فكتور باسكوف Victor Paskov - في البدء كانت الخاتمة.. ترجمة وتقديم: خيري حمدان

- كوميديا سوداء، قال المحرّر وقد ألقى نظرة تأمّل عميقة على مسوّدة العمل الأدبيّ بعد أن أنجز قراءته للتوّ. نعم هو كذلك، لم لا؟
دقّ قلب الكاتب وقد شعر بفرح مرتقب.

بحث المحرّر في الدرج الأسفل للمكتب وأخرج منه سهم، تفكّر بحرقة، كيف لم يخطر ببال أحدهم أن يزوّده خلال السنوات العشرين الماضية ببعض المواد الاستهلاكية الجديدة، على الأقل مسدّس والتر، قال المحرّر متأمّلا، وقد شدّ الوتر، مسدس والتر وستّ رصاصات صغيرة، وبعد ذلك أصاب بالسهم قلب الكاتب في منتصفه تمامًا. لكن وحتّى هذه العملية لم تمنحه المتعة المتوقعة، مجرّد رتابة.

سقط الكاتب على وجهه فوق سطح المكتب، ومن طرف فمه المتشكّك تدفّق خيط من الدمّ، سال على التجاعيد الدقيقة التي تميّز أصحاب الفكاهة الساخرة، ثمّ انحدر الدم فوق مسودّة الكتاب.
لحظات قبل أن يموت، خطرت له استعارة رائعة، يبدو قلبه كطائر حمام مُصابٌ في صميم القلب.

وقبل أن يموت بلحظات قريبة للغاية، وقعت نظراته الغارقة في العتمة على الصفحة الأولى، تبيّن له وقد أصيب بالفزع أنّ الدم يقطر تحديدًا على اسمه، ماسحًا أحرفه إلى الأبد. وبعد أن تيقّن من موته القريب حاول أن يصرخ باسمه للمحرّر، لكن لم يخرج من فمه سوى همس غامض.

لأنّه - هل لكم أن تدلّوني على ذاك الكاتب المحكوم بالموت، وما زال يمتلك القوّة أن يصيح باسمه، وفي أفضل الحالات سيقوم بعكس ذلك تمامًا، سيهمس باسمه بطريقة غامضة وغير واضحة.
وبعد ذلك – هل لكم أن تدلّوني على المحرّر الذي سيبذل جهده في محاولة لفكّ وتحليل الكلمات الغامضة المصاحبة لهمس كاتب محكوم بالموت.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولد الأديب والموسيقي والكاتب السينمائيّ فكتور باسكوف في العام 1949 في صوفيا، أنهى دراسته العليا في علوم الموسيقى في مدينة لايبتسغ في ألمانيا عام 1976. يعتبر من النخبة الأدبية في القارة الأوروبية، كتب باللغة البلغارية والألمانية، وصعد نجمه مع العمل الأدبي الأول. القصة المترجمة إحدى مجموعته القصصية بعنوان "عمليات قتل مراهقة". من أهم أعماله "ألمانيا – حكاية قذرة"، "تشريح قصة حبّ" وسمّيت كذلك لأنّ كافة أبطال الرواية يموتون مع نهايتها. حاز على جوائز دولية عديدة وترجمت أعماله للكثير من اللغات الأجنبية، توفي عام 2009 في سويسرا بعد معاناة لم تطل مع السرطان. هذه أولى أعماله المترجمة للغة العربية.





فكتور باسكوف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى