عامر الطيب - من الشارع.. شعر

أكتب لك من الشارع
لأن البيت انهار فجأةً
أو لأن العائلة طردتني
لن يختلف الأمر
أنك حزينة من أجلي كما لو أننا سنتزوج فعلاً .
هل سيكون فمك حقيقياً ؟
هل سيكون جسدكِ جاداً و يخذلني
كما تفعل الكلمات
عندما هدأتْ في الفترة الأخيرة
ولم تحرمني من النوم ؟

▪︎▪︎▪︎

يا هولاكو الصغير
كيف ستنام نهاراً آخر و نحن نترقبك،
نحقد عليك و نشتمك
و ننساك؟
هل سيعنيك الأمر إن نسيناك؟
فضحت دمنا على الرصيف
و أحرقت خبزتنا الباردة أيضاً
يا هولاكو الصغير
أنك لم تعد تعرف كيف ستصبح رديئة
حياة الأشباح
كن شبحاً لتعرف
لن تكلفك الأبدية غير إنتظار القليل من الضوء !

▪︎▪︎▪︎

أحد يضحك مثل أي أحد يموت
يفتح فمه
و يضيّق عينيه ..
أحد يكتب مثل أي أحد يموت
تصير غرفته مكانه الأخير
و تبدو ذكرياته القديمة أشد حرجاً من النمل..
أحد يحب مثل أي أحد يموت
مثل أي أحد يقول :
شكراً
لقد جعلني الحزن موظفاً مرحاً
أحد ينام مثل أي أحد يموت
انتهى وقتك في الفندق
رن المنبه ولم تستيقظ
تلك مشكلتك
لا ينفعك أن تضيع حياتك الثانية مع الله !

▪︎▪︎▪︎

ستجيء الناصرية كما تجيء المدن الكبرى
في التأريخ
لن يصير ترابها أثراً
لن نجد فيها غير حكاياتنا الطريفة
كيف صافحنا الجنود الملثمون فنسينا شيئاً منهم .
ستجيء الناصرية بالنار
و الأسفلت
و الخيم
طويلة هذه الطرق المقطوعة
ثقيل على الحجر هذا الدم .
ستجيء الناصرية كما تجيء الريح
حياة منذورة لبكاء في الظل
و أصابع خفية فتح الأبواب .
ستجيء الناصرية كما تجيء الفكرة
في مثل هذا اليوم
و قد ابتكرنا الجسر لنعبر النهر مرتين
و ابتكرنا ساعات اليد
لنكتب الرسائل السريعة للموتى !

▪︎▪︎▪︎

ليس للنهر قدم
كي يمشي الى الهاوية .
حياته واضحة
و سطحه مليء بالنجوم و الفقاعات
واذا ما انتظر الوقت
ليجف
فستصبح سيرته الذاتية
مثل سيرتنا كعاشقين ذليلين في الحلم.
ليس للنهر
يد ليلوح
أو يمسح دموع المسافرين قبل الحرب
ليس له لسان
ليطلب من أحد أن يضحك
أو عيناً ليرى
فثمة مياه غزيرة تنحرف عن الأشجار
و مياه سريعة تجرف الدم !

▪︎▪︎▪︎

الجنوب حرب منذ مئة عام
باع الأولاد ألعابهم و اشتروا مسدسات
السحرة
و الزنادقة
نفخوا على الريح
كي لا تجيء
لكنها جاءت الآن و قلعت الغبار الخفيف على الشبابيك
الجنوب حرب منذ أربعة أيام
حمل الأطفال أسنانهم للشمس
التي لم تشرق بعد
و طلب العاشقان قبلة سريعة على الهواء
لكن القتلة استعجلوا و أغلقوا التلفاز !

▪︎▪︎▪︎

الأرض يابسة حداداً على الطين
على الماء و الأولاد الصغار
على دمع قليل و ملح و دم
و على الخوف
خوف الإنسان الذي ما مشى خطوة
إلا ليتلف شيئاً من جسمه
إلى أن يتبخر كاملا
يصير الإنسان خطاً رمادياً على رقبة العالم !

▪︎▪︎▪︎

نحن صغار القطط
و العصافير
نموت في الهواء كما تموت الكلمة في الريح
يقول المخاطر شيئاً لنفسه
و ينساه
يقول الشيء ذاته ليبتكره مرة أخرى!

▪︎▪︎▪︎

يقول المذيع في الراديو
سقط عشرات القتلى لكنها حكاية فقط
الناس حكايات و حبكِ أيضاً
حبك الذي حافظ على الوردة الصغيرة
من نهاية هذا الشهر !

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى