مجاهد الدومة - لأن الحياة.. شعر

• فَصْلٌ في المُنَاجَاة
بالحِبَالِ الصَوتية التي تَنْدَهك، بمخالبِ الكون المَنْشُوبَة في الجلد، بتَجاعيد يخلقها الزمن في الهياكل، بهاجس المسافة بيني والحلم، بمكامن الرغبة المَشُوبَةِ بالصحو، بهسيس اللغة الغائب: أُنَاجِيكِ، يا أَنايّ. يا فريسة الأرق والسأم، يا وردة تَتَفتح في العزلة، يا حرف السَكت وياء النداء، يا رفقة تصيبنا بالتوجس وتشعل فينا رغائب لا نهائية.
ومن ثم أحاول الصعود على كل أشكال المعنى؛ أن أَخلقكِ كما أشتهيك، وكما يتخيلك اشتهائي؛ بالهواجس المتمخضة عني في التنفس، بزفير هواء رئتاي الصديء .أنا القادم منذ الأزل بذاتٍ متشظية، بغيابٍ يفتح التساؤل على فضاء الإحتمال؛ التساؤل بما يعني انفتاح نحو الأفق الشاسع، نحو مشاعل التأرجح الدائم بين الشك ونقيضيه. أن كيف أدركك وأنتِ الهائمة، يا ميؤسة حَد التلاشي، يا موسيقى تجعلنا نرتجف، ننكفيء على أنفسنا. فتكونين لحن الإله في صمته الأزلي أو ضحكة منفلتة في غياب الذي أسميه الكائن|الكائنات.
ها أنا أناجيك مجدداَ؛ وكما في كل مرةٍ، بنوازع المسافة، ببزوغ شمس التحقق، بهول الارتواء من ينابيعك، برغبة احتواءك هكذا|هكذا تعني كلك، بإفك أصابعك التي شيدت الكون بهذه الهشاشة، بخصرك| مقياس الوقت، بمناحات الفقد القاتل، بلسانٍ يشتاق أعنابك البرية، بالدوائر الماكرة وهي تفجر عطرك في الأماكن، بكل الطرق التي خبرناها فأفضت بنا إليك، بشفرات الاشتياق التي تعمل في الجسد، بأصوات الممكن، بأفكار قصية المنال؛ فقط ألمحها تحوم حول أنساق معبئة بالحيرة ، وهنا أصرخ حد بحة الصوت، واستحالته إلى صمت عظيم، أن عودي إلي بما كان بالأمس الذاكرة. أزيحي عنيّ الضجر الذي ينسج حبائله، يَنْقضّ علي منذ بدء دفق الوعي في ثناياي. أَمحي الحلكة ال تحجبني عن إدراك أشكالك المعبئة بالمعنى؛ لتصلني ومضاتك الموسومة بفدائح الندى وتكاثف الماء الباحث عن هويته.
ابتهل إلى عينيك، أطلب منك اغماضهما ثم أراني في مرايا الجفون، يا لهذا الجمال النائم، الساكن كصمت التثاؤب، الحائل بيني والإنهزام إلى العدم؛ يصطادني في كل شبر في حيز الوجود.
لطالما كنتُ الذاهل إزاء الفراديس المعلقة بصدرك، المتعطش إلى عناصر اللذة السرية؛ تطبخينها في مختبرات الجسد، وحدك تدركين الطريق إليها، وحدك تعبرين بي دروب الارتياب الشائكة، تحصبين المسافة إلى جنائن التحقق المخبئة في كلينا، تنزعين عني الخيبات القديمة، ثم تطيبين الجرح الغائر فيّ، تخلعين عليه صفاتك، هكذا بكل فداحة.
• فَصْلٌ في المُنَادَاةْ
كلما أَتيتُ على نُطق اسمكِ|مناداتك
يتفجر عن معانيك، في كلمات وجمل.
فأفتح فمي، لينثال صوتي نادهاً:
"يا خرائط الكون
يا حوافر الحنين في الدم
يا غواية النيازك
يا تضاد السكون
يا متاهة وصفك باللغة
يا كفارة لخطيئة الوجود
يا شوكة في رِداء السكينة
يا أيل في برية الوقت
يا انسكاب النور في العتمة
يا خنجر يغرزه البعد في القلب
يا القنابل الموقوتة
يا مسلك الهاربين إليك
يا "مطلعةً ديني" بهذي الأعين
يا خزائن الفاكهة الإلهية
يا جداول الصفاء والحكمة
يا نحن|أنتِ|أنا.
• أُغْنِية العُبُور
برغم أهوال الغياب
برغم بنات الحيرة ال يلعبن الحجلة في دمي؛
سأجيئك.
أهدم هذه الجدران بأغانٍ خالدات.
بلحن وحيد أتقنه|أنتِ.
لا، لستُ أورفيوس
لن نسير جهة الحياة
وبيننا تلك المسافة.
بل ستتحد الخطى
سنعبر الفلوات
بأغنية تحازي فرحنا الضوئي
تسمو على الشرط الإلهي القديم.


مجاهد الدومة / السودان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى