أمل الكردفاني/ الشهرة الرقمية الزائفة

كيف تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية السيطرة على العفريت الذي أطلقته بيدها من القُمقُم؟
الإنترنت..
كانت بداية الإنترنت مُخصصة لأهداف عسكرية وأمنية، ثم قررت أمريكا إطلاق سراحه، أيضاً لأغراض عسكرية وأمنية.
اليوم وعند طلب تأشيرة للولايات المتحدة الأمريكية تفرض عليك الحكومة الأمريكية منحها حساباتك على وسائل التواصل كالفيس والتويتر وبريدك الإلكتروني. ورغم ان هذا انتهاك صارخ لحقوقك الدستورية، إلا انك لست مواطناً أمريكيا مما يعجزك ذلك عن تقديم طعن دستوري ضد هذا القرار.
مع ذلك فلم تعد أمريكا تحتاج لإذنك. لقد خلقت أمريكا أجساماً خاصة أثارت حولها دعاية ضخمة بملايين الدولارات. ففي الوقت الذي كانت هناك منصات تواصل قوية جداً ك hi5 وغيرها ، سرق فيس بوك الأنظار بلا أي سبب منطقي. فلا يتمتع فيس بوك بأي مزايا حيث كان ولا زال منصة معاقة جدا، في المقابل هناك منصات أخرى أقوى وأضخم ولكن يتم غمرها قصداً لكي لا تنافس فيس بوك.
الفيس بوك استطاع جمع مليارات الأعضاء من كافة أنحاء القارات الخمس، وهو بالتالي يعتبر قاعدة بيانات تفصيلية عن كل فرد فينا. وفي حين يحاول الفيس اقناعك بأنه يجمع بياناتك من أجل الترويج الدعائي التجاري نجد أنه في الواقع يجمع بياناتك من اجل الإحصاء والتحليل الإستخباراتي كما حدث إبان حملة ترامب الانتخابية حيث تعرض مالك فيس بوك لمساءلة صورية اتسمت بالسخرية والتفاهة.
وهكذا اتسعت سيطرة جمع الولايات المتحدة لمعلومات كل البشر عبر التقنيات الجديدة، فميكروسوفت تسيطر على حواسيب مليارات البشر عبر برنامج الويندوز ومعها أبل، وتويتر وقوقل ويوتيوب، ثم أقل من ذلك انستجرام واسناب شات...الخ...
إن كل شعوب العالم تقف عارية اليوم، فالولايات المتحدة الأمريكية تعرف عنك ماذا تأكل كل يوم وماذا تشرب وماذا تفضل من ألوان وملابس واتجاهك السياسي وأغانيك وفنانك المفضل وعملك وساعات عملك وساعات فراغك ودراستك ومع من تدردش وماذا تقول وكيف تغازل زوجتك ومع من تخونها...الخ.
يتحدث البعض عن الانترنت المظلم كحالة خفية، في الواقع الانترنت الخفي نفسه ليس خفياً إنما يتم غض الطرف عنه لتمرير عمليات مالية معينة.
استطاعت شركات تجارية أمريكية الاستفادة من قوة الانترنت لتسيطر على توجهات الجماهير وبالتالي تم استخدامها هي نفسها لتعزيز السيطرة الاستخباراتية الأمريكية على حياتنا عبر الانترنت.
تستطيع هذه الشركات وخلال ثوانٍ فقط تحويلك من متسول مغمور لشخصية مشهورة، حيث تستخدم تقنيات عديدة لحصولك على متابعات بالملايين خلال ساعات فقط.
لقد استطاع شخص مصري قبل أيام أن يحصل على مائة وأربعين مليون متابع في بضعة أيام عبر أغنية لا يمكن تذكر عنوانها.
تجمع الوهمين تم انشاؤه وفي ذات اليوم تلقى ثمانية آلاف مشاهد وبعد بضعة أيام تلقى العلامة الزرقاء وهي علامة لا يمكن الحصول عليها بسهولة حتى من كبار الشركات العالمية لأن من أهم شروطها أن يكون هناك آلاف المتابعين، وأن يكون هناك مقر (في بريطانيا أو امريكا على وجه الخصوص) مع وجود أوراق ثبوتية تؤكد إسمك وإقامتك الشرعية وعنوانك وأرقام هاتفك...وشروط أخرى كثيرة وصعبة.
أغنية أخرى ظهرت فجأة بنيلها ملايين المتابعين خلال يوم واحد فقط، ويتم تنويع الشهرة بتنويع القارات فهناك من يتم منحهم هذه الشهرة الزائفة المصدر في آسيا أو أفريقيا أو أوروبا أو أمريكا أو أستراليا...الخ...
وعبر كل ما سبق تزداد القبضة والسيطرة الأمريكية على الانترنت.
قبل خمسة عشر عاماً تقريباً قام أحد عمال مطعم كنتاكي الشهير بسرقة وصفة كنتاكي ونشرها على الإنترنت على نطاق واسع.
ولكن وخلال بضعة دقائق فقط تم حذف الوصفة من ملايين المواقع بضغطة زر.
كيف تم هذا؟
الله أعلم..
وبذات القدر تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية حذف كل سجلك داخل العالم الإسفيري أيضاً بضغطة زر.
ولكي تزيد السيطرة الأمريكية، تم اختلاق تكنولوجيا عظيمة جداً وهي تكنولوجيا سلاسل الكتل واستخدامها في زرع عملة رقمية هي أيضا نالت شهرة غير مسبوقة وبسرعة مبهرة جدا وهي عملة البتكوين. حاولت عملات أخرى مجاراتها ومنافستها لكن ظلت هذه العملة الخفية هي المسيطرة حتى اليوم إذا تجاوز سعر الوحدة منها الاف الدولارات...بذلك بدأت الحرب على العملات الحقيقية حول العالم، وخلال سنوات أخرى ستتمكن البتكوين من تهديد العملات الحرة الأساسية في العالم تهديداً جاداً وحقيقياً.
أحمق من ظن أن أمريكا دولة عادية، فمن خلال أبحاثي المستمرة كدت أصاب بلوثة من الجنون وأنا اكتشف وعبر وثائق ضخمة كيف أن أمريكا تعرف (عجيب تور الجر) المزارع المولود في تاريخ لا يعرفه هو نفسه، وفي أقصى مناطق السودان وتعرف متى آخر مرة أكل فيها كمونية قبل أن يتوفاه الله.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى