون المعرفة تكون هناك الموضوعية . اذا كانت معرفتنا بقيمة الموضوعات هى أى شىء ذى نطاق واسع مثلما اعتبره البروفيسور اربان موجودا ،فان اعتقادنا فى موضوعية القيمة قد يخمد على أساس مختلف تماما عنم يشير المرء اليه هنا ، ويكون اكثر أمنا .

( 7 ) حكم القيمة

كتب البروفيسور اربان : " محذرا من الخلط بين حكم القيمة وحكم الحقيقة " "24" . ما هذا الخلط الذى يحذر القارىء منه ؟ . الحقيقة هى بالطبع ، ان الخطر لا يكمن فى الخلط بين هذين الأمرين ، بل بمعاجتهما كما لو كانا مختلفين . كل حكم وكل اعتقاد يعد حكم حقيقة بمعنى أنه يهدف الى ان يكون صحيحا ، وهو اما أن يكون صحيحا او غير صحيح .هذه حقيقة تبدو واضحة جدا بتطلبها التركيز ، ولكن ما لم يتم اقرارهذا بحزم فى العقل فلا فائدة فى مناقشة أى شكل من أشكال الحكم أيا كان ، حكم قيمة أو اى شىء آخر . للتمييز بين حكم القيمة وحكم الحقيقة علينا ان نعترف بان ليس هناك شىء من هذا القبيل مثل حكم القيمة .
علاوة على ذلك يبدو أن البروفيسور اربان – بالنسبة لى – قد فشل فى الفهم الواضح لطبيعة المحتوى او الموضوع الكلى لحكم القيمة . فقد كتب : " ان هناك ادراك حكمى للقيمة ""25" ، ومرة اخرى ، ان " القيمة يمكن ادراكها فقط من خلال الحكم ""26" . والآن قد تبدو مسالة بسيطة أن يقال أن ما تم ادراكه عن طريق حكم القيمة ليس هو القيمة ، بل الموضوع المعين أو المعطى ، لكن هذه النقطة ذات أهمية جوهرية - فى اعتقادى .

نفترض اننا نحكم على أن ( أ ) ذو قيمة ، موضوع اعتقادنا هنا ليس القيمة بل ( أ ) ذا القيمة . وقيمة ( أ ) يمكن القول بأنها علاقة بين المصطلحا ت ، وانها قد تكون مدركة عن طريق الاعتقاد او الحكم . ومن جهة أخرى ، القيمة ليست علاقة بين المصطلحات ، بل هى مجرد مصطلح واحد لموضوع معقد ، وقيمة ( أ ) . وليست القيمة مؤهلة لأن تدرك عن طريق الحكم ، انها – فيما اعتقد – تد رك عن طريق شكل من أشكال الشعور . الحجة هنا عامة وتنطبق على أشكال الحكم الأخرى الى جانب ما يعد محل السؤال . وهكذا اذ حكمنا بأن ( أ ) أزرق يكون ما ادركناه عن طريق "حكم اللون " هو ليس اللون الأزرق بل وجود الزرقة بالموضوع ( أ ) .
من ثم من المهم ملاحظة الفرق بين القيمة والموضوع ذى القيمة ، مع ملاحظة أن الاخير وليس الاول هو الذى تم ادراكه عن طريق حكم القيمة . لقد فشل البروفيسور "اربان " فى تقديم تفسير واضح لموضوع حكم القيمة بتجاهله لهذا الفرق ، فقد عالجه فى لحظة على أنه قيمة و فى لحظة أخرى على أنه موضوع قيمة . عدم وجود تفسير واضح لهذه النقطة الأساسية – كما اعتقد – مصدره أطروحة البروفيسور اربان بأن القيمة موضوعية ، وقد رأينا – من قبل – عدم امكانية الدفاع عنها ، وقد اكد فيما افترض بما أن القيمة ادركت عن طريق حكم القيمة ، وبما اننا ادركنا الموضوعية عن طريق حكم القيمة ،تكون القيمة – بالتا لى – موضوعية .

( 8) هل الحقيقة تتضمن القيمة ؟

صيغة هذا السؤال – على الاقل من اول وهلة - مؤهلة لاكثر من تفسير .
( أ ) هل تنطوى الحقيقة على القيمة بمعنى ان الحقيقة – فى حد ذاتها – شكل من أشكال القيمة ؟
( ب ) هل الحقيقة تتضمن القيمة ، بمعنى ان بعض أنواع القيمة تضاف الى الحقيقة ؟
( أ ) يجيب البروفيسور اربان على هذا السؤال مؤيدا بشكل ايجابى . ويذهب الى أن الحقيقة هى شكل من أشكال القيمة – على الأقل – بالمعنى المشار اليه بكلمة أهمية . مفهوم القيمة لا ينفصل عن الفكرة الاطراء"27" . يبدو لى أن هذا هو الموقف الصائب بشكل اساسى .
"الحقيقة شكل من أشكال القيمة" . يذهب البروفيسور اربان فى مقالته الثالثة من هذه السلسلة – ليس فى الواقع بدرجة عالية من الوضوح – الى أن الكينونة على وجهين من أوجه الوجود والحضور ، وهى ، ان لم تكن شكلا من أشكال القيمة ، فانها مستمدة – فى التحليل الأخير – من موضوعية فعالة "28" . الكينونة تتضمن القيمة ،أ وهى منطقيا أمر ثانوى للقيمة . هذا الموقف قد يكون مؤهلا الآن لتبرير الكينونة ، لكن التبرير صعب ، ومن الصعب تبرير الموقف بالنسبة للحقيقة .
عن مفهومى الحقيقة والكينونة ، يبدو الأخير أكثر صعوبة فى معالجته باعتباره حكم قيمة – أو بدقة أكثر – الكينونة هى ذلك الجزء من الحقيقة الذى يجعل من الصعب معا لجة الحقيقة باعتبارها حكم قيمة . لم يقدم البروفيسور اربان – على أى حال – هذا لاثبات الاطروحة : " الكينونة تتضمن القيمة " . وقد أشار الى " ريكارت " و " لاسك Lask " اللذين يؤكدان على الموقف الذى يرى ان القيمة سابقة على الكينونة ، أو أن الكينونة تتضمن قيمة منطقية ، ولكن – ليس بقدر ما ارى – اعادة انتاج العناصر الأساسية للحجج الخاصة بهما . وليس بوسعى الاعتقاد بأنه دعم حجتهما الى ما هو أبعد من ذلك .
يبدو البروفيسور اربان – فى الواقع – صاحب هذا الراى . اذ يكتب أنه وجد حجة دائرية فى حتمية " ريكارت " ، ولكنه يعتقد ان هذه الصعوبة تختفى " اذا تم التاكيد على مفهوم موضوعية القيمة ""29" . الا أننا قد درسنا بالفعل هذا المفهوم وقد وجدناه ينطوى على مغالطة . فلا توجد حجة لاثبات أن الكينونة تعنى القيمة يمكن ان تكون مقنعة حيث ترتكز على مفهوم أن القيمة موضوعية .
( ب ) يجوز وضع السؤال الثانى كالآ تى :
هل الحقيقة تعنى القيمة ، بمعنى أنها شكل من أشكال قيمة أخرى غير الحقيقة ؟ . اجاب البروفيسور اربان على هذا السؤال بالنفى . وهذا يعنى انه رفض وجهة النظر الرومانتيكية التى ترى أن موضوعات اعجابنا تستحوذ بشكل مرض على ما نحدده مع القيمة باعتبارها امتلاكا للواقع " 30 " . ولكن يبدو لى أن البروفيسور اربان فى مبادئه الخاصة ، قدم بالأحرى مايعد أقل من الانصاف لهذا الرأى . فهو يجادل ضده بذكر التصريح " الأشياء تحتاج الى أن تكون خيرة أو جميلة او روحية لكى تكون موجود ة " ، باعتبارها صيغة لا يمكن الدفاع عنها بوضوح "31" .

لا يوجد شك – فى الواقع – بأن الوجود سواء كان عقليا أو فيزيقيا ، لا يعنى أنه مرض . ولكن هذا يكاد يكون نقطة أساسية . والسؤال هو ما اذا كانت الحقيقة تعنى ما هو مرض . يتجاهل البروفيسور اربان التمييز بين الحقيقة باعتبارها حاصلة على حكم قيمة وبين الوجود .
هل بوسع البروفيسور اربان دعم الرأى القا ئل بان الحقيقة هى مفهوم القيمة ، ورفض الرأى القا ئل بأن ما هو شامل سوف يرضينا ، أى ان الحقيقة مرضية بشكل نهائى ؟ . انا لا اقدم اجابة على هذا السؤال . لكن يمكن القول بان : فكر البروفيسور اربان يتسق فى هذه النقطة فحسب طالما انه يرى هذه الحقيقة - على الرغم من أن القيمة - هى واحدة فقط من بين عدة أنواع من القيمة ، وأنها لاتتضمن أى نوع من الانواع الاخرى غير نفسها . هذا المفهوم قد تتم مساءلته . قد تسال : هل الحقيقة هى بالفعل واحدة من بين أنواع مناظرة عديدة للقيمة ، التى لا تتضمن أنواعا أخرى ؟. هل هى قيمة بامتياز بما يعنى كل أنواع القيم ، من خلال وجود الكينونة فيها ؟ ولسوف تتم ملاحظة أنه اذاكان البديل الأخير مقبولا ، فان اثنين من الموضوعات التى كنا نعالجها مثل ( أ ) و ( ب ) فى نهاية المطافف يتطابقان .

( 9 ) هل القيمة تعنى الحقيقة ؟

صيغة هذا السؤال تمضى بنا الى معنيين على الأقل :
( ا ) هل تعنى القيمة الحقيقة ؟ بمعنى حقيقة القيمة ؟
(ب) هل القيمة تتضمن الحقيقة ؟ بمعنى حقيقة الموضوع الذى يمتلك القيمة ؟
( ا ) يجيب البروفيسور اربان على هذا السؤال بالايجاب . فهو يرى ان القيمة تعنى الحقيقة بمعنى حقيقة القيمة .وهذا – فى اعتقادى – يعد رايا صا ئبا – على الرغم من أنه أحد نقاط الاختلاف مع " ريكارت " الذى حدد كلمة حقيقة بدلا لة اضيق "32" . وبطبيعة الحال فالحقيقة هنا لاتعنى الوجود أو الحضور أو اى صيغة من صيغ الكينونة ، وهذا يعنى صلاحية أصلية ، خلافا للصلاحية الخادعة . لكن كلمة قيمة اذا لم تتحدد للدور المعاكس ( المناقض ) فمن الطبيعى أن تعنى القيمة الحقيقية أو الأصلية . فى هذا المعنى – على الأقل – القيمة تعنى الحقيقة .
( ب ) يرى مؤلفنا أيضا ان القيمة تعنى الحقيقة بمعنى حقيقة الموضوع الذى يمتلكها . وقد كتب : " على الرغم من اننا نستطيع القول بان القيمة تفترض بالضرورة اما وجود أوحضور موضوعها ، ونحن نشعر اننا بالاضطرار الى القول بأنها تفترض حقيقة موضوعها "33" ومرة اخرى كتب : " لقد وجدنا كل قيمة تفترض حقيقة موضوعها " "34" هل نجد حقا هذا فى المقالات ؟ وهل يبرر البروفيسور اربان هذا الزعم الهام جدا ؟ .
دعونا نشير الى ان موقف البروفيسور "اربان " يود أن يكون منطقيا ، اذا رأى المرء الحقيقة هى كما تم التعبير عنها من قبل – قيمة بامتياز ، هذا يعنى أنه سوف يترتب على ذلك ان يرى المرء الحقيقة والقيمة متطابقتين ، او حتى أنهما يمثلان وجهين لنفس الخاصية "35" . الا ان البروفيسور اربان لم يكن بوسعه الجدال من هذا المنطلق . وقد رفضه بالقطع باعتباره معتقدا رومنتيكيا ووجدانيا "36" . . كيف ؟ هل حاول أن يبررأطروحة أن كل قيمة تفترض حقيقة موضوعها ؟ .
يقدم البروفيسور اربان – بقدر ما أستطيع ان ارى – حجة واحدة فحسب . فكتب : " فى كلمة واحدة ، السبب فى أننا لانستطيع التفكير فى القيمة بدون ما تعنى حقيقة موضوعها ، على الرغم من أن - حقيقة أن – الموضوع غير حقيقى بأى معنى محدود من التعريفات ، ولأن الحقيقة هى نفسها – بالمعنى المقصود – مفهوم قيمة "37" . القيمة تعنى حقيقة موضوعها لأن الحقيقة نفسها هى مفهوم القيمة . تبدو لى هذه الحجة واهية . " الحقيقة هى مفهوم القيمة " . لكن البروفيسور اربان يعنى يهذا فحسب أن الحقيقة هى نوع من القيمة ، واحدة من بين العديد من الانواع . الحقيقة شكل من اشكال القيمة لكنها ليست متطابقة مع القيمة او ارتبطت بها بمعنى أنهما بمثابة وجهين لنفس الخاصية .
ومن ثم فاننا نرى حجة البروفيسور اربان مساوية ببساطة لما ياتى: اذا كان للموضوع شكلا من أشكال القيمة ، فانه يكون حاصلا على الحقيقة أيضا ، لان الحقيقة هى شكل من اشكال القيمة . الحجة لا توزع المصطلح الوسيط بشكل شامل ، وهكذا فانه يسقط على الأرض .
التأكيد على أن القيمة تفترض حقيقة موضوعها يعد تأكيدا هاما جدا . قد يكون مؤهلا لما يبرره ، الا أنه لم يتم تبريره من قبل البروفيسور اربان فى كتاباته هذه .

( 10 ) ما تسمى بتناقضات وعى القيمة

يتحدث البروفيسور اربان فى مقالته الثا لثة عن بعض تنا قضات وعى القيمة – التى هى فيما اعتقد – وهمية بشكل واضح . على الرغم من أنه ليس بوسعنا القول بأن القيمة تفترض بالضرورة اما وجود او حضور موضوعها ، فاننا نشعر بأننا مضطرون للقول بانها تفترض الحقيقة . على الرغم من اننا لانستطيع القول بان القيمة – ونحن نتحدث بشكل مناسب – اما وجود او حضور . ونشعر اننا مجبرون على القول بان القيم الصحيحة حقيقية . هل يوجد اى حل لتناقضات وعى القيمة هذه "38" . ان حل التناقضاتت - فيما اعتقد – واضح – واضح حتى أنه لا يوجد سبب للحديث عن التنا قضات .
فيمايتعلق بالتناقض الأول المفترض ، قد تم التأكيد عليه فى الأطروحة ( القيمة تفترض حقيقة موضوعها ) وهذه الاطروحة لم تكن مبررة . ولكن سواء كانت الاطروحة صحيحة أو غير صحيحة فانها لاتتضمن التعارض او التناقض ، لان التمييز بين الوجود والحضور من جهة ، وبين الحقيقة من جهة اخرى تم تقريره فى هذه المقالة المطروحة أمامنا "39" .
فى التنا قض الثانى كانت الاطروحة هى ( القيمة الصحيحة حقيقية ) ،حقا ، ولكن مثل الحالة الأولى ، لاتتعارض مع افتراض نقيض الاطروحة . فى هذا التناقض نؤكد على أن القيمة قد تكون حقيقية ، وننكر وجودها أوحضورها . لكن التمييز الصحيح قد وضع بين الكينونة ، فى صورتيها الوجود والحضور ، والصلاحية ، وقد أثار البروفيسور اربان ذلك مرارا وتكرارا فى هذه المقالات .
فى ضوء ذلك التمييز ، قد نقول بأن القيمة ليست موجودة او حاضرة ولكنها مع ذلك حقيقية ، وحقيقتها تتشكل فى صلاحيتها . ورغم ذلك يرى البروفيسور اربان التناقض هنا . وبعد ، باعتبار أن القارىء يفترض قبول – على الأقل من اجل أغراض المناقشة الحالية – المذهب القائل بأن الكينونة والصلاحية نوعان منفصلان وشكلان متميزان من الموضوعية – وبالتا لى من الحقيقة ، لقد وجد ( أى اربان ) تناقضا فى حالة أن القيمة تمتلك احداهما ( الكينونة أ والصلاحية )،وليس شيئا آخر . لاوجود فى الواقع للتناقض ، طالما التمييز الذى تقوم عليه حجة هذه المقالات تم التمسك بها .


****************

الهوامش


- 1- Value and Existence
this JOURNAL, Vol. XIII., pp. 449-65
Knowledge of Value and the Value-Judgment" this JOURNAL, Vol. XIII., pp. 673-87
"Ontological Problems of Value," this JOURNAL, Vol. XIV., pp. 30
Meinong, TJeber Annahmen, 2d ed., pp. 42-47 2
This JOURNAL, Vol. XIII., p. 458 3 -
* LOC. cit., p. 464. 4-
Loc. Cit., p. 458.5-
6-Meinong, TJeber Annahmen, 2d ed., p. 47
7 Op. tit., pp. 70-72.7-
This JOURNAL, Vol. XIII., p. 465.8-
Loc. cit., p. 461.9-
Loc. tit., pp. 459, 685.10-
Loc. cit., pp. 463, 684, 685. 11-
12-Loc. cit., p. 462.
LOG. tit., p. 675.13-
Loc. Tit., p. 680.14-
I5 Op. cit., p. 266
L6 This JOURNAL, Vol. XIII., p. 677.
I7 This JOURNAL, Vol. XIV., pp. 325-26.
This JOURNAL, Vol. XIII., pp. 674-75.18-
-19-Loc. cit., p. 674
LOG. tit., p. 674.20
Cf. Russell, Problems of Philosophy21-
, pp. 127-85.
This JOURNAL, Vol. XIII., p. 683.22-
23- This JOURNAL, Vol. XIII., p. 685
LOG. tit., p. 684.24-
LOG. tit., p. 673 -.25-
Loc. cit., p. 685.26-
This JOURNAL, Vol. XIV., p. 312.27-
Loc. cit., p. 324.28-
Loc. tit., p. 324.29-
3o Bosanquet, Principle of Individuality and Value, p. 317.
i This JOURNAL, Vol. XIV., p. 326.31-
Gegenstand der Erkenntnis, 3d ed., p. 361.32-
This JOURNAL, Vol. XIV., p. 319.33-
* Loc. cit., p. 324.34-
35- Bosanquet, Principle of Individuality and Value, p. v.
This JOURNAL, Vol. XIV., p. 326.36-
LOC. tit., p. 325.37-
Loc. tit., p. 319 cf. pp. 316, 318, 325.38-
Loc. tit., pp. 311-312. 39-


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى