سالم الشبانه - ألعاب خطرة.. شعر

رجل بدوي صامت وسيم
في الخمسين من عمره
مثل كردي يحيا
شرق فروسه المرعب هذا
رآه مرة في فيلم وثائقي عن الحرب،
يجلس علي المقهي وحيدا بلا أنيس
سوى الألعاب الإلكترونية.
يمسك مبسم الشيشة بيد،
وبالآخري يلعب لعبة كاندي كراش
يظل يفجر مجوهراتها
بلا ملل فيما بعد الظهر حتى الليل.
يشهق دخان الشيشة
وينفسه بغزارة؛
فيتراكم علي مرآة أيامه،
فلا يرى شيئا من تاريخه القديم.
الحروب تعتمل داخله
في صمت مرعب وخانق،
يرجو أن يكسب مرة معركة حقيقة،
أن يبتهج كالمنتصرين في الميدان العريضة..
الألوان الزرقاء،
الحمراء،
والخضراء تختلط
وتروغ أمام دموع عينه المجهدة
من التحديق في الفراغ الغويط،
على رغم أنه لا يرى أزرق البحر
ولا الأصفر الذهبي لرمال الصحراء
التي تتفتح روحه
كلما رأها من شباك السيارة
ويبكي أثر الراحلين
في الهجرات الطويلة فيما بعد الحداثة.
يمشي وعينيه تحت قدميه
كي لا يعثر في الحفر الكثيرة،
أو بلاعات الصرف الصحي،
او في الكلاب الضالة،
التي تنام علي الأرصفة مسترخية.
يتمنى لو كان كلبا ينام علي الرصيف
ويملك ملكوت الليل بلا منازع،
ولا حظر،
أو بطاقة هوية مشرعة.
فهذا فردوسه البحري
يضيع تحت الأحذية الثقيلة
لذلك يمشي طويلا كل صباح
ليواري الحروب الصامتة داخله
فهل يكذب؛ لأن الصدق
أصبح يساوي الكذب النبيل!
وأن الطريق المستقيم
الذي عاش يمشي عليه بإصرار
أصبح مكسرا بما يكفي ليبتلع مدرعة
وبما يكفي لأن تكذب امرأة
طوال الوقت كذبا عبيطا،
وتظنه لا يفهم أنها كاذبة
وهي تبكي في صدره
بحرقة طفلة فقدت لعبتها.
الحرب التي تطحن الوقت
منذ سنوات
وتدوي كماكينة الطحين
تتوالد داخله كفطريات متوحشة..

سالم الشبانه

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى