كتاب كامل صلاح عبد العزيز - النص الكامل لديوان 2020

* المفضوح فى كل حال .....

لو ألقيت سرك فى بئر ووضعت على البئر ألف حجر . إن باعوك فلا تحزن. لن أُسر إلى البئر ولو تكلمتُ سأختلق لغة غير اللغات. أحمل بابلا معى كلما رحلت. لو حملت العراق كله هل ينكر السر من على وجهه السر. أيها المفضوح حالك لا يُسر. فسر بلا سور يضمك فى الخلاء كنهر سلسبيل فى سيره. ضع رأسك بدلا من قدمك وسر فى بلاد الناس. انت مفضوح على كل حال . ستأتى سيارة ويعلق بدلوها السر.

* وجهتى


كيف اخرج :

غيبتنى
ثقوب قميصى القديم
تركت علامتها كخاتم إصبع
ما تزال علىّ
تمنيت أن يمضى عام
ويسقط عن قميصى

قميصى الجديد الملون
بالأحمر
والأصفر
والأخضر
منقوش بالطيور مزخرف
بنبوءة العام 2020
وسوف أجتاز الحدود قريبا

يا أبى هذا قميصى فى الكريسماس :

تأتى المياه من لا اتجاه
على قبر أمى وجدت بحرا
وفى قبر أمى وجدت بحرا
لم تكن شيئا
لم تكن سوى كوكب يمر
كعادة نهر منبعه مصبه
غير أن الطيور نتفت ريشها
وأقامت

هناك ما يجذبنا لقطع علاقة بين الحياة والموت :

رمال صفراء :

لها تاريخ وتاريخى أصفر
وها أنا راحل فى بئر
والظلمات مؤنسة تنهال من أعلى وتنهال الرمال

دائرة لا آخر لها لا تزول :

وأنا على الرمال بلا خطى
تقلنى الفصول
والطيور :

أفتقدكَ الآنَ
الأمس سيجئ غدا والغد أصبح أمسا
أفتقدك الآن
أحتاج لمن هو مثلى
يسير فى الليل
يعرف أين تختبئ النجوم
أفتقدك الآن

* فصل بفصل ووصل بوصل .....

امسك بيدى صحراء واسير معهم أرض تطوينى وتعبث سماء بصدرى تتعب الدواب منى وتنيخ لمن ذلك الصوت والبرية لا تُحد أكل هواء يبعث بحضارته لسراب يافضيحتى فى السوق غافلنى اللصوص سرقوا تلال رملى وأحجارى للمدائن هذى صرخة الصحراء صوت الرمال المحملة للفراعين ومعابدهم وحدى الذى اسمع وحدى الذى يرى وحدى الذى يباع وحدى الذى سيسجن إن لم يحب.

* الشمس والقمر .....

هى العصا تقود الضرير تضع الأرض نفسها تحت قدميه تئن من دمعاته وكلما خطى بكى العشب يسأل الهواء لا مجيب لون واحد للقمر لون واحد للشمس لون واحد فى السنوات الكثيرة من الحزن الكظيم.

* لست أرانى بحول منى .....

أجتاز الفيافى والقبائل علمتنى أمى كلمات اقولها أنا من صُلب ذلكما السماويان والقبائل تحت شمسى وقمرى ولى الطلعة البهية ولى أن ترانى سرها أنا الذهب الذى يومض فى العيون بألف لسان.

* الروح إن سألت ضوء شمس .....

نفسى ترانى فسيفساء ترف
فى رفها تعلو وفى الرفيف تشف
خلف الفيافى لاح نهر صفاء
إن عطره فاح لن وليس يكف

* تحتوينى الفصول .....

توضأت صليت دعوت بالظلمات خرجت نظرت لونا آخر وجدت رأيت ناسا يعبدون الحجر وبالظهيرة يلعنوه حراس من الحديد كهان من الخشب موازين تختل بما ليس فيه فاء.

* رجل عجوز بينى وبينها .....

لم يقيدنى مشيت وراءه فى عينى ما يجعلنى منقادا بلا ذل ككنز ثمين أطبق على يدى وبرفق مَسحتْ رأسى شئ من الرؤى ينساب منها إلىّ وهو يرى.

* فى احتيال الضوء .....

ظلام البئر ظلام المسير ظلام الأرض القاحلة كل تلك الظلمات ليست لى لجلال الرحلة وما يريده من بالأعالى يا إخوتى ماذا تريدون منى اللعبة انتهت لحقول من القمح على بعد فرسخ.

* القلب عندما ينبض .....

لابد أن هناك موسيقى يجب أن تبحث عن منبعها لابد أنه هنا وأشارت لقلبى قلت : لك الأجر والثواب ارشدينى إلى طريقك إلى موسيقاى.

* السجن .....

أجربنى بين العبيد لا الصدق يجدى ولا الأمانات أين أذهب من عينها تقترب بموسيقاها تخرج أضلاعى وتضمها مسجون أنا من قِبلها وهى سجينة بى هى قميصى الثانى.

*

لدى أماكن عديدة لقضاء الكريسماس
لدى بئر ينتظر اخوتى
ولدى حريق فى صفيحة قمامة فى استوكهولم
لدى محراث فى اليمن
ولدى صديقى عدنان
فى ألمانيا

أى الأماكن أقضى الكريسماس
فى روضة الرب فى الكتب
أم على مكتب منكبا لكتابة قصيدة
ترثى العام القديم
كيف أكتب أمنيات جديدة
وكل الجيوش معبأة
والحدود مغلقة على النازحين

كيف أقضى الكريسماس
وبن الأمين محاصر فى مرسمه
وفى سمائه الصدأة لا تلمع النجوم

السيارات فى الصحارى تتجه للبئر
وأبى لن يعرف
أن الكريسماس يقترب
وأن شعبا يبحث عن خريطة بقدمه
وأن ديموقراطيات خائبة
على قميصى
ستزول بمجرد الغسيل

كيف لأماكن الفرح
والأصدقاء
والأعداء
والفقراء
والأغنياء
كيف للعالم كله أن يخرج من البئر
أن يعقد معاهدة مع السيارات
والمدارات
وسفن الخليج
و الأسطول الخامس
والرابع
والسادس
والروبل
كيف لأماكن الفرح استقبال
من أخرجتهم الخريطة عبر أضلاعها
المرسومة

كيف لى أن أحتفل بالكريسماس
*
احذروا ستسقط طائرة فى سيبيريا
دون أن يدرك العالم
أن ريشة فى المراجل البخارية
سبب السقوط
وأن عاملا فى مصنع التبغ
مات بالسرطان
*
فى التغير المناخى تهب الطبيعة
دون أن يدرك الإنسان
سبب تلك الحرب
سبب تلك المجاعة فى أفريقيا
وأن ماء المطر
لن يكف عن إلقاء الجثث فى القاهرة
والخليج
بئر بترول فقط حفنة دولارات
تصب فى مدينة تحت الإنشاء
بجوار شارع اسكن فيه
*
مسكين ذلك الجار
عوازله تصعد وتهبط
كل عام يفقد شيئا ما
فى ٢٠٢٠ سيستريح بالتأكيد
لن يمسك بأى شئ تقريبا
*
شارعنا سيكون مدخنة لرائحة شواء
والعجائز يمثلون أدوارهم
هى تشوى الذرة
هى تنظف السمك بالسوق
هى تموت كل يوم وتصحو على فجيعة
٢٠٢٠ عام لا تغاث فيه الناس
*
يولد جويا من جديد
ثعبان كليوباترا
أباطرة الحروب
عالم من الرعب ينتظرنى
ربما أموت فى منتصفه
ولن يحزن العالم
من يعرف ذلك الشاعر
ونبوءته المرعبة
*
2020
زوابع فى الصحراء
وجزر فى المحيط الهادئ ستظهر
وصديقى كابى حنا سيخمد حريقه
دون أن تشعر الجارة العجوز
لكنه لن يعود فى ذلك العام
لا تركب يا صديقى الطائرة
المتجهة لسيبيريا
*
من وراء قلبى
عالم سعيد
من أمام عينى
عالم متشابك من الفزع
سيسقط عضو وينتحر شخص
وتدهس القطارات عدة أوزات
ويهبط نورس فى بحيرة
وبركان ينفجر وجثة تسقط
من مصعد لممثلات فى إعلان
من وراء قلبى عالم سعيد
فى الفقر والحرية فى الموت
*
الرجل الذى نصفه فى أوروبا
ونصفه فى آسيا
ويده فى أفريقيا
سيزول ويترك ميراثا ثقيلا
*
الرجل العفيف اللسان
سيغرق فى حمام السباحة
بسبب الكلور الزائد
*
لا تصدقوا تلك الترهات
عندى عشاء
ومنتظر زوجتى
ومتخم بالمحبة
وعام سعيد عليكم
*
الرجل الصينى
والرجل الشبيه
والرجل الذى لا هو أصفر
ولا هو أبيض ولا هو أسود
سيحتفلون
ويراق نبيذ كثير فى كل مكان
لغيابهم عن الحفل
*
نهر ما سيجف تماما
ومع ذلك
لا مشكلة
فى هجرته إلى بحيرة صناعية كبيرة
نيزك ما صنعها
وهناك مياه كثيرة
حيث لا عطش
*
ستسقط السماء فى البحيرة
حيث تقل الكثافة
إنه الربع الخراب
حيث لا أحد
*
فى المنتصف
فى الأرض الخضراء
دماء بفعل الإنسان
الشاذ
مجاعة مؤقتة
لأن شجيرات بالجوار
فى جذورها
بقايا الطعام
*
هناك فى الأرض الوسطى
علم غريب
يتبدل بعلم غريب
لا شمال ولا جنوب
ولا شرق ولا غرب
انظر الجهات
وذوبان الجليد
*
ربما شمس إنسانية
بقناع لا يرى
تخبئ ظلها بالربوة
والبحر بكل مافيه
ينسحب
تلك العلامة لن يراها
سوى المقاتل الوحيد
سيموت
دون أن يدرك
أنه انتصر
*
حيث الحدود
غرب غرب غرب
يسكنها غراب
أبراج فى الخلاء
ليس من أصل المكان
والشرق شرق شرق
يحصل على كنز
من الأمن المؤقت
*
ذو الشوارب
سيعود لموطنه
أقل طولا
أقل مالا
يلازم الفراش وينتظر
الغوغاء قادمون
*
نيزك من القمر
ومن الشمس نيزك
ظلهما فى القارة القديمة
وصوتهما فى القارة الجديدة
ووميض هناك
فيما تسونامى تتحضر
*
جزيرة رمالها الذهبية
سبب حزن قادم
فيما فرح بجانبها الآخر
بمعزل
عن
شعاع الشمس المميت
*
تخرج الأشياء من جحورها
وكما خرجت تدخل
لأول مرة يتفق الأخوة
لأول مرة يلتقون
وآخر مرة
هدوء مريب
*
عام لكل نبوءة
شهر لكل نبوءة
ولكل نبوءة كذب كثير
ومع ذلك
سعيد على مائدة الطعام
ولا يهم العالم طالما هى معى
*
لا تصدقوا تلك الترهات
ينقصنى ملح
وكوب شاى ساخن
البرودة فى انتظارها
وهى ستأتى
بالتأكيد
متخم بالمحبة
وعام سعيد عليكم
*
ستأتى النهاية عندما ترتصف السيارات
فى مدار واحد
لا تقلقوا الآن هذا بعيد جدا
تغلبوا على مشاكلكم الصغيرة
الخبز أولا
الخبز ثانيا
الخبز ثالثا
ليس هناك شيئا غير ذلك
ومع ذلك
هناك ثورات لصانعى الخبز
ماكينات الخبز نفسها ستثور
حيث لا راحة
بسبب أولا وثانيا وثالثا
ليس هنا إنما فى شارع مجاور
به ثورة جياع
ومحرومون من فاكهة طازجة
ويفكر سكانه فى الاستقلال التام
بالطبع الهجرة الى زحل أجدى
*
يموت قائد عظيم
ويولد قائد عظيم
وما بين العظمتين
خمسون عاما
فى التيه
*
الصديق الذى يسمع مراثيه
وهو حى
له عام آخر وربما آخر
وربما آخر
سيستمع إلى مائة مرثية
ثم يفارقنا
ساعتها فقط
مرثياتنا ستكون صدئة
*
من نقلوا الحجارة للوادى
وبنوا البيت المكعب
ينهضون
ويبنون عدة بيوت مكعبة
أخرى
على وشك الوصول
*
كوكب يمر
كوكب ينفجر
نجم ساطع يختفى
جار يموت وشخص يصرخ
وذئاب تعوى ونهار يظلم
وحيدا اجلس فى الغرفة
منتظرا
لعام سعيد عليكم
اترقب مفتاحا
وتكة قفل ..

* العالم لا يحتاج لعناوين كثيرة

العالم فوضى
نصنع منها المزيد من التعاسة
يخرج الفرح منا
حزينا
اللهم اجعله خيرا
تقول النسوة حين يضحكن
تترقرق دمعاتهن
وينسحبن

هكذا نحن الرجال
فى الفراش حين نأويهن
نصنع من الفوضى بهجة
نعيد تنظيم الخلاء
محبتهن كافية لصنع أطفال
للحرب

لست سعيدا بما يكفى
لست مجبرا على الحب
لست مقتنعا بليال آخرها
صوت الطلقات
وأزيز الطائرات
حين تدلف تحتى
لا تهتز سماء
بل تتفجر
ولا يتوقف هدير الدبابات
كل ذلك الحب
للموت

وحين تنسحب منى
أغرق فى مستنقع
من الصحف البليدة
كلما صنعت بطولة
كلما هدنى النداء :
اللهم اجعله خيرا
وصوتها رنة منشرخة
تعيدنى للمقطع الأول

العالم لا يحتاج لعناوين كثيرة

*
رمال من الوقت منهمرة
كل ذرة فى سرعة الضوء
لمشاجرة
لا تنتهى المشاجرات
مابين شارعنا والشارع المقابل
من أجل فتى
من أجل فتاة
من أجل ماء متسرب من شقة الجار
دع الفتى
دع الفتاة
علينا أن نصلح السباكة

علينا السلام
متى
ولنا السلام
أين
والعصافير تهجر شجرتى
والشجرة ورقها الدمع
والدمع مطر حمضى
وصاحبتى ما عادت بصاحبتى
الدخان كان رسائل
الدخان كان حبا بين القبائل
والطبول لم تكن طبول حرب
كان فرحا
متى وأين

مساحة الأزرق تتبعثر
قطعة فى المحيط
قطعة فى الصحراء
الهواء يبتلع قطعة
وحين نتنفسه يئن
صوت الأزرق من حنجرتى
منابع غاز
الأزرق يختنق
فيما أنا جثة أمام فوهة متحفزة

أطلقوا الأزرق من بنادقكم
عسى المتوسط منا
يرفع راية
أولم
أقل لكم
أيها الآدميون كلنا اخوة
لا تطعن أخيك
ولا تمد له مدية
لا تسرق
ولا تخن
إن فعلت قتلت الناس جميعا
*
لا تفكر أن تصاحب شاعرا
يظل صامتا
ثم ينفجر
كلماته تملؤك حزنا
صاحب نجارا يعيد تركيب الأشياء
تأمل صنعته
ربما لن تجد فرقا
إذا كنت حزينا
النجارون يقتلون الأشجار
والشاعر يقتل نفسه

لذا
من الممكن أن تصاحب نفسك
بعيدا عن منغصات الحياة
تحمل قدميك على كتفك
للبراح إن هى اتجهت إليهم
أو تمشى على رأسك

وليكن شعارك أن لا وحدة
حتى فى الموت

لا تدفنونى فى مقابر عادية
مع الناس
بل
هناك على خط الأفق شجرة
تلوك وحدتها بأسنان لامعة
كلما قفزت ثمرة أكلتها
هى ستأكلنى

ضعونى تحت ظلها
عاريا منكم
كم كنتم لى كالملابس الضيقة
لا تخبروا النجارين عن شجرتى
التى زرعتها
والتى تنتظرنى
هى ستدعو العصافير
وتثمر كلمات
كلها فرح

فاسمعوا للعصافير
بعد أيام
جسدى سيكون فراشات
*
انظروا
تلك السحابات
كانت رفيقتى
لم تغادرنى
ولكَم أظلتنى فى هجير وحدتى
تركت حولى المعتوهين مندهشين
فى صمتى الصاخب
كم امطرتهم بتفافاتها اللزجة
تفرقوا كقبيلة وتجمعوا كنمل
كل كلامى صمت
وهم
على فرح الجوع
جسدى مائدة
وعرى عظامى مجمرة

تورطت فى محبة زائلة
تورطت حتى كدت اتبخر
أصبحت هواء معطرا
ثم سائلا يسيل فى كاساتهم
فى أول دعوة
أكلنى الجوعى

بعد عدة أعوام تجمعت
من الغبار والضوء
من أدخنة عالقة
ومن سقوف البيوت الريفية
وجدتنى قطرة ماء ببحر
وجدتنى بغيمة نافرة
وعندما حطت وجدتنى برعما
ثم شجرة تنبت بذرتى
وجدتنى أنا
ومن
فى كاساتهم دمى
ينتظروننى
*
كلماتى لعنة ملاك مظلوم
تظل من بيت إلى بيت
صارخة
فى القرية الظالمة
تظل من بيت إلى بيت
حتى تهجر البيوت سكانها وتفر
لا ساكن إلا وبيته يلفظه
و
لا بيت إلا ويتبرأ من دمى
لكم اللعنات يا قاتلى
لكم اللعنات كلما حطت كلمة
ضوأت ظلمة
وكلما طاردت ظلمة
تجمعت كلاب على
خنجر من الكلمات
من وضعه فى الظهر
من شد غمده
من أطاح بى
كلكم
فى الإثم سواء
أيها المجرمون دمى فى جباهكم
وكلماتى خنجر فى قلوبكم
أنا فى الموت أشد قوة
بكلمة ستكون يدى
بكلمة سيكون لسانى
بكلمة سأحيا وأنتقم
بكلمة ستكون مشنقتكم
كما بكلمة كانت مشنقتى

الكلمات مشانق
الكلمات خناجر
الكلمات موت نحيا به
الكلمات حياة
اذهبوا
أنتم طلقاء من كلماتى
اسامحكم
من تحت التراب

دعوا كلماتى تعيش
*
وكما يموت شاعر يولد شاعر
أنا الذى أحيا مرتين
على يد امرأة كان موتى
على يد امرأة كانت حياتى
ثنائية
كما الأرض
وكما السماء
معى الكتاب والتواريخ
والمداد
من نار ومن ماء
ومن بخار ويابس
تتشكل الحياة أولا
ثم تولد من رحم امرأة
تبحث فى طبيعة الأشياء
عن إنسانك القديم

سوتنى يد الله وتركتنى
كنت عارفا أن الجميل
يسرُّ
وإن الجمال له أسرار
فعلت الجميل
وكى يفرح أبى صنت الجمال
أبى يحبنى هكذا

ذاك عريى الذى يضج بالحياة
*
البرد تنظيم لا أخلاقى
والعظام لا عظام
تتساند على هواء يسن خنجره
وكلما انفتح باب يردنى كهلام

كم يبدو باهظا
الانتحار الجماعى لأعضائى
ولن تمنع السماء تماسيح قلبى
عن نهشها المتواصل لأمعائى المتدلية
من شجرة عينى

كم يبدو باهظا
نسيج جلد يتراخى مرات ومرات
كى تمر منه سيارات حزن بركابها
على طريق أوردتى

جسدى يتداعى
مخلفات ومعادن وتراب وأحجار
تخرج فى سنه القاسى
ليدخل سنا قاسيا آخر
وعالما مهدما
تنبسط فيه الخرابات
فارغة وعصية على مضغ الحروف
وعلى تحريك الكلام
بأسنان منشار

لا
لم يكن - يوما - جسدا قادرا
على استيعاب مراحله
يدنو الرحيل لمستنقع
وها ريشته على وجه ماء
ولا مقاومة ليد الريح العاتية

أنا دولة مهدمة بلا شعب وبلا جيش
تتساقط أعضائى واحدا واحدا
لمن
يترك أشياءنا على الطاولة
وفى الدواليب وعلى الأسرة
ويأخذنى عضوا عضوا

كم يبدو باهظا
من يحدد الموعد
ولا يخبرك به ومع ذلك تنتظره
وتستعد
تُرجع الأطعمة للثلاجة
وقبل قليل ربما يحضر
حتى لو قتلت نفسك
لن يقول شيئا
هو قاتل صامت
ليس له قلب ولا ينتقينا
عشوائى وليس له وجه
كى نواجهه

أزمة أن تظل منتظرا
لشخص لا يجئ
*
يا لذكراك التى........
لم تكن ذكرى كافية لكى تغنين آلامى
ولكى تزرعيها فى أصيصك على النافذة
مع الوجد......
تخلقين فراغات فى الرنة المنشرخة
حيث المغنيات يتعلمن
إلا صدى.......
فى الليل لى تخترقه عتمة البكاء
سنينا ........
لعاشق رق حتى شف وانتهى
وما زال صوتك يلم غباره من الفضاء

* طالما لسانك فى فمى

سأشتاق حتما للسانك الطويل إننى لا استحق بعدك أن أخرج من شرنقتى أعنى فكرتى فى امتصاصه كلما خرج من تلك الحديقة ولك أرض أيضا كيف تبعدنى أنا صاحب محراث سأدنو بحذر فى شقوقها ذلك الخد الناعم أنا من مسحته بيدى فأصبح زلقا .

أبعدتنى وقربتنى التناقضات ما لم تكن نظرة الحياة منك لك جبال شاهقة ونهر ولى أحجار فى البعيد وبحر وعندما أقمت جسرى قضينا فى المنتصف وقتا لا بأس به فى حديقتك كنت زهرة وكنت نحلة وكان عمرى رملا فى يديك المدربتين ولم أعلن عصيانا قط .

مأسور إذن يا لفرحتى لم أقع من شجرة أمنياتى بل زودتنى العصافير بأسرارها والبقرة بسرسوب لبنها وتلك الجزائر بحنطتها أرانى سيدك يا سيدتى لنا غرفة وثيرة ولنا سماء ومطر وواحات وتمائم من صنع نجارين وسابكى المعادن ونخيل مثمر .

لا تغيب الأقمار إلا بإذنك ولا تشرق شمس إلا بابتسامتك لك يسجد القديسون وفى فلك الليل والنهار أدور فى ساقية جسدك أرعى حقولك الباهرة وأستقبل الضيوف والقبائل فى كل مرة يعودون أو لا يعودون سحابة الفرح تظلهم أينما كانوا .

وعلى ذلك نشأتُ الفصول كما هى لا تتبدل تاريخ حافل بالقبلات ويسرنا جسد واحد وحديقة يشقها المحراث والسلام الأبدى لستُ فى حاجة لبناء أضرحة ولا فى شوق لسفر ولن يفصل بيننا هواء بل إلى أبد الآبدين طالما لسانك فى فمى أتكلم به.

بما يعنى ملاذ التائهين تعالوا من كل الجهات أيها المشردون هنا دنان وعصير كرم وحقول حنطة فى ذلك العالم الموغل فى الغرابة لا يتبقى سوى نقش على الحجر تعالوا لشجرة الحياة قبل نهاية النص بقليل يجب أن أعترف هى وأنا جسد واحد .

أرسلت لك الطيور تحط على شجرتك واحتفظت بالجوارح كل نباتاتى جعلتها عشبا تحت قدميك عبدت لك الطريق سويته بالحجر لقدميك كل من مشى فيه لا يتعثر زرعته بأشجار الحناء والتوت والجميز والخروع مددت قنواتى لكل جسدك.

حتى الصحراء كانت ذهبا ومصدات لشعوب متوحشة فى أحضانى كل ليلة يغمرنى شعرك الطويل تمر الرياح من كل نوافذك لكنما العواصف فى حضرتك مؤدبة ولكل عضو من أعضائك وصلت مياهى وأنا بنوّاتى أترفق وبشمسى لا أتأخر .

الدهر كمن يقود لك الجيوش الكثيرة وفوق قوس قزح كانت انتصاراتى باهرة وبلا دماء تقريبا تستقرين بلا عبيد وبلا أسياد وبلا قادة بل أنا السيد الوحيد فى البيت وفى الفراش وأبو الأولاد وأنا غطاؤك فى الشمس وسريرك فى الليل أغسل قدميك كل صباح .

قلت سأشتاق للسانك كنت أعنى ذلك تماما كلامك نقش غائر وشم بما يتكلم اللسان على جسد أنا أرضك ومحراثك ولسانك فى المناسبات اختراع لغة قبل اللغات أنا اللسان والأنف والحنجرة قلت سأشتاق كنت أعنى ذلك تماما كجسد واحد .

كل اتحاد بشوق تحلق الجوارح فى سمائى صقر ملكى وعقاب وطيور أرض وبيوض تماسيح وفرس نهر وشلالات هادرة وقوس فى السحاب ينزل احتفاء مومياوات كلى فيك كلك فىّ ولا أحد غيرى فى البرية مع الطيور الجوارح أهبط على كفك .

للفراغ وسط النص مأدبة كبيرة عشاؤنا الليلة فوم وبصل باذخ وكراث وعدس ما ليس تنتجه الحقول الغريبة سنشرب الجعة بالزبيب وتزدهر حقول الشعير سنعد مائدة للبدو وللشعوب الفقيرة جميل أن نلتم على طبلية من خشب الجميز تبتسم .

ما قبل النص كان الفراغ كبيرا ليس لى هزائم مطلقا صحيح أننى تعريت ليس بخاطرى كنت هناك فى الفراغ حيث تنكشف الأشياء كل ميلاد بعرى وكل فوضى تنتظر الزوال إلى العدم كنتُ وملابسى متسخة على حبل غسيلك قبل الغروب بقليل .

هوية الفراغ ما بين مقطع ومقطع أقل مما بين نص ونص حيث كل الزوايا دوائر وخطوط ليس لى نقطة فى الفراغ تتصادم النجوم والكواكب وتنفجر شمس وملابسى على حبل غسيلك يتباعد بينى وبينها الزمن فى الفراغ وضعت نقطتى .

أنت أيضا كنت خارج الفراغ سيدة لكل الفراغات فى العماء كنا وانبثقنا ليس كل عماء بعماء وليس كل فراغ بفراغ صنعت من الشعير شرابا ومن الكروم خمرا وزرعت الثوم للأمراض كلها وما بين عماء وعماء وفراغ وفراغ احتوينا على الشعوب كلها وانبثقنا.

تهيأتُ للظلمة المحتملة
جاءت إلىّ الغابةُ
أعطتنى بضع أخشاب
جاء حجران من الصوان
واشتعلا معا
فى فكيه جاء كلب بعشب جاف
ومن أجلى عصر نفسه الكتانُ
تجمعت ركوة النيران من تلقاء نفسها

قُلَّةُ الماء معى
خبزى معى
عصاى ومفتاح كنزى
جلست على بوابة الصحراء انتظر
كل الأجناس من يفك اللغز
لها الطاعة العمياء
أنت سيدة المصانع
وسيدة الدول وبك الضوء الأول

لا لم يكن مثلك
والعراء بيدى تشكله الأصابع
انصهارات الحجارة فى الباطن
تَشكل الملامح
صعود الجبال من جذرها
مهدت لك الممرات
أفراح الرعاة بدلاء الماء
لمة الأطفال حول الحكايات فى الأسواق
والبيع والشراء
كل قَسمٍ بك حفرته فى الصخور

الشعوب وقت المجاعات تأتى
تترك سلالتها
ومن سلّاتك ما يكفيهم أخذوا
فى فخارك عجنت كل السلالات
أنا صانع الفخار والسلال زارع التوت
و الصفصاف حاصد اللبان فى اليمن
والصمغ فى السودان
وجالب الخير فى الصومال

صانع الآلهة منذ الأزل
ومجرى النهر الكبير
وعلى بابك الحارس الأمين


======
نص ديوان 2020
صلاح عبد العزيز - الزقازيق
ديسمبر ٢٠١٩ / يناير ٢٠٢٠

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى