كتاب كامل صلاح عبد العزيز - النص الكامل لديوان: فى بحر أبى الأخضر

إلى الشاعر العظيم وديع سعادة



هناك مساءات صلبة عنيدة
ندخلها بأرجل من عظام محطمة
أرضها تخترق العين كإبرة
تلك المساءات شأنها شأن من
فتح جرحا بصباح ميت لا يعنى أحد
كيف تلك المساءات
يعيشها من عظامه محطمة
مثلك ومثلى
وجراحه كوجه نازف
من يا ترى وضع لنا الميتافيزيقا
تلك البائسة كمستنقع
لا يعرفنا ولا نعرفه
بالقطع نخرج منها للا شئ سوى
أن شعرك ليس متحفيا يجوب الأروقة
هو روح معذبة تسرى فى الكون
ألم يخرج منا كإنسان
يحس بوطأة الحياة وما تفعله فى الناس
أحلامهم
انتكاساتهم
أحزانهم المعلنة والمخفية
جلد يجرحه الكون
جراحات لا تندمل
من فوهة نظرة
كائن فرد خطوه شاسع
الألم الإنسانى ما بين الميلاد والموت
يتألم
كآخر إنسان بكلمات عابرة
بمساء ليس له أخوة

* فى بحر أبى الأخضر

أمى وهى على حافة الترعة تغْسلُ لفائفى تتحضَّرُ للذى سيرفض الحياةَ وقريبا من الماء فيما بعد لحظة الولادَة ظلت القابلةُ تبكى قالت : لا الماء ينفعه ولا العشب هاتوا لى سعفَةً من نخلةِ الجيران وخذت بها أمى فنزلتُ مأخوذا بالألمِ.. وظللتُ مشدوداً للمياه أحدثُ الأسماكَ عن طرق الصيد .. فضاء البحر الشاسع يذكّرنى بعابرين جاؤوا بعد أصواتهم بسنوات كافية لسرب من البلاشون أن يقيم للنسور وللذئاب المتحجرة سرادق عزاء عائم.. وأعاند رؤى القابلة ولا أقرب غير الماء هوائىٌ انطلق فى الهواء البعيد..
قال الصيادون : تركنا هواء تنفسنا فى المنازل وجدنا صداقةً قديمةً للسنارات والحلفاء وللثعابين والمارة العابرين صدفَةً خارج الحياةِ والناجين منها بالموت جثثهم هناك وأرواحهم هنا فى بحر أبى الأخضر ..
قلت : للقابلة يدان تشبه النخلة كنت فى بطن أمى ما أزال والسماء ترعد وغيمٌ يستل حزنه وبحر أبى الأخضر ينتظرنى بعد الولادة ..
قاطعنى البحر بموجة والشص مازال عالقا يد القاع كالقابلة من يطعمُ أسماكى غيرى.. قالوا : من يفر من الحياة؟! قلت : تفر الحياة منى!.
أنا انسان محطم تماما بالغت فى تقدير نفسى عندما أحدث البحر بتلك الحقيقة يضحك حتى أن مياهه تصل لركبتى فتلامسنى الأسماك والأعشاب وتضحك عدة سنوات وأنا على هذه الحال لما لا يصدقنى الطين الكائن فىّ لما لا يعاقبنى بحر أبى الأخضر لما لا يصبُّ الطريق علىَّ شتائم العربات ويردمنى بالغبار مع أن الغنمات السارحات منذ قليلٍ تأففت. أنا لم أفهم من الدنيا سوى أننى محطمٌ تماما أحدق فى المياه أرى وجهى تتلاعب به الأسماكُ تقضمه كوجبة من ميتٍ واقف بسنارة عتيقة لا يبارح الماءَ والشمسُ ماعادت تكفى هجرتى فى البلاد الشمس منذ الأزل كأنما لى وحدى النهارُ لى وحدى والليل والقمر هكذا لا أبارحُ البحرَ إلا إذا نمتُ على ضفته وتركت سنارتى للريح.. فى النوم فقط يفارقنى أنا لا أحدثكن أيتها السيدات بل أحاولُ أن أخبركنَّ أننى صيادٌ لا يصيد مجرد رجلٍ هاربٍ من الدنيا ومن الشعر ومن فصيلته يودُّ أن يكونَ سمكةً أو عشباً أو حتى موجةً لأبيه البحر .. هل أضحككن كلامى السيدات المتلاشيات كن أعشابا ونخلاتٍ وأشجارا والصيادون قالوا : لا تقرب البحر الجنيات ليس لهن ميعاد وكنت أحدثهن عندما تلاشين.
أنا مجرد جسدٍ جاء بعد صوته بعدة سنوات طفولتى لم تكن بائسةً ومع ذلك جدران البيت تلفظنى أتوه فى الشوارع والقرى وصوت أمى نداهةٌ تعيدنى لخرائبَ تسكننى وأسكنها فيما بعد..

تقولُ لى : لا يكفى أن أكون قطرة يجب أن أوزع نفسى بين الشطين أراكَ من الجانب الآخر وأقول لك خيط سنارتك مشدود وشصك غائب. أحاول انتزاعك لجانبى. ها أنا امسك الخيط. والشط يشهد تشدنى ملء جهدك وأشدك لا ألم أبدا هى لعبتنا لا تنتهى. حاول أن تبقى هادئا فى الحلفاء حاول أن تمد يدك الأخرى _ فى المرة القادمة _ فى جوفى كن على الجانب الآخر. لعلنَا نكتسبُ خبرة الصيد بدون ألم كما فعلنا منذ خمس عشرة عاما. يعود الصيادون دائما بلا أسماك تجبرهم على البكاء فرحين بانتصارهم الوهمى زوجاتهم تعد الموائد لستَ مجبرا على المبيت تحتى عالم متناسِق أنت قطرة فى مائى. أيها الطمى يا صائدا ما صادك غير قلبك وقع فى القاع دع الموائد تنتظر يا قطرة الطين يا قطرة ذائبة قلبك لى وضفتاى مملوءة بمن أحبه .. قلت : لن اخذلك لن أبعثرنى على جانبيك لن أحدث السيدات بما لا يليق وكنت اسمع : يا بحر ليلك عجب مش تيجى وتزورنا هتلقى موجك لهب مصبوب على صدورنا م ليلك انت السبب ألوانه فى قلوبنا وف كل حزمة حطب تقرا خرايط جوعنا تقول لى : هو العاشق صوت ولا جسد جائع ومموه. بحره أنا وأفيض فيضه أنا وأجود. يقول الصيادون : رأينا الصوت وما سمعنا الجسد.. نعود متعبين وعلى مائدة عشائنا نشكر أبانا البحر ساعات ثم نترك أجسادنا فى المنازل ونعود وكنا نسمع العاشق يأخذنا الصوت وكلما أفلتت سمكة فرحنا أكثر صادتنا سمكة وكنا كهذا العاشق..

كنا كلما مرت سيدات أنيقات تغشى عيوننا شمس غارقة بغمازات تلتمع قصبات الصيد ظلالهن تحت الماء مفضوحة ونحن مفضوحون للشجر والحيوانات وكلما ضحكن تنحل عقدة من شباكنا تبول علينا الطيور كلما مرت سحابة منهن يقلن لى : يا فتى أليس لك أهل هل نرسل سلة الغذاء أو كوب شاى وأنا خافض عينى للأرض وبصيرتى تحت ثيابهن وأيديهن لا تعنى غير أحضانهن. نسيت كلام الصيادين نسيت أنهن جنيات يراودننى شجراتٍ ونخلاتٍ فى الصباح وإنسياتٍ فى الظهيرة وقاتلاتٍ فى الليل نسيت أمى والعالم الترابى سنواتٍ عديدةٍ عدوتى الحياة والقصائد لم تجد القراءات فى دفع المقدر غبت سنوات طويلات عن الحروف نسيت شكل الحرف ويداى ما عادت تخط على التراب لا أبجدية غير الماء والتحديق لا سمك ولا غمز غير الطنين والصداع غير آلامهن فى النهار والظهيرة والليل وانتظارهن أدمنتهن جسدى شرائح من عضاتهن. فى انفتاح البرزخ خيط السنارة الوحيد يشدنى لخارج الموات حيث لا موات خيط سنارتى كان فى انتظارى وكلما قلن تعال كان خيطى يشد على أصابعى مربوط به ولا أدرى.

ليس الألم فقدان أخ أو صديق أو حتى حبيبة تائهة فى المسافة ما بين الموت والذكرى ليس الألم فى اكتمال الهدف والبحث عن آخر ليس الألم فى فقر وعوز انظروا التراب عندما يئن الألم إنسانى جدا أصدق الاشياء لا مرفهون يكتبون لمرفهين ما الذى تريدون كى تكونوا مثلى تألموا مرة ربما لا تكتبون قصائد عن القطط أو عن امرأة ضيقة الأفق هناك علاقة بين الفشل والخواء هى مثلا _ برغم أنها دميمة _ واثقة بأننى لا أرى فشلتْ فى تلك النقطة بالذات كنت أرى بعينيها المتعاكستين مدى ألمى مدى فشلى فى صنع بهجة مناسبة كما أن هناك ألم هناك فرح _ حكاية خارجة _ عن امرأة كل الرجال لها وتحت برجها مقبرة بالصدق تعرفن يا صديقاتى اذا قلت : أن امرأة انتظرتها أقسمت لى بالماء والخبز والملح كان كلاما فقط كانت تجيد امتصاص الرجال. صرت هشا لدرجة أنى اخاف الأبراج كما اخاف الماء قال لى أبى الأخضر : أدن قلت :أنا على شطك مستغيث. ضحك لى وأرسلكن هناك علاقة بين الماء والحُبّ بين الجلوس هكذا بسنارة عتيقة أنا باحث عن موت بطريقتى كنت أحدث لا أحد لا سيدات مررن ولا شجيرات فى الجوار فى غير موسم الصيد تتعطل العلاقات يتأخر الصيادون عن مواعيدهم تشرق شمس الخرافة وترى ما لا يرى.

لأننى لا أكتب القصيدة المرفهة لأننى معجون باللهيب لأننى منذ الولادة منذور لأننى كنت أخط فى التراب الكتابات لأننى ضيعت قصائدى كلها لأننى وريث هذا الحزن لأننى حزنت بما يكفى لابتلاع مدن بكاملها تظل المسافة بينى وبينك لأننى الذوات التى تدب على اليابسة استعير ملامح أمى وهى تلم القصاقيص كى تصنع وسادة استعيد كلام القابلة المهذب : بينه وبين الماء ابتلاءات خضبتنى بالحناء عوذتنى بالأحجبة والتمائم أستعيد كل ما يخصنى منى وأذهب كل يوم إليك قلت لى : انت مرهون قلت لك : انا مستجير قلت لى : انت يا بن التراب عُجنت بى : قلت لك : علمنى فالبلاد تسربت من دمى .

يسعُنى الجلوس ساعاتٍ طوال
فى انتظار سمكة
فى انتظار غمزة
فى انتظار وجه ما أحبه
مع الصيادين تُتَقبل النتشاتُ
نتقبل الخرافةَ وخيالاتِ الليل
كل مخاوفى تزول
كل مراهنة إلى وقتها
شجر التوت فى أوانه
والبحر فائض
تتجمع الثعابين فى الحلفاء
أجدنى وحدى
غارق فيك
قلت : يا مالك الملك

تجاوبنى الثعابين والضفادِعُ وسرب البلاشون والنسورُ والحدآت
تجاوبنى الحلفاء الشجرُ العشبُ الأسماك تحت الماء طينُ الأرض ليلٌ يتهاوى كتاباتٌ سابقة ودواوين الشعراء
ينفلت العشق
العاشقُ والمعشوقُ وحدهما فى الوجد
يرحل المهرجون
يرحل النظام
ترحل الفوضى
ترحل النجوم
ترحل الشمس
يرحل النهار
كل ذلك يعنى أنّ لى ضوء يسع المواجيدَ

فى امتداد الأفق تتلألأ قصبات الصيادين الحزانى وبرودة الريح كالموت تماما كان يحكى عن جارة مشتهاة تغمره كل ليلة بقبلاتها يحكى بأسى دخان سيجارته وأصابعه المحترقة كلام الريح وإشارات لوصل بعيد الظهيرة كافية بأن تصب حقائق الوجوه فى الماء والعشب تصبح الحكايات فى الليل أشخاصا يدورون متعبين كلما تكررت حكاية عن الحب والهجران يحدث أن تطفو جثة بين يدى أبى الأخضر ويهمس العشب بالصوت صوت العاشق.

ما الذى يجعل الموج متربعا
على صخرة ينظر البحر هكذا
يحلق فوق سحابة مرت
وألقت ظلها على المتعبين..

لم نكن غير حالمين
لم نكن بؤساء إلى هذا الحد
ما الذى يجعلنى خائبا
تحملنى حقيبتى إلى البحر
تعترضنى العربات
وتصب شتائمها علىّ
حقيبتى كراكب لا يدفع أجرا..

ولأنك لا تشبهين أحدا
ها أنا أبدأ القصيدة :
أكون واهما إذا قلت
أنّ لك شبيهة
حتى أنك لا تشبهين جارتى اللطيفة
لست نسوانا
مثل النساء يا حبيبتى
وكلما هربتُ
تعيدنى
حقولُ النيران
وخيولُ الجحيمِ
ولآلئُ الدمعِ
تجرنى لجبال شاهقة من الجماجم
كلُّ دمعةٍ بميت يأكلنى
وعلى أعتابك جلادون
أسواطهم حياة
ودرهمهم الموت..

الموت مباح فى البيوت
والعرصات والخبز العفن
ومرارة الفقر
ويتم الطيور فى وكناتها
يتم ذلك بطريقة عشوائية
مثل جمل عشوائية
كتبت نفسها
كما الهياكل العظميةُ
فى القرى
تمتصنى كلّ يومٍ
والبلاد كامرأةٍ فى أوج حيضها
وتعيدنى للبحر
كموج يتربع على صخرة

زخرفتنى القابلة وأمى فى النفاس بوعى كامل أدركت أنها بلا وعى أمىَ البديلةُ فى الخامسة ألقمتنى ثديها الصغير كان حلواً حلوٌ جدا أن تمتصَّ بروزاً صغيراً وتظل تنهش إلى أن يجفَّ يصبح متسعاً على صدرٍ صغيرٍ جدا وعندما استعادت وعيها كان لبنها قد جف..
كل لعنة إلى زوال كل مصيبة إلى نهاية غير أن الحياة نفسها لعنة لا تزول تظل مربوطاً بالهواء عندما يدخل حانة الجسد يصبح سكيرا ويخرج بأجزاء روحك للماء امنحنى يا بحر كأساً أذوب فيه وأشربنى أصل لضفتى الأخرى إذا انتشيتُ وأمى البديلة علمتنى السكرَ هل كان جسدها منك انت يا بحر عجيب انت يابحر مريب هل كان ماؤها من مائك قلتَ لى يا بن الطين انت لى كل النساء مررن بى أعمالهم بجوف أسماكى قلتُ كل بداية إلى زوال قلتَ هيهات قلتُ كل إقامة إلى رحيل قلتَ هيهات قلتُ كلنا إلى فوات قلتَ هيهات هيهات أنت منى وعندما مررن تقبلت قربانهن أخذت أعمالهن ولوعاتهن وبكائهن قلت علنى أفرج كربهن وسخطهن انا أبيك وأبوهن أنا أبو الأخضر.

غمزة علق الشص
قال قائل :
شعر النساء إذا علقْ / بالشص لا يجدى الهرب / تجد الصبايا أمنيات غارقات فى اللهب / حب وسحر ماجن ما عاد عقل إن ذهب / ذهبت عقول الأولين وصرت وحدك مغترب / وأبيك بحر سادر فى غيه لا ينسحب / عمل النساء على الضفاف مُقدر لا تقترب /

نستطيع أن نأخذ النساء فى نزهة
اذا مررن بالغابة
صداقة تستعيد رجولتها
من اختطافهن هن لا يمانعن
كأن اعترف لهن أننى يتيم
واحتاج إلى صدر امى لحظات فقط
ثم اعيدهن للطريق كى يمارسن
طقوسهن

فى يدى أقنعة المعانى وبيت يتردد فى الصخور :
نشيمٌ
بُروقَ المزنِ
أين مَصابُه
ولا شئَ يشفى
منك
يابنةَ عفزرا*
لا شئ يشفى الوجد لا شئ فى الجماجم الخشبية أو رؤوس الجسور لا مصب لى لابد أن ابنة عفزر جنية تخطف الشعراء منساقين يدفعنا السحر للجنس والشرب والمسخرة إنها تحت الماء عشب بحر أسماكها كواكب تسقط يدفعنى ماؤك للمجون وانتشائى بالشعر صحراء تحت الماء تخضرُّ مأدبة طحالب مباحة لأشجار غرقى تمسك بانعكاس السيارات مقلوب أنا أم أنت أيها البحر.

أرعى حقولَ الليل والنهار وأفردُ حزنى سجادة للهوام والليلُ بالأرواحِ فراشات ماء وتغشى العيون الساهراتِ ربكةٌ ككل محب مشغول بالبكاء منْ قَلَبَ البحر واختَصنى بحصاده المر من وجعٍ ومن حرقٍ ومن نأىِ المزارِ ومنْ تفيض عذاباته صوتُ هبوبِ الريح وخشخشةُ ورق الشجر وسقسقةُ الماء المتدفق مَنْ قَلَبَ البحر وكما قلتَ : كل هذه الحقول آن حصادها. حيث كل شئ منعكسٌ حقولُ الموت الجراحاتُ الصدُّ الهجرُ الغيابُ الحضور مواسمُ القتلِ مجزرةُ العاشقين أورقتْ ثم رقَّتْ بالقتل الرحيمِ ذائبٌ فى مائك أم ماؤها الذائبُ فىّ اختلاجات الحصى فى القاع اختلاجات قلب أمى من يا أناها فىّ والألم لا يبارحنى الألم صديقى اللدود والبحر المقلوب والسماء تحضن بره والشط المرفوع من نهايته كمؤخرة امرأة والرب يعلم بحالِ مَنْ أرقَ وسهرَ الليالى دون ابتلال حلقه بكلمة من محبوب مضى سادراً فى الغىِّ.

نقشٌ على حجرٍ من الماء :
يارب اخسفْ بها الأرضَ واطبق عليها السماء اجعلها دودة أرضٍ لا أمانعُ أيضا أنْ تكونَ ضفدعاً يارب تصبح بركاناً تحترقُ المياهُ بها تخرج من زفيرى كدخانٍ ومن عظامى كمجمرةٍ وأخرجُ بها مِنِّىَ على قدمى تهوِى كل صبح ومساء من حالق فيلتقطها طائر إلى جبل قاف بعيدا بعيدا لا تستظل بشجرة ولا تأوى لبيتٍ تظلُّ هكذا معذبةً لآلافِ آلافٍ من الأعوامِ لا تستقرُّ ولا ترى السعادةَ من خطفتْ قلبى فرحتُ أجهشُ بالبكاءِ من أين أتت وإلى أين ذهبت كلما أمسكتُ فريسةً تفر كلما توهمتُ هيأةً تتلاعبُ بى. جديدٌ أم قديمٌ ذلكَ النقشُ كلما مررتُ تخيلته وهو يتوارى تاركاً للطيورِ حطامَ ذكرياتِه كتبَ على الماءِ ما لا ينمحى وكلما مَرَّ ماءٌ يتكررُ النقشُ كفيَضانٍ يتوزعُ فى القنواتِ فى خَشخشةِ ورق الشجرِ والهواءُ صوته ناىٌ حزينٌ تتأرجحُ العتماتُ بين صورٍ من ذاكرةٍ لا ترحلُ وصيادونَ بينهم وبين الرحيلِ مُخاصمةٌ. أنا نقشٌ فى حجرِ ماءٍ مثل ذلك العاشقِ معى حوائجِى تركت لها الدنيا وما فيها.

الحزن عادة لا يبقى على أحد
يسلبنا المروءة والجرأة
يجعلنا منهكين
( حيث لا سماء تظلنا ) *
نصبح خرقة على الطريق
ولا يهم عادة
أصدقاؤنا
لا يهم سوى أنهم
يضحكون بحزن على فقد
أشيائهم الثمينة
أشياؤهم التى لاتهمنا

الحزن لا يحتاج لكلمات
يكفى أن تنظر فى عينى الشخص
حتى يلمسك
تحس أن العالم ليس كما هو
ليس سعيدا
ما أنبل حزن شخص
يختل الوقت من أجله
وهو لا يدرى

الحزن لا يبنى بل يهدم
الطين المحترق بأجسادنا
نصبح صلصالا لينا
كلما قومته اعوج وسال
طيننا لا يكفى
صنع بشر
ودودين
لا يكفى أن نوقد شمعة
فى ظلامنا الممتد

الحزن كما الأرض السابعة
ندلف إليها
كلما غمامة حطت
بوهم المطر
كلما ذهب رغيف للقمامة
كلما رأيت جثة بلا ذنب
كلما اهتزت أرضنا الأولى
بقنبلة.

ماذا فعلت يا أمينة هل اغترفت دمعة يتيم وحرمته من رغيف هل كسرت رصيفا عليه الأزهار وقطفت وردة من نظامه هل انتهكت أمن الوطن كما يدعون الخصوم أنفسهم يعلمون محبتك مقدار عطفك انت التى مسحت دمعة اليتيم أعطيته رغيفا وشيكولاتة لم يسمع أنها تباع فى كارفور لا يعرف كارفور أصلا. يا أمينة هم مساكين لا يعرفون أن الزنازين لا تخرج من داخلهم ولا يخرجون منها وجهان للعملة المصرية أ م وجب تنبيههم يا أمينة أيها الملاك يا شعرا طليقا للوطن والمحبة تحملى محبتك لا شئ أروع منك فى كل حال تحملى عطفك عليهم وعلينا.

يا ألله كم تمنيت
أن يكون الأمن الوطنى
على بابى
أعد له الشاى
وأعرف أنه تميمتى
ضد الزمن

الأمن الوطنى ليس وطنيا تماما عندما يستعير جلود الأبرياء ل ( أبانا الذى فى المباحث) عيوننا تتأرجح فى تلك الجلود فنعرف أن خيال المآتة فقد وظيفته والغربان مراسلون حربيون وخبراء استراتيجيون ومخنثون فى التلفاز هل يخفى الجلد المستعار عورة الدجالين كيف تلبسون جلدنا المنسوج من رائحة الأنبياء تحالفات الشياطين فى الزنازين لم تعد تخيفنا لا تنقى جلود الأبرياء صورهم فى المجلات لن تجبرونا على خلع جلدنا ووأد الوطن.

تطلعين السلالم حافية
وتتأبطين حذاءك
لا مشكلة فى مستنقع الروائح
عادة يكذب الشعراء وكواقعىّ
أحتفى بالدخان والغبار
وأقول
لا أروع من الرائحتين

ربما لعينيك تأثير
الصدق كله
العطف كله
الوطن
لذا
حاولى أن لا يأخذوه من عينيك

عين الحذاء مسرورة
وعطر إبطيك
ورائحة الحذاء
فى الزنازين كافية
لمستنقع يخلد فيه الوطن
وهكذا الأمن الوطنى
عندما يلبس
جلدنا النقى

عندما ألقيت بالقصيدة من الشباك عادت إلى بسكين حاد وقتلتنى أصبحت مغمورا بها وبدلا من الدم ألبستنى حلة أرجوان .
أمشى على بحرها أم بحرك وهى فى حدائق الماء تتفتح بالأغنيات الحزينة لم أفهم وقتها أنها أغنيات حزينة لكننى كنت أدمع فى الظلام تتساقط محاجر عينى على العشب فى الصباح أجد عشبا أحمر وماءك أحمر تصطبغ الشجيرات بالأرجوان حتى الغيم كان أحمر.
فى غيابها لا كون ولا سماء ولا ماء فى غيابها لا أحد.
كان قماطى المشدود أحمر وبين يديها المتخيلتين أنسج كونا متخيلا من الحليب والأفخاذ الناعمة وأنام فيه.
السماء أيضا كانت أرجوانا تركتْ خط الأفق وانطبقت علىّ كنت أفقا لنفسى تعمدت أن أطيل السكون تعمدت أن أزيح قليلا قليلا غمامة وراءها ضوء وراءها يد الله والمقصلة.
الزنازن الإلهية معتمة لمن؟!
بصيص من الضوء خيط شعاع واحد مر عرفت فيه الرب حين تجاوزنى صرت فى العتمات خمسين عاما تعلمت كيف أصنع النار كيف أصنع الضوء كيف تكون الزنازن فرحة بى وكيف أكتب القصيدة القاتلة.

(ليس لدى وطن بديل)
من أين تأتى تلك العبارات الجميلة من أين تنبع لابد أن قلبا ما قذفها فجأة فى وجه لص فمات اللص واستأثر الوطن بقائل العبارة لكنما بعد عدة أعوام جاء لص آخر بعد عدة أعوام تحول الوطن إلى وطن بديل بعد عدة أعوام جلست فى حدائق الغياب ولعدة أعوام ثمارها الحجرية طعامى الوحيد تحجرتُ فى السنوات والطريق احسب وطنى وطنا بديلا وطنا من تراب عفن وطنا من حجر الدهشة رحت انحت فى الحجر صنعت أياما حجرية طويلة سافرت فى زمن حجرى شمسه حجر وقمره حجر صنعت ما يكفى من حضارة الحجر حفرت نهرا حجريا يصب فى السماء ولى أطفال حجريون من كثافة الحجر رحت أنشب أظفارى فى كل حجر أفتح لنفسى بابا فى الحجر أرى سماوات ونجوما حجرية وحجرا يبكى حجر نزل المطر الحجرى على شعب من حجر كل النباتات حجر والحلفاء وثعابين الماء والأسماك حجر لكن بصيص ضوء صنع بمصر كان ثورة على الحجر نظرت فى جلستى وجدت الحجر يتهاوى وجدت شرايينى تتفجر بالدماء على حجر كان مذبحا أعددته لنفسى رأيتنى اللص الأول رأيتنى اللص الثانى رأيتنى الحجر فانبجستُ بالعيون لكى تشرب القبائل والدواب والطيور تجمعتُ من جديد فى ثورتى لكى يعلم العالم أن خدعة بسيطة تجبرنا أن نكون حجرا يتحول الوطن فى قلوبنا إلى حجر نحطم النوافذ فى الميادين ونحرق قلوب أمهاتنا تَعْلَقُ بالشص أسماك بريئة فتفرح الزوجات والأطفال يفرح الحجر هناك كعكة حجرية جديدة وهناك شاعر يلعق الحجر الثورة لم تكن من حجر لكن أحجارا تساقطت فى نهرها فأصبحتْ حجرا.

فتحْتُ كوةً فى العالم الحجرى نظرت مائى وأسمائى لا الإسم اسمى ولا الماء مائى كيف يحمل الحجر بذرة الإنسان كأننى لم أكن موجودا لكى ألقى بنطفتى فى رحم امرأة مستأجرة أنجبت طفلة شوهاء من الحجر نمت فى حضنها ثلاثين يوما فقط لا معول يهدم الحجر ويخرجنى من حضنها ثلاثون يوما أدت إلى عمر كامل فى الحجر أصبحت كاذبا صدقه الوحيد تلك النطفة فى محاكم الحجر مال تافه وخراب مقيم كأنما كنت أتبول غرائزى فى الحجر. أشخاص حجريون بيننا كل همهم إقامة مملكة للحجر تحجرت مشاعرى من أجلهم نصابون ومزورون وكذابون صدقوا أنفسهم وأرضعوها كذبهم أننى ميت أننى بلا مشاعر أصدقائى تحولوا إلى حجر وضعت سنارتى على شاطئ وانتظرت فى عتمة الحجر أن أتفتت أصبح طميا على بحر ماؤه فى عظامى حقيبتى الرفيق الوحيد لا تعرف الخيانة لا تعرف الحجر
أيتها السيدات الأنيقات لم أكن يوما حجرا لم أكن غير شخص حالم بنى نفسه بنفسه إلى أن قتلته امرأة من حجر. ولا يلد الحجر الا حجر. كيف تلك النطفة تستقيم امرأة فى العالم الحجرى تصبح كأمها امرأة من حجر. أيتها الأحجار يا مبولة الإنسان لم يبق من الحجر الا صنع المراحيض العمومية.

لا تغادرنى الآن أنا أحتاجك أكثر من أى وقت لا تجعلنى مضافا لتاريخ مات ولم يبق منه سوى مؤرخ حزين كيف يكتب بيد قطعها بنفسه كيف يكون كلامه الحزين مقنعا وهو بلا لسان كيف يرى الورق وهو بلا عينين لن أغادر الأرض سأظل فى كوكبى ولن تغادرنى الأرض إلا إذا اغتال المؤرخَ مجهولٌ يمرر تاريخه الخاص لا تغادرنى فالعالم بدونك ظلام سرمدى سأكتب يوما ما تاريخ من أوقف الشمس على يديك وأقول يا ألله هذه المخلوقة كثير أكبر من الشمس المضيئة ومهما ملأتُ لها صفحة بيضاء لا تمتلئ أبدا تظل بيضاء بيضاء لنهاية الزمان سأكتب يوما سبب قطعى يدى من كتب على يدك لا تغادرنى هل كانت يدى هى الشمس كيف أكتب شمسا بيد مقطوعة فأنا أحبك وكفى وكلما حدقتَ تذكر من أعارك العينين سترى تاريخ النجوم والكواكب وانهيارات كون بعيد وامبراطوريات تغير جلدها من أجلك من أجل أن لا يغادرنى الوعى تزييف الوعى يبدأ بتاريخ مزور ليس أنا من يتقن التزييف أنا قطعت يدى من قبل ذلك بكثير وضعتها فى يدك شمسا من الحقائق المضيئة.

مَرَّةً خَلَعْتُ قَلْبِىَ
مَرَّةً خَلَعْتُ عَيْنِىَ
وَهَا أَنَا أَقْطَعُ يَدَىَّ
لَنْ أَكْتُبَ يَوْماً كِتَابَاتٍ سَخَيفَةٍ
سَأَظَلُّ هَكَذَا مُحْتَفِظاً بِوَرَقَةٍ بَيْضَاءَ
وَبِالمَسَافَةِ بيْنِىَ وبينَ المِيَاهِ
وَمَعَ ذَلِكَ بَعْضُ الحَقَائِقِ مُهَذَّبَةٌ كَالقَابِلَةِ

حاولتُ أَنْ أَصْنَعَ عَالَماً مِثَالِياً تَواضَعْتُ التَّوَاضُعَ الكَرِيهَ لَمْ تَنْفَعْنِىَ الفَضَائلُ العِفُّةُ الصِّدْقُ الأَمَانَةُ الإِيثَارُ البَشَاشَةُ الكَرَمُ العَفْوُ لَمْ يَنْفَعْنِىَ غَيْرَ أنْ أَجْلِسَ مُتَفَرًّجاً عَلَى الحَيَاةِ وَهْىَ تمرُّ بَيْنَ أَصَابِعِىَ
كَنَهْرٍ مِنَ الجُنُونِ
كَمَطَرٍ مُلَوَثٍ بأَحْمَاضِ المَصَانِعِ
ونُفَايَاتِ البَشَرِ

مرة أمْسَكْتُ الوَضَاعَةَ شَرَحْتُ ما يَنْبَغِى كَانَتْ بِلَا عَقْلٍ كَىْ تَفْهَمَ أَنَّ طَرِيقِىَ مُخْتَلِفٌ تَجَنَبْتُ اخْتِلَالاً يُؤَدِّىَ إلى الرَّذِيلَةِ تخَلَّيْتُ عَنِ الدُّنْيَا وعَنِ الدَّنَايَا وعَمَّا يُخْفِضُ الإنْسَانَ تَخَلَيْتُ عنِ الحَوَاسِ كُلِّهَا
كتَبتُ المَشَاهِدَ
كتَبتُ التَّوَارِيخَ العَظِيمَةَ
أصبحتُ وَحِيداً بلا صَيدٍ

مِنْ أَجْلِ تِلْكَ الكِتَابَاتِ السَّخِيفَةِ
كَانَتْ ورَقَتِىَ بيْضَاءَ بيْضَاءَ وَلَا شَئَ غيرَ بَيَاضٍ لَا نِهَائىٍ
البَحْرُ كَانَ أبْيَضَ السَّمَاءُ التُّرَابُ الحَشَائِشُ
الشطُّ الآخرُ مِنَ النَّفْسِ
لمْ أَكُنْ طَاهِراً تَمَاماً
كَانَ حِذَائِىَ مُتَّسِخاً
بِغَائِطِ الآدَمِيِينَ .

تَقَلَّبْتُ بينَ يَدَىّ بَحْرٍ سَنَواتٍ عَدِيدةٍ الحُقُولُ فِراشِىَ الوثيرُ شَجَرٌ يُظِلُّنِى قَمَرٌ يُصَاحِبُنِى رَفِيقَانِ كَالغِطَاءِ وِسَادَتِى من حَرِيرِ العُشْبِ زِيَارَاتُ خيالاتٍ تَتوَدَّدُ احْتِفَالَاتُ لامَرْئِيِينَ فى عَتْمَةٍ مُضِيئَةٍ.

غَرِيبَةٌ هِىَ تِلْكَ المُرُوءَةُ
عِنْدَمَا تَلَبَسَتْنِىَ
صِرْتُ باكياً ومنْكَسِراً وطَرِيداً فى الطُّرُقَاتِ
لمَ لا أعبرُ لِشَطِّىَ الآخر
كيف تحولتُ إلى
جحيمٍ من الكراهيةِ تشَكلنى
تجعلنى منعزلا كصخرةٍ فى العراءِ
كلما نمتُ تتسعُ المسافةُ بينى وبينى
لَمْ أَجِدْ مَنْ يَحْنُو عَلىَّ لِذَا ثُرْتُ مرتَينِ
لا شئ غير نفسى
معلقٌ فى متاهةٍ جميلةٍ
هى حضن أمى
هى الوخزةُ بسلِّ النخلةِ
خُدِعْتُ خُدْعَةً كَبِيرَةً
وَجَدتُنِى وحيدَ عَتْمةٍ حَانِيَةٍ
ما للناسِ
كلٌ منهم حربة وحجارة
صاروا جداراً
وعصاً غليظةً وسارقين
سأظلُّ هكذا
لا أنا منهم ولا هُمُ منى
كلما ضَللْتُ شَمْسٌ بيَدىَّ
لا تعملُ
اتخذتُ منى صديقاً
يكتب تاريخَ
أممٍ كاذبةٍ ونقوشٍ ظالمةٍ
أكاذيبُ
سكرتُ بها
لمَ لَا أُحِبُّ هٌؤُلَاء النَّاسَ
لِمَ لَا أَصْفَحُ عَنْ أخْطَائِهِمُ.

كما هو طائر ليس جناحه بمشكلة ريشه مع حبيب قصه برغبة من يحتفظ بتذكار دائم والريش خيوط عناكب منسوجة بالهواء كأجنحة قلب من شغف به دقاته على بابه ليست بدقات بل طبول حرب وانا خسرت بطبيعة الحال بل انسحقت تحت ارداف ومؤخرات ودبابات من الهجران والصد طائر حسا حسوة وظل الظمأ عنوان من يسكن بجوار ماء فى نهر كبئر معطلة ومهما ارتفع الماء لا يحسو غير غرفة ويزيد ظمأه ولا مغيث إلفه أين أيها الحزن كم هو قاس الفراق كم هو قاس أن تتخيل حبيبا تكلمه وعقلك شريد معه فى لا مكان الطبيعةُ أكثرُ دفئاً من البشر استمع للعشب والغاب وصوت صرصور ليل وحيد لعل فى ذلك الهدوء من يستمع من يرى العاشق صوته يعبر فوق الماء يحفظ تاريخ من هاموا من قديم ومن نزلوا من رواحلهم واستقروا شباكهم مازالت منفردة وقواربهم مازالت تعبر خالية منهم ومن المجاديف تحركها أرواح تحمل لامرئيين مثل أى شئ ليس له تفاصيل وغير معقول داخل أماكن لا يدخلها عادة غير من هاموا على غير قصد ولا يعرفون غيرأنهم موتى وفيهم حياة أنهم موتى يتحركون تجاه من لا اتجاه له وأينما كان هو شمس وهم كعباد الشمس.

حيث يصب النهر
حيث يلتقى بنهر آخر*
حيث تانيس القديمة
بنيت مسلة هناك

هجرة مع النهر لازمتنى
منذ آلاف من الأعوام
مقدس أنت أيها الوطن
كتلك الشمس فى النقش

فى العدم
فى الظلمة القاسية
أشباحنا سقطت من الإعياء
خيوطنا فى الماء
نسحب ملح التربة
تملأ رئتى رائحة اليود

بعيدا بعيدا فى الأراضى القاحلة
أقمت حضارة
سطرت على المسلة عشقى الوحيد
كنت حارسا فى معبد
الزمن
كطى السجل
حيث النهران يضيع ماؤهما فى الملح

معجم عربى فى اللسان
لا تتحول ملامحه
الجغرافيا
وطن
ودم
من كتان الحقول
صباح الخير
صباح النور
من يرافق النهر
لمن يسكن على توأمه
هو هو
عصابة الرأس
فى وجوه الناس
الناس طيبون
هم هنا هم هناك
ماء الجنوب المتدفق كدمى تخرج منه كائنات الوحدة ترافقنى مابين البحرين نجلس على حجر من نداءات مكبوتة ( أنا أم الطبيعة كلها وسيدة جميع العناصر ومنشأ الزمن.............. وملكة الأشباح ........... وسكون الجحيم المقفر............ أنا القوة الوحيدة) * فى الظلمة القاسية يدان من نهر السماء أنا حبها الوحيد هى حبى الوحيد فى سجلنا المطوى. يا أم.... تُرى يرد الفضاء....... يا أم...... تُرى يستحق المعجم العربى أن تظل أرواحنا حبيسة فى العدم.... يا أم...... أرجلنا لا تستطيع حملنا أكثر من ذلك..... لا تستطيع أن ترافقنى غير الحكايات فى المنفى بنصف لسان يداك أين يداك يا أم...... كانت شبحا يتبعنى لها الأرض لها السماء والأسماك لها الأسماء الغريبة المقابر رطوبة البدن حرارة الهواء فى صيف بلا شجر لها خيط الدم فى المعارك الوهمية. جعلتنى مخفيا عن نفسى أبحث وأبحث وأبحث لا شئ تحت الحجارة لا شئ فى جحور الفئران لاشئ فى نسمة تركت أصابعها ذات يوم على وجه الحجر وها أنا حجر يمضى لنهاية تاريخه احمل نفسى إلى الماء وأنزل أخيرا أنزل إلى القاع
أنزل
قليل من الماء
القاع قد جف

ما علىّ سوى..... الانتظار
أن يأتىَ ماءٌ ويجرفنى إلى البحر ...... الكبير
عانيت بما ...... يكفى
المدنية ملوثةٌ والتحضر الزائف
سلطةٌ ....... عليا
تستعبدُ الانسانَ
يظل منْسحِقاً
ترسٌ فى آلة....... كبيرة
أكبر مما يظن...... عادةً
لكنما خيْطٌ...... ما
وسيلةُ إنقاذٍ
جزءٌ ما بداخلنا........ يرفضُ
ليس........ قلباً
ليس........ عقلاً
هو أكبرُ من ذلك....... بكثيرٍ
أنظر الأزلَ
حياةً أبديةً بلا قاعٍ
طينُ الإنسانِ ليس...... شيئاً
وأيضا ليس ...... سيئاً
تخطو فى ماءٍ قليلٍ
تعلمُ بما كان
لكن..... هل تعلمُ ما ....... يكون
باعتبار أن الحياة خدعةٌ عظيمةٌ
يوما ما..... ستنتهى
الحياة مقدار ما ..... تعيشه فقط
مقدار ما ...... تفرحُ أو..... تتألمُ
أنت لا ترى ذلك بالقطع
أنظر لما فوق الحواس
بعدها ...... بقليلٍ
هل تدركُ وأنت قاع نفسك
أنك بعد عشرين مقطعا من الشعر
أن العالمَ بلا نهاية وبلا...... يأس
يسير
العالمُ كائنٌ صغيرٌ
دع طفلك الصغير يخرج
عارياً من رحم أمك
أنت خارج الزمن...... خارج المكان.

ينزفُ بداخلِى الهواءُ
روحُه
معلقةٌ لا تخرجُ ولا تدخلُ
كتلةٌ من الدماءِ على الأرضِ الرخْوةِ
هواءٌ آخرُ
يرفضُ الدخولَ لقصبةٍ هوائيةٍ مُوجَعةٍ
ليسَ لى بلْ لهواءٍ ميتٍ بالداخلِ
رحلةٌ طويلةٌ منهكةٌ
كأنما مشنوقٌ بحبلِ صوتىَ المقطوعُ.

أخرجتُ من حقيبتِىَ ما يدلُّ علىّ
لم أتعرفْ علىّ
أيضا تغضنت ملامحىَ
لمجرد تذكارٍ
يغادرُ حقيبتى إلى جيبى
ومن جيبى إلى حقيبتى
مجردُ تذكارٍ يحملنى كُليةً لخارجِ الهواءِ
مُجرداً من تاريخىَ
ومنسياً لنفسىَ

لمجردِ تذكارٍ من حلمٍ سخيفٍ
وعادة تصدق الأحلام لدرجة غريبة
لن اسردَ بطبيعةِ الحالِ
تلك الرموزَ التى تناوشنى
كشريطٍ سنيمائىٍّ يتكررُ
شفافيةٌ أصبحت حقيقةً
لففتُ شعرةً فى الحلمِ
وها هى فى الحقيبةِ
وأينَما حللتُ
أخافُ أن تضيعَ
وهكذا
أصبحتْ حقيبتى ثقيلةٌ
كلُّ ذلك الثقلِ .

مجردُ تذكارٍ من جعارينكِ المتوحشةِ يخترقنى
حيث لا الوقتُ وقتى
ولا المكانُ مكانى
مجردُ تذكارٍ
يرانا من خلال لحظةٍ / سعيدةٍ = حزينةٍ
والذاكرةُ عقلهُ / المبتهجُ = الحزينُ
شبحاً لا يراهُ الناسُ لا يحسُّ به أحدٌ
إلا الشخصُ عينهُ
مجردُ تذكارٍ
يد تمسك الزمنَ
هى / النظرةُ = الذكرى
تجْعلنا / سعداءَ = حزانى
ومع الزفيرِ
هواءُ ذلك المكانِ
هواء يحتاجُ إلى هواءٍ.

ماذا يقول السجين عن سجنه
المرأة الغريبة إذا حملت :
كل تلك الدماء ليست صنيعتى
ماذا يقول النهر عن نفسه
من يحتضر :
كل تلك الدماء ليست صنيعتى
ماذا يقول مروجو الشائعات
امرأة كلها عيوب :
كل تلك الدماء ليست صنيعتى
أقول أنا أيضا كل مساء :
كل تلك الدماء ليست صنيعتى

ليس ثمة أسلاك بينى وبينكَ
وأفترض أننى قضيت عمرا طويلا
فى البحث عن طرق توصلنى
لما بعد الموت بقليل
عادت يدى بأطياف
لا تقل بهجة عن حياة لم أعشها مطلقا
لذا كانت بهجة زائدة
فكيف إذا كنتَ حاضرا
أليست كل بهجة من داخلنا تفيض
تجعل ماءنا أطفال هذا الشعب
إذن نحن نصنع شعبا من الحلم
بمجرد أطيافٍ
تهرب من الضفة التى لا نعرفها على وجه التحديد

الأرض ما بين النهرين
حقول واسعة للقتل
ومراع للسفاحين
لم يكن حلما تماما ولا حقيقة ولا حتى نبوءة كاذبة
كان واقعا معاشا

ستأوى فصيلتنا فى القصائد تصبح شماعة لسماء بأخطائها فى قلب من فر من الجحيم
وتلقائيا ينشط التحول
نحو دائرة عرض صفر
هى نحن

لم يبق من فصيلتى غير قلة تعتزلها الأماكن
تسكن العالم الافتراضى
تحولت موجة عبر الأثير
الشعب الواحد تناثر
شعب مفترض
ألقينا جثث القصائد لمناخات ميتة
وها هو الدم لا ندرى
فى بدايته أم نهايته نعيش.

ولا أظن أننى سأكون دائماً على وعدٍ بأن احتفظ لنفسى بالعشق لن أضن على آخرين عندما يحضر. يجب أن نتشاطر العشق . ليس فجأة أن أنزل إلى مستوى الجنون فهو وإن كان حاضراً لستم مهتمين. كأنه يعنينى فقط. تعالوا خذوا نصيبكم منى ومن وهمى المخفى أنا أحبكم أجل لكن فى الرحلة من بدايتها لا يعنيكم الأمر ألم نتحدث سويا عن تلك الخيالات ألم يكن لكم نصيب من حضورها هى من غشيت أبصارنا فصرنا شبه أموات يسيرون فى النوم ويدلفون فى الأحلام أعضاؤهم مرتخية ومخدرون ولا أظن أننى موجود بينكم إلا شبحا يهيم بمكان شاغر كمن لا جثة له خاطبونى أيضا بتلك الخطب ساعة الظهيرة المؤلمة هاتوا زجاجة ماء هاتوا رغيف خبز هاتوا ملحا نقسم عليه أن نتقبل عاشقا نراه ولا نراه كتلك السماوات المفتوحة على جحيم وفراق ولوعة تامة وأوراق تحترق وخشب شجر وعشب مبتل ودخان كثيف للهوام وإن مرت علينا صدفة تلك الراعية بغنماتها قولوا لها كان هنا ثم أفلت انظرى وجهه فى الصباح ربما تظهر العلامات التى تركها من قديم تصبح رؤيته ممكنة ومن بعيد يكون له ظلا يراوغ الشفق والشفق يراوغه ونحن أيضا لكننا لا نراه لا نسمعه الآن يئس العاشق يئس الماء يئس الخلق فى الحقول والدواب نفسها ما عادت تمر ماعادت تسألنا عن هيأته ولا أظن أنكم اصطدتم فريسة غيره كل تلك الخيوط ترتبك وتنعقد اختلطت بعظام وفروع شجر تحت الماء وأعشاب بحرية من يشده أو من يشدكم أوقفنا سيارة على عجل ذهبنا إلى البلاد البعيدة. خسرنا. بعضا منا تاه فى الطريق وعلى الماء رجعنا فرحين بهزيمتنا ماء به الأحزان أم ماء به الفرح الدفين تتساوى الأشياء فى رحلاتنا من شطٍ إلى شطٍ ومن غربةٍ إلى غربةٍ كل حب يدوم وكل حب لا يدوم وكل حبٍ بين بين مراتٍ كثيرةٍ تهنا فى النهار وتهنا فى جبال ضوئه وسهول من الظلمةِ غشيت العيونَ منا وتخدرت أمعاؤنا فى الريحِ البارد. ِوفى الشمسِ الحارقةِ كم تمنينا سرباً من الطيور سرباً من الشجر المقيم نأخذ منه عطايانا ونشرب منه الفرح الدائم لكن هيهات ولا أظن أننى كنت معكم يوماً بل كنت وحيدا دائما ولا أظن أن بحراً يضمنى أو بحراً يفجؤنى بكائناته وأشباحه وتلك الأصوات تلعب بى فأمشى فى بلاد الله أرقب خلق الله أو أظن أن لليلى نهاية أطل على نهارٍ زائلٍ فى بدايته أو أشربُ من البحر كمثل شعبى يتردد فى أذنى هل تظنون نومى بين اثدائها الصلبة مغفرة أو جزاء أو قدراً محتوماً ليس هذا ولا ذاك إنما محبةَ من يحبُّ عذابه فى قربٍ وفى بعدٍ وليس جنوناً بقدر ما هو عشقٌ ينظر محبوبه أو هو عاشقٌ يقطعهُ العشْقُ.

ولو ذهبنا لآخر الأرض على سفن من أجسادنا غرقى ما انتبهنا لأن أجسادنا ليست معنا مفككون منذ زمن بعضنا ترك رأسه على طريق وعينيه فى طريق هكذا احتوينا على الأرض كلها وانتصرنا بالمقابل تركنا أعداءنا فى العواصم التى تسقط ولو كنا غير ذلك كنا أسماكا فى الجنوب أو تماسيح أو فرس نهر عنيد كل الأقاليم لنا البحيرات الشمالية الكهوف الأحجار المجلوبة والطمى المسافر وأسراب النمل الأفريقى حاربنا الحروب الشريفة وانتصرنا بالمقابل لسنا كهؤلاء التائهين قاتلى الأطفال أو بائعى النساء عندما نصل لمدينة نصلى على أسوارها نلقى السلام بلغتنا العربية ثم نمضى يعود إلينا الصوت لا نحفل يدور بعيدا ثم يرجع ولو أخذناه لكان كارثة لم يبق لنا غير اللسان العربى ممسحة الطرقات يجلس على مصطبة يصغى لهمهمات بلغة غريبة كل جزء منا فى مكان غير المكان هكذا فقدتُ الرغبة حتى لذة السماع نصلى صلاة الموتى ليس وهما إنما فى التيه تختلط الرؤى وتتفتت أرواحنا ونمضى إلى لا مكان .

ليس لدى ما أخسره خسرت الكثير ربما مكسبى الوحيد أن أبتعد عن الفرح إنه يكلفنى الكثير لا أحد يدفع مثلى الآخرون ينتظرون ذلك يدعون أنفسهم دائما فى فرح لم أحضره بالتأكيد ولا حتى سأراه فى الإعادة شربوا على شرفى وحضورى الغائب أقنعوا أنفسهم باهتمام غير عادى أننى الممثل الصاعد على كتف أبى الراحل أو أمى التى رحلت ولم أر سوى صورها فى المجلات رسموا نظرة الحزن فى عينى نظرة قلق وانتظار حتى أننى وجدت نفسى هكذا منذ الولادة مد الرسام يده واقتطع أنفى من الصورة لن أشم الخارج مطلقا الحيز محبوك فى الليل لن أخرج اليوم سوى جثة ليس لى أهل وصديقى الوحيد سيبكى دون صوت

تأملوا نظرة أمى
تأملوا نظرة أبى
تأملوا نظرتى

هذه هى الحياة عندما نخرج منها إلى غير رجعة انتهت المسؤوليات أخيرا انتهى الحزن انتهت خسارتى لعدة أعوام وها أنا بدأت أكسب التعاطف على أغلفة المجلات أخرجوا بعضا من دموعكم التى لم أرها أبدا سوى فى فيلم لم نمثله بعد أيها الأصدقاء يا صديقى الوحيد سد على الباب أنا مشغول الآن بنفسى وبآخر سيناريو للحياة التى ودعتنى منذ ولدت.

من خارج الوقت كيف تستعير وقتا لرجل يكتسب ندبات من أصدقائه أو من حبيبات يبتن معه كن أكثر بهجة وضجة ومع ذلك لم تكن كأى ضجة فرت حمامات من الأشجار نزلت نيازك من سماء ليست بعيدة ليس سوى أن أصنع الحلم أن يكون النهر هو هو وأن يكون الوطن هو هو وأن تختفى سحابات جافة وأن تخرج النساء من شراريفهن يصبحن تحت القمر شجيرات تتعانق مع الهواء وكما قيل : يا أنت املأ عينك بمحبوبك تزداد بصيرة واملأ قلبك بأنفاسه تكن للمروءة صانعا واسمع كلامه تستغنى عن العالمين. حاولتُ للمرة الأخيرة كمن يرتق أحلامهن كم بَعُدْنَا مسافات زمنية عن مكاننا القديم فى وقت زائل لكأن ليل بحرىَ العجيب لا ينتهى ليل دائم فى النهار وفى الطرقات يمتد صبح / ضوء = ليل / ظلام تأخذنى شهوة السماع لمن لا هيئة ضاع صوته أم ضعنا تتعلق أرواحنا لمسافات نجمية ترحل الأشياء لبدايتها كما نرحل لمكاننا الأول كنا موتى وعدنا أحياء تركنا وراءنا مسافات أرضية لا تحتوينا ولم لا نسمع من ينادى يا بحر ولا مجيب ولم لا نبكى على أنفسنا من فرط الحيرة بلا جدوى أعضاؤنا تيبست ولم لا نفيق من الخدر المسيطر ولِم لا يغادرُنا المكان كشخص يستحق الاهتمام فى الحلم يتجمع رجال بسكاكين لصنع مديات جديدة وطعنات كلها ألم لم تفاجئنى تلك المدية حين نفذت تمسكت بروحى وعندما تركت ندبة كنت أهرشها أمام الجميع.

الوقت مفتوح على البحر رجال بمديات داخل الحلم آخرون بمديات خارج الحلم الوقت مفتوح للجالس ينظر خيالات ستأتى هو هو من يحدد الزمن تصعد اللغة القديمة من شقوق الحجارة قاتل وقتيل فى جسد واحد قليل على مثلى عشرون طعنة.
انهم ينتظرون نساءهم
الرجال ذووا المديات لا يستطيعون صنع حلم واحد ها أنا فى المرة الأخيرة اضحك لتلك الصدفة فى أن ألتقيهم ثانية.

الاحباط ذلك الكائن الذى يقتلنا أكثر احباطا منا انظروا كيف تبدأ الحياة كيف تكبر كيف تتسلق الوردات ضوء الشمس كيف يحجل طفل فى المغيب حول شجرة خروع كنت أنا الطفل الذى يعد نفسه أدنو شيئا فشيئا دون جهد سنواتٍ طويلةٍ فى المنافى كافية لصنع مشهد كهذا يتجول فينا
آن أن استريح .

لا أحدث نفسى بكل ما أرى مستغرق فى ذاتى أفكر فى ذاتك وهل لى أن أبحث فى مفرداتى عن ردَّتى وإيمانى العميق بأن الأرض والسماء هما هما أحلام وهواجس وكوابيس فى الصحو وفى النوم قسوة لا تنتهى ودائما اسأل :
ماذا إذا توسدت السماء
وكان لى قمر
تنفرط الينابيع من أصابعى
ميزة أن تكون واحدا من الكواكب
هناك فى البعيد
لا مدار لك
ولا
إجابة سوى

يا أنت قف فى حضرة المحبوب حتى وإن غاب فإن غبتَ فاعلم أنك فى الضلال مقيم . أنظر لوجه محبوبك إن كنت بالنهار فهو النهار وإن كنت فى الليل فهو الليل. إذا كانت عيناك منه فالمشاهدة منه والرؤية منه والرؤيا منحة فلا تبح.

حيرة العابد وذهول المستريب يحضر من يحضر من الأجداث الهياكل العظمية تعيد ترتيب نفسها كلما ثقل العالم تزداد خفة
تصبح طائرا ينهش القلب من قفصه
الهرب الهرب
لا
يأتى
أقبض على اللحظة
تظل مربوطة بى
أبدية فى علاقتها
تعلق بالروح شرائط سينمائية
لحياة الشخص
وتمتد فى الزمن تمتد فى العمر
نعود مرة أخرى
لدائرة الأرض والسماء هما هما
لكن
كلما وجدت حفرة فى طريق
ردمتها
وكلما وجدت ورقة
مزقتها
يربكنى اسم الله
أن تكون النفايات
أحن عليه منا

يا أنت
كن بالمجاهدة محبا وبالمجاهدة مطيعا حتى وإن لم تشاهد وتقبل عطاياه حتى وإن لم تُعط .

عن القتلة
أتكلم
أسكن فى حى القتلة
هؤلاء الودعاء الطيبون
يقتلوننى كل يوم
لماذا هم ودعاء وقتلة
أولا : تلك الاستكانة
تجبرك على محبتهم
ثانيا : ذلك التقنع بالنصيب والرضا
يجبرك أيضا على محبتهم
ثالثا : لماذا هم هكذا
الإجابة :
قلة الحيلة فى مواجهة كارثة
مثل :
أنبوبة الغاز + إيصال الكهرباء + إيصال المياه + المصاريف اليومية لمن فى المدارس + الطعام الشراب الملابس...........

أشياء كثيرة تجعل الواحد منا يسأل الله : يارب ضعفاء نحن قتلْنا الصبر وقتلْنا الصابرين مثل هذا الشاعر البائس مات قبل أوانه سقط ميتا من فرط الدهشة كيف نعيش لماذا....... كل الرواتب لا تكفى ومع ذلك يا ألله نحن نشكر نحن نعبد نحن _ نظن _ أننا لسنا آدميين
قال الشاعر عنا : قتلة
قلنا : نعم قتلنا الثورة

عن آخر غيمة مرت
أتكلم
كانت الغيمة تتهادى محملة بقطرات
سألت نفسها
هل تكفى تلك القطرات ذلك النهر
أقنعت نفسها بأنها لا تكفى
ظلت تسير بعيدا بعيدا
قالت سأذهب إلى حيث أمتلئ
بما يكفى مدينة
وأعود
ظلت تسير إلى أن وصلت الصحراء
هناك رأت رمالا وعراء يأكل نفسه
تاهت فى الصحراء وتبددت
لم تحتفظ حتى لنفسها ببضع قطرات
أصبحت مجرد سحابة جافة
لا تشغل بال أحد

عن آخر كلمة قالها نورس
قال
بين البحر والنهر مأواى
بين الريح والهدوء عشى
أنا بين بين
تلك الأرض ذلك النهر هذا البحر
لا يشغلنى غير عابر
يلقى حجرا
فتختلط الأحاديث
وتكثر
وتظل الشعوب هكذا
محدقة لدوامات من الدم
أنظر رائحة الهواء
أصبح الدم بلا رائحة

عن آخر مرة رأيتها
تلك المدينة
غرباؤها أكثر من سكانها
تجارها أكثر من مشتريها
طرقاتها لعربة موت تمر
أرصفتها لمشاة بلا أرواح
تخرج من عريها فى الليل
باذخة كوليمة
لا أحد يستطيع فضها
عذراء وتبقى عذراء

عن آخر امرأة عرفتها
عندما تعانقنا فى الفراش
ذابت
كنت اعرف أين
كنت اعرف كيف
كنت أعرف أنها لن تخرج من الباب
كنت اعرف أننا نستخدم ملابس واحدة
كنت أعرف أننا وجهان ليس لعملة
وجهان يتواجهان ويتعانقان وينزفان
كيف اخرجها من الداخل.

هدوء لا يسبق العاصفة إنما تلك العاصفة الآتية من بعيد سوف تقتلع قلبى خذوا قلبى وضعوا فى مكانه حجرا احتفظوا به تحت شجرة تحت شجرة لا تنالها الرياح لسوف تأتى العاصفة حتما. الهدوء بألوانه المبهجة ورق الشجر فى مكانه لسوف تبدده العاصفة لسوف تكنس القرى وتغلق حاراتها لسوف تقود القطعان إلى حظائرها لسوف تجعل البحر غير صالح إنها لا تستهدف غير قلبى. لسوف يصمد الحجر أما الأشجار لسوف تستعيد أوراقها فى الربيع والقطعان تعود لمرابطها أين أخبئ قلبى كل الأراضى مكشوفة تحت وطأة الرياح الغاب نفسه متواطئ عشب البحر وأغربة ترصد وطيور نورس وأشجار شيطانية لم تكن هنا قبلا. أين أخبئ الشئ الأخير منى الحجر أليق ما يكون لمواجهة عاصفة لا البشر.

ليس الموتى من ماتوا وإنما الأحياء الذين يعيشون كالموتى لا يليق بنا غير الحجارة لا تأخذ شيئا من ميت فقط أعطه صلواتك وأقرأ له الفاتحة لا تنظر فى عين ميت قط إذا نظرت فى عين ميت فإنك ترث الحزن كله.

هكذا هى العواصف لا ترحل عن قلوبنا تتجه للقلب مباشرة يالقلبى أين أخبئه ورثت حزن العالم عندما نظرت عين ميت لحظة موته انصبت العواصف فى قلبى هربت بأقصى ما أستطيع الحزن عاصفة تطاردنى ليست بهجة الصيد ولا الأشخاص المتناثرون من الذاكرة والذين يمرون أمام عينيك سوى أن عاصفة سوف تأتى تقتلع قلبك من مكانه أنت ميت لا محالة اهرب على هذا البحر واغترف غرفة واحدة عل العاصفة تأتى تشرب من بحرك الأخضر.

عندما نظرت فى عينيه تبدد العالم
تبدد حتى صار نثارات
كيف تعيش فى النثارات
كيف تجمع تلك النثارات كى تعيش
كى تلمح بهجة آتية أو تشغل حيزا فيها
كيف يكون شكلها فى النثارات
كيف يكون شكلك
أنت بكل ذلك العمر لا شئ
لا إنسان تعرفه فيك
ولا تمر غير النثارات مدومة فى الهواء
الهواء الذى يموت بداخلك
لست إنسانا تماما
لست سوى نثارة تتقاذفها الريح
تمر عبرك النثارات شخصيات وقصائد
وكلمات وحروفا تنفصل عنك
لا تنتمى إليك

هكذا العالم عندما يتفتت
أنت بكل ذلك العمر حلم من نثارات
لموتى حياتهم الثانية بدأت
نعيش مع الموتى فى ذلك العمر
أقرب ما نستطيع
إنهم أكثر حياة من ذى قبل

فى تلك النثارات كانت روحى تجمع جسدى لموت مستديم تعرف مكانا لائقا له تعرف حيزا أفضل لمن هم بين حد الحياة وحد الموات لمن ترك الأهل والأصحاب وجلس على الماء فى انتظار شخصه الغائب الفارق بينهما سنوات بينما تتمدد المسافة والذهول والغياب وفقد ما لا تستطيع أن تحتفظ به فى النثارات لا تتجمع سوى الخطايا كل خطيئة بحياة هى خطاياهم تحملها عنهم ليست خطاياك سوى الترقب سوى أن تنتظر وتنتظر وتنتظر.

النظر إلى لا شئ دائما من صفات المرضى لكننى لست مريضا بما يكفى أن أكون دائما هكذا. أنظر للا شئ أنظر وكفى . العالم مشغول بنفسه وأنا مشغول بنفسى كيف نتفق كيف يكون بيننا هدنة . فى الرؤية تنسحب الأشياء من أمامى وتستقر هناك حيث لا رؤية ولا مشهد يستفزنى كى أقاوم الملل . كى تقوم من مكانك وتقطف ثمرة من وقتها ثانية فقط تقطفها من برعم نبت فى الوقت الميت تماما برعم يتخيلنى أرصد الوقت أرصد معركة ستنتهى قبل أن يبدأ الوقت فى النزوح مع الشمس إلى لا مكان . تلك نظرتى ولا أحد . يتسع داخلى أمامى وأنظره أفتت ما جاء به من حزن وأضمه لسلتى سلتى المليئة بالمشاهد المتعاكسة أرتب المشاهد كذكرى من الغبار أرتب معاركا نسيتها أعيد الصياغة لأطرافها أنا وأنا . البراعم التى تنبت فى الوقت الميت تموت أيضا لا أرصد الموت كيف يأتى فليأتى الموت كيفما يشاء ربما كان على صورة برعم . فى التلاشى كل ما ينبت يموت حتى المشاهد فى مستوى نظرى تموت دون أن تراها الطيور القريبة فى انتظارها لوجبة كل مشهد كان وجبة لها . يأكلنا الجوع فنأكل ذكرياتنا وكلما كانت حزينة ازددنا جوعا تسقط الأحلام فى مناقير الطيور متى كان للشاعر الميت فى داخلى حلم . أربعة عشر عاما بلا أحلام جوار بحر ميت بخيل فى محبته وعنيد كحجر وكلما سألته يضحك.

هذا الشعر كله جنون لن يستقيم العالم لك كل ذلك الجمال كل ذلك الحزن كيف يسعد العالم و أنت حزين وشقى لم يبق سوى أن تهاجر منى أن تخرج خارج دمائى تصبح الفراغ.

يا فراغُ : العالمُ ملئ بالتناقض ملئ بمن هم صدقهم = كذبهم. مروءتهم = خيانتهم . الصفات التى تنتقينا ليست لهم لذا ذلك الحزن رائع لفراغ مثلى فارغ من الصفات الرديئة.

هل. من. أين. لماذا. متى. كيف. ماذا. ما. أ . كل ذلك انتهى لم يبق غيرك فارغا. والإجابة أنت وكفى.

هذا الشعر كله لمن لا تقتلعه العواصف حتى وإن بدت قوية فهو وإن كان خائبا بعض الشئ فهو الشجرة التى لا ينبغى أن تنكسر الهؤلاء الذين تحولوا من النقيض للنقيض فجأة هم تكسروا فى العاصفة كلهم هباء كلهم حروف متناثرة فى الفضاء.

* قصائد عن الموت والموتى

لا تشغلنى السماء حاليا
وجهها يرف على المياه
يتدفق فى الهواء يصبح الهواء ثقيلا
من أوجدنى فى المتاهة
وجعلنى جائعا لنظرة
نظرة تكفى لميت ولا أدرى من منا
وربما نحتفى بأموات
لا نعرفهم ولا يعرفوننا
ربما نجلس سويا
نتفاهم حول جدوى
هل ينتقينا الموت أو ننتقيه
فانتظرتُ كى أخاطب الموتى
وعلى كلٍ
لا أحد يقرأ الموتى
لا أحد فى الموتى يقرأنى.

لا شئ أفعله حاليا
سوى الوقت أقطعه جزيئات
وأنظر حرفا شاردا من فمها
معوجا بعض الشئ
ربما كان مبهما
لكن حرفا حرفا يكون الكلام
يا إلاهى
كنت أنتظر لثغة
وها أنا بعد عشرين عاما الانتظار نفسه.

لا يدى تكتب على التراب
ولا عينى تكف
أنا وهى كالتصاق توأم
الجزء الذى ندفنه منا
لا ينفصل
حتما ستمطر السماء قديسين ذوى أجنحة
وهى ذلك الوجه مشتعلا تحت مائكَ
يا إلاهى
كيف أعبر لها عن محبتى.

وكيف أهرب من رائحتك
تلك المجازر التى ارتكبها الهمجيون
ليست آخر الأحزان
ليست أولها
هناك حزن دائم
( تلك الرائحة ) *
على الغلاف زنزانة معتمة
كلما انفتحت يرفضنى الخروج
وأرفض الخروج
ومع تلك الرائحة أكون أكثر حرية
فى الداخل

وكيف تظل بالقيد يداى
لم تعلم الحياة بعد
أن الموتى فى داخلنا
أكثر حياة
ندرك ما يفعله الموت من بهجة
لسنا كمن أوهمته الحياة بالسعادة
أوهمته أن الموتى اتخذوا بيوتا لا يغادرونها
فخلعت قيدى من الحياة
وأسلمت نفسى للموت

وكيف ترفرف الستائر الحمراء
فى المدن
الستائر الحمراء يقودها الموتى
مثلى ومثلك
خرجوا من دمائهم ليهبوا الحياة حياة
يا هذا بصرك اليوم حديد وما نظرت
فانظر ثورة الموتى

فى انزياح الأزمنة كنتَ متداخلا مع الحجر والشط والغاب والسمك الملون
فى الحوض الزجاحى
فى ردهة البيت
فى الظل
فى فتات الخبز إذ تحملها النمال
وتتأرجح فيك صورة البلاد دامية
وقوارض تبلع حقائب سفر
وثعابين تمر منهكة لم يكفها اشتعال قطار فى شقوقها
ولأنك مرمى فى الطريق.
ليس من شأنى تبكيت ميت فيكفيك نظرة الأسى. أليس واجبا أن أعد قبرا يسع كل ذلك الجمال لصديق يجذبنى دون نباح
سأعد قبرا يليق فاترك لسانك الأخرس يتدلى منى
فيما بعد عرفت قيمة القبور
فى إخفاء ألسنتنا
التى تتحول إلى شوك وتخرج منا الصبار .

لا أريد أن أفرح بهذه الكيفية
أريد أن أكون حرا
كأن تمطر السماء وأظل أنظر
أنظر المطر ولا يكف
أنزل للشارع الطينى
فرح بالنظر لمجرى يتكون
لا أريد للمطر أن يكف

لا أريد للمطر أن يكف يظل يهطل
يظل يهطل إلى أن تسير القوارب
بورد بأطفال وبالونات بأشجار
بأرصفة بمشاة بسماء تمطر
بفراشات تخرج من الحلم
تخرج منى
تخرج من الناس
تحمل ألوانهم وتحملنى
لا أريد للمطر أن يكف

لأننى أحب المطر
أحب أن أنمو كيفا أشاء
تلك جذورى مبللة بشارع
كل ما فيه يخضر
يخضر
تصبح البيوت أشخاصا وأجنحة
تصبح خالية من سقوفها
تصبح فضاء شاسعا

العالم فى الداخل أكثر رحابة
كمن ينسج خيوطا
وعلى نول يدوى يحولها إلى قماش
على قمته أجلس
ورغم بحثى الطويل عنى
تهت فى عالمى
الوجوه الصاعدة منى تحمل وجهى
ومن يمرون فى الذاكرة - لذلك العالم أيضا -
يحملون وجهى
تشابهت الوجوه
لم أعد أعرف أصدقائى
حتى من اتخذنى عدوا
كان يحمل وجهى
تهت فى الوجوه
كيف أعد نفسى للحرب
من أقاتل
من يقاتلنى
العالم أشد تعقيدا مما أظن
ربما كنت داخلا من الخارج
فى الخارج عالم آخر
ضيق بعض الشئ
العابرون من هنا إلى هنا
ألقوا سلال قمامتهم

فى سلة ما
وجدت يدى
وليلة أخرى وجدت الأخرى
ما يدور فى خلدى كيف للعالم
كل ذلك التوحش لمجرد
اختيار خيوط بديلة
تُقطع الأيدى لأقل من ذلك
هكذا تجمّعتُ من جديد


لوثتنى الحياة بالمحبة
ككوكب على كوكب يموت. ما الذى يجعل الجحيم جحيما. كل الجهات فى شكل عقرب. وكان يضحك. كان يرى قبلتى فى اتجاهه . كنت لا أرى. غير أننى أدركت أن الضحك مأساة بلا خير. وكنتُ أضحك لامرأة سلتها مليئة بالعقارب ( تعرف أنى صياد ليست مهنته الصيد) . سيدتى كم عقربا . هم كثر خذ واحدا أصفر . أدخلتُ العالم ذاك الأصفر. أدخلتنى دنيا تتبدل. مواقيتها غير المواقيت نمت معها ليلة كاملة. فى غمرة الجنس تختفى الحقائق. كيف يرضع الصغير من أم العقارب كيف تختفى الجيوش فى أم المعارك. تلبستنى العقارب تحولت وانتسخت. لُدغت وانسحقت. بحثت عن هيكلى لكنما تفتت. كانت الرمال مائى وفى الربع الخراب مسكنى جيوش مدفونة فى وطأة الرمال.. كرهت انبعاثى تقدمت فى العمر ألف عام دَفنتْ قلبى فى ثديها كان مبتورا. الجيوش الكثيرة إلى أين. دخلوا مع الداخلين.
صرت عقربا.
عاشت معى العقارب والحيات كلما أخرجتها من رأسى كلما تعمقَت. كلما أدخلتها رأسى انسحبْتُ للعدم . تلك العقارب كانت سببا فى انفصالى عن الحياة . فى حضنها نامت عقارب الساعة تحولت لعقربين ( كانت تلتهم لسانى بشفتيها. عشتُ كنجم منطفئ وانفجرت ككوكب). صليت كافة الصلوات فى اتجاه البحر
ما كان أن يرفض. صديقا ما يود الانتحار يود أن يختلى بنفسه. ما كان أن يحدث
لو وجب علينا لاتجهنا إليه من قديم
من قديم كان البحر تجاهى
عرفته فى ضوء الشفق
فى انسجام الكون
نحو محبة مرغمة
لكنما الموت جاء فى صورة عقرب
وكان يضحك.

* بمجرد الملامسة

عندما وجدتنى وحدى
دخلت نفسى أشياء
احتفظت بها
منديل دخل مرة
علمنى كيف أصافح النساء
كيف أقول لهن الكلماتِ الجميلةَ
مثل : صباح الخير
مناديل النساء دائما معطرة

- المقطع السابق ليس شعرا
ليس شعرا بالمرة
- ما الذى يجعل الشعر شعرا
- أن يلامسك فى مقتل

هكذا قُتلتُ بمجرد الملامسة
وكلما أحببت أشخاصا تحولت
مناديلهم بمخاطها
قصائد
وعطورا
تراكيب عجيبة من المخاط
مرة بمنديل ورقى وجدتنى أحب
كان طُعما وكنتُ الفريسة
كان مكتوبا عليه ( أحبك )

المناديل الورقية تحبنى
هذا ما كان
عندما أهدتنى منديلا
أحببت المناديل كلها
بمجرد أن تطأ منديلا بقدمك
أغضب

مرة رأيت منديلا يمشى
فى طيته يبكى إنسان
بمجرد الملامسة تشعر
بدموعك المنسكبة
كل مناديلهن معطرة
بالمخاط أو الدموع.

* مجرد كلمات

ليس صعبا أن تلقى بحجر
فى بحيرة راكدة
لكن هبنى القدرة لكى أفعل ذلك
مشكلتنا أنها مرهونة بآخرين
لهم إيقاع مختلف
ربما لنا أسبابنا
لكن الله يفعل ما يريد

وطأة الماضى كافية بالتدمير
لكن بالتحمل والصبر ننجو
وهناك سبب ما - دائما - للحياة

لو قدر لما نكتبه أن يعيش
ولا يموت معنا
سنعيش ألف عام
سبب كاف أيضا للحياة

لو بإمكانك وصل الماضى لوصلته
دلنى على من يعين
ويحمل رسائلى دون أن يقول :
من لم يأكل الصبر
أكله الصبار
وعندك ألف سبب للموت.

*لوحة على جدار

ربما لوحة على جدار الصالة
تبتسم لى
لى وحدى
عندما يدخل الضيوف
تكف عن الغمز
تكف إلى أن يرحل الضيوف
وتعود لى
لى وحدى وتبتسم

يدها الحانية وابتسامتها
تجعل الأريكة ناعمة
فى النعومة أدلف
كان دفئاً لى وحدى
لا راحة يدها فقط كانت حانية
بل كلها من أخمص القدم كما يقولون
لمنبت الشعر لى وحدى

تجولت فيها بأنوثتها
كنت رجلا وحدى
رجلا بلا عاصفة وبلا شط
وبلا نهاية لليلة طويلة
كنت سيد الأرق
وكانت المرأة الوحيدة
مثلما نزلت من جدارها
صعدت فى أول الصباح
وكنت أصعد معها

* الأسرار

مقابض الأبواب مغلقة على سر
عندما أدير مقبضا تتدافع الأسرار معا
تجلس بجانبى فى غرفة النوم
بينما تنتظر المقابض
كل سر يبدأ حكاية لا تنتهى
الحياة والجيران
و الخيانات
مؤامرات نساء جميلات
عاريات وكاسيات ومراهقات
اشتهاءات نساء قابلات للطى
فى صفحة الحوادث
لكنما النوم يعيد المقابض
لسيرتها وتنغلق

* عمياء

كنت مرتبكا لتلك النظرة التى رمتنى بها
لدرجة التدحرج على الرصيف
تحملت كفايتى
وذهبت بعيدا
لآخر الدنيا
ومع ذلك تبعتنى حتى كدت أصرخ
ابتعدى لست أنا
من يصدق أن نظرة ضلت طريقها
عذبتنى حتى انخلع قلبى من مكانه
لم أكن مقصدها
لم تكن لى
كانت لعمياء فى الطريق

* للذى يصعد
فى رثاء أشرف العنانى

انتظرناه
وإن كان انتظارنا طويلا
بعض الشئ
لكننا انتظرناه
ربما يحضر باكرا ككل مرة
لكنه سافر إلى أرض
جفت آبارها
تخطى راية الرمل والبئر الصاخب
على وعد بأن يحضر كماً من السعادة
لكنه لم يحضر
يا إلاهى
ذاااااااااالك الرجل
يغيب عنا فيوجعنا كثيرا
وهو فى هيئته
تفرح لرحيله صحراء وطرق موحشة
تغيب فى وجوده

لمقبض الباب فرحة إذ يدلف منه
انه ينتظره
عندما خرج نز صوته بالبكاء
سيذهب إليه طالما أنه لن يعود

يا إلاهى يغيب دائما
ذاااااااااالك الرجل
لكنه يرجع دائما
تواعدنا إلى أن ملّنا الانتظار
صارت وجهته فى اتجاه ما
ووجهه مازال معنا
يطل علينا من القصائد
كلما غاب
وكلما غاب
تكتسى القصائد بالحداد
وتغيب معه
ربما يحضر باكرا ذاااااالك الرجل ككل مرة
سألته عن مقبض الباب
قال : لامرأة تعبر تجاه موزع بريد بائس
لماذا لم يحضر موزع البريد باكرا

مثل ذاااااااااالك الرجل
عرفناه
ما عاد من سفره موزع البريد
عادة ما يتركنا الموت خلفه
نزولا للذى يصعد
علينا أن نعد حقائبنا
طالما أنه لن يعود

* الوصايا

كلما جالستُ شخصا
أجدنى مكانه
إذا بكى بكيت
إذا ضحك ضحكت
أجدنى فى وجه هذا الشخص
فى قلبه
فى لسانه
أجدنى هو
وأجالس نفسى

تحدثتُ معى مرة عن الحب
وجدتنى بين مرأتين
جنة ونار
فى الصيف أدخل الجنة
فى الشتاء أدخل النار
وأعود
كعنقاء
هو الحب هكذا
مرة جنة
مرة نار

لا تأخذ شيئا مما تحب
أعطه ما يحب
النار تريدك كلية
تريدك أن تصبح لا شئ
كن لا شئ
كن رمادا
فى الرماد تنتهى النار

لا تأخذ شيئا مما تحب
الجنة دائما مثمرة
صحيح أنها - أيضا - تريدك كلية
لكنها
تريدك كى تثمر
مثلها

وعندما تجالس أحدا
لا تحدثه عن الجنة
ولا تحدثه عن النار
حدثه عن الله الذى يحبك

لا تنظر الخرابات
ولا تدعو لرذيلة
لا تلوث البحر ولا النهر
ولا تتبرز فى العراء
كن حانيا على اليتيم
ولا تكن فظا غليظ القلب
حاول ردم حفرة فى الطريق
كى لا تقع فيها
كن إلاهيا
يكن الله معك

* لمسيح بورسعيد

أنا رجل يقتله الميكروفون
والزعقات
ألملم نفسى وأتكور
بعيدا عن الأصوات الصاخبة
ككرنبة تتكور على
جوهرة
وأقرأ قصائدى

انتزع الزائد فى القصيدة
وأعطى لها وقتا قبل محوه
تظل الكلمات الزائدة
مصدر قلق
تعود كما كانت للداخل
وتظل هناك
تظل إلى أن تتلاشى

أحلم بأن العالم حديقة
يمكن أن تزرعنا
من قارة لأخرى
بجذور متنقلة
يمكن أن نعيش
من أصيص لأصيص
نحن نرعاه

رمى حذاءه
قلت ألبسه
وعندما صار فى قدمى تفتت
عدة كيلو مترات
صرت حافيا
وكلما مشيت
ترفرف علىّ السعادة

تراوغنى فتنتها
ولا أتوه
ومع ذلك
لى مع الحزن تاريخ طويل
ولكن عندما أتذكر الموتى
عندما أعرف
أننى راحل
يخف حزنى
وأعلم أنها هناك

الأمر لا يتعلق بى كثيرا
لا يتعلق بى على وجه الاطلاق
لمسيح بورسعيد *
لحلم يمشى على قدمين
لشجرة تموت واقفة
ومن جديد ستخضر
لصبى فى الستين
لعنقاء فى الكهولة
يحمل خشبته
ويمضى .


صلاح عبد العزيز - الزقازيق
أغسطس 2019 ) ديسمبر 2019

=====

هوامش ديوان:
فى بحر أبى الأخضر

* النتشات : المزحات ( الحكايات) الممزوجة بالمبالغات
* الغمزة : تعلق السمكة فى الشص
* القصاقيص : بقايا القماش
( أبو الأخضر ) : ترعة متفرغة من نهر النيل بعرض ١٠٠ متر أو أكثر قليلا تمر بطول محافظة الشرقية وتصب مياهها فى بحيرة المنزلة وهى مقصد لهواة الصيد.
* ( أبو الأخضر ليس مجرد بحر إنه ملجأ للهاربين من الحياة) إلى صديقى جمال منز شحاته عاشق بحر ابى الأخضر.
* الأعمال السحرية التى تعملها النساء كانت تلقى فى البحر / النهر / الترع أو تكتب على جلد نوع معين من الأسماك يعيش طويلا فى الماء وعلى اليابسة
* نشيم بروق المزن أين مصابه = ولا شئ يشفى منك يابنة عفزرا
البيت لامرئ القيس
* ( حيث لا سماء تخصنى ) عنوان قصيدة للشاعر احمد عبد الحميد
* تتوازى ترعة (بحر أبى الأخضر) وترعة (بحر مويس) فى منطقة صان الحجر ومويس هو تصغير اسم النبى الكريم موسى حيث حمل جسده وهو رضيع.
* تانيس مهد الأسرة الحادية والعشرين الفرعونية
* الشاعرة أمينة عبد الله عندما اعتقلت فى سبتمبر 2019 وافرج عنها بعد عشرة أيام.
* ايزيس ص ٧٦ / ٧٧ من معجم الحضارة المصرية ط٢ الهيئة المصرية العامة للكتاب مكتبة الأسرة ١٩٩٦
( انا أم الطبيعة كلها وسيدة جميع العناصر ومنشأ الزمن وأصله والربة العليا وملكة الأشباح وأولى سكان السماء والنموذج العام لجميع الآلهة والربات أحكم ذرا السماء ونسمات البحر الخيرة وسكون الجحيم المقفر وأسيرهم كيفما أشاء أنا القوة الوحيدة)
* فى تفسير بن سيرين خروج شعرة من الفم نكبات وابتلاءات ولفها ووضعها فى الجيب فقر واحتياج.
* الأرض ما بين النهرين هى ما بين بحر أبى الأخضر وبحر مويس
* ( تلك الرائحة) رواية للكاتب المصرى صنع الله ابراهيم
* العقرب فى التفسير عدو وأكل مال وخراب وانسان نمام
* فى التراث يجئ الموت فى صورة كبش أقرن عندما تموت كل المخلوقات ولا يتبقى إلا هو فيُذبح وينتهى الموت .
* مسيح بورسعيد هو الشاعر أحمد عبد الحميد .
* الكعكة الحجرية قصيدة لأمل دنقل


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى