أدب المناجم محمد عمار شعابنية - الأرشيف المنجمي..

في تواصل مع السيد الأمام بريك أستاذ التاريخ بكلية العلوم الإنسانية والإجتماعية بجامعة حمة لخضر بوادي سوف الجزائري حول امكانية مساعدته بوثائق تتعلق بتواجد وأنشطة الجزائريين عموما والسوافة خصوصا بالمناطق المنجمية التي انخرطوا بالشغل في مناجمها منذ بداية القرن التاسع عشر ، وجدت نفسي عاجزا عن مدّه بالكثير مما يطلبه ومما كنت على علم به ، ذلك أنني في السنوات التي سبقت طلائع القرن الحالي كنت قد تصفحت العديد من التقارير والتحارير والأوراق المتصلة بالعمال المنجميين الجزائريين من خلال الأرشيف الذي تعب في جمعه وخزنه في علب أرشيف و تبويبه حسب السنوات قريبي الشاعرسالم الشعباني الموظف آنذاك بإدارة الشؤون الإجتماعية ...فمن ذلك الأرشيف نسختُ بعض المراجع والمصادر التي اعتمدتها لإنجاز كتابي ( قصة الفسفاط في تونس : 1885 ـ 1910) الذي صدرسنة 1998 ، وكنت أنوي متابعة البحث لكتابة الجزء الثاني من سنة 1911إلي سنة َ1935 لأن المادة كانت متوفرة بقدْر مشجّع ـ على أن أواصل في جزئين ثالث ورابع إلى تاريخ مأوية الشركة .. غير أن الذي حصل أنزل الماء في الركبتين لأنّ رئيس دائرة بإدارة الشؤون الإجتماعبة بشركة فسفاط قفصة ـ وقبل رئيس مصلحة فقط ـ قد تضايق من علب الأرشيف المكدسة في رواق الإدارة ـ في انتظار تخصيص مكان لاحتضانها ـ فقام بإخراجها ووضعها في مستودع سيارات بالقرب من البناية يتكديس عشوائي مزج بين سنة 1901و1947 ويين 1897 و1960 وعجن السنين ببعضها فضاع مجهود سالم الذي بذله طيلة أشهر وضاع الأرشيف نهائيا أو قل ما تبقى من أرشيف شركة فسفاط قفصة الذي تم التخلص من عشرات الكيلو غرامات منه أو عشرات الكيلوأرشيف منه برميه في وادي المقرون(حلال بداية سبعينيات القرن الفائت) الذي عرض بدوره أوراقه على عصف الرياح التي أتلفته ..
في تلك الفترة أذكر أن بعض مراسلي الصحف أمثال علي خميلي ومنصف حميدي والمرحوم محمد رضواني وكاتب هذه السطور قاموا بحملة كتابية إعلامية كشفت عن فداحة التصرف الهمجي في الوثائق المنجمية ـ فسعت المؤسسة إلى حفظ ماء الوجه بما تبقى من ذلك الكنز وخصصت مصلحة أرشيف بالإدارة العامة بقفصة نصّبت عليها من تولّى القيام بالجمع والفرز والتبويب والإستغلال الحاسوبي للمتوفّر " بتخفّي لا يسمح للمهتمين بالإطلاع على ما يريدون معرفته " ، إلا أنه تقاعد ولم يعد يُعرف مصير ما ترك .. غير أني أشير إلى أن عمله لم يكن دقيقا وناجعا لأنه احتاج إلى فهرست توثيق ( ويعرف أهل الجغرافيا والتوثيق أن هناك فرقا بين فرست المواد المجمعة وفهرست التويبق ،،هذه الأخيرة تمكـّن الدارس بسرعة من النفاذ إلى الموضوع الذي يرغب في البحث فيه مع وجود ملخصات له).
ولا أعتقد في الوقت الحاضر أن شركة فسفاط قفصة قادرة على الإلتفات إلى التوثيق لأنّ الأزمة الإنتاجية التي تعاني منها لا تسمح لها بذلك إلى جانب فقدان الغيرة على المكتسبات وتناقص الوثائق إلى درجة تجعلني أقول إن أرشيف ما تركته الدولة الأغلبية (800-909م) ربما يكون أزكى من أرشيف شركة فسفاطنا .

محمد عمار شعابنية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى