أدب السجون بولص آدم - باصات أبو غريب..

في فجر كانوني، لايُزعج الراعي خِرافه وهو يُجري تعداده لهم في البرية، لايجمعهم في كراديس كما في الجيش!..
في ابي غريب، سجان واقف، يشبه جذع شجرة يَبُس مُنذُ مِئة عام..ينتظر تكردس مساجين تصطك اسنانهم بردا عند الفجر..
في الساحة الرصاصية، كانت هناك خطوط قاسية ورجال عابسون فقط.
كل صباح، كنا نتمنى عدم حُدوث أي خطأ، ذلك سيُكَلِّفُنا البقاء مدة أطول في الساحة، نُعاني شدة البرد، وكانت أخطاء السجانين في عَدِّنا، حالة إعتيادية.
ضرطة السجان اضحكتنا! وكان لابد له ان يبتعد عن صفنا في التعداد قليلا..
تلك المُفاجأة، فتحت شهية ( إنويا ) في الكلام :
ــ لمَ تَضحكون مثل الفئران؟ هو أيضا إنسان، لعنة على الشيطان!
إنفجر مُقهقهاً، مُشبهاً وجه السجان بوجه تمثال بائع العرقسوس..
كان لنفسه يتكلم وكنا نضغط بطوننا منعا لكركرات عالية..
(سمير الحلاوي) يناوب الألتفات نحونا بانتباه شديد وعلى وجهه علامة إسفهام ..
كُنا نضحك بدلا عنه، الكل يعتقد بانه في الطريق الى اكمال النصف الثاني من جنونه في ابي غريب، عذرا، يُحكى هذه الأيام بانه يَعضُّ خشبا عند الجوع !
قال له انويا:
ــ مارأيك ياسمير، لو هبطت الآن من السماء باصات تنقلنا الى بيوتنا مباشرة، حيث الأهل والقيمر، الشاي المهيل والخبز الحار؟ آه ياأُم داؤود .. آخ !
نَهض سمير الحلاوي، قامة سَفَر أصبح و صرخ :
ــ اصعد اخي.. استعجل، نفر واحد، بغداد .. بغداد..!
أدار مقود الباص الوهمي وفي استدارة خروجه من الأصطفاف، إنزلق، إرتطم وجهه بالأرض لكنه نهض مسرعا، زخة دم لوحظت بصمت، المقود الهوائي بيديه، أسرَعَ جَريا وابتعد..إلتف حول عمود كهرباء وسط الساحة، عاد ليقف وجها لوجه أمام السجان وبظهر كفه يمسح دم فكه منهكا..
توقعنا ان يُصفَعَ ويُركل كالعادة..
إلا أن البرد رحمهُ هٌنا، فَضَّلَ السجان إبقاء يديه دافئتين في الجيوب و اكتفى بالقول:
ــ اجلس يا حيوان !

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى