سلام إبراهيم - شاعر عراقي شاب متمرد إسمه " مالك عبدون"

صلة الوصول بين متمردي ستينات القرن الماضي وأوائل القرن الحالي

لم أنتبه إليه للوهلة الأولى. كان يقف إلى جانبي في باحة الفندق. كنت أحدق بذهول نحو أجساد الأدباء المتزاحمة حول سور خشبي مدور يتوسط المكان. كانوا يتدافعون ويضجون مظهرين هواياتهم كي يحصلوا على وجبة الغداء. عراك محتدم ذكرني بزحمة العراقيين زمن النظام الدكتاتوري في نهاية السبعينيات أمام محلات بيع طبقات البيض في أزمات كانت السلطة تفتعلها لإشغال الناس عما تحيكه في الخفاء من قتل وحروب. كان عامل الفندق الشاب خلف الناصية الخشبية يطلب منهم الوقوف في طابور كي يتسنى له التوزيع، لكن "لا من أديب سامع ولا مجيب". أصوات تنطلق من كتلة الأجساد الملتحمة غاضبة، متوسلة. كان من يحصل على علبة الوجبة يناضل حتى يخرج من اللجة لاهثا، ينضح عرقاً وعلى شفتيه بسمة نشوة تنتشر على قسمات يلوح منها "علامات النصر المبين". بدأت أنضح خجلاً. احتدمتُ ملتفتا إلى يساري. فوجدته ينظر في عيني باسماً. أشرت بيدي نحو الكتلة المتصارعة قائلا:
ـ شوف.. شوف!.
فأطلق ضحكة عاصفة قبل أن يقول:
ـ لديهم بطاقة عضوية.. تصور!.
وهدر بضحكته ثانية. كنا قد خرجنا قبل دقائق من قاعة الانتخابات الواسعة. وضع يده على كتفي وقال:
ـ لم تر شيئا بعد!.
دورت عيني على الجمع الذي أنتشر متوسدا أرض الباحة وعلقت:
ـ كأنهم في موكب حسيني!.
قهقهنا ورحنا نتملى في الأفواه التي تلتهم الطعام بعيون زائغة، يتصبب العرق من جبهاتها، ونعود نحدق بعيون بعض ضاحكين. في هذه الأثناء أقبل نحوي الشاعر الجميل ـ حسام السراي ـ الذي يعمل في جريدة – أصوات العراق - وبيده دفتر صغير وقلم وسألني عن رأيي في سير الانتخابات، قلت له ما قلت ثم أشرت نحو الزحام المتدافع وعلقت:
-......!.
وعلقت على المشهد. أوقف الكتابة ونظر نحوي باسما وقال:
- ممكن عدم نشر تعليقك الأخير!.
أدركت إحراجه
- ليكن!.
خف الحشد. ولم ينفد الطعام، قلت له:
- أش أسمك؟
- مالك عبدون شاعر
سحبته من يده وتحركت نحو المنصة لجلب الطعام، قال:
- ما عندي بطاقة عضوية.
جلبت وجبة لشخصين، ومشينا في الممر المؤدي إلى فسحة مدخل الفندق الرئيسية الواسعة. توجهنا نحو كراس فارغة. هممنا بالجلوس، فركض نحونا عامل الفندق قائلا:
- أستاذ الأكل هنا ممنوع!.
نظرنا في وجوه بعض وأطلقنا ضحكة هادرة. قلت:
- غير أدباء يحتقرهم عامل فندق!
خرجنا من الباب الرئيسي وجلسنا على الرصيف المظلل. وبدأنا بتناول الطعام. لم يكف عن الكلام. الوسط الأدبي، البارات، شارع المتنبي، قاع المدينة. كنت أثناء الحديث أتأمل هيئته، ملامحه الدقيقة، قوامه الناحل، قميصه الضيق، والبسمة التي لا تغادر فمه طوال الوقت. كان محتدما متوهجا بكل شيء، بالحياة والعلاقات والقراءة. كان يطعم حكاياته الشعبية بمقولات لسارتر، وكامو، وكافكا، ورهط الأدباء والمفكرين الوجوديين. مثلي تماما قبل أكثر من ثمانية وثلاثين عاماً حيث كنت أدور في شوارع بغداد أيام دراستي الجامعية أوائل سبعينات القرن الماضي. أرتاد البارات مختلطا في الوسط الثقافي، منصتا، محاورا، متوهجا، لم أقتنع بشيء. هاأنذا أجلس بمواجهة شاب من زمن أخر غير زمني يخوض غمار نفس الأسئلة الوجودية الأبدية عن حيرة الإنسان وهو لا يقتنع بشيء ويبحث عن يقين. قاطعته قائلا:
- مالك أسمعني شيئا من شعرك.
وضع شوكة النايلون من يده، وحملق نحوي بعينيه الداكنتين وقال:
- سأسمعك قصيدة – بكاء تحت المطر -
لاذ بالصمت نصف دقيقة مفسحا للقصيدة مجالها، ثم أنشد:

(.. إلى متى؟/أأكل بلحم أوراقي؟/أجلس على كرسي/من عصافير سوداء/أمطرتها السماء بقربي/أفتح.. باب البراد/أفرط..بالعنب البارد/ كأم..تفتش بين جثث لموتى/ في ثلاجة مستشفى اليرموك/ تشعل قلبها قنديلا/ يوصلها/ لملامح أبنها الوحيد/ تغمغم/مع الحياة/تستل قرآنا/كان مغموسا/في شيبها/تفتش/بين آياته/وتقول/بأعلى صرخات الرجاء/إلهي/ليتك تمزج/حبوب مانع الحمل/مع المطر/لتخلص/الأمهات الثكلى/فلجاجهن/سينتزع نجومك/حتما بالملاقط/أنا مثلهن/أتنفس/الزكام وأبكي/اتكأ/على أعواد الثقاب/وأصرخ/أهلكني وطني/أنبح في كل زقاق/أحصي بالعوانس/والأرامل/والمطلقات/أحترق/ كخيمة الحسين/ثم أنطفأ بعيني حبيبتي/كالفقاعات/ بالماء كالذكريات/على شفاه الخائنين.).
توقفت عن الأكل حال شروعه في تلاوة قصيدته محركا يديه صعودا ونزولا في تناسق تام مع الصورة الشعرية وإيقاع القصيدة. طلبت منه إعادتها. ورحت أتأمل قسماته المنفعلة مع ألم القصيدة حتى رأيته ينبح تارة وشممت رائحة روحه المحترقة كخيمة الحسين الأبدية ليعود دمعة بعيني حبيبته. قلت له ما أن أتم أخر بيت:
- مالك.. أنت شاعر!.
قلتها من أعماقي، في انفعال اللحظة، وأنا المدله بالشعر ويصعب علي حتى مع نفسي قول فاصل في الشعر لشدة حساسيتي إزاء القصيدة والشاعر، وطول معاشرتي كل العمر لشعراء العامية العراقية، أصدقائي الذين مات بعضهم وأخرهم – علي الشباني – المعتل بالكآبة ممن غاروا في روح الإنسان، في لهجته، في مهجته. فعادت القصيدة الفصحى لا يأسرني منها سوى أشعرها وأعمقها النادر.. النادر في هذا العصر. مالك لا يعرف من أي عمق نعته بالشاعر.
- ...!
تبسم فقط.
لم يعد للأكل قيمة. حملنا بقايا الأكل. ألقيناه في برميل القمامة، ودخلنا الفندق. خرجنا من المغاسل. ربت على كتفي وأشار نحو شيخ قصير ممتلئ قائلا:
- أتعرفه.. الشاعر حسين الرفاعي!.
هببت نحوه. وضعت كفي علي كتفه وقلت:
- هاي أنت وين.. صارلي أربعين عام أتمنى ألتقي بيك!.
فهو صديق أبن عمتي – سعد عبد الباقي البناء – زوج أكبر أخواتي. ولدي معه علاقة حميمة، فسعد كان سياسيا زمن عبد الكريم قاسم وأعتقل في زمن الحرس القومي، وله محاولات بالكتابة، وقريب للوسط الأدبي في ستينيات القرن الماضي، بحيث أجرت معه القاصة – سالمة صالح – حوارا في أواخر ذلك العقد في مجلة – ألف باء ـ كان يكتب الخاطرة ويحفظ الشعر. وكان له تأثير كبير علي إذ كان يحدثني في جلساتنا المتواصلة عن الوسط الأدبي الذي دخلته لاحقا. وينشد في كل جلسة قصائد – حسين الرفاعي - العمودية المدله بها وبشخصية الشاعر الذي كان وقتها وجوديا رافضا لكل شيء. كان يحكي لي قصصا عن حالاته في غرف – الحيدر خانة – في بغداد. عن توحده.. ففي كل صباح لا يجدونه في فراشه. يبحثون عنه في الأزقة القريبة وشارع الرشيد إلى أن يجدوه جالسا على حافة دجلة يكلم الفجر والماء الجاري. لم يكف – سعد عبد الباقي – رغم بلوغه الخامسة والستين من عمره عن سرد وإعادة سرد علاقته بحسين الرفاعي الشاعر في ستينيات ذلك الزمن الذي يبدو مضيئا بالمقارنة مع الحاضر العنيف. قلت لمالك:
- ألقط لي صورة معه!.
صورنا، فحدثته عن – سعد – قائلا:
- جنني بيك وهسه شفتك!.
سجلت هاتفه ولاحقا حققت صلته مع – سعد – صديقه من ستينيات القرن العشرين المنقرض.
حال غياب – حسين الرفاعي – أخبرني مالك بأن لحسين أخ وجودي حقيقي هو من أثر على مالك وحوله من شاب بسيط ينحدر من عائلة دينية جذورها في نجف العراق ( سيريني عند زيارته إلى بيتي في الديوانية صوره وهو يطبر سابحا بدمه في العاشر من عاشوراء عندما كان في السابعة عشر من عمره).
ظللنا متلازمين. دخلنا قاعة الانتخابات الفسيحة، وانتظرنا حتى بداية فرز الأصوات. كان يتحدث طوال الوقت بدفق شاعر مكتظ بالأسئلة. عن ظروف حياته القاسية عن ضياع إخوانه زمن الدكتاتور الذي أفقد العائلة كل شيء الأب صار شبه مجنون، يجهر بعسف السلطة فأعتقل بدوره ومات كمدا لاحقا.. عن تدهور حالتهم الاقتصادية، مما أضطره إلى ترك المدرسة والعمل في أسواق بغداد يبيع أكياس النايلون.. عما رآه في قاع المدينة وبيئة أولئك الصبيان الذين نراهم يكدحون في قيض بغداد يبيعون كل شيء من أجل توفير لقمة العيش.. عما يتعرضون له من تحرشات جنسية وعنف.. عن قصة إكماله المتوسطة، ثم معهد المعلمين وانخراطه في الوسط الأدبي وكتابته القصائد، عن عمله في الصحافة، في جريدة الحزب الشيوعي العراقي – طريق الشعب – ولماذا ترك الجريدة:
- عملت بالقطعة وكنت أغطي النشاطات والفعاليات وأكتب التحقيقات. وكنت سعيدا أول الأيام فهم أقرب لي يقصد الشيوعيين من أية قوى سياسية أخرى لكن المشكلة، أنهم لا ينشرون ما أكتبه إلا ما يتوافق مع قناعتهم السياسية.
كنت أعرف نمط تفكير القائمين على صحافة الحزب الشيوعي منذ فترة وجودي في كردستان.
- تصور قتلني الجوع ولما شكوت إلى مسؤول تحرير الصفحة الثقافية عن عدم نشر موادي، قال لي سأعطيك 25 ألف دينار من جيبي الخاص. قلت له: أنا لست متسول وتركت العمل.
رأيت بهاء لحظته وعيني المسئول المخذولتين والذي أعرفه عن قرب.
في المساء وجدته في بار – زاخو – يجلس معنا على نفس المائدة الكبيرة. حولنا الجلسة من حوارات في السياسة العراقية المتعبة، والكهرباء ونوادر شخصيات الحكومة الطائفية التي أخر ما تفكر به هو المواطن العراقي إلى جلسة قراءات شعرية ، فقرأت لهم قصائد عامية للشاعر – علي الشباني – بعدها طلبت من – مالك – أنشاد نماذج من أشعاره. فأنشد عدة قصائد أدهشت الجالسين الذين جاوز أغلبهم الأربعين من عمره وكان معظمهم ينشط بصفوف اليسار العراقي، من هذه القصائد قصيدة بعنوان:
ـأنا ظلك -

( على فخذك/الأسمر/تنبت أزهار/خضراء/هل تسمحين/لطفلي الصغير/أن يصطاد/منها الفراشات/جاء إليك كاليتيم/طاويا رأسه/يصرخ/حبيبتي يا كاهن الجمال/يا أجمل الفنادق/أنا ظلك المؤمن/بأن الحب/كعصف الانفجار/ يمزق الثياب/بأن الحب/رجل إطفاء/إذا حرقت المآذن/يطفئها باللعاب والفحيح/بأن الحب/وإن كان صغيرا/يخرج من البنطال/ويصهل كالحصان/عند رأس الهواء/النائح على مخاديد/ النهود ).

في اليوم التالي وكان يوم جمعة. سأصادفه في – شارع المتنبي – المكتظ وسط باعة الكتب. سنتسكع ساعات. سيعلق على ديوان – قصائد عارية – لحسين مردان عندما سأله – سعد عبد الباقي - : هل قرأت الديوان؟.. فأجاب ليس الديوان فقط.. جمعت كل ما يتعلق بشعر ونثر حسين مردان من نصوص ودراسات أعرتها لطالب دراسات عليا يعد إطروحه عنه. من خلال الحوار والحديث المستفيض عن تاريخ الأدب العراقي سيظهر مدى سعة إطلاعه بحيث عندما ودعنا التفت إلي سعد مندهشا وقال:
- متى لحق وهو بهذا العمر على قراءة كل هذه الكتب وهضمها وتمثيلها في الحديث!.
فذكرته بالحوار الذي دار بيننا في البار عندما شاهده أول مرة، يجلس جواري ونروح في حديث طويل لا يسمع منه شيئا، فقد كان يجلس في الطرف الآخر، إذ همس لي:
- منين هذا الشاب الصغير!.
بلهجة فيها ظلال سخرية من وجوده وسط هذا الجمع المثقف، علقت باقتضاب:
- حينما ستتحدث معه ستعرف سر اهتمامي!.
في الواحد من أيار عيد العمال العالمي، كنت بصحبة صديقي العامل الجميل – عبد الحسين داخل – المتحمس لقضية الطبقة العاملة، ومن الأصدقاء النادرين الذين وجدتهم بعد أكثر من عشرين عاما محتفظا بسماته، ودود، صبور، عميق يعشق الرسم والموسيقى. أخفاني عندما عدت سرا من كردستان في بيتهم الكائن في – حي الصحة – بمدينة – الحرية – مدة شهرين، وكنا قبل ثلاث سنوات قد خطفنا من بار على أبي نؤاس وكنا بصحبة شيوعيين مختفين وقت الحملة 1980 سيعدمان لاحقا، وذقنا صنوف العذاب في مديرية الأمن العامة ببغداد دون أن ينالوا منا شيء. وسأنطلق في المرتين التي التحقت بها في الثوار بالجبل من بيته. وعندما زرت – العراق – المرة الأولى في شتاء 2004 وجدته كما تركته متحمسا من أجل الإنسان والطبقة العاملة يعمل بالحزب الشيوعي، لكنه ليس من طراز النماذج العمياء بل منفتح يسمع ويحاور ويفهم الآخر. كنا نسير في مظاهرة نظمها الحزب الشيوعي بالمناسبة انطلقت من - باب الشرقي – صوب – ساحة الفردوس – نحمل أعلام حمراء وننضج عرقا. رأيت مالكاً يقبل نحوي باسما، هو الآخر يحمل علماً أحمر. سار معنا وسط المظاهرة متوهجاً يعلق على صفوف العمال والبسطاء الواقفين على الرصيف ويصيح بهم:
- ما تنزلون هذه المظاهرة من أجلكم!.
ويلتفت نحونا ضاحكاً:
- شوفوا الطبقة العاملة تضحك على المظاهرة المليونية!.
كان يسخر من المتظاهرين الذين أغلبهم جاوزوا شتاء العمر إلا قلة من الشباب والشابات وأغلبهم من العاملين بتنظيمات الحزب الشيوعي. ويروح يتحدث عن – جيفارا – والثورة وجهل الناس الغاطين بدعايات القوى الدينية الطائفية.
سنلتقي مرات عدة بعدها، وسيفصل لي طبيعة الوضع من منظوره، سأفهم أن هنالك في الأحياء البعيدة ثمة الكثير من الشباب المتمردين من أمثاله، حتى أنه مع مجموعة في محلته الشعبية ارتدوا تشيرتات مكتوبة عليها بالإنكليزية – أننا نعشق الجنس – سيأتي في اليوم التالي إلى المقهى مرتديا ذلك التشريت، سأنتحي به جانبا وأطلب منه عدم لبسه، كنت في داخلي أخاف عليه من مليشيات الأحزاب الدينية المتشددة التي صفت في تلك الفترة العشرات من الشباب المتمرد على الأوضاع البائسة التي يعيشها العراقي بظل تلك السلطات الفاسدة، والمتطلع إلى وطن فيه حضارة تكفل حرية الإنسان بذرائع شتى بعد خطفهم وتعذيبهم . سيلفهُ قبيل سفري ويقدمه مع قرص عن حياة – جيفارا – هدية حملتها معي إلى الدنمرك.
في الأصبوحة التي أقامتها – الثقافة للجميع – عن روايتي – الحياة لحظة – سيساهم في مداخلة طريفة مختلفة فيها حذق القارئ العميق، فقراءته لا تبقى بحدود الكتاب وأجواء الرواية بل يعبر بها إلى واقع اللحظة، فعقب – الندوة – كان يغرق ضحكا وهو يعيد لقطاته التي انتقاها من النص كي يشاكس فضائية – الفرات – التي كانت تصور وقائع الأصبوحة:
- لمن ذكرت مشهد الشخصية المحورية وهو يزور ضريح – لينين – في الساحة الحمراء فيقارن بين برودة المكان ووحشته وحرارة مراقد أئمة الشيعة وزوارها لمعت عينا المصور وكادر – الفرات – لكنني حينما ذكرت بعدها كيف تعرض الشاعر الكردي إلى اغتصاب من – شيخ الطريقة القادرية – واغتصاب الشخصية المحورية في موكب حسيني في العاشر من عاشوراء تجهمت وجوههم فكدت أغرق بالضحك وما لزمت نفسي إلا بصعوبة!.
وهدر بضحكته الصاخبة ليدخل في لقطات تشبه هذه. لقطات يحرزها بروح شاعر عرف باكرا كيف يأسر الصورة الشعرية بملقط كلماته الدقيقة، ليخلق القصيدة من توهج حواسه المقبلة على الحياة بشغف.
(لا تخافي
السرير يحملك/بصدره كزهرة/النوافذ بلهاوات/تدخل الريح/بأصابعها الخفية/تمسح خصرك بهدوء/ولأن الشفتين/ حانة ينقصها السكارى/ كورت ما عندي/لأدفع إلى الله/حتى يسكر فيه/ولأن نهدك نبيل/عليه أن يرفع أنفه/فعار على الثياب/أن تحبس النبلاء/لهاثك/سنبل أزرق/مزق شراشف السرير/يدي/ خمسة جنود يتدفأون/فوق بلاطك الساخن/الطازج الأملس/وحده الذي يسد الجوع/هيا نلبط/كقلوبنا الذبيحة/هيا ننط/كالخواتم من أصابعنا/هيا نتزاحم كدموع الأمهات/هيا نتأبلس/باسم الرب/لا تخافي/فما زالت/دموعنا تخرخش/ بجيبه كالدراهم.)

16-8-2010
الدنمارك



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى