أ. د. محمد حسن عبدالله - لؤلؤ منثور - اللؤلؤة : حوار بين المارد والصياد بعد أن أخرجه من القمقم ..

- لؤلؤ منثور

1- اللؤلؤة : حوار بين المارد والصياد بعد أن أخرجه من القمقم ..
" اعلم يا صياد أني من الجن المارقين، وقد عصيت سليمان بن داوود – عليهما السلام - .... فأرسل لي وزيره آصف بن برخيا ، فأتى بي مكرها ، وقادني وأنا ذليل على رغم أنفي، وأوقفني بين يديه . فلما رآني سليمان استعاذ مني ، وعرض علي الإيمان والدخول تحت طاعته فأبيت . فدعا بهذا القمقم ، وحبسني فيه ، وختم علي بالرصاص ، وطبعه بالاسم الأعظم، وأمر الجن فاحتملوني، وألقوني في وسط البحر ، فأقمت مئة عام، وقلت في قلبي : كل من خلصني أغنيه إلى الأبد. فمرت مئة عام ، ولم يخلصني أحد ، ودخلت على مئة أخرى ، فقلت : كل من خلصني فتحت له كنوز الأرض . فما خلصني أحد . فمر علي أربعمائة عام أخرى . فقلت : كل من خلصني أقضي له ثلاث حاجات ، فلم يخلصني أحد ، فغضبت غضباً شديداً ، وقلت في نفسي : كل من خلصني في هذه الساعة قتلته ، ومنيته كيف يموت . وها أنت قد خلصتني ، ومنيتك كيف تموت ؟ "

2- المحــارة :
- هذا بعض ما جرى في الليلة الثالثة بين الصياد والعفريت، في مطلع حكايات "ألف ليلة وليلة" ، وقد لفت انتباهي أن الإنسان المبتلى – عادة – يضاعف في الهدية ، كلما طالت به البلية ، ولكن المشاهد بين العفريت والصياد أن العفريت كلما طالت مدة حبسه في القمقم تراجع وعده من الثراء المطلق ، إلى الثراء المحكوم ، إلى تحقيق أمنية واحدة ، هي اختيار طريقة الموت !
- هذا التدني يستحق أن نفكر فيه ، ولعله يستند إلى أن الصدمة في أولها تبدو قاسية جداً ، غير أن الاستمرار يكسبها طابع الألفة والعادة ، ومن ثم يتراجع الوعد بدلا من يتصاعد .
- وكم من إنسان أحسنت إليه ، أو أعنته في مواقف شدته ، فيبدي لك الخضوع ، والاعتراف بالجميل ، ولكن مع الزمن يتآكل هذا الشعور ، بل قد ينمحي تماماً ، ولا تستغرب أن يواجهك بما تكره ، فإذا ذكرته بصنيعك القديم ، جابهك بقوله: إنت لسه فاكر؟!!
- للشاعر قاسم الشيراوي بيت استعان به نجيب محفوظ في ختام "زقاق المدق" :
وما سمي الإنسان إلا لنسيه >> ولا القلـب إلا أنه يتقلـبُ
- وفي رواية "أرض الله الصغيرة" للكاتب الأمريكي إرسكين كالدويل : " نذر الأب مساحة محدودة من أرضه الصغيرة لله ، ثم بدأ رحلة البحث عن الذهب بهذه القطعة المنذورة ذاتها ، ونقل نذره إلى قطعة أخرى ، وكانت هذه القطعة المنذورة تتغير مع إلحاحه في البحث عن الذهب" .
- إذا كان العفريت قد تراجع عن وعده ، وحوله إلى وعيد ونقمة ، فإن "الإنسان" قد استخدم الحيلة ، فأعاده إلى القمقم ، ولم يتركه حتى غير وعده !!

3- الهيــر :
- اللؤلؤة من كتاب " ألف ليلة وليلة" – الليلة الثالثة – في أي من طبعات ألف ليلة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى