ثناء درويش - حيّة ما دام عطر.. قصة قصيرة

أعتذر أيها الطبيب، محال أن أستلم هذه الجثّة على أنّها زوجتي، ولو شهد كل معارفنا بذلك، فهم لا يعرفونها كما أعرفها.
زوجتي قد تنام على سرير.. على أريكة.. وحتى على الأرض.. لكنها أبداً لا تنام في برّاد منتظرة إتمام أوراق التسليم.
رائحتها محض طيب يسبقها إليّ لحظة تطأ قدمها أول درجة صعوداً للطابق الثالث، فأعاجلها بفتح الباب لأعفيها من البحث عن المفتاح في فوضى حقيبتها، فكيف تحاول إقناعي أن الطيب قد ينقلب إنتاناً.
عيناها لم تغمضا يوماً إلا بعد الاطمئنان بأنّا خلدنا للنوم ولا أحد منا سيطلب كأس ماء بآخر لحظة أو غطاء، فكيف تنام الآن غير عابئة بعواء حاجاتنا التي تزداد.
ثم أنّ زوجتي قد تموت بشردقة وهي تضحك، أو بسكتة قلبية من تعب، أما أن يخترق طيش رصاصة صدراً اعتاد التسليم فذاك أمر لا يُعقل ولا يُقبل.
أعتذر.. أعتذر
انا ذاهب لأزورها في حديقتها،
ورودها أصدق من هذا الجسد الجاحد... الذي لا أدري هل أنكره أم ينكرني.
ادفنوه حيث تشاؤون
أما حبيبتي فعزيزة عن أن يحتويها قبر..
تزورني في الحلم منذ جاء الخبر كلّ يوم وتوصيني خيراً بالصغار..
حبيبتي حيّة ما فاح عطر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى