نسرين المسعودي - لا احد يحزن لأجلك.. شعر

حين تتزاحم حقائب الغياب الفارغة في السماء
و تستعد للهبوط
يصيبك سهم النهايات و ينقبض قلبك
تودع كلك بنظرة أخيرة للفراق
يتوقف لأجلها نبض الأرض حولك
غير أن السماء لا تحزن لأجلك
لا تتوقف الصباحات
تصير الروح كسبائك النحاس المحترق
و يحتضر صوتك
ينام كضفيرة سوداء في أسنان المشط
تلك الاوجاع المتعفنة بالخذلان و الصمت
تغرق الايام دونك حتى يتجاوزك ظلك
و تتعود جسدك المائل الحزين
تغرق المسامع و الحواس في ركض بعيد
وتولد حياة بعيدة دونك
تهب الأقدار ثغرك لوجه جديد
تٌنسج من عطورك المنسية حبالا رقيقة
و من ملامحك مواعيد عشق نقيّة
يتدحرج البياض المسكوب في خشوع و حب
يحرث طريقه في حصون مبللة ساخنة
و تتناثر حروف اسمك في هوية جديدة
كل شيء يٌلامس الضوء المسلوب من نورك
لا يحزن لأجلك شيء
سوى جدار في حانة
و كأس فارغ
الغيمات فوق رأسك ضمائد بيضاء طرية
تلف الآهات و الجراح تحضن الأحلام
تتعقب الشمس و تنعش اللحاء الفضي
حتى إذا جن الغسق و نفث كحل عينيه
تتلحفك الودائع المحروسة و تنزل إليك أشياؤك في حذر
تجر رعشة شهية
ينتفض الليل من البرد أو الحمى
و تنزلق الأوتار كقبضة ماكرة
تنتصب الاشواق و تتفجر المياه من كل صوب
و يداهمك الحفيف
و الحسيس
و العناق الخفيف
تصفعك الرياح العنيفة تفتح الأبواب
فيدخل الأحبة دون استئذان
يقتحمون غرفتك المظلمة في رقصة احتراق
يهطل العرق
كالموت
كالعربدة
كالنشوة
لا شيء يتوقف لأجلك
من ثقب السقف
تبتسم الحكايات الغارقة في الوحل
و تنبعث الاصوات من أسفل الأبواب
تحلق من سريرك كطير جائع
ننهش بمخالب اللهفة وحشة الشتاء
أصابعك حارة في شقاوة و جنون
و ضياع مرتب لتنحنيَ في خضوع
تضاريسك المشققة كالخريف
تشد رحالها إلى رحلة الطوفان العظيمة
و يعود الي مكانه كل خرابك
كلمات ....ترتعش كسفن ورقية
و ملحك موج هادئ
روحك رمال ذهبية
و متعبة أطرافك
لتنام نومة الغزال الشريد بعين واحدة
تحرس أنينك
لا شيء يحزن لأجلك
نظرة أخيرة للفراق لتعود الوجوه من المرايا
و نلتقي بالشعر بالحنين
نلتقي بالأطفال
بالجمال
بالاوطان
السماء لا يشغلها أمرنا
لا شيء يبكي حين نحزن


نسرين المسعودي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى