أ. د. محمد حسن عبدالله - لؤلؤ منثور.. الحامي والحرامي!!

- لؤلؤ منثور
1- اللؤلؤة : الحامي والحرامي !!
عُني ابن جبير في رحلته بالأماكن المقدسة عموماً، وبمكة شرفها الله تعالى –خاصة، وسجل للخلفاء والحكام من شتى بقاع العالم الإسلامي، مشاركاتهم في التجديد والإضافة، والتجميل للحرم المكي وملحقاته ، وظل هذا التجميل حقاً مكتسباً للحكام ، لكي يجري وفق معايير متحفظة ومتكاملة ، لأن هذا لو ترك لرغبات الأفراد لطليت جدران بيت الله الحرام ، وما حوله من مواقع برقائق الذهب . غير أن ابن جبير ذكر من بين ما ذكر حكاماً فاسدين سيطروا على مكة حيناً بعد حين ، وكان أحدهم يشترط على من ينفق شيئاً في الخدمة العامة أن يقدم للأمير (رشوة) تعادل ما أنفقه !! وحدث أن أحد الحجاج لاحظ أن (بئر زمزم) ليست في الصورة التي يرضاها المسلم الغيور لمعلم من معالم عقيدته، فقصد إلى ذلك الحاكم ، وأبدى رغبته في تجديد هيئة المكان بنفقة كبيرة، يلتزم فيها بشرط الحاكم، وهو أن يقدم ما يعادل نفقته في تجميل بئر زمزم وحمايته إلى هذا الحاكم ، فأبدى موافقته ، بل راح يغريه بالتوسع في النفقة (لله تعالى) على أن يسجل كل ما ينفقه !!
أجرى الحاج المغترب إصلاح مدخل زمزم وما حولها في أحسن صورة ، والحاكم يراقب وينتظر ، إلى أن انتهى العمل ، فتوقع (الهدية) وأن ينجز المغترب وعده ، فأبدى الموافقة ، وحدد موعداً للقاء ، ولكنه – قبل هذا الموعد بليلة واحدة – كان قد اختفى من مكة ، وابتلعته القوافل الضاربة في الصحراء "

2- المحــارة :
- هذا الخبر الذي أورده ابن جبير، يحمل مؤشرات متعددة، فصلاح المكان ونقاؤه لا يعني بالضرورة صلاح من يحكمه ، أو نقاءه وسلامة نيته .
- في هذه الحادثة الطريفة تتجلى المفارقة والمفاجأة الدرامية (الهزلية) والمفارقة في أن الحاكم الفاسد يحكم تلك البقعة الطاهرة، ويفرض فساده حتى في أخص خصائصها ، وينظر كل يوم إلى بيت الله (سبحانه) ويكفر بنعمته، وينحرف في استعمال ماله ، ثم يأتي الختام (الهزلي) إذ ينتظر المرتشي نصيبه من النفقة ، في حين كان المغترب قد أضمر خطته، التي ترفض أن يكون الانحراف (تقديم الرشوة) طريقاً إلى الفضيلة (خدمة الأماكن المقدسة) .
- عنوان : "الحامي والحرامي" يخص إحدى مسرحيات محفوظ عبد الرحمن ، والحادثة المسرحية فيها تختلف تماماً عن ما ذكرنا ، غير أن التداعي كان حاضراً، إذ سبق لي أن كتبت دراسة نقدية تصدرت نص المسرحية .

3- الهيــر :
- اللؤلؤة من كتاب " رحلة ابن جبير" – ضبطه ووضع فهارسه : الدكتور محمد زينهم – سلسلة ذخائر العرب – دار المعارف – 2000 – ص115 وما بعدها .



40

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى