السعيد عبدالغني - عن سيكولوجية الانسان الشاطح

والشطح في دليل انسحار بمعني ، دهشة خالقة تريد ترادفها من تجريدي بولادة رموز غير حبيسة .يصير الشطح لا ينتهي نتيجة شطط الخلايا في ورشة القريحة.
تحليل نفسي للانسان الشاطح .


الإنسان الشاطح هو الإنسان الذى يترك مخيلته ومخيلة غيره و إنتاجها لتكون هى أساس وجوده ويبتعد عن المنطق والعقلانية لأنه وجد فيهم قصورا عن فهم وإدراك مجهوله الذى ينصت له بأي اسم كان ينعته. الشطح مرتبط بالذاتية الشديدة والعلاقة مع الله بشكل محدد ، هو شخص منعزل وجوديا وفكريا وتخييليا ووجدانيا ، مبتعد عن الأنا بشكل كبير وعلائقها مع الاخر وعلاقاتها . ملتصق بالكلية والكيان والوجود والعدم المجردين. يعبر عن شطحه ولا يقصد نفسه الاناوية بل النفس الكلية التى تتسع لكل الاحتمالات فى الأفعال والآراء والأحداث والانفعالات . يصل إلى هذه المرتبة من تعذب فى إثبات الأفكار ونفيها فى آن واحد من العقل ومن وجد شعوريا فى بيئه باطنية مرهفة ومن تأمل حتى وجد نفسه فوجدها مبهمة لا تتصل بأي موجود . نابشة فى هذا الذى لا يمكن ان يفسر ولا يمكن ان يعلل. من تأمل حتى وصل إلى درجة إدراك ماهيات أدوات وجوده ولا يوجد مهرب من ذلك الا بالطوباوية أو بالانتحار .
ترك الوجود للمخيلة يجعل الشاطح يشعر مشاعر غير الأساسية، مشاعر فائضة مددية من اي ضوء فى نفس هذا الشاطح اما الله او الطبيعة .. الخ . لا تصير ولا تقتدى ولا يمكن ان تمنهج ولا يمكن ان تخضع لأي علمنة ولا إلى أي درب له نهج تاملي ، هى استمرار طويل فى عزلة لمدة طويلة ، لا تُكتسب من اي معرفة أو قراءة وتأتي بعد التيه الشديد الشامل الحقيقي والتأمل فى الأبعاد والتأمل الذى يفيض مشاعر وأفكار وتخييلات وهذا التأمل الذى هو عمل المخيلة يرمى هذا الشاطح إلى أماكن ليست لها إشارات للوصول لها . هو يُفِق باطنيا فى مكان محدد به رؤية لبعض الأشياء ، لا يعرف اين هو ولا كيف أتى ؟ وان حاول التعليل سيخرج من هذه الحالة ولن يستطيع الوصول لاي شىء وهذا لا أقصده شيئا لاماورائيا بل انه عدم الاحاطة بكل المدركات النفسية التى اخذها والمدركات الباطنية على مر حياته .
الإنسان الشاطح إنسان مرتبط بالطوباوية بشكل كبير والطوباوية هى التخطي والنفاذ إلى كل تعددات احتمالات الانسلاخ والتكوين والكونية المكتشفة أدبيا والتى لم تكتشف بعد . والشطح يكون أدبيا بالصاق الأنا التى يعبر عنها من خلال اللغة بالكلية الإلهية نتيجة الامتزاج اللانهائي مع النبش فى السر ، لا السر ، لأن السر لا يُدرك لأنه مجرد والمجرد يكون فى البين بين الماهية وبين ما جرد ولا يختلف هذا الذى جرد لأنه يوصل إلى نفس المنطقة . الوصول للماهية والسؤال عنها من خلال الكثير من الأفكار والمشاعر يؤدى إلى الجنون لأنه يمسخ العقل وعندما يمسخ يهدد ذلك البقاء لأنه يدمر شعوره بالزمن والمكان فيبتعد الشاطح لكى يستمر فى لذة الشطح لا لخوفه.
لا يخاف الشاطح من التابو الأعظم وهو الحياة ، لا يخاف أن يموت أو أن يقتل لأنه لديه يقين شعوري بالابدية في ابعاد أخرى أو بالعود الذى سيكمل فيه بهذا الباطن الذى لديه أو بباطن آخر فى النبش، هذه الإرادة فى النبش لا تُضاهى وتوازى لدى العادي قيمة إرادة البقاء. والإرادة يحددها المطلق الذاتي الذى يحس ويستنفذ فى التأمل وهو أكبر واعي مظنون لديه القدرة الكلية والمعرفة الكلية أي هو الله .
الشاطح لامنتمي لأي شىء ولا لأي مجتمع ، هو مجهول يلتهب لديه إرادة فى البقاء للتصريح عن وجوده فى نفسه . موجود فقط لكى يشعر أنه موجود وليس عدم ولكن بعد الوصول إلى هذه الدرجة من الشطح يصير وعيه منتفى طيلة الوقت .وفى الوقت الذى يكون واعيا فيه يكون فى مخيلته لهذا هو حي فى جو من السريالية طوال الوقت . والسريالية فى معناها العميق هى المجاز أي الشعر ، لهذا الشاطح شعري حتى وان لم يكتب الشعر وأقصد بشعري هذه الحالة من الهيام. ولأنه تائه فهو باحث بالضرورة عن كل شىء والتيه ليس عقليا فقط وأقصد التيه العقلي بعد الشطح وانتهاء مدته سيجر طبيعيا إلى محاولة التعليل والفهم ، ولكنه قد حسم الأمر بالمطلق المجهول الذى يذهب له لما يتأمل وهو تائه وجدانيا هذه الحركة المنتجة لمشاعر النشوة طوال الوقت . اتخاذ اللاطمانينة والمؤرقات المعتادة عند الإنسان العادي اعتيادية ولا تؤرقه، هو كينونة أخرى بلا وجود أي غرائبية فى كيانه وبالنسبه له. ولا وجود لغرائبية فى وصفه لاي شىء مهما كان غريبا فى عقول الاخرين لان بديهياته مختلفة .
هو من أدرك لانهائية كل شىء .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى