خيرة بورزيق - دقات الساعة في قلب أمي

أخشى النظر إلى الساعة كل هنيهة ..

أحسها عدوي اللدود حين تسبقني إلى وجهتي وتنقل أخبارا مخيفة عني ..

فتقلق الحبيبة من غير داع كأن الوقت يشد جانبها ثم يحررها لتتأرجح كالبندول جيئة وذهاباً ..

في انتظار نبأ مزعج أو سماع قلقلة مفتاحي في قفل الباب.

أستودعها الله لكن الهواجس تأتيها بكل الأصوات خلف الجدران بدءا من صوت سيارة الإسعاف.

أخشاك أيتها الساعة ... فوعودك وعيد والاتفاق معك كذبة عظيمة فلا دقائقك تكفي ولا حتى ساعاتك لأعود مكسورة الخاطر منك.

تجعلينني يوميا كمتسابق في العدو الريفي تعرقلني الأشجار، الطرق المتقاطعة والأمطار، لأصل في الأخير إلى الهدف منهكة محبطة.

لا يهمني الفوز بقدر اهتمامي بأن تصل أخباري الجيدة إلى الحبيبة قبل كل شيء..
تلك الحبيبة المنهكة أكثر مني .

تتصبب نوافذ المنزل عرقا من أنفاسها وهي ملتسقة بالزجاج جاحضة العينين تترقب الطريق من كل الزوايا لعل ظلي سيظهر في أية لحظة متسحبا من إحداها، الظل ذاته الذي ودعته صباحا حتى اختفت آخر نقطة سوداء فيه.

وبعد بضع ساعات ولنقل سويعات، تبدأ دقات ساعة الحائط تتعالى لتتخلل أذناها بقوة حيثما كانت، فيبدأ هرمون الطوارئ بالارتفاع ليحفز جسدها على القلق أكثر فأكثر، فتنقض على الهاتف كأنه فريستها بعد طول انتظار لتسمع صوتي وفقط دون حاجة لسماع ما تبقى من تفاهات (بالنسبة لها).

أمي الحبيبة .. الوحيدة التي تترقب الساعة لأجلي فقط .. وتعد ثوانيها جزئيات في انتظاري فقط ... وتحسن الإنصات لأخباري أنا فقط.

رغم كل هذا الارتباك والصراع مع الوقت، إلا أنه ليس هناك ما هو أعز من قلبك يا أمي.
فلتذهب دقات الساعة إلى الجحيم فداء لدقات قلبك يا الحبيبة.

بقلم: أ. بورزيق خيرة
  • Like
التفاعلات: لؤي مولانا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى