أودون فون هورفات Ödön Von Horváth - الفتاة التي كانت تبحث عن قصة جميلة.. ت: محمّد وليد ڨرين

كان يا مكان في عصرنا فتاة صغيرة رحلت من بيتها باحثة عن قصة جميلة. لأنها سمعت الناس يقولون في كل مكان أن القصص الجميلة لم تعد موجودة. نعم، بل ذهب البعض إلى القول أن القصص الجميلة ماتت منذ زمن بعيد. بل قد تكون قد دفنت في مكان ما، ربما في مدفن عام ما.
ولكن الفتاة الصغيرة لم تسمح للناس أن يغلّطوها. لم تكن قادرة على التصديق أن القصص الجميلة لم تعد موجودة. ذهبت إذًا إلى الغابة وسألت الأشجار، ولكن الأشجار اكتفت بالتذمّر. لقد اختفت عفاريت الغابة منذ زمن بعيد ، كما اختف الأقزام من الكهوف والسحّارة من الخانق.
ثم سألت الفتاة الطيور، ولكنهم أجابوها مزقزقين: "إن البشر يطيرون بسرعة أكبر من سرعتنا، ويحلّقون أعلى منا في السماء، تشيو تشيو. إن القصص الجميلة اختفت!"
وسألت اليحامير فقالوا لها: "دعك من هذه السخافة"، وضحكت الأرانب، أمّا الأيل فلم يجب على سؤالها. كان سؤالها ساذجا جدا في رأيه.
ثم ذهبت إلى البقرات ، فقالت لها أن سؤالها سخيف وأضافت أنه لا يجب التحدث عن القصص الجميلة أمام العجول. فلا ينبغي عليهم سماع أسئلة سخيفة للغاية لا معنى لها، إذ ينبغي عليهم الاستعداد لكي يُذبحوا في المستقبل، لكي يتم خصيهم أو لكي يصبحوا منتجين للحليب. نعم، حتى وإن كبر أحد العجول وأصبح ثورا، ذلك لن يُعتبر قصة جميلة. من المفروض أن يتم توضيح الأمور للعجول.
في الشارع كان حصان مسن واقفا، حصان كان يجب قيادته إلى الجزّار. كان قد تعب وأصبح عاجزا فلم يعد مفيدا للإنتاج. كان الجزّار جالسا في نزل ويشرب الكحول.
فكّرت الفتاة قائلة في نفسها: "لن يعرف هذا الحصان الجواب على سؤالي، ولكني أريد أن أسـأله، لأنه كبير في السنّ ولا شك أنه يعرف أشياء كثيرة." فطرحت الفتاة سؤالها على الحصان.
نظر الحصان إلى الفتاة بإمعان، تقلص منخراه قليلا ثم ضرب بحوافره حجر رصف الشارع. "هل تبحثين عن القصة الجميلة؟"
"نعم" أجابت الفتاة.
فقال الحصان: "لا أفهم أمرك يا فتاة. لا أفهم لماذا لا تزالين تبحثين عن القصص الجميلة؟ لأن ما حكيتيه لي هو في حد ذاته قصة جميلة!"
ثم أومأ بعينه إلى الفتاة وأضاف قائلا:
"مممم. يبدو لي أنك نفسك قصة جميلة. أنت تبحثين عن نفسك. أجل، كلما نظرت إليك بإمعان، ألاحظ أن القصة الجميلة هي أنت. هيا، احكي لي قصّة ما!"
شعرت الفتاة حينئذ بنسبة كبيرة من الخجل. ولكنها بدأت تسرد قصة على الحصان. حكت له عن حصان شاب كان في غاية من الجمال، حصان فاز بكل الجوائز في سباقات الخيل. حكت له كذلك عن حصان واقف أمام قبر سيّده، وعن خيلة برية تعيش في الحرية.
بكى الحصان المسن وقال لها: "شكرا لك! أجل، أنت هي القصة الجميلة. لقد عرفت من قبل أنك كذلك!"
جاء الجزار وذُبح الحصان المسن.
يوم الأحد، في منزل الفتاة، تم تقديم طبق من لحم الحصان على طاولة الأكل، لأن والدا الفتاة كانوا فقراء جدّا.
ولكن الفتاة لم تذق شيئا. كانت تفكر في الحصان المسن وكيف كان يبكي.
قالت أم الفتاة: "إنها لا تأكل لحم الحصان. لا تأكلِ شيئا إذًا!"
ثم قالت أخواتها: "إنها أميرة!"
لم تأكل الفتاة الصغيرة شيئا.
ولكنها لم تبقى جائعة.
كانت تفكّر في الحصان المسنّ وكيف كان يبكي وهكذا شبعت.
أجل، كانت الفتاة قصة جميلة!


نقلها عن الألمانية: محمّد وليد ڨرين، مترجم جزائري.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى