عامر الطيب - بقيَ في حبكِ القليلُ من الملل و العطش

بقيَ في حبكِ القليلُ
من الملل ِ
و العطشِ
عطش الحشائشِ الميتة في الماء .
بقي فيه طموحي
إلى أنك لم تكوني أفضل نساء العالم،
شوهكِ جسدُكِ كثيراً
و دفعتكِ عيناكِ لنسيان توهج الأشياء
لكني وقد عزلتُ نفسي
عن سنواتي
بالكاد أستطيع أن أقول شيئاً نادراً :
عاشت يداي
عاش جَسدي
عاش الموت الضرير الذي يتعقبني
عاش الدنس و الهلع و الهراء العذب
عاش كل أحد يغمض عينيه
من أجل أن يستقبحَ وجه الأرض!
▪︎▪︎▪︎
في مقهى الرجال الأشرار
وجدتُ نفسي غارقاً بالحليب
فالزمن الماضي يبتكر لونه من مبالاتنا .
في مقهى الرجال الأشد لهواً
الذين يحاولون تذكر كل شيء في العالم
بسرعة فائقة
أساعد هؤلاء الذين يتذكرون أنفسهم فقط !
▪︎▪︎▪︎
اذهبْ معها
كما يذهب الندم الضئيل مع المرء
حتى آخر حياته
ندمه على إنه
وجدَ الحبَ صعبَ الطبيعة منذ البداية
لكنه استسهل الأمر !
▪︎▪︎▪︎
أنكم لا تعرفون الله
كما تعرفهُ الفقاعة
فهي و قد اعتقدت مثلنا أنه خلقها على صورته
توهجتْ في الماء
ليقول أي أحدٍ أن الله أبدي هائل
ثمّ انطفتْ
ليقول كلُّ أحد ما يخدمهُ عن الله !
▪︎▪︎▪︎
لا تدفعُ الريحُ
إلا هؤلاء الذين يفكرون بالبقاء هنا
أو هناك
الشجرة الهزيلة تترقب ظلَّها
الشجرة القوية تقعُ
الشجرة الساخرة تهتز فقط !
▪︎▪︎▪︎
سنتان و نصف
و أنتِ تحاولين تصور الأرض مثلثة الشكلِ
و مع أن ذلك لا يغير
من صلافتنا ،
من حذرنا ،
ومن كلامنا الهمجيّ
إلا أنك قطعتِ نصف الطريق
من أجل ابتكار الخطيئة
التي نتفرع منها !
▪︎▪︎▪︎
لمْ يكُن جسدكِ لذيذاً
كالنبق و اللحم و العرق ..
لم يكن متوحشاً
كليل بلاد الإنجليز
أو بسيطاً
كالخبزة اللينة و الدخان
لكنه كان مفاجئاً
- بسبب الحب أو لسبب آخر -
فقد أدهشنا على نحو مبهم
كما يفتح الميتُ عينيه
و يختارُ شيئاً !
▪︎▪︎▪︎
أين أضعُ يدي
و قد ملأتُ جيبي بالحجارة
لأغرق ثقيلةً على الحُقَب ؟
أين أضع يدي؟
على عيني لأرى المياه جامدة كالبارود
أم على فمي
لأقول بحرية ساذجة :
ماتت فرجينيا وولف
ولم تشتهِ أحداً !
▪︎▪︎▪︎
بصحة المرح
قبل أن نموت مثل قطع من الإسفنج
بصحة الهواء الطلق
قبل ان تنهار الغرف العالية،
تنهار المدن الطالعة تواً ،
ينهار الأمس
الذي بدا مبهجاً
مع أننا احتجنا منه بهجة الحاضر ذاتها !
▪︎▪︎▪︎
النَّيكُ السَّريعُ
سيصير النيك الأكثر طمأنينة
حيث أن عالماً خائفاً من أن يختفي دفعة واحدة
سيحل مكان العالم
الذي يعيش حذراً
من أن يتلاشى بالتدريج !
▪︎▪︎▪︎
موسيقى عود هادئ
تتقطع كما يتقطع النَفَس
كأن الفن مثل الشعر
كلمةٌ تجر كلمةً
إلى أن نتبين ورم اللغة
فننحاز إلى الصمت !
▪︎▪︎▪︎
ما الحاجة
لأن نقول الأجواء غائمة هذا اليوم
إذا كان بإمكاننا أن نقولَ السماء عالية أكثر مما يجب!
▪︎▪︎▪︎
العشاق لا يلدون
لا يلتصقون
لا يلتهبون معاً أو كل أحد بمفردهِ
أنهم آلات غامضة
تشغل المكان الأشد تعقيداً من تأريخ الوعي
آلهة تتصل
ثم تنفصل
ليجد أحدهم نفسه الإله الذليل في العالم !
▪︎▪︎▪︎
كيف يتمايل السكيرُ
إذا كان طيراً ؟
و أين يسند ظهره
في سماء بخيلة
و هواءٍ عال ؟
كيف يغني مواله
هذا السكير
الذي ودَّ لو أنه شربَ قليلاً
لئلا يفسد حلمه بالطيران !
▪︎▪︎▪︎
ثمة تسهيلات جيدة لدخول الجنة أيضاً
أنت بمفردك ؟
ادخلْ .
معك امرأة و طفلان؟
ادخلْ خفية و بسرعة ..
معك أطفال و أصدقاء و حقائب للبرد ؟
انتظر لنتأكد من أوراقك ..
معك أحد تحبه أو تحذره ؟
خذه بيدك
هذا الطريق إلى الجنة
حاد و ناعم
قد لا يكفي لأن يمشي عليه إثنان معاً
لكن لا تحذر
لن يقع أحدكما
بالحبّ
أو بأي استحالة أخرى
إلا اذا استدار أكثر من دقيقتين إلى الخلف !


# عامر الطيب

تعليقات

أعلى