سراج الدين الورفلي - صديقتي الصخرة!.. شعر

سأذهب إلى مزرعتنا اليوم أيضاً،
وأحمل معي في أكياس القمامة
أحزاني.
كلبتي وجراؤها الأربعةُ
تُحب عظامَ أحزاني،
سأثبّت صورتي في الريحِ
بثلاثةِ مساميرَ من القلق،
أفتحُ الماءَ على الضاحيةِ الجنوبيةِ من قلبي؛
حيث لا ينبت سوى الوجعِ الأصفرِ
أجلبُ فأسَ جدي الصدئ،
الذي ما يزال يحتفظ
بخشونة يديه على جلده،
أهشّم ما كنت أظنّه حول الحياة،
أفرغ جيوب الفزاعةِ
من الحبوب،
ورؤوسَ الطيورِ المسكينة
وأتذكر أنه لم يبقَ لديّ الكثير من الوقتِ
لأتعلّمَ الصمتَ أو الكلامَ.
حين أكون وحيداً،
أجلس على الصخرة ذاتها،
أداعب عنق الخوف،
أفسّر أحلاماً قديمة،
كانت يدُ جدتي الممتلئةُ بالحناءِ وعبيرِ النعناعِ،
قد فشلت في طردها مع ذباب الساعة الثانية ظهراً
أجلس على الصخرة ذاتها
تلك التي راقبتني أكبر
دون أن تلتفت إليَّ
كان في جوفها دموعي اليابسة،
كان ظلّها يتشققُ
في مكان ما
في أبديتي الصغيرة
اليوم تذكرتُ فقط
أنها صارت أصغر مما كانت تبدو عليه
حين كنت أختبئ خلفها،
ومعظم جسدي في الخارج
فيدّعي أبي وهو يضحك أنه ما عاد يراني،
أنا أيضاً يا أبي أضحك
-رغم أني لست خلف تلك
الصخرة الصغيرة-
لأني ما عدتُ
أراني.


سراج الدين الورفلي

(*) من ديوان: ( أراقب رامبرانت ثم أصغي إلى زوال الأشياء)
الصادر عن دار: يسطرون/ القاهرة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى