كتاب كامل صلاح عبد العزيز - ديوان: أوراق محترقة.. شعر

* لو بكذب

لو بكذب
لو بصدق
لو بكفر
أو يقين
ما عليك
إن غفوت
أو عفوت
عن ظنونى
أين أنت
أين كنت
من تكونى
من سيحيى لى جنونى
من سيحكم ألف ملك
من سيحرق لى جفونى
ما عليك
لو قسوت
أو غفرت
لى سكونى
فالفيافى نازعتنى بالسكون
لو بقرب
لو ببعد
لو بسهد أنقذينى
أنقذينى من جحيمى
أنقذينى من جنونى

* فى عينيك

فى عينيك
ألف قصيدة
كتبت من حبر مسحور
فى عينيك ألف سماء
داخلها جنات وقصور
فى عينيك
ألف مدينة
وسحاب يدخل ويدور
وقواقع جن تسكنها
خلقت من وهج النور
فى عينيك
ألف قصيدة
الحرف يُغازَل بسطور
فى عينيك
ألف جزيرة
ما بين قلاع وصخور
وتسير إليك عطور العالم
فالعالم من غير عطور
فى عينيك
ألف خيال
يقتل غزلانا ونسور
وأنا داخل عينيك
فى الركن الأثرى المهجور

* أتسافرين

أتسافرين
قلبى هوى بين الفيافى الصم يسحقه الجنون
ظمآن فيها يحتسى ظلم السنين

الموج يعلوا خفقه .. ألما لنا .. ويود ألا نفترق
كم من نداء صارخ .. يرجو به الأيام أن تبقى لنا
يوما لشوق يحترق
أنفاس عطرك تختنق
بين الرياح أنينها قد لا يبين

والشاطئ المسكين يبكى لوعة
هلاّ نزلت إليه حتى يستكين
والبحر هاج أنينه .. قد راح يعصف بالسفين
حتى الروابى جاوبته برجعها المر الحزين

لو ضعت ضاع الدرب منى
مثلما ضيعت لحنى فى العيون

ونظرت لى نظرات شوق مكتئب
تكفى الهواجس والظنون
قد أشعلت فى القلب ذكرى تلتهب
فلقد بعثت خلالها دمع الجفون
ليقول لى : " انس الحياة الماضية ..
والذكريات
وانس الحبيب وقد ذهب
فأنا يد النخاس حولى قد شرانى بالذهب "

فغدوت أبكى مثلما يبكى الصغير
ودموع قلبى تخنق الحلم الكبير
ورجعت أعرف ما المصير
فلقد غدونا كالذئاب توحشا
قد ننهش الأعراض فى الثوب الحرير
قد بيع منك الجسم لكن .. تبق روحك لى ..
وعدت إلى الفيافى كالشراع
تلقى بى الريح الكئيبة عبر سرداب الضياع
وكأننى معنى على شفتيك مات ولم يقل حتى الوداع

ـ ( أأعيش وحدى فى الظلام أرى ضياك ؟‍
ـ سأعيش وحدى أنتظر
وأنا صداك
ـ سأعيش فى حان القدر
زمن التجارة فى البشر
أفنى الحياه )
قد تُرجع الأيام أغنية ترددها الشفاه
وإن يكن أمسا تولى ثم غبت فى دجاه
ففى الصباح سوف يأتى ألف لحن للنجاه
إنى على العهد الذى قد كان يوما بيننا
ولست أعرف منتهاه

* الحب والليل

ما أروع هذا الليل .. !!
تأتى كالأحلام فتسكن روحى
أنسى ساعات الوحدة
ويغادرنى ملل الأيام
أسكب فى عينيك كيانى
عمرى
أحزانى
وأراك جنونا
تهمى من عينيك الرغبات الملعونه

فأذوب وأتعرى
ألمس فى عهرى أحلامى
وأدور لأرشف من شفتيك
حياتى المجنونة
وغرامى ينساب على نهديك
وبينهما تغتال طفوله

أنسج فى صدرك مرفأ
لكنى وا أسفى أصدأ
ما أتعس هذا الليل

ينبت شجر الحزن بقلبى
عطرى يتحول شوكا
واحاتى يقهرها الجدب
أفرد فى صحراء الوحشة دمعة
أنهار كأنى طحلب
يورق فى قلبى الصبار
أجثو فى كف الليل
وحيدا وكئيبا
صعلوكا تتقاذفنى الطرقات
وتصفعنى أحْداق الأشياءْ
توشك أن تغتَال فؤادى
ضَحكات المارةِ والأضواءْ
فأعود وحيداً
وغريبا .

أفتح بابى
يلطمنى الحزن فأصرخُ
أتجول فى ردهات الآه
لا يسمعنى إلا الله
أخرج درويشا فى دنياه .

بعتك أمسى والحاضر والآتى
عدا
نقدا
صدقا
ووفاء
لكنى أخطأت حساباتى

أفتح بابى
تصرخ جدران الصمت
" لاتدخل يا ملعون "
أمضى ..
يلطمنى
حزنى
كلماتى
والظلمة درب ما أقساه
أدركنى يا ألله
أدركنى ...

* صوت وحيد منفرد


ها نحن نعود
تصْفعنا الذكرى
تدمِينا
ترسُم فى الوجدان دوائر شوق
وخطُوطا
تتشابك فى منحنيات
القلب المفئود
ننزف فيك براءتنا
نحمل أنغام اللفظ البراق
ولا تحكم دنيانا أى قيود

وجهك نادمنى ذات مساء
أرضعنى كلمة صدق
أوجدنى فى زمن مفقود
ولكى لا أرتاع بكف الليل
ترينى من كفك نورا
يغمرنى
يسكبنى فى أقداح النور
ويدنينى من منبعك السحرى
لأشرب من كفيك ضيائى
أشرب من كفيك الحلم المعمود
وكأنك تنشئ فى كفيك حياتى
وتشكل عمرى ، قمرى ، شمسى
ونجومى
وكأنك تخلق كونا فى ذاتى
ليست فيه حدود
نخرج من كفيك حيارى مغتربين
يقذفنا الصخر الجلمود
نبكى ندما
نتأسف
تلطمنا الأشباح
ويشعلنا لهب ممدود
نتمسح فى أعتابك
نجثو فى ظلمات الكون ونبكى
يرتد الدمع حروفا شعثاء وصفراء وباهتة
تتلوى الكلمة فى الدمع المطرود .
يا وطن حنانيك بقلبى
رفقا بفؤادى المطعون
أدخلنى مملكتك دثرنى
لملم أشلائى
دفئنى
فالأفق شجون
هدهدنى فالكون جنون
فبعيدا عنك
بعيدا عنك
أعيش كنبع مدفون
خذنى من بين غبار الصمت
أنا جوهرة تتألق فى الأضواء

ـ [ ها نحن نعود
جملا تفصح عن مغزاها
وقصائد تتحدى الظلمة
وفراشات تلهو فى كفيك
وتتغذى من زهر الكلمة
ها نحن نعود ونتجمع
قطرات ترشف من نسمة ] .
يا أنت الداخل فى أعماقى
وشعورى
تترصدنى آخر ليلى
تهوى فى منبع فكرى
فيثور الموج فأطفو فى لج قصيد
هل لى أن أغفو وألم شوارد أفكارى
إنى متعب

بالأمس رأيت البؤس تنام على كفيك
ويعشش بوم فى كلمات
يطلقها سلطان أدرد
وترددها جوقة غربان وحشية
يا أنت الداخل فى أعماقى وشعورى
أدركنى حتى لا أرتاد مجاهل مجهولة
أدركنى إنى ملقى للأحزان الشتوية
يلذعنى سوط من قدامى
يلذعنى سوط من خلفى
أهوى فى دائرة الألم المكبوت
لا أقدر أن أصرخ فى وجه الشيطان
أدركنى قبل غروب الشمس فإنى
مربوط فى وتد كبهيمة حقل
يرعاها حراس السلطان
فك قيودى
أخرجنى من زمن الأغوات الشطار

ـ [ هانحن نعود
جملا تفصح عن مغزاها
وقصائد تتحدى الظلمة ] .

لكنى لست نديما كى أبقى معكم
إنى مخنوق بينكمو غللنى قسمى
يتردد صوت السياف بأعماقى
يأخذنى
يذبحنى
ولسانى يقطعه السكين الحاد
وتسيل دمائى نهرا يتدفق بالكلمات
أسمع صوتكمو
ها نحن نعود
جملا تفصح عن مغزاها
فأقول وقصائد تتحدى الظلمة
وأموت
سعيدا
مبتسما .

* لحن الغربة والميلاد


هذا العالم مجنون
أخرج منه شريدا
أبحث عن كنهى ، عن ذاتى
ـ يا كلماتى الحبلى بالأحلام ـ
وأعود غريبا ،
ينكرنى بيتى ،
يصفعنى ظلى ،
وتنادمنى الصور الباهتة الألوان

يا كلماتى
ناديتك فارتد الصوت قذيفة
دخلت قلبى .. تدمع .. تحكى
عن صدأ الزمن الملتاث
يا كلماتى
حدثت التذكارات المرئية
فى صفحة هذا الكون فقالت :
" إن عدت إلى بيتك
يقهرك الباب
فارجع من حيث أتيت .. "

يا كلماتى
حدثت ينابيع الحكمة
حدثت شرايين البسمة
حدثت الغربة عن وطنى ..
عن أهلى ..
عن جيرانى البسطاء
فمات حديثى ..
ها أنذا أذوى وأموت وأتلاشى
بركانا يبلع ما جاشا

ماذا يجدى
إن قلت بأنى
عشت غريبا ..
مهموما .. محروما .. منبوذا .. مقهورا ..
ماذا يجدى ..
إن قلت بأنى عشت غريبا مبهورا
هل يبعث هذا القول طبيبا يبرئ عللى
أو يحيينى فى مملكتى ..

ـ مملكتى لا يدخلها تجار الأقنعة
الغشاشون ووجهاء العصر الزائف ـ
يا كلماتى صرت جراحا فى قلبى
إن باحت ينغسنى سياف أخرس
حتى تتدلى رأسى من فوهة مدفع
يجلدنى شيخ الجلادين ،
وشيخ القوادين
وشيخ لا أدرى كنهه
حراس فى كل مكان ،
ألسنة تتجمع خنجر
ودمائى تتجمد فى الشريان
فلا أصرخ
بيتى
يا وكر النور ومنبعه
أدخلنى من بابك كى أعرف
ما طعم الأمن
أدخلنى
كى أعرف ما طعم الحلم
وأخرجنى من جوف الأيام

كى لا أبحث عن نفسى وسط حطام
وجهى مفقود ..
لكنى أبحث عنه وعن ميلادى
يا بيتى
هذى كلماتى
عريى
صدقى
وطفولة بدنى
وبراءة طفلى الساكن فيه
وبياناتى الشخصية
فافتح ..
إنى أعرف أنك تعرف هذا الصوت
يا للصور المنطفئة فى وهج الضوء
وتذكاراتى المدفونة فى الحجرات
يا للعار.. أجنت كتبى حتى تترك موضعها
فى مكتبتى
يالى من هذى الفوضى
تسقط شاراتى أوسمتى
وقصائد عمرى فى كف الموت

أبحث عنكِ بجوف الأشياء الصخرية
ـ فى غرفات الموتى ـ
فى صفحات الزمن المطوية
أبحث عنك
تقهرنى الغيمات الفكرية
أبحث عنك .. ولكنى .. لكأنى منبوذ عنك

هذا وجه أبى
مربوط فى مسمار يقسم أنى أبله
والضوء تجمد لا ينزف إلا الحزن
أضحك لا أجدك
أتقلب فى غيهب وعيى واللاوعى
ظلى يتمدد فى الأين مع اللاأين
عقلى مطعون مجنون
يسقط فى المابين
أتنقل داخل أوردتى
داخل تذكاراتى الجهمة
لا ألقى إلا العدم القابع فى
مد الظلمة ، أسقطُ
أسقط مخنوق الوجدان .

* مرثية العشق القديم


أبحرنا
كى نجد المرفأ
قد كان الشط بعيدا جدا
فى الأحداق
سطرنا إنجيلا للعشق
حروفا كالوهج الدامى للشمس
ورحلنا عبر دروب اليأس
لم نطعم إلا آلام الأشواق

ولأنا جرحنا صفحات النهر
ومزقناه
ولأنا جئنا يسبقنا درب
وبغير حياه
وتركنا أضواء الفجر النعسان
بدون صلاه
فعرفنا سر المعبد
سر الواحة
سر النبع
وعرفنا سر العابد فى المحراب

والسر كتاب
إن يركع
يبكى
يبكى النبع الرقراق
إن يسجد
يبكى الأوراق
والواحة عبء
نحمله فى الصدر العانى المشتاق
والحزن رحيل فى دمنا
حتى أعماق الأعماق

أما نحن الأيتام
فى ليل الغربة
أحزان تتفجر
فى ضوء الغرفة
أحلام تتعثر
كالنبع الظامئ إذ يسكر
برمال الشط المشتاق

ولأن ربيعا قد ولى
ولأنا أمواج تتحلى
وعناقيد تتدلى
ولأنك طيف
يحمل عمرى كل مساء
قمرا بظلام الأيام تجلى
لو يحمل آلام الغرباء
فالليل شتاء والعمر شتاء
هل نصبح نهرا من نهرين ضياء ؟!

تتشابك أيدينا نحلم
أنا صرنا طيرين
وتذوب خطانا من خطين
نتلوى حينا نتداخل أحيانا
لو تتحد الشفتان فنحلم
أنا صرنا كملاكين
لأذعنا سر المعبد سر الواحة
سر النبع
سرٌ مازلنا نخشاه
حتى إن أمسكنا بشعاع الشمس
وجَدلناه .

* قريبا

(1)

قريبا أيها الوطن
سيأتى الفارس الممشوق
ويزهر غصنك البرقوق
ويركض نحوك الزمن

(2)

لما انفتح القلبُ على نافذةِ الأملِ الوردىّ
صفعتنى أيدى الظلمة
فحلمت الحلمَ الليلىّ

(3)

أراه دائماً على بوابةِ القدسِ
كحد السيف
فى أشعة الشمس
وكانت الرياح تعزف الطبولا
و يعزف الصدى
للرحلة الأولى ..

(4)

آه يا إيزيس آه
ربما مر من هنا
ربما داعبه نهر الألوهة
فاستقر ..

(5)

كان لى قصراً وكَان الضوء فى الكون السكون
مرةَ يغشى انتِبَاهى
مرةً يهمى على
لكن يا إلَهى
ألف سورٍ شد من عينى الدموع
ألف بابٍ ضم أحلامى هنا
فامسح اللَّهم دمعى بالسنا
وتمهل أيهَا الليل
أنا
فارسٌ يعدُو علَى أرضِ الخُضُوع ..

(6)

حين صحت به حانقاً
المساكين جاسُوا خلالَ الأزقة عن لقمة يبحثون
جاءنى صوته المختلجُ
: دعهم الآن يا صاحبى يأكلون الأرق
فالورق
فى يدى والمدى المحترق
أدمعا فى المهامهِ لا تنسرجْ .

(7)

آه يا ليل يا خزنة التذكار
كلما جاءنى نازفا
يورق فى دمائى السكوت
يصبح لون دمائى لون الظلال التى تزرعها البيوت
فالضيا الذى مد من خنجر الصمت حد المرار
صيرنى كوجه المدى عنكبوت
أه يا ليل يا منبع الحزن قبل النهار وبعد النهار
لو ترى جثة الضوء فى معبدى
والخيوط المشبكة فى أروقة الدوار
لاسترحت الليالى وخنت القرار
آه يا ليل يا لحظة الانهيار .

* قصائد ممزقة

(1)

هذا أوانُ السَّامرّى
فلنجمع الحَطبْ
ولنشعل اللهبْ
ولنقذف الأشعارَ فى مواقدِ الذهبْ
هذا أوان السَّامرّى .

(2)

وهكذا يلفنا المَرضْ
فنقتل الضمير إن شدَا أو باحَ واعترضْ
وعندما تلفنا الغرَابةْ
ندُور فى الكآبةْ
ونُطفئ الضياءَ فى صحائفِ الكتابةْ
نعيش كالمدادِ لحْظةَ انتظارٍ
نَنْسِجُ الحَكايا
نَمُوتُ كالحروفِ
فى انْطِفَاءَة الإجَابةْ
نقُومُ نعترضْ
فى لَحْظَةٍ مُمِلةٍ بِساحةِ الخطابةْ

(3)

هذا دمى .. أسكبه
ليعبر المدى
إلى النجوم فى مدارها
ينسلّ فى شعاعها
فيولد الربيع فى قصائد الزمن
ويسقط النباح والصدى
فتنثنى مجامر الشعاع فى العيون
ويسقط الوثن
وتوشك الأوراق أن تضئ للزهر
نوافذ الوجود .

* ثلاث صور للضياع


(1)

أزدرد الماءَ ولكنى أحس بالظمأ
كنبتة تجفُّ تحتضر
ويسقط المَطر
معذب أنا تَجوبنى الدروب
ويشرق الغُروب
كأننى أشلاء تسحقنى مَرَاوِحُ العذابْ
أسيل فى التُّرابْ
ويورق الصدأْ

(2)

قد انكفَأْتُ داخِلى علِّى أراهْ
وكُنْتُ كالفَراشِ ذابَ فى ضِياهْ
فلمْ أعُد أراهْ
وفَجْأَةً رأيْتُهُ
فلثمت فى العَينيْنِ يأْسَهُ
ولأننى المُشْتاقُ كنتهُ

(3)

غدا يرونا مثل طير الليل
ضلاّ فى اشتياق
ولن يرونا فى خمود
بل يرونا فى احتراق
وعلى رفوف عذابنا
تتجمد الأحداق
نصطاد فى الصبح الندى
ونغوص فى الأعماق
ويجئ ليل ضاحك
كى يخمد الأشواق
وعندما يأتى إلينا
تنزف الأوراق .

* الشبح

فى الخارجِ ريحٌ وحشيةْ
وقطارٌ عبر الليل يمر
يحملُ أحلام المغتربين
وأنينُ وُرَيْقَاتٍ يصّاعدُ
فى عمقِ الظلمة
وأمانى القلبِ المغتربة
تغفو فى عينِ الآتى ..

* ارتداد

أرتد للوراء
وأسكب الأنين فى مدامع الشتاء
وأعبر الفيافى
أصطلى بنار شوقها
أطل من أحشائها
مهاجراً إلى نبع الضياء

ولحظةٌ فريدةٌ تمتد فى وريدى
فمرة أنا
كالجثة المنتفخة
ومرة أنا .. فرعونها الإله
أقيم فى معابدى خزائن الصباح
ومرة أحس صدمة الميلاد فى العصر البدائى .

* ثلاث أغنيات

(1)

سلطانُ عشقٍ عاشَ فى الأحلامِ مجنونٌ نزقْ
لوْ راحَ يرحلُ فى الدجى
هلْ من زمانٍ يستظلْ !!

(2)

( لا ظل إلا ظل حبك فى دمى )
إنْ غبتَ عنى يا حبيبى لنْ ترى
فى النَّأْىِ عنى ما يُدَلىّ أنجمى
إلاكَ لا أرضى بدلْ

(3)

أنْتَ الرِّياضُ جميعُها
وأنا العبيرُ بلا عَلَلْ
هل يهجرُ الزَّهرُ العبيرَ
ويترك الروضَ المُزَّهى بالحُلَلْ

* عبر نوافذ الأبد

أبحرُ
ترسُو سُفُنِى فى ميناءِ الحزنْ
أخرج للشَّطِّ الغَافِى
يلطِمُنى الزَّمَنُ الأهوجْ
أدخل مدن الصمتْ
أفتحُ بواباتِ الذكرَى فتغيمُ الرؤْيَا
أبحثُ فى كنزِ الأشْعَارِ عن المَوْتَى
فى قبوِ الحريةِ
هذا شيْخُ الشِّعرِ المُتَنَبِى
ينشدُ سيفَ الدَّوْلة
" نظرَ الأعْمَى فِى أَدَبِى
كلِمَاتِى يَسْمَعهَا الصُّمُّ
والخَيْلُ اللَّيْلُ البَيْدَاءْ "
فأَدُورُ مَعَ الثَّاوِينَ علَى جَمْرِ الحَرْف

كُنْتُ السَّحَرَةَ مَصْلُوبِينَ علَى
جِزْعِ النَّخْلاتِ الثَّكْلَى
كنتُ الفرعَوْنُ وكنتُ السَّفَلَةِ
كنْتُ المُؤْمِنُ
كنْتُ الكِافِرُ
كنْتُ النِّسْوَةُ
وتوحَّدَ فىَّ الكُلُ
كَلِيمُ النَّارِ
خَلِيلُ اللهِ
شَهِيدُ الكَلِمَةِ
ـ إِقرأْ .
ـ مَا كُنْتُ بِقَارِئ ..

* أوراق محترقة


(1 )

من طول إدمان الهروبْ
أصبحت أخشاها الحياهْ
وأخاف حتى فى الدروب
همس الزهور إلى المياه

ما بال ظنى خائن يعدو لأنياب السراب
ويشك فى هذا المدى ويحط من قدر السحاب
ألأننى وحيد ؟!

يا ويح قلبى لا يرى غير الفناء
لا يرى
إلا انكسار الحلم فى وهم الضياء

ما عاد فى يدنا أمل
فاليوم مثل الأمس
والطل خلف النفس
شئ رهيب فى الأجل

(2)

يداك ما أحلى يديكْ
يا وردةَ الأشعارِ والمجرةْ
أنا إن أبَاعدُ فى الخطا
قدمَاى تَحْملُنى إليكْ

يداكَ شمعتان تنْصَبان فى بَدَنِى
وتُوقظُ الألوَان فى الأشعارِ والشَّجَنِ
وتُشعِلُ الأحْلامَ فى دوامةِ الزمنِ
وتجعل الضياءَ فى العيونِ نارْ .

* جريمة

السيارةُ فى الميناء
والسفنُ على اليابس
تعدو فى الصحراء
اختلفَ الشرطىُّ مع السائقِ
فانكفأتْ كلُّ الأشياءْ
وانفقأت عينُ الأضواءْ .

* النبوءة

وفارس يقوم بعد الموت يطعن الظلام
يوزع الأحلام والألوان يوقظ الشجر
وبالضياء يرسم العصفور.. وردة السلام
من بعد ألف من سنين الصلب يا مدينتى
يخضر عود الأرض يهتف المسيح
يا وجهه فى ساعة النزول يشرق المدى
إشراقة الولى فى الضريح
ـ أمن هنا ؟
ـ أجل ..
ومن سنبلة الجحيم والمطر .

* حكاية ليلية

أخطئُ فى اختيارِ أصْدقائى
فمرةً
إخترتُ بهلوان
غافلنِى يوماً ونام فى ردائى
وكلمَا حاولتُ أن أزِيحَهُ ورائى
أجدْهُ خلفَ ظلِّى
وكلما
مضيْتُ فى طريقى
أصافحُ النجومْ
أرَاه دائماً يصافحُ الريَاح .

* آخر القصائد

ماذا يمكن أن يبقى فى الانسان
فى عصر
هو عصر الجنس
وعصر المادة والطغيان
ماذا يمكن أن يبقى
حين بحار الزيف تعربد فينا
حين جدار الخوف يكون بألف جدار
حين يكون الخوف فؤادا
ينزف نار
ينزف .. ينزف .. فى الوجدان
يا ألله
الفجر الآتى مد يديه
ونجوم الليل الظمآنة تشرب من نهر الحزن
وتصب لهيبا فى عينيه
من يعرف سر خلود الموت
يموت الحرف على شفتيه .

* الجرى بدون رأس

أجرى أستصرخكم
فالوالى العثمانى يجرى خلفى
والباب العالى منذ قليل
أعلن فى المذياع
عن ألفى درهم
أجرى
لكنى اللحظة صرت هباء
فالكلمات الجوفاء
لا تصلح أن ترثى مثلى .

* من مقام الاستغراق

صوتك هذا السابح فى البريةِ
يتألق فى ثغرِ الريحِ يعانق ضَوء الصبحِ
كموسيقى أزليةِ
يصبحُ سنْبلةً ذهبية
يصبحُ وجهاً مرئياً مثْل ملائكَ مرئيةِ

وجهك هذا السَّاكنُ فى الأبديةِ
ينْبِتُ ريْحاناً فى الأسماءِ المحفورةِ
فى ذاكرةِ الأشياءِ المغمورةِ
فى وعىِ اللونِ
ووعىِ الكونِ
الشاهدُ أنِّى مازلتُ أحبكَ
أتكسَّرُ موجاً فى شطكَ
حينَ يثورُ الموجُ بوجدانِ البحرِ
وحين يصبُّ الضوءُ بماءِ النهرِ
مروجا قزحيةَ أو فيضاً قدسياً

هذا حبِّى المُتعبدُ فى محرابِ جمالكَ
فى سحْرِ جَلالكَ
فى خلدِ شُمُولكَ
لا أتألمُ أنْ أحصِى حبات الرملِ
وأن أحْصِى أورَاق الأشجارِ
أتبسم لنجُوم اللَّيل الزرقاءِ
وما تعْرفُ قدركَ عندى
أتبددُ فى هَيكَلِ ذَاتى
وصفَاتى
فلعلكَ ترنو يوْماً لفُؤادِى
يا سيِّد روحى ..
كى تعرف ............

1988 ـ 1990

الفهرست

1) لو بكذب
2) فى عينيك
3) أتسافرين
4) الحب والليل
5) صوت وحيد منفرد
6) لحن الغربة والميلاد
7) مرثية العشق القديم
8) قريبا
9) قصائد ممزقة
10) ثلاث صور للضياع
11) الشبح
12) ارتداد
13) ثلاث أغنيات
14) عبر نوافذ الأبد
15) أوراق محترقة
16) جريمة
17) النبوءة
18) حكاية ليلية
19) الجرى بدون رأس
20) من مقام الاستغراق




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أشعار البدايات

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى