أمل الكردفاني - الزوجة الجِنيِّة.. أقصوصة

- إن وجهك يتغير، فتارة تكونين جميلة وتارة قبيحة، إنك تذكرينني بشيطان سندباد الذي يتغير شكله بين كل فينة وأخرى وهو فوق ظهر المسكين يا....عزيزتي..
قال عزيزتي بعد أن حنى رأسه ونظر لها من فوق نظارته..
قالت:
- إن نظرك بات ضعيفا كسمعك وأشياء أخرى من العيب أن اقولها...
قرصها من خصرها وقال:
- أي عيب بعد ما كان وكنا...
قالت: كان...
قال: لن تحتملي صبوتي فقد هرمتِ..
قالت: جرب..
فأسقط في يده...
وخرج من منزله ليجلس أمام بابه والأيام تعبر كئيبة، ثم مرت به صبية فغازلها فقالت:
- عيب عليك يا جدو..
ففتح باب منزله ودخل ووجد الأسرة في الحوش كانت باردة الفرش وسط مناخ غروبي حار. تمدد على سريره، وأخذ يفكر في شيء ممتع..، أخرج كيس الصعوط وحشر منه كرة أكبر من المعتاد بين شفته السفلى ولثته ثم صفق نافضاً بقايا التمباك عن يده.
أغلب زملائه ماتوا والوحيد الذي بقى أصابه الخرف..فهو لا يتذكره...
السماء متربة وساخنة..
- كنتَ مفترٍ ولذلك عشت أكثر منهم..
قالت وكأنها تقرأ افكاره
- هذه الشيطانة..
- عشرة عقود طويلة فلا تندهش..
استمرت في إدهاشه...
- انا سميرك الوحيد ..
نظر بحيرة إلى السماء...
- حتى عشيقتك القديمة هجرتك قبل عشرين عاماً..
قال بجزع: عشيقتي؟!!!
قالت: مدينة..عشيقتك مدينة..
قال بخوف: كنتِ تعرفين..
ضحكت فافتغر ثغرها عن سن ذهبية، عاد ينظر للسماء..غمغم:
-تغير شكل وجهك أربع مرات حتى الآن...
قالت: وجهي لم يتغير..إنما أنت تكتشفني كل مرة..لأنك لم تنظر يوماً لوجهي كما تفعل الآن..حيث أصبحتَ لا تملك شيئاً من قوة الماضي...
قال بصوت خفيض: أنتِ لستِ على ما يرام اليوم...الشياطين..الشياطين تتقافز داخل دماغك...
ضحكت فرأى فمها بلا سن ذهبية..اشاح بوجهه..فقالت:
- هل تعرف أنني جنيَّة...
غمغم بحنق:
- أووف..أرجوكِ توقفي عن هذا الخبل..
صمتت لكن جزءاً من عقله صدق كلامها.. ماذا لو كانت جنية، كيف عرفت بقصته مع مدينة...هذه قصة حافظ على كتمانها حتى عن نفسه ..ومدينة نفسها كانت تعيش بعيداً جداً عن منزله...
قالت: هجرتك لأنها أختارت سمسار العقارات الأكثر غنىً وشباباً..
دارت حدقتاه في محجريهما بفزع..واستمرت هي:
- لقد اشترى لها منزلاً...
نظر إليها برعب:
- هل فعل هذا حقاً؟
- نعم...منزلاً مِلكها حدادي مدادي..
- حدادي مدادي؟
- نعم..مع ذلك فدعني أُكمل لك قصتها..لقد فقدت ذراعيها في حادث مروري..
قل بجزع: حقاً؟
قالت: حقاً...كان سائق اللوري يقودهم جميعاً إلى حفل زفاف..وفجأة..ظهر له فرس نهر أمامه..فانحرف بعنف وأنقلبت العربة بالجميع..فقد السائق رأسه وفقدت هي أطرافها الأربعة..
- ليس ذراعيها فقط؟
قالت بعينين برّاقتين:
- بل الأربعة...
ابتلع ريقه وقال:
- فرس نهر؟
أومأت برأسها فهمس برعب:
- فرس نهر في الصحراء؟
اومأت رأسها..أدار رأسه مبتعداً عن وجهها ذا النظرة المرعبة..وأخذت أنفاسه تعلو...
استمرت هي:
هجرها السمسار بعد أن استرد منزله بمساعدة محاميٍّ فاسد فهامت هي على وجهها..ولم يرَها أحدٌ بعد ذلك..بحث عنها أهلها دون جدوى...لكنها تبددت..
هبط الظلام عليهما، فأحس ببرودة داخل عظامه..، ولكن كيف؟ لقد خطبها وتزوجها من أهلها وهي من أسرة معروفة..
قالت: نحن عائلة من الجن...
حاول النهوض لكنها وضعت كفها على صدره فكان وكأنه جبل...
- ستظل متصلباً حتى آذن لك...
ابتلع ريقه وقال وأنفاسه تتسارع:
و.ولكنني..ولكنني..أريد أن أرقد على ..جن..جنبي الأيمن....
رفعت كفها فانقلب راقداً على جنبه الأيمن...
ذهبت هي وتمددت على السرير الآخر وأخذت تضحك بصمت..
أما هو فكان يرقد على جنبه الأيمن معطيا ظهره لها..كان يبتسم ويقول لنفسه: لا زلتِ كما كنتِ دوما يا درية...تنسين كل جرائمي في اللحظة التي أجاري فيها لعبك...سميرتي دائماً...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى